عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع
(Ahed Jumah Khatib)
الحوار المتمدن-العدد: 8414 - 2025 / 7 / 25 - 08:23
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
معضلة العاشق: تأملات فلسفية في ارتباك القلب
في فصول الحياة الإنسانية، يتجلّى الحب في مواسمه المختلفة، ولكل موسم تجلٍّ فريد من تجليات النفس العاشقة. وفي أحد هذه الفصول، وجد بطلنا نفسه في مأزق حائر، بين رغبة جامحة في التعبير، وخشية خانقة من المجهول. كانت روحه تضطرب بكلمات على وشك أن تنفلت من شفتيه، كلمات تنبض بالصدق وتفيض بالشوق، لكنها كبُحت فجأة، حين راح يتأمل صمت ذاته ويصغي إلى حوار داخلي متردد.
قال في نفسه: «ما أجبن الكلمات حين تفيض حباً صادقاً! إنها تعجز عن المبادرة، تفتقر إلى قوة الدفع والانطلاق». لقد شعر بأن العشق حين يبلغ أشدّه، يوشك أن يصبح قيداً على الروح بدلاً من تحرّر، إذ يزرع في القلب خجلاً من البوح، وخوفاً من الرفض، وتردداً في اتخاذ الخطوة الأولى.
في هذا التردد، تكمن فلسفة من نوع خاص: هل الحب فعل تحرر، أم هو مرآة لضعف الذات أمام الآخر؟ أليس العاشق، في لحظة كهذه، يتأرجح بين نداء الحرية وصدى القيود؟ إنه لا يُمنَع من البوح بقوة خارجية، بل بقوة داخلية تولد من هشاشة التوقعات وعظمة الحلم.
لقد راح يتساءل، وهو غارق في تأملاته: ماذا لو قالت «لا»؟ هل تنهار الأحلام؟ هل يسقط الهيكل الشفاف الذي بناه في خياله حجراً حجراً؟ هذا التساؤل لم يكن مجرد خوف، بل كان استبطاناً لفكرة أعمق: أن الحب في جوهره اختبارٌ للجرأة، للقدرة على تحدي المجهول، على المراهنة بالذات من أجل الآخر.
تلك اللحظة التي وقف فيها بطلنا صامتاً، حاملاً كلماته في داخله كمن يحمل جمراً لا يستطيع أن يرميه، ليست لحظة ضعف، بل لحظة وعي. إنها لحظة يرى فيها الإنسان هشاشته، ويعترف بأنه ليس إلهاً فوق الألم، بل إنسان يُجرب، ويتألم، ويتردد.
وهكذا، لم تكن معضلته مجرد خشيته من الرفض، بل كانت مواجهة وجودية مع حقيقة الذات: هل أستطيع أن أكون صادقاً دون ضمان؟ هل أستطيع أن أقول ما في قلبي رغم احتمال التكسّر؟
هذا هو الحب حين يصبح سؤالاً فلسفياً: ليس فقط «هل تحبني؟» بل «هل أملك الشجاعة لأن أكون حراً فيك؟».
#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)
Ahed_Jumah_Khatib#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟