أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمود عباس - نداء شيخ العقل حكمت الهجري ليس خيانة، بل صرخة كرامة














المزيد.....

نداء شيخ العقل حكمت الهجري ليس خيانة، بل صرخة كرامة


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8408 - 2025 / 7 / 19 - 14:58
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


نعم، كما قال كاتبنا المعروف، "أنا من الموحدين"، وأزيده عمقًا ومعنى، "أنا الهجري"، لأنني حين أرى الأطفال يُذبحون أمام أعين آبائهم، والكرامة تُهدر، والبيوت تُهدم فوق ساكنيها، يحق لكل مكوّن أن يستنجد بمن يشاء، لا بل يصبح هذا الاستنجاد فعل مقاومة، وصوتًا يعلو فوق ركام العجز والتواطؤ، فالوطن ليس مزرعة، والسيادة ليست شعارًا يُلوّح به فوق المقابر الجماعية.
حين يصرخ شيخٌ جليل من جبل الدروز، ذاك الجبل الذي أعاد تسميته إلى "جبل العرب" تكريمًا للعروبة والوطن، ويطلب النجدة من أبناء طائفته في إسرائيل، لدرء غزواتٍ قبليةٍ لا تعرف من الرجولة إلا سيفَ النهب، ولا من البطولة إلا سفكَ الدم، فإنه لا يخرج عن دائرة الوطنية، بل يُعيدها إلى معناها الجوهري، أن تُصان الكرامة قبل الشعار، وأن يُحمى الإنسان قبل الأرض، فالوطن ليس خرقةً تُرفع فوق أنقاض القيم، بل عقدٌ أخلاقي، لا يكون له معنى إن دُفنت تحته الكرامة.
فما الفرق، بل أين الفارق الأخلاقي، بين أن تطلب حكومة المعارضة دعمها من تركيا، وهي من أشدّ أعداء المكونات السورية، أو من قطر، أو من دول عربية رضيت أن تكون مموّلًا لصراعات الوكالة؟ أليست الفصائل التي تشكّلت منها ما تُسمى "الحرس الوطني السوري" من إنتاج المال السياسي التركي القطري؟ أليس بعضها تربّى في أحضان الاستخبارات، وتشكّل على أنقاض الفوضى الإقليمية، تمامًا كما نشأت ميليشيات النظام المجرم برعاية إيران ودعم روسي مباشر؟
إنها المعادلة السورية المشوهة، الجميع يستقوي بالخارج، والجميع يتّهم الآخر بالخيانة، أما الأرض، فهي التي تنزف. والشعب، فهو الذي يدفع الثمن من دمه وشتاته، وسط انعدام كامل للثقة بين المكونات، وانزلاق متسارع نحو الانقسام، أو إعادة إنتاج الطغيان بوجه جديد.
ما أفظع أن تتحول "إسرائيل" إلى عقدة نفسية، في وعي عربي وإسلامي مأزوم، نُزعت منه القدرة على التمييز، حتى بات يعتبر كل ما يصدر منها اعتداء، حتى لو كان شربة ماء لطفل جريح أو حماية لطائفة تُباد، تناست هيئة تحرير الشام كيف أن جرحى المعارضة السورية ومن بينهم منظمة الحكومة السورية الانتقالية كانت تعالجهم إسرائيل في مستشفياتها، فمن غرَز ثقافة العداء الأعمى، ونقض نصوص الديانات السماوية الثلاث التي دعت إلى قبول الآخر؟ كيف أصبحت طلبات الاستغاثة من إسرائيل تُعامل كخيانة، بينما الاستنجاد بالمحتل التركي، أو بالمليشيات الإيرانية، أو بأموال الخليج، يُعتبر شراكة وطنية مباركة؟
وحين كانت عفرين تُغتصب، وكري سبي وسري كانيه تُنهبان، وبيوت الكورد تُهدم، وأهلها يُهجّرون، لم تتحرك نخوة لا عربية ولا إسلامية، ولم تصدر "فتوى وطنية" تندد باجتياح تركي فجّ، أراد تغيير ديموغرافيا شعوب المنطقة، وسحق حلم الحرية.
ولنكن واضحين، إسرائيل، رغم كل ما يُقال، تظل من حيث البنية الديمقراطية، وحقوق الأقليات، أفضل من كل أنظمة الشرق الأوسط، في تعاملها مع الدروز، ومع الفلسطينيين من مواطنيها، ومع السوريين المقيمين في مناطقها، فهل يحصل الكورد في تركيا أو سوريا على ما يحصل عليه الدروز أو العرب في إسرائيل؟ ألا يستحق الواقع شيئًا من الموضوعية بدلًا من شتائم محفوظة؟
إن العداء الحقيقي الذي يدمّر شعوب المنطقة ليس موجَّهًا ضد إسرائيل كما يُروَّج، بل هو نتاج ثقافة مشوَّهة، متغلغلة في عمق الوعي الجمعي، تُكرّس الكراهية ضد كل مكوّن غير عربي أو غير مسلم، بل وحتى داخل الإسلام ذاته، حيث نجدها مستفحلة بين السنّة والشيعة، بل وابشعها بين طوائف السنّة أنفسهم، لا يقل من العداء لليهود أو لإسرائيل.
صرخة شيخ العقل حكمت الهجري، ليست خيانة، بل نداء وطن، صوت من بقي على قيد الكرامة، يواجه نظامًا لا يعترف بأحد، ويذكّر شعبه أن الوطنية ليست في الهتاف الأجوف، بل في حماية الناس، وصون الدماء، والدفاع عن الوجود.
الوطنية لا تعني أن تبايع قاتلك، بل أن تحمي شعبك من الذبح، والوطن ليس مزرعة للبقاء في العبودية، بل حقل حرية، يُسقى بعرق الكرامة، لا بماء الذل.
ومن اتهم الشيخ الهِجري بالخيانة، فليتأمل في خيانته هو، لعلّه يرى في المرآة وجهه الحقيقي، فالخيانة لا تكمن في أن تستنجد بجاليتك في إسرائيل لدرء خطر غزوات قبلية تتقدّم كداعش بأسماء جديدة، مدعومة من بقايا هيئة تحرير الشام التي ترتكز عليها الحكومة السورية الانتقالية، بل الخيانة حين تستنجد بعشر دول عربية تقودها تركيا، لتشنّ عدوانها على مكوّن سوري وطني، أثبتت معاركه وتضحياته صدق انتمائه للأرض وللإنسان.
الخيانة ليست صرخة استغاثة لحماية نسائك من السبي، وأطفالك من الذبح، بل هي حين تبيع قرارك الوطني لتعويم مكون تكفيري متطرف على حساب مكونات سوريا الوطنية، وترفع رايات الطائفية على أنقاض الدولة، وتضع يدك بيد مَن خان كل ثورة، وارتكب كل جريمة.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
18/7/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء الخامس
- بيان إلى الحكومة الأمريكية واللجان المعنية بالشأن السوري
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء الرابع
- سوريا تُذبح بهوية واحدة، حين تُقصى المكونات ويُفرض الكفر باس ...
- أردوغان بين انهيار الرهانات واعتراف مؤجل بالكورد
- حزب العمال الكوردستاني ما بين القداسة والعداء، جدلية أبعد من ...
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء الثالث
- المبعوث الأمريكي الذي ضلّ الطريق
- أوجلان كما لا يراه أنصاره وخصومه، خطابٌ بين الكاريزما والواق ...
- مشهدٌ يتجاوز رمزيته ما بين إلقاء السلاح وولادة مرحلة جديدة
- توماس باراك يجمّل وجه السلطة المركزية ويزوّر حقيقة التحالف ا ...
- توماس باراك يجمّل وجه السلطة المركزية ويزوّر حقيقة التحالف ا ...
- توماس باراك وسرّ الشرق الأوسط المؤجّل 2/2
- توماس باراك وسرّ الشرق الأوسط المؤجّل 1/2
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء الثاني
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء الأول
- تغيير الشعار لا يغيّر القبح بل يعمّق جذور الإقصاء
- يالچين كوچوك مفكر النظام التركي العميق في ثوب ماركسي ممزّق
- سطوة التاريخ وازدواج الهيمنة في قلب الشرق
- منابر العار تهاجم مظلوم عبدي، حين يرتجف الحقد أمام الشرف


المزيد.....




- فسيفساء بومبيي الإيروتيكية.. كنز سرقه النازيون قبل 80 عامًا ...
- فرنسا وإسبانيا تكافحان حرائق الغابات وسط ظروف جوية صعبة.. شا ...
- رصاص بالحذاء وطيار واجه الموت.. ما قصة أول اختطاف طائرة في ا ...
- هل مهاجمة ترامب لمؤيديه المطالبين بالكشف عن قائمة -عملاء إبس ...
- -محاولة للسيطرة على الدولة-.. اتهامات جديدة للرئيس الكوري ال ...
- مقتل 32 فلسطينياً بنيران إسرائيلية خلال تواجدهم قرب مركز توز ...
- الكونغو الديمقراطية وحركة -إم23- توقعان اتفاق سلام في الدوحة ...
- غياب العين الأميركية في سيناء.. فجوة رقابية تربك إسرائيل
- مفاجأة بفضيحة كولدبلاي.. زوج السيدة الخائنة -رئيس تنفيذي-
- فيديو..-سيارة مجهولة- تصدم حشدا في لوس أنجلوس


المزيد.....

- اشتراكيون ديموقراطيون ام ماركسيون / سعيد العليمى
- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمود عباس - نداء شيخ العقل حكمت الهجري ليس خيانة، بل صرخة كرامة