أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - هندسة الخداع الدبلوماسي في محاولة تحجيم الدور الكوردي بين باريس ودمشق














المزيد.....

هندسة الخداع الدبلوماسي في محاولة تحجيم الدور الكوردي بين باريس ودمشق


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 15:26
المحور: القضية الكردية
    


لم تكن خدعة خفض مستوى اللقاءات بين قيادة قوات سوريا الديمقراطية والحكومة الانتقالية السورية إلى حدود وزير الخارجية أسعد الشيباني، بدلًا من حوار ندّي بين الجنرال مظلوم عبدي والرئيس أحمد الشرع، مجرد هفوة بروتوكولية عابرة، بل ظهرت كخطوة مدروسة بدقة في سياق مخطط دبلوماسي خبيث ومقصود.
وحتى وإن جرى اللقاء بين أسعد الشيباني والسيدة إلهام أحمد، بصفتها ممثلة العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية، فقد ظل من الأجدر بالجنرال مظلوم عبدي أن يرفض هذه الصيغة الهزيلة، ليس فقط لأنها تمسّ بمكانته القيادية ورمزيته الوطنية، بل لأنها تنطوي على انتقاص خطير من التمثيل السياسي لقوى خاضت المعركة ضد الإرهاب، وحررت مناطق شاسعة من الجغرافيا السورية، وقدمت آلاف الشهداء دفاعًا عن كرامة المكونات السورية وحريتها.
فوزير الخارجية، إن كان لا بد من الحوار معه، فهو الطرف المقابل لوفد كوردي تنازل سابقًا وسافر إلى دمشق برئاسة السيدة فوزة يوسف، أما قائد عسكري تحوّل إلى رمز تحالفت معه قوى دولية كبرى، فلا ينبغي أن يُستقبل إلا بندّية تليق بتاريخه وموقعه. وإن ارتُئي رفع مستوى اللقاء، فكان الأولى أن يُعقد بشكل مباشر بين الجنرال مظلوم عبدي والرئيس أحمد الشرع ووفده، أو أن يتم على صعيد مؤسسي بين السيدة إلهام أحمد بوصفها مسؤولة العلاقات الخارجية، أو الهيئة الكوردية المنبثقة عن مؤتمر قامشلو، الممثلة للشارع الكوردي وشرعيته السياسية.
ولا يُستبعد أن تكون هذه الصيغة المهينة جزءًا من لعبة إقليمية مزدوجة، جرى حبكها بعناية من قبل المبعوث الأمريكي إلى سوريا، بالتنسيق مع أطراف تخشى صعود الدور الكوردي، وتُخطط مسبقًا لتقويضه عبر مهاجمة أي لقاء أو تقارب، حتى قبل صدور أي نتائج أو تصريحات عنه. وفي مقدمة هذه الأطراف، تبرز تركيا التي لم تتوقف يومًا عن الحفر في الأروقة الدبلوماسية والسياسية لإفشال كل مشروع فيدرالي، وفرض نظام مركزي قمعي يعيد إنتاج الاستبداد بنسخة دينية تكفيرية، ويقضي نهائيًا على حقوق مكونات سوريا، وفي طليعتها الشعب الكوردي.
ورغم هذا المناخ المثقل بالمراوغة، لا تزال الآمال معلّقة على موقف مبدئي وحازم من الجنرال مظلوم عبدي، والسيدة إلهام أحمد، بأن لا يتزحزحا عن الأساس السياسي الذي شكّل محور نضالهما الطويل، الفيدرالية اللامركزية كنموذج للحل، وضمانة لبقاء سوريا موحدة وعادلة، لجميع أبنائها، لا سيما أن الحوار يجري على أرض باريس، الدولة التي كانت وما تزال من أبرز الداعمين لهذا النموذج، وشريكًا استراتيجيًا لقوات سوريا الديمقراطية في الحرب ضد داعش.
وإن كانت فرنسا، عبر المبعوث الأمريكي توماس براك، قد اختارت باريس مسرحًا لهذا اللقاء كإشارة لحسن النية تجاه المكون الكوردي وقيادة قسد، فإن "حسن النية" هذا لا يخلو من الخديعة السياسية، وربما استُخدم كغطاء مؤقت لتمرير تنازلات قبل أن تتفاقم الأصوات المعارضة داخل الأوساط السياسية الأمريكية لاستراتيجية توماس براك، التي وُصفت مؤخرًا بأنها مرتجلة وفاقدة للتماسك، وبدأت تحظى بانتقادات واضحة داخل الكونغرس ووزارة الخارجية.
ولعل هذا التململ الداخلي في واشنطن هو ما دفع بالمبعوث الأمريكي إلى تليين لهجته مع الكورد، مقابل تصعيد واضح في خطابه تجاه حكومة الجولاني، في رسالة غير مباشرة موجهة إلى تركيا والسعودية مفادها أن واشنطن بدأت تعيد النظر في رهاناتها، ولتمرير هذا التبدّل دون إثارة ضجة سياسية، دفعت السعودية بوفد اقتصادي وسياسي ضخم إلى دمشق، في محاولة لطمأنة السلطة السورية، والتأكيد على أن الرياض لا تزال تدعمها في دهاليز السياسة الأمريكية، كرد فعل على تجديد العقوبات الاقتصادية في إطار قانون قيصر، التي فُعّلت مجددًا على خلفية الجرائم المرتكبة ضد المكونين العلوي والدرزي.
هكذا بدا المشهد اليوم وكأنه فصل جديد من مسرحية الخداع السياسي، تتقاطع فيه خطوط التفاوض مع تلاعب الحلفاء، ومراوغات الخصوم، وصمت المتواطئين، في محاولة لإعادة صياغة المشهد السوري وفق مصالح الدول، لا على مقاس نضالات من واجهوا داعش، ودفعوا دماءهم ثمنًا لوحدة الأرض وكرامة الإنسان.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
23/7/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيدرالية سوريا كابوس أنقرة وذريعتها لإحياء داعش بأسماء أشد ب ...
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء السادس والأخير
- المبعوث الأمريكي بين التطبيع القسري وتجهيل الواقع السوري
- سوريا بين فيدرالية مأمولة وممثل أمريكي يجهل التاريخ
- نداء شيخ العقل حكمت الهجري ليس خيانة، بل صرخة كرامة
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء الخامس
- بيان إلى الحكومة الأمريكية واللجان المعنية بالشأن السوري
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء الرابع
- سوريا تُذبح بهوية واحدة، حين تُقصى المكونات ويُفرض الكفر باس ...
- أردوغان بين انهيار الرهانات واعتراف مؤجل بالكورد
- حزب العمال الكوردستاني ما بين القداسة والعداء، جدلية أبعد من ...
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء الثالث
- المبعوث الأمريكي الذي ضلّ الطريق
- أوجلان كما لا يراه أنصاره وخصومه، خطابٌ بين الكاريزما والواق ...
- مشهدٌ يتجاوز رمزيته ما بين إلقاء السلاح وولادة مرحلة جديدة
- توماس باراك يجمّل وجه السلطة المركزية ويزوّر حقيقة التحالف ا ...
- توماس باراك يجمّل وجه السلطة المركزية ويزوّر حقيقة التحالف ا ...
- توماس باراك وسرّ الشرق الأوسط المؤجّل 2/2
- توماس باراك وسرّ الشرق الأوسط المؤجّل 1/2
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء الثاني


المزيد.....




- البرش: 122 حالة وفاة بسوء التغذية في غزة و11.5% من الأطفال ي ...
- مظاهرات في مدن عربية تضامنا مع غزة واعتقالات بالأردن
- مراكز توزيع المساعدات: ساحات عنف ممنهج تزهق أرواح النساء وتق ...
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق يتهم نتنياهو بإفشال صفقة ...
- بسبب الحصانة.. أعلى محكمة فرنسية تبطل مذكرة اعتقال بحق بشار ...
- المرصد الأورومتوسطي: مؤسسة غزة الإنسانية تخفي المجاعة ولا تن ...
- احتجاجات أمام سفارات مصر للمطالبة بفتح معبر رفح والقاهرة ترد ...
- محكمة فرنسية تقضي ببطلان مذكرة اعتقال بشار الأسد
- انخفاض عدد طالبي اللجوء في السويد
- شهيد واعتقالات بالضفة ودعوة إسرائيلية لضم المنطقة ردا على ما ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - هندسة الخداع الدبلوماسي في محاولة تحجيم الدور الكوردي بين باريس ودمشق