عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع
(Ahed Jumah Khatib)
الحوار المتمدن-العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 15:22
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
التقاء تأملات العشاق
انغمس رفيقنا في بحرٍ من التأمل، تسيل من داخله مشاعر الشغف كالنهر الجارف، متأملاً كيف يمكنه أن يسعدها، مؤمناً أن التفكير في سعادتها وحده كفيل بأن يرفع من معنوياتها ويمنح حياته معنى يتجاوز ذاته. وبينما كان غارقاً في هذا السرحان العاطفي العميق، إذا بها تبادره بالكلام، فتخاطبه بما كان يدور في خُلده، وكأنها كانت تمشي في دهاليز أفكاره.
في تلك اللحظة، اجتاحه تيارٌ داخلي أشبه بالوحي، قوة غامضة دفعته نحو الرغبة في تجاوز كل حدود الممكن من أجلها. وعندما انتهت المحادثة، عاد إلى تأملاته، ولكن هذه المرة بوجهةٍ فلسفية. تساءل في أعماقه: هل كانت هي أيضاً تفكر فيه في اللحظة ذاتها التي كان يفكر فيها بها؟
هل يلتقي الوعي العاطفي في نقطة زمنية مشتركة بين قلبين نابضين، أم أن التزامن مجرد وهم يصنعه الحنين؟
وهل الشوق المشترك ظاهرة ميتافيزيقية، حيث تتقاطع الأرواح في فضاءٍ أثيري لا تراه العيون ولا تدركه الحواس؟
تمادى في هذا المسار التأملي حتى كاد أن يذوب في نشوته الصامتة. سعادة خفية، لا يمكن تفسيرها منطقياً، تسربت إلى داخله بلا استئذان. حدق في دخان سيجارته المتصاعد، يراقبه وهو ينساب في فضاء غرفته، كما لو كان يحمل تنهيدات شوقه المجهد. بدا له الدخان كرسالة روحية، كأن أنفاسه تحوّلت إلى كلمات تبحث عن من يفهمها في صمت تلك اللحظة.
توسيع فلسفي:
في هذا المشهد الإنساني البسيط، نواجه واحدة من أعمق التجليات الفلسفية للعلاقة الإنسانية: "تزامن الروح".
حين يفكر الإنسان في محبوبه، هل يكون ذلك الفكر امتدادًا لطاقة كونية ترتد على الآخر، أم أن الحب مجرد حالة داخلية محصورة في فردية الإنسان؟
هل يمكن للوجدان أن يسافر عبر المسافات ليقرع قلبًا آخر؟
أم أن ذلك الشعور هو إسقاط لرغباتنا واحتياجنا لتصديق أن من نحبهم يبادلوننا ذات الشعور؟
في لقاء العشاق الصامت، يظهر الحب كفعلٍ تأملي، لا يقتصر على الانفعال بل يتجاوز إلى الوعي. التفكير في الحبيب يصبح فعلًا معرفيًا بقدر ما هو وجداني. إنه نوع من التشارك في "الوعي الكوني"، حيث تصبح العلاقة بين اثنين انعكاسًا لفلسفة التوحّد، لا الجسد بل الروح.
في النهاية، قد لا يكون السؤال الأهم: "هل تفكر بي كما أفكر بها؟"، بل: "هل نستطيع أن نكون معًا في لحظة خارج الزمان والمكان، حيث تذوب الفروق بين الأنا والآخر، بين الذات والموضوع؟"
ففي دخان التأمل، قد نجد أجوبة لا تُقال، بل تُعاش.
#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)
Ahed_Jumah_Khatib#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟