أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدالة مؤجلة -1














المزيد.....

إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدالة مؤجلة -1


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8360 - 2025 / 6 / 1 - 08:48
المحور: القضية الكردية
    


في قلب التحولات الجيوسياسية التي تمزّق الجغرافيا السورية وتعيد تشكيل ملامحها قسرًا، تبرز إحدى القضايا الأخطر والأكثر حساسية، قضية التغيير الديمغرافي الممنهج الذي طال عمق غربي كوردستان، من ديركا حمكو إلى عفرين وما بعدها.
فما حدث لم يكن تحولًا سكانيًا عفويًا، ولا نتيجة عرضية لحروب طارئة، بل كان مشروعًا منظمًا استهدف البنية السكانية الكوردية، وسعى إلى تمزيق الامتداد الجغرافي والاجتماعي المتصل للكورد في أرضهم التاريخية.
من هنا، فإن أي حديث عن حل عادل لغربي كوردستان، أو عن مستقبل سوري يستند إلى العدالة وبناء الوطن، يظل ناقصًا ما لم يتناول هذه الجريمة المركبة، التي تنقّلت أدواتها من التهجير الصامت إلى الاستيطان القسري، ومن التشريعات الاستثنائية إلى الحروب بالوكالة، كغزو عفرين وسري كانيه وكري سبي.
هذه المنطقة، التي شكّلت عبر قرون نسيجًا ديمغرافيًا كوردستانيًا متماسكًا، واحتضنت تنوعًا ثقافيًا ودينيًا غنيًا ضمن إطار قومي وجغرافي واضح، تعرضت لهندسة سكانية قسرية، بدأت ملامحها منذ عهد حزب الشعب، وتبلورت في زمن الوحدة السورية–المصرية، ثم ترسّخت في عهد البعث، وبلغت ذروتها مع النظام الأسدي، عبر سياسات منظمة هدفت إلى طمس الهوية، وتفكيك البنية السكانية، وتشتيت المجتمع الكوردي.
ليس ما جرى مجرد عبث ديمغرافي، بل مشروع اجتثاث طويل الأمد، استند إلى قرارات فوقية ومراسيم عنصرية، وتجنيس انتقائي، واستيطان موجه، وانتهى بحروب هجّرت مئات الآلاف من السكان الأصليين.
فقط حين تُستعاد الملامح السكانية الأصيلة، ويُزال التشويه الذي أحدثته هذه السياسات القسرية، يمكن أن يُبنى على أرضية حقيقية، ويُعاد الاعتبار للعمق الديمغرافي الكوردي في غربي كوردستان، لتكون ركيزة لأي مشروع وطني عادل لسوريا المستقبل.
لذلك، فإن من أولى مسؤوليات الحراك الكوردي، كما الحكومة السورية الانتقالية أو أي نظام وطني قادم يسعى إلى ترميم الدولة على أسس العدالة والاعتراف المتبادل، أن يجعل من معالجة الكارثة الديمغرافية التي لحقت بغربي كوردستان أولوية سياسية وأخلاقية لا تقبل التأجيل.
فما فعله حزب البعث، ومن بعده نظاما الأسد الأب والابن، لم يكن سوى استكمالٍ ممنهجٍ لسياسات الإقصاء والاقتلاع التي أرستها حكومة الوحدة السورية–المصرية، والتي سنعود إليها لاحقًا، وكانت تمهيدًا لإحدى أبشع فصول التغيير الديمغرافي في التاريخ السوري الحديث.
ففي عام 1962 صدر مرسوم كارثي يقضي بسحب الجنسية من أكثر من 250,000 كوردي، ضمن عملية منظمة حوّلتهم إلى "مكتومي القيد"، أي إلى بشر بلا هوية، بلا وطن، بلا قانون، لم يعودوا ينتمون إلى أي دولة على وجه الأرض، وكأنهم وُجدوا ليُمحَوا.
هؤلاء لم يكونوا مهاجرين ولا وافدين، بل أبناء الأرض وأصحابها، جذورهم مغروسة بين صخور جبل كزوان، وعلى ضفاف دجلة والخابور، من العشائر الكوردية العريقة، فجأة، وبجرة قلم، سُلبت هويتهم، وجُرّدوا من أبسط حقوق الإنسان، لا لذنب سوى أنهم كورد، ينتمون إلى شعب قُسّم عنوةً في اتفاقية سايكس–بيكو، ومزّقت أوصاله بين أربع دول، ليجد نفسه غريبًا في وطنه، منفيًا في أرضه، مشطوبًا من دفاتر الدولة.
ما جرى لم يكن قرارًا إداريًا عابرًا، بل جريمة قانونية موصوفة، تحمل طابعًا اقتلاعيًا عنصريًا بامتياز، هدفت إلى محو الكورد من الحياة العامة، وتجريدهم من الوجود القانوني والرمزي، وهي جريمة لا تسقط بالتقادم، ولا تُنسى بالسكوت، بل تحتاج إلى اعتراف، وإنصاف، وتعويض حقيقي يرد الاعتبار إلى مَن سُلبت منهم الحياة والهوية في وضح النهار.

يتبع...



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرهان على الحراك الكوردي بين النقد الحصيف والدعم الثابت
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- نداء مفتوح إلى سعادة السفير الأمريكي في أنقرة،
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- النظام السوري الانتقالي بين الوصاية التركية وسقوط الأقنعة
- الفيدرالية أو إعادة إنتاج الظلم
- حين تصبح الحقيقة جريمة
- تحوّل عالمي في التعامل مع القضية الكوردية
- قراءة في العداء للكورد في زمن الانهيار الأخلاقي
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- أسعد الشيباني من فقه الإرهاب إلى فقه العنصرية باسم سوريا
- الذكاء الاصطناعي جناح الأدب ومطرقة المتخلفين عن الحضارة
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- دماء هفرين خلف تُهان من جديد عندما يُكافأ الجلاد باسم التغيي ...
- استقلال غربي كوردستان خيار استراتيجي في مواجهة الاستبداد الت ...
- من أنياب الأسد إلى مخالب داعش سوريا تُسْلَب من جديد
- أنا الكوردي وهذا وسامي
- ترامب يحرق العالم في مئة يوم الدولة العميقة العصرية تبتلع ال ...
- المؤتمر الوطني الكوردي أسقط القناع عن الحكومة السورية الانتق ...
- سوريا بين صراخ العنصرية ومسيرة الحرية


المزيد.....




- الإغاثة الطبية بغزة: مراكز توزيع المساعدات تشكل مصائد موت لل ...
- انتخاب أنالينا بيربوك رئيسة للجمعية العامة للأمم المتحدة
- في ضربة لإجراءات ميرتس... القضاء الألماني يحكم بعدم قانونية ...
- الإغاثة الطبية بغزة: الاحتلال يواصل قصفه على مدار الساعة مست ...
- السعودية تستقبل الدفعة الثانية للحجاج من ذوي الشهداء والأسرى ...
- الأمين العام للأمم المتحدة يدعو إلى -تحقيق مستقل- بعد مقتل ا ...
- تقرير صادم من الأونروا: أعداد الضحايا من الأطفال في غزة تتجا ...
- رفضوا كشف هوياتهم.. شاهد مواجهة بين سيدة أعمال وعملاء فيدرال ...
- الأونروا: أكثر من 50 ألف طفل قُتلوا أو أُصيبوا خلال حرب غزة ...
- اعتقالات واقتحامات بنابلس والخليل وتصاعد اعتداءات المستوطنين ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدالة مؤجلة -1