أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - مؤتمر الرقة ورسائل الصراع غير المعلن بين أمريكا وتركيا














المزيد.....

مؤتمر الرقة ورسائل الصراع غير المعلن بين أمريكا وتركيا


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8441 - 2025 / 8 / 21 - 22:11
المحور: القضية الكردية
    


يُجرى التحضير لعقد مؤتمر وطني في مدينة الرقة، على غرار مؤتمر الحسكة الذي انعقد في 8 آب/أغسطس 2025، والذي مثّل محطة مفصلية في التاريخ السوري الحديث. وكان من المقرر أن يُعقد المؤتمر التشاوري، أو ما يُعرف بـ "ملتقى الرقة التشاوري"، يوم الإثنين 25 آب/أغسطس 2025، ليُفتح فيه الحوار حول صياغة دستور سوري وطني جديد، غير أنّه تأجّل إلى موعد لم يُحدّد بعد، حرصًا على استكمال التحضيرات وضمان مشاركة أوسع.
لقد أثبت مؤتمر الحسكة، بمخرجاته وتنوع المشاركين فيه، أن الوطنية السورية الحقيقية لا تختزل في لون واحد أو إيديولوجيا أحادية، بل تتجسد في التعددية والشراكة والاعتراف بحقوق جميع المكوّنات، وبنجاحه في جمع هذا الطيف المتنوع من السوريين، وجّه رسالة واضحة إلى الداخل والخارج بأنّ سوريا المستقبل لا يمكن أن تُبنى على الإقصاء والإنكار.
وفي المقابل، كشف المؤتمر الوطني السوري الذي عُقد في دمشق برعاية ما يُسمّى بالحكومة السورية الانتقالية، عن حقيقة أنّه لم يكن سوى محاولة لإعادة إنتاج النهج الإقصائي الذي مارسه نظام البعث والأسد على مدى أكثر من نصف قرن.
لقد برهن مؤتمر الحسكة أن شرعية الوطنية لا تُستمد من شعارات جوفاء أو رعاية سلطوية، بل من المشاركة الفعلية لكل القوى المجتمعية والسياسية، ومن إرساء قواعد التعددية والديمقراطية.
هذا النجاح أثار حفيظة أنقرة، التي سارعت إلى التحريض على مهاجمة مؤتمر الحسكة، ودَفعت الحكومة الانتقالية لتبني خطاب عدائي علني تجاهه، لم يقتصر الأمر على التصريحات، بل كلّفت تركيا شريحة من المتطرفين بتنفيذ عمليات تشويه، مدعومة بادعاءات واهية لا تخدع أحداً، أمام ذلك، وبمبادرة قد تكون بتشجيع مباشر من باريس وواشنطن، بدأت ملامح مؤتمر وطني جديد في الرقة، يُرتجى أن يكون أكثر شمولية، يغطي كامل الخارطة السورية، ويطرح بديلاً سياسياً جامعاً يضع القوى الإقليمية والدولية أمام حقيقة لا يمكن إنكارها، أن الحكومة السورية الانتقالية غير قادرة على احتضان الشعب السوري، لأنها أسيرة ثقافة إيديولوجية أحادية الوجه والفكر.
ومن المتوقع أن يكون لمؤتمر الرقة المقرر عقده في 25 آب/أغسطس 2025 أثر يتجاوز نطاق جغرافية الإدارة الذاتية، إذ قد يفتح الباب نحو بيئة وطنية حقيقية تنذر القوى الإقليمية والدولية بأن الشعب السوري لن يقبل بعد اليوم إعادة تدوير الاستبداد بواجهات جديدة، فإن أرادت الحكومة السورية الانتقالية أن تنقذ نفسها من مصير محتوم يشبه مصير النظام البائد، فعليها أن تسعى للشراكة في هذا المؤتمر، كخطوة أولية نحو إعادة النظر في الدستور، وبناء برلمان فعلي، وتأسيس عقد وطني جامع، غير أن هذه الشراكة لن تكون ممكنة من دون قبول مبدئي بمبدأ الفيدرالية واللامركزية، وإقرار بأن الوطن ملك لجميع مكوناته بلا استثناء.
لكن هذا المسار لن يخلو من العقبات، فأي محاولة للحوار بين الحكومة الانتقالية والإدارة الذاتية، أو للتقارب مع الحراك الكردي والمكونات الأخرى، ستواجه بمعارضة شرسة من المنظمات التكفيرية، وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام، وكذلك من بعض القوى الإقليمية، وعلى رأسها تركيا، ولذا فإن أي خطوة من هذا النوع ستعني ضمناً مواجهة مباشرة أو غير مباشرة مع أنقرة، ولن تكون ممكنة إلا برعاية دولية واضحة، وعلى رأسها الرعاية الأمريكية، التي بدأت بالفعل تدفع نحو توافق وطني جديد يوازن بين مختلف القوى السورية.
وفي الواقع العملي، بدأت الساحة السورية تُظهر إلى العلن مواجهة غير مباشرة بين المصالح التركية والأمريكية، ولا شك أن إسرائيل من القوى المعنية في هذا المجال، وما يُتوقع أن يحدث قد يشبه ما جرى في المواجهة غير المباشرة بين إسرائيل وإيران، رغم أن تركيا تبقى دولة ذات علاقات استراتيجية عميقة مع واشنطن على مستويات متعددة، لكن السياسة الأمريكية الحديثة، وخصوصاً في ظل التوجهات "الترامبية"، باتت تضع مصلحة الولايات المتحدة فوق أي تحالف تقليدي أو شراكات تاريخية. ورغم أن الإشكالية السورية لم تعد على رأس أولويات البيت الأبيض، إلا أن ذلك لا يعني غيابها عن أجندة المصالح الأمريكية، فواشنطن تظل تراقب مجريات الأحداث في سوريا بوصفها جزءاً من استراتيجيتها للشرق الأوسط، وبوابة مراقبة لما يجري في العراق ومحيطه.
وعليه، فإن مؤتمر الرقة المرتقب لن يكون مجرد لقاء سياسي محلي، بل خطوة اختبارية فاصلة للحكومة السورية الانتقالية والمنظمات التابعة لها. هذا المؤتمر سيكشف بجلاء المسار الذي ستسلكه سوريا: فإما أن تنفتح هذه الحكومة على شراكة حقيقية مع قوى الإدارة الذاتية، وفي مقدمتها الحراك الكردي، بما يقود إلى عقد وطني جامع يؤسس للتعددية والفيدرالية؛ أو أن تختار الارتماء مجدداً في حضن الاستبداد بأقنعة جديدة، لتعيد إنتاج الماضي المظلم بثوب آخر.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
20/8/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل صار الاستجداء هوية كردية؟
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- الثقافة السائلة في المأساة السورية والكوردية
- السعودية وتركيا في الملف السوري من صراع الخلافة إلى رهبة الف ...
- في لحظة مفصلية كهذه لا مكان للرمادية أو الهروب خلف التفاصيل
- الفيدرالية بين التجربة الكوردية في سورية ودروس الأمم قراءة ف ...
- خيوط زيارة هاكان فيدان إلى دمشق
- نتائج عبثية الحكومة السورية الانتقالية وتحول مواقف الدول الك ...
- كونفرانس الحسكة ومؤتمر دمشق بين الوطن الجامع والدولة أحادية ...
- الفيدرالية واللامركزية السياسية في سوريا حدود لا تُمس
- رسالة إلى الشعب السوري، وقيادة قسد والإدارة الذاتية والحراك ...
- كوردستان مهد الأديان وتعددية الهوية الروحية 3/3
- كوردستان مهد الأديان وتعددية الهوية الروحية 2/3
- كوردستان مهد الأديان وتعددية الهوية الروحية 1/3
- كيف نُسقط مشروع الإلغاء العنصري ونبني سوريا التعددية؟
- هل هناك فخ في حوارات باريس؟
- الإسلام بريء منكم من داعش إلى الحكومة الانتقالية
- رد سياسي إلى وزارتي الخارجية الأمريكية والفرنسية بشأن المذكر ...
- هندسة الخداع الدبلوماسي في محاولة تحجيم الدور الكوردي بين با ...
- فيدرالية سوريا كابوس أنقرة وذريعتها لإحياء داعش بأسماء أشد ب ...


المزيد.....




- تلغراف: هيئة دولية ستعلن المجاعة في غزة
- تلغراف: هيئة دولية ستعلن المجاعة في غزة
- العفو الدولية: إدارة ترامب تتعاون مع شركات الذكاء الاصطناعي ...
- داخلية غزة: اجتياح المدينة حكم بالإعدام والتشريد على 1.2 ملي ...
- نتنياهو يصدق على خطط احتلال غزة ويعلن بدء مفاوضات فورية لإطل ...
- محكمة أميركية تفتح الباب لترحيل عشرات الآلاف من المهاجرين
- نتنياهو يصدر تعليماته ببدء مفاوضات فورية لإطلاق سراح جميع ال ...
- -الأونروا-: طفل من كل 3 أطفال في غزة يعاني من سوء التغذية
- قوات الاحتلال تتوغل في درعا وتنفذ اعتقالات في جبل الشيخ
- يضم 200 عائلة... الاحتلال يدمر بـ 3 صواريخ مخيماً لإيواء ال ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - مؤتمر الرقة ورسائل الصراع غير المعلن بين أمريكا وتركيا