أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عاهد جمعة الخطيب - الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديدة (61)














المزيد.....

الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديدة (61)


عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع

(Ahed Jumah Khatib)


الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 00:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أنصاف الحلول بين الترقيع والجذور: مقاربة فلسفية موسَّعة

العبارة تحرّضنا على موقف حادّ: أنصاف الحلول غالبًا ما تولِّد مشاكل أخرى؛ اطلبوا حلولًا جذرية. لكن ما «نصف الحلّ»؟ وما «الجذر»؟ وهل كلّ مشكلة تُداوى بجراحة كبرى؟ الفلسفة هنا لا تصفّق للشعار ولا تنقضه كيفما اتفق؛ بل تفكّكه وتعيد تركيبه ضمن فهمٍ أعمق لطبيعة المشكلات والأنظمة التي نعيش فيها.

1) ما المقصود بـ«نصف الحلّ»؟

هو تدخّل يعالج العرض ويترك البنية المنتجة للمشكلة على حالها (مسكّن بدل علاج).

أو حلّ ناقص الحجم: لا يطابق قوّة المشكلة، فيتحوّل إلى ترميم سريع ينهار عند أول اهتزاز.

أو حلّ بلا أفق أخلاقي أو معرفي: يُرضي الرأي العام لحظيًا ويؤجل الكلفة إلى الغد.

بهذا المعنى، نصف الحلّ ليس كل خطوة تدريجية؛ فهناك فرق بين الترقيع والتدرّج المقصود. الأول إنكار، والثاني استراتيجية.

2) وهم «الجذر الواحد»

القول «ابحثوا عن حلول جذرية» يفترض أن للمشكلة جذرًا واحدًا. هذا صحيح أحيانًا في المشكلات «القابلة» (Tame Problems)، لكنه مضلِّل في المشكلات «العصيّة» أو «الشائكة» (Wicked Problems) حيث الأسباب متشابكة ومتغيّرة. في الأنظمة الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، «الجذور» أقرب إلى جذمور (شبكة) لا إلى جذر عمودي. هنا يتبدّل السؤال: ليس «ما الجذر؟» بل كيف نبدّل البنية والأنماط والعلاقات التي تولّد المشكلة؟

3) أخلاقيات نصف الحلّ

أنصاف الحلول كثيرًا ما تنقل الكلفة إلى الآخر أو إلى المستقبل: تُسَكِّن شريحةً وتزيد ألمَ أخرى، أو تُسَكِّن اليوم وتراكم الفاتورة على الغد (عدم عدالة بين الأجيال). أخلاقيًا، هذا تحويل خفيّ للمخاطر. ومع ذلك، قد يكون «النصف» رحيمًا حين يحفظ حياةً الآن ريثما يُنجَز «الجذر» لاحقًا. الميزان الأخلاقي يَسأل: هل يفتح النصف طريقًا إلى الجذر أم يُغلقه؟

4) السياسة والسيكولوجيا: لماذا نحبّ أنصاف الحلول؟

الخوف من الخسارة، انحياز الوضع القائم، الحسابات الانتخابية، مصالح اللوبيات، ضيق أفق التمثيل الإعلامي… كلها تدفع إلى حلول خطابية تُهدّئ الرأي العام ولا تُغيّر البنية. نصف الحل يصبح طقس طمأنة لا أداة علاج.

5) مخاطر «الحلّ الجذري» أيضًا

لا براءة هنا: الحلول الجذرية قد تنزلق إلى رومانسية الخلاص أو غرور هندسة اجتماعية يَعِدُ بإزالة الألم دفعة واحدة، فتنشأ آثار جانبية كارثية: قَطعٌ مع خبراتٍ نافعة، تركيز سلطة، وانفصال القرار عن الواقع. بين الترقيع المطمئن والاجتثاث المتهوّر مسافةٌ هي فضيلة الحكمة العملية (الفرونِسِس): فعلٌ بجرأة محسوبة.

6) معيار الحكم: أثر التدخّل على «المولِّد البنيوي»

السؤال الفلسفي الحاسم: هل يمسّ التدخّل المُولِّد البنيوي للمشكلة؟

إن عالج العرض وترك المولّد يعمل، فالأرجح أنّ المشكلة ستعود بأشكال أخرى.

إن عطّل المولِّد أو أعاد تصميمه، فحتى الحلّ التدريجي يصبح جذريًا بالمعنى البنيوي.

7) إطار عمليّ يُصالح «الجذري» و«التدرّجي»

بدل ثنائية ميتة، نقترح «جذريةٌ مرحلية»: رؤيةٌ بنيوية بعيدة + مسار خطوات قابلة للاختبار والرجوع. العناصر:

تشخيص متعدّد المستويات (هرم الجليد):

أعراض مرئية → أسباب قريبة → هياكل وقواعد لعبة → خيالات اجتماعية وقيم.
لا نكتفي بالسطح.

ملاءمة الحجم: قوة التدخّل تُعادِل قوة المشكلة (لا إبرة لبترٍ محتاجٍ لجراحة).

اختبارات قابلية الدحض والتعلّم: كل خطوة تُصمَّم بحيث يمكن قياس أثرها ونقدها وتعديلها.

قابلية الرجوع والتحوّط: كل حلّ يتضمن مخارج طوارئ لتقليل كلفة الخطأ (فضيلة التواضع المعرفي).

تتبّع الآثار الثانوية (المرتبة الثانية والثالثة): لا نُصلح هنا لنفسد هناك.

محفظة تدخلات بدل رهان أحادي: تجريب متوازٍ لخيارات متعدّدة صغيرة «آمنة للفشل» تقود إلى بصيرة بنيوية تُغذّي التحوّل الأكبر.

شرعية اجتماعية: الحلّ الجذري يحتاج عقدًا جماعيًا؛ من دون ثقة وتملّك اجتماعي تتحوّل الجذريّة إلى عنف رمزي أو مادي.

8) أمثلة إيضاحية قصيرة

في الصحة النفسية: مهدّئاتٌ فقط = نصف حلّ؛ إصلاح الرعاية والوصم وسياقات العمل = جذري. لكن قد نحتاج المهدّئ كجسر لا كبديل.

في البيئة: فلاتر ملوِّثٍ واحد = نصف حلّ؛ تسعير الكربون، تغيير الطاقة والنقل والأنماط الاستهلاكية = جذري. ومع ذلك، البدء بخطوات انتقالية يضمن عدالة التحوّل.

9) صيغة معيارية مختصرة

حلٌّ «جذري» هو ما:

يغيّر القواعد والحوافز لا الواجهات فقط.

يبني قدرةً ذاتية على التعافي داخل النظام.

يزيد حرية الفعل وعدالة التوزيع مع مرور الوقت.

يمكن محاسبته وقياسه ويحتمل التعلّم والتصحيح.

10) خلاصة

القول «أنصاف الحلول تنتهي بمشاكل أخرى» صادقٌ حين يكون «النصف» ترقيعًا يترك المولّد البنيوي يعمل. لكنه يصبح اختزالًا خطرًا إن فُهِم على أنه نفيٌ لأي تدرّج. الحكمة أن نطلب جذريةً تقبل التدرّج: رؤيةٌ تُمسك بالجذمور البنيوي، وخطواتٌ متعاقبة تتعلّم وتُصحّح وت حمي الإنسان من كِبرِ أخطائنا.

الشعار النهائي:
لا نريد نصفَ حلٍّ ولا حلًّا كلّيانيًا؛ نريد حلولًا تمسّ الجذور وتُزرَع على مراحل—جذريّةٌ في هدفها، إنسانيةٌ في وسائطها، قابلةٌ للنقد والعودة عنها إن لزم، وتُثبت بمرور الزمن أنها أوقفت آلة إنتاج المشكلة بدل أن تُغيّر صوتها فقط.



#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)       Ahed_Jumah_Khatib#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...


المزيد.....




- ترميمها كلّف عشرات الملايين.. إعادة افتتاح واحدة من أروع قلا ...
- شاهد لحظة احتفال مقاتلي عصابات كولومبية بإسقاط مروحية للشرطة ...
- سوريا.. أحمد الشرع يثير تفاعلا بجملة قالها لناجين من مجزرة ا ...
- أمينة أردوغان تدعو ميلانيا ترامب لتوجيه نداء إلى نتنياهو: أط ...
- ألمانيا واليابان تعززان التعاون العسكري.. رسالة إلى الصين؟
- لماذا تكون صحة قلب الرجال في خطر مع تقدمهم في السن؟
- إسرائيل: غانتس يقترح تشكيل ائتلاف مرحلي يتيح إبرام اتفاق بشأ ...
- أوكرانيا تكثف هجمات المسيرات وتستهدف محطة نووية روسية
- كوريا الشمالية تختبر نوعين جديدين من صواريخ الدفاع الجوي
- دراسة: تلوث الهواء يسبب وفاة أكثر من 90 ألف أميركي سنويا


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عاهد جمعة الخطيب - الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديدة (61)