أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - توماس باراك يجمّل وجه السلطة المركزية ويزوّر حقيقة التحالف الأمريكي مع الكورد 1/2














المزيد.....

توماس باراك يجمّل وجه السلطة المركزية ويزوّر حقيقة التحالف الأمريكي مع الكورد 1/2


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8399 - 2025 / 7 / 10 - 10:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من المؤسف أن تُترك سوريا، ومعها الشعب الكوردي في غربي كوردستان، رهينة لتصريحات متتالية متناقضة، إلى حد البؤس، ولخطاب يشكّل انحرافًا فجًّا عن المبادئ الأمريكية التي طالما رفعتها واشنطن، خطابٌ يصوغه مبعوث يحمل الجنسية الأمريكية، لكنه يتحدث بعقلية عربية الهوى، تركية النزعة، سنّية الحسابات، في تناقض صارخ مع خلفيته الآرامية، التي يتنكر لها كما لو أنه يطوي صفحات ذاكرته الثقافية طوعًا، شخصية مرتبكة سياسيًا، ضحلة في فهمها التاريخي، سهلة الانقياد أمام الإملاءات الإقليمية، وتتصرف وفق مصالح آنية، لا تعكس مطلقًا إرادة الدولة التي تمثّلها.
في واحدة من أكثر اللحظات خذلانًا للدبلوماسية الأمريكية في سوريا، خرج توماس باراك، المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى سوريا ولبنان وسفير أمريكا في أنقرة، بتصريحات عبر قناة روداو، اليوم بتاريخ 9/7/2025م لم تكن إلا سقطة أخلاقية وفضيحة سياسية مكتملة.
لم يظهر الرجل كمبعوث لدولة عظمى، بل كناطق باسم أنقرة، يردد خطاب القومية الطورانية بكل عنجهيتها، "شعب واحد، لغة واحدة، دولة مركزية واحدة"، مكرّسًا بذلك منطق الإقصاء ذاته الذي حاولت الجمهورية التركية فرضه على الكورد لمئة عام، والمأساة أنه لا يسخر هذه المقولة لصالح تركيا فحسب، بل لإعادة فرض الهيمنة القومية العربية في سوريا، متجاهلًا عقودًا من الإنكار والإبادات الثقافية واللغوية، ودماء سالت فقط كي يقول الكوردي: "أنا موجود".
أن ينقلب باراك على تصريحه الأخير بخصوص سايكس–بيكو، ويتنصل من الاعتراف بالكورد كشعب له قضية وحق، ويرفض الفيدرالية اللامركزية التي تُشكّل جوهر الرؤية السياسية الكوردية، فذلك لا يمكن تصنيفه على أنه خطأ شخصي، بل هو تماهٍ واضح مع مشروع إقليمي يهدف إلى إقصاء الكورد من المشهد السوري. إنه يتعارض صراحة مع مواقف وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين، بل ومع تراث بلاده السياسي، الذي طالما تبنّى مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، كما نادى به الرئيس وودرو ويلسون نفسه.
باراك، بموقفه هذا، لا يخالف فقط السياسة الأمريكية الرسمية، بل يضع نفسه في موقع النقيض من المواقف العلنية للبيت الأبيض والبنتاغون، اللذين دعما قوات سوريا الديمقراطية بالسلاح والمال والتدريب منذ معركة كوباني وحتى اليوم، وكان آخرها تقديم 130 مليون دولار ضمن ميزانية وزارة الدفاع لعام 2026، كيف يمكن لمبعوث أمريكي أن يُقصي الكورد من مستقبل سوريا بينما تعتبرهم القيادة العسكرية الأمريكية "الشريك الأكثر موثوقية في الشرق الأوسط"؟
وحين تجرأ باراك على انتقاد اتفاقية سايكس–بيكو، وندّد بالعبث الجيوسياسي الذي أنتج خرائط مشوّهة في المنطقة، كان من المنطقي أن يُكمل المسار، بالإتيان على ذكر كوردستان كأحد أبرز ضحايا هذا العبث، وككيان يتشكّل على المسرح الإقليمي بوصفه أمرًا حتميًا، لكنه بدلاً من ذلك، انقلب على منطقه، ليهاجم الفيدرالية، ويروّج لدولة مركزية بلغة واحدة وقومية واحدة، وكأنما يعيد إنتاج خطاب البعث، لكن بلكنة دبلوماسية مصقولة، أكثر خديعة وخطورة.
التصريحات الكارثية التي أطلقها باراك لا تعكس موقف وزارة الخارجية، ولا تتقاطع مع ما صرّح به وزير الخارجية ماركو روبيو، المعروف بمواقفه الداعمة علنًا للكورد، ولا مع رؤية لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، ولا حتى مع السياسات المعلنة من قبل البيت الأبيض، بل جاءت نتيجة تخبط رجل يملك صلاحيات مباشرة من الرئيس ترامب.
وفي هذا المشهد الملتبس، تبرز أهمية موقف (الهيئة الكوردية) المنبثقة عن كونفرانس قامشلو، التي لا تزال تطالب بحقوق الكورد ضمن سوريا فيدرالية لا مركزية، بينما تُقابل بالتجاهل، والمماطلة، وتلقي رسائل سياسية باردة من حكومة انتقالية تدار بإملاءات تركية مباشرة، تلك الحكومة لا ترغب أصلًا بحوار جدي، بل تسعى لتقزيم القضية الكوردية، وإعادتها إلى ما كانت عليه أيام البعث، ملف أمني يُبتّ فيه بين مخبر وضابط، لا قضية شعب.
إنهم لا يرفضون الحوار فقط، بل يراهنون على الزمن، على أن تضعف قسد، وتفقد الإدارة الذاتية زخمها الإقليمي، فينكسر ظهر الهيئة الكوردية، وتتحول من قوة تفاوض إلى طرف تابع، متناسين أن سند هذه الهيئة ليس فقط السلاح أو الإدارة، بل الشعب الكوردي الذي لا يزال يحمل ذاكرة النفي والرفض والمجازر، والذي لن يقبل بأن يُدار حاضره بمنطق الخداع الدبلوماسي نفسه.
الحكومة الانتقالية لا تحاور الآن لأنها تنتظر نيل الشرعية الدولية، وحين تنالها، كما يتوهمون، ستفرض منطق الغالب، دولة مركزية، لغة واحدة، قومية واحدة، وشركاء صامتون، أما مطالب المكونات، فستُرحّل إلى لجان وزارة الداخلية، كما لو أننا نعيش في جمهورية الأسد بلباس جديد.

يتبع...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
9/7/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توماس باراك وسرّ الشرق الأوسط المؤجّل 2/2
- توماس باراك وسرّ الشرق الأوسط المؤجّل 1/2
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء الثاني
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء الأول
- تغيير الشعار لا يغيّر القبح بل يعمّق جذور الإقصاء
- يالچين كوچوك مفكر النظام التركي العميق في ثوب ماركسي ممزّق
- سطوة التاريخ وازدواج الهيمنة في قلب الشرق
- منابر العار تهاجم مظلوم عبدي، حين يرتجف الحقد أمام الشرف
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- تضخيم قصف إيران يكشف صراع الاستراتيجيات بين ترامب والدولة ال ...
- تضخيم قصف إيران يكشف صراع الاستراتيجيات بين ترامب والدولة ال ...
- تضخيم قصف إيران صراع الاستراتيجيات بين ترامب والدولة العميقة ...
- بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُد ...
- بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُد ...
- بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُد ...
- بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُد ...
- أمريكا تُنعش سردية العداء مع النظام الإيراني تمهيدًا لمواجهة ...
- إسرائيل وغايتيها في قصف إيران إزالة النظام وتثبيت الذات في خ ...
- ميزان الخسارة إسرائيل كدولة وإيران كسلطة
- حكومة الجولاني من برلمان بلحى إلى مقبرة مشروع الدولة


المزيد.....




- بعمر 79 عاما.. أمريكية تهجر صخب نيويورك لتعيش الحلم الفرنسي ...
- الرئيس بزشكيان أصيب في الهجوم على مركز القيادة وإسرائيل خططت ...
- استحواذ -نخبوي- على المناصب القيادية العليا.. حتى في ألمانيا ...
- دراسة حديثة: الشمبانزي تتبع صيحات الموضة تماماً كالبشر
- -زلة لسان- ترامب حول لغة رئيس ليبيريا تثير جدلا وحكومة منروف ...
- نتنياهو: إيران لا تزال تحت المراقبة ونظامها في ورطة كبيرة
- وزير الطاقة الإسرائيلي: غزة يجب أن تبقى مدمرة لعقود
- كل الشكر لكل من ساعدنا وتضامن معنا في استعادة منزلنا المحجوز ...
- رسوم ترامب الجمركية الجديدة.. تداعيات وتوعد بالمزيد بحلول ال ...
- -لن يُحاسب-، عندما تفقد عاملات في منظمّات حقوقيّة الإيمان با ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - توماس باراك يجمّل وجه السلطة المركزية ويزوّر حقيقة التحالف الأمريكي مع الكورد 1/2