أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُدفن - 4/4














المزيد.....

بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُدفن - 4/4


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8383 - 2025 / 6 / 24 - 20:32
المحور: القضية الكردية
    


هذا العابث بالتاريخ، يتيم صُنّاع الموت، لا يملك شجاعة الاعتراف بأن الجزيرة التي يطعن فيها قد حفظت عرض آبائه يوم فرّوا من الحرب، وأن الكورد الذين يهاجمهم كانوا حراس حدود الكرامة في زمنٍ كانت فيه العشائر الجنوبية تعاني من الهزيمة والعطش. لكنه جبان، كرئيسه بشار الأسد، يستقوي اليوم بقلمٍ مأجور، وذاكرة مثقوبة، ومشروعٍ يُعاد تدويره كلما أراد طغاة الحرب تقسيمنا أكثر.
لا يحق لهذا الإمعة، ولأمثاله أن يتنكروا للجميل، ويكتبوا على أنقاض الكرامة تخرصات عن "الهوية" و"الوطن" أنه لا يكتب من أجل العيش المشترك، بل لتوسيع الشرخ بين الشعبين الكوردي والعربي، لا يبحث عن الحقيقة، بل يقتات من فتات الأكاذيب.
أتحداه أن يأتي بإثبات أثري واحد، أو وثيقة عثمانية، أو خريطة من القرن التاسع عشر، تقول إن قبيلة جده، كانت في الجزيرة قبل الكورد، أتحداه أن يثبت وجود قرية واحدة باسم عربي قبل الاستيطان المتأخر، بل أتحداه أن يجد في وثائق الرحالة الغربيين أو أرشيف عصبة الأمم أو حتى تقارير الفرنسيين، اسمه أو اسم قبيلته على خريطة ما قبل مئة عام.
بل إنه يناقض ذاته في سطوره، عندما يقول إن الجزيرة كانت بلا حدود ولا سلطة، وأنها مرتع للعبور، ثم يأتي ليبني سردية قومية بدوية على أرض هجينة، فقط لتقصي الكورد من المشهد. تلك الذهنية البعثية التي تعود لتسوّق بضاعة العروبة المريضة، باسم "الدولة المدنية" و"قيم التعايش"، بينما في العمق يحلم بعودة نظام صناع الموت، ليمارس أبشع أشكال الطعن في التنوع وتفجير نسيج الوطن السوري.
لا ينسَ أن الجراد الذي يتشبه به، لا يصنع الحضارات، بل يلتهمها، والكورد الذين يحتقرهم، هم أحفاد حضارات، لم يكونوا يوماً أسرابًا عابرة، بل جذوراً ضاربة في الأرض، وقلوبًا تحفظ الجميل، وتحمي المودة، حتى لو جفّت منابعها في عقول أمثاله، وقبل أن تظهر الدول اللقيطة، وترسم الحدود السياسية بمساعدة الدول الاستعمارية على جسم كوردستان.
إنها الجزيرة التي تحتضنها دجلة والفرات، كانت دومًا جزءًا من جغرافيا كوردستان التاريخية، ومقاطعة من جغرافيات حضارات كوردية عميقة في التاريخ، قبل أن تصبح في بداية القرن الماضي موطنًا للتعدد والتسامح، بعد موجات الهجرة العربية من نجد وحائل، واستقبالًا لهم في أرض احتضنتهم بكرم الكورد وأصالتهم.
ومع ظهور البعث الذي خلف فلول لا تزال تعبث، تدرك أن سوريا في مراحل مصانع الموت، لم تكن يومًا وطنًا جامعًا بقدر ما كانت وعاءً لهويات مصطنعة وخرائط استعمارية مفروضة، بدأ التحول، من ثقافة العيش المشترك إلى ثقافة الأنظمة العنصرية، ومن التقدير المتبادل إلى استدعاء أقلام قذرة من إيتام النظام الإجرامي البائد، كالذباب المتطفل على موائد التاريخ، ومرتزقة بسموم البعث التي لم ينجُ منها رغم عقودٍ قضوها بين الكورد.
ولذلك، لا مناص أمامنا اليوم إلا أن نحسم خيارنا، فإما أن نكون دعاة التآلف والتاريخ الحقيقي، على أرضٍ شربت من عرق وجراح الجميع، دون أمثال الذباب القذر الذين ينثرون الكراهية في كل سطر، أو نكون شهودًا على خرابٍ جديد، يصنعه هؤلاء من حقدهم، ويريدون منا أن نباركهم بصمتنا.
لا مكان بعد الآن لمن يكذب باسم العروبة، ويزوّر باسم الوطنية، ويعبث بسمات الأصالة العربية، ويتقيأ على ضفاف الفرات، ظانًّا أن النهر سيحملهم كأمانة، لكنهم سيندثرون، كما اندثر كل ما هو هش وساقط.
فيا أبناء هذا الوطن النازف، يا من جمعنا الخبز والماء، والحقل والمدرسة، والعرق والدم، لا تتركوا ذاكرة الجزيرة الكوردستانية فريسةً لمرتزقة الأقلام، ولا تسمحوا لحملة لواء البعث أن يعودوا متسللين من ثقوب الغفلة ليمزّقوا ما بقي من خيوط الوئام.
لسنا بحاجة إلى خناجر لغوية تطعن في الجيرة، بل إلى جراحين وطنيين يرممون ذاكرة الجسد السوري، ويعيدون الاعتبار للأرض التي آوت الجميع، دون أن تسألهم عن أنسابهم، بل عن إنسانيتهم.
التاريخ لا يكتبه الطارئون، ولا يلغيه من لفظتهم ذاكرة الحياة، بل تصنعه الشعوب التي تصمد، وتسامح، وتبني من ركامها معاني العيش المشترك.
فلنكن على قدر هذه الأرض، وكرم ترابها، ولنغلق الطريق أمام من يريدون استدعاء أشباح العنصرية القديمة، وبيعها بثياب وطنية مزيفة.
فالوطن لا يُكتب بالحقد، ولا تبنيه الأكاذيب، بل ينهض حين تعترف مكوناته ببعضها، وتتصالح مع تاريخها، وتصون ذاكرتها من كل من ظن أن بوسعه أن يبيع النهر على أنه سراب.
وإن غاب صوت الحكمة يومًا، فإن الأرض تتكلم، والفرات يشهد، والتاريخ لا يرحم المزورين.



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُد ...
- بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُد ...
- بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُد ...
- أمريكا تُنعش سردية العداء مع النظام الإيراني تمهيدًا لمواجهة ...
- إسرائيل وغايتيها في قصف إيران إزالة النظام وتثبيت الذات في خ ...
- ميزان الخسارة إسرائيل كدولة وإيران كسلطة
- حكومة الجولاني من برلمان بلحى إلى مقبرة مشروع الدولة
- هل بدأت نهاية إيران في ظل الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة؟
- الشراكة اللامركزية السياسية هي الطريق لإنقاذ سوريا
- هل يستفيد الشعب الكوردي من تصعيد الصراع في الشرق الأوسط؟
- الفرق بين اللامركزية السياسية والإدارية من تفويض الوظيفة إلى ...
- رابطة الكتّاب السوريين أمام امتحان العدالة، الكورد ليسوا خصو ...
- سياسات الأنظمة السورية البائدة تجاه الكورد من القرارات التشر ...
- الفيدرالية ليست منّة، بل خلاص لوطن أُبتلي بالاستبداد العربي ...
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- سوريا تحت خوذة المتطرفين، الجيش الذي لم يعد وطنيًا
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...


المزيد.....




- الأمم المتحدة: الأرقام لا تكذب وقتل الفلسطينيين أثناء انتظار ...
- الاونروا: آلية المساعدات في غزة -فخ موت- يهدد حياة المدنيين ...
- الأمم المتحدة: 2,5 مليون لاجئ يتعين نقلهم إلى وجهات جديدة
- الأمم المتحدة: القوات الإسرائيلية تقتل 410 أشخاص خلال أسابيع ...
- السعودية: الداخلية تعلن إعدام مواطنين -ارتكبا جرائم إرهابية- ...
- 15 عضوا بالكونغرس الأميركي يطالبون بإغلاق معتقل غوانتانامو
- إيران.. اعتقال مواطن أوروبي بتهمة التجسس لإسرائيل
- اعتقال 115 متهماً بينهم أوروبي بتهمة الإخلال بالأمن في غرب إ ...
- استمرار حملات الإغاثة المغربية لفائدة العائلات الفلسطينية ال ...
- الأمن السوري يعتقل ضابطا سابقا متهما بجرائم حرب


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُدفن - 4/4