عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع
(Ahed Jumah Khatib)
الحوار المتمدن-العدد: 8418 - 2025 / 7 / 29 - 14:01
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أفضل وسيلة للتنبؤ بالمستقبل هي أن تصنعه بنفسك – تأمل فلسفي:
لطالما شغل المستقبل عقول الفلاسفة والمفكرين، بين من اعتبره قدراً لا مفر منه، ومن رآه صفحة بيضاء نخطّ عليها ما نشاء. لكن الحقيقة التي تزداد رسوخاً في زمننا الحديث، هي أن أفضل وسيلة للتنبؤ بالمستقبل هي أن تصنعه بنفسك. هذه المقولة ليست شعارًا تحفيزيًا فحسب، بل هي دعوة فلسفية لتحمّل مسؤولية الذات أمام الزمن القادم.
فلنتأمل ذلك الإنسان الذي يحلم بإنشاء مشروعه الخاص. هل ينتظر أن تهبط عليه الفرصة من السماء؟ أم يبدأ رحلة الكدّ والمعرفة؟ إن عليه أن يبحث في السوق، يستقصي الحاجات غير المشبعة، يضع خطة واضحة، ويخاطر في سبيل تمويل فكرته، ثم يمضي في طريق التنفيذ رغم المصاعب. بهذا الفعل، لا يكون مجرد راصد لمستقبله، بل خالق له، نَحّاتٌ ينحت ملامح غده من صخر الحاضر.
وبالطريقة ذاتها، فلنفكر في شخص يتوق إلى تطوير ذاته علميًا أو مهنيًا. بإمكانه أن ينتظر ترقية من مديره، أو أن يظل متأملاً في حظ قد يأتي أو لا يأتي. لكن من يأخذ بزمام أمره، يسعى خلف فرص التعليم والتدريب، يسجّل في الدورات، يقرأ، يتطوّر، ويقدّم نفسه للحياة لا كمنتظِر، بل كفاعل متقدّم.
لكننا كفلاسفة لا بد أن نعترف بحدود الإرادة. فالوجود ليس خاضعًا لنا بالكامل، ولا تسير الأمور دومًا وفق ما نشتهي. فقد تقع كارثة طبيعية، أو جائحة، أو انهيار اقتصادي، فتعصف بكل ما بنيناه من خطط. غير أن من يصنع مستقبله، يكون أكثر قدرة على التكيّف، لأنه تمرّن على التفكير، والمبادرة، وتحمّل المسؤولية. إنه لا يسقط، بل يُعيد البناء من جديد.
فلسفياً، يمكن القول:
"الإنسان ليس كائناً ينتظر المستقبل، بل كائناً يُصنع من طين الرؤية وحرارة الإرادة."
نحن نملك بذور المستقبل داخلنا، وما علينا سوى زرعها، وسقيها، ومواجهة العواصف. لا تنتظر أن ترسم لك الحياة لوحتك، بل امسك بالفرشاة، وابدأ من حيث أنت، بما تملك، لترسم ما ترجوه.
الخلاصة الفلسفية:
المستقبل ليس ضيفًا يُنتظر، بل بناءٌ يُشيّد. وكل من ينتظر هو تابع في كتاب الحياة، أما من يصنع، فهو الكاتب. صحيح أننا لا نتحكم بكل فصول الرواية، لكننا نملك الحق في كتابة خطوطها الكبرى.
#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)
Ahed_Jumah_Khatib#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟