أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - تحوّل عالمي في التعامل مع القضية الكوردية














المزيد.....

تحوّل عالمي في التعامل مع القضية الكوردية


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8352 - 2025 / 5 / 24 - 01:03
المحور: القضية الكردية
    


في توقيت سياسي بالغ الدلالة، نشر وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو مقالًا نادرًا من نوعه، دعا فيه بوضوح غير معتاد إلى دعم القضية الكوردية بوصفها قضية محورية في مستقبل الشرق الأوسط، وركنًا أساسيًا من أركان أمن الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل. ما قاله بومبيو لم يكن فقط خطابًا عاطفيًا، بل رؤية استراتيجية تعكس تحوّلًا ملحوظًا في طريقة تناول النخب السياسية الأمريكية لهذا الملف الذي طالما وُضع في هامش المصالح الأمريكية، رغم تضحيات الكورد المتواصلة في محاربة الإرهاب، ودورهم الفعّال في حفظ التوازن الأمني في منطقة تمزقها الصراعات.
لكن اللافت في الموقف الأمريكي، أنه لم يعد صوتًا منفردًا. فقد فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الرأي العام قبل أسابيع، بتصريح صريح أقر فيه بأن "الكورد شعب يعيش في أربعة أجزاء، وله الحق في تقرير مصيره". لم يكن هذا التصريح عبثيًا، بل جاء ضمن سياق تحولات استراتيجية في الموقف الروسي، والذي بدأ يرى في الكورد عاملًا توازنيا في المشهد السوري والعراقي، ولاعبًا يمكن توظيفه في إعادة بناء توازن إقليمي جديد.
هذه التصريحات المتقاربة، وإن اختلفت في الدوافع والسياقات، تعكس إجماعًا دوليًا متزايدًا بأن القضية الكوردية لم تعد مجرّد ملف ثانوي، بل تحولت إلى أحد المفاتيح الأساسية في معادلة الشرق الأوسط المقبلة.
المؤشرات على هذا التحول لا تقتصر على التصريحات، بل تتجلى في الواقع السياسي والاقتصادي:
• تصريحات السيناتور ماركو روبيو، التي طالب فيها بإشراك الكورد في الحكومة السورية الانتقالية، بوصفهم مكوّنًا وطنيًا لا يمكن تجاوزه في أي مشروع ديمقراطي مستقبلي.
• الحراك الداخلي في تركيا، الذي بدأ يفتح نقاشات غير معلنة حول تعديل الدستور بما يسمح بهامش أوسع من الحقوق للكورد، في ظل فشل السياسات القمعية المتواصلة منذ عقود.
• الاهتمام الدولي المتصاعد بالإدارة الذاتية في غربي كوردستان (شمال وشرق سوريا)، والتي بات يُنظر إليها كنموذج للحكم المحلي المستقر، والقادر على التعايش، وإدارة شؤون شعبه.
• الصفقات الاقتصادية والأمنية غير المسبوقة بين إقليم كوردستان والولايات المتحدة، وعلى رأسها صفقة النفط التي تتجاوز قيمتها 110 مليار دولار على مدى عشر سنوات، رغم اعتراضات بغداد، إلى جانب اتفاقيات أمنية لتدريب قوات البيشمركة والدفاع الداخلي.
كل هذه المؤشرات، حين توضع في سياقها الجيوسياسي، تفضي إلى نتيجة واضحة: هناك نضج دولي متسارع في إدراك أن الكورد لم يعودوا مجرد ضحية، بل أصبحوا شريكًا سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا لا يمكن القفز فوقه. ومع تعثر التفاهمات مع إيران، وتفاقم الأزمات في العراق وسوريا ولبنان، يبدو أن الكورد باتوا في نظر القوى الكبرى أحد أعمدة بناء الاستقرار، لا تهديدًا له.
وهنا يصبح الحديث عن حق تقرير المصير للكورد، ليس مجرد مطلب حقوقي مشروع، بل خيارًا استراتيجيًا للغرب لإعادة هندسة المنطقة بطريقة أكثر توازنًا، حيث تُوزَّع السلطات على أسس تعددية، وتُبنى الدول من جديد على عقد اجتماعي يحترم كل مكوّن.
من هنا، فإن تعويم القضية الكوردية لم يعد مجرّد تحرك دبلوماسي طارئ، بل ملامح لتحول تاريخي قد يُعيد رسم حدود التأثير والنفوذ في المنطقة. وإذا كان من شيء واضح اليوم، فهو أن الشرق الأوسط الجديد، إن كُتب له أن يولد، فلن يولد إلا من رحم الاعتراف بالكورد، وإعادة الاعتبار لقضيتهم بوصفها جزءًا لا يتجزأ من معادلة السلام والعدالة.
لكن من الضروري التنبيه إلى أن كل هذا الزخم الدولي، رغم أهميته، قد يتعثر أو حتى يُجهَض، إذا لم يُقابل من الداخل الكوردستاني بمستوى من النضج السياسي والرؤية الفكرية التي تؤهله لالتقاط هذه اللحظة التاريخية. فالمجتمع الدولي، وإن أبدى استعداده لدعم الكورد، إلا أنه في النهاية سيبحث عن شريك جدير بالثقة، قادر على التعبير عن تطلعاته بلغة العصر، وعلى تقديم نموذج لحكم ديمقراطي عصري.
إن الحراك الكوردي والكوردستاني بحاجة ماسة إلى مراجعة داخلية شاملة، تعيد ترتيب أولوياته، وتمنح الخطاب السياسي عمقًا يتجاوز الشعارات. كما أن على النخب السياسية والثقافية الكوردية أن تتجه بجدية إلى المنصات الدولية، وتُظهر للعالم أن الكورد لا يطالبون بدولة فحسب، بل يمتلكون من القدرة والخبرة ما يؤهلهم لإدارتها وفق معايير العصر والديمقراطية.
وفي هذا السياق، تبدو الحاجة ماسّة إلى دراسة سياسية معمقة تُفكك هذه التحولات، وتقاربها ليس من منطلقات عاطفية، بل عبر تحليل المصالح والتقاطعات الجيوسياسية الجديدة، وكيف باتت القضية الكوردية تتموضع تدريجيًا في قلب الاستراتيجيات الكبرى للقوى الفاعلة في الشرق الأوسط.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
23/5/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في العداء للكورد في زمن الانهيار الأخلاقي
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- أسعد الشيباني من فقه الإرهاب إلى فقه العنصرية باسم سوريا
- الذكاء الاصطناعي جناح الأدب ومطرقة المتخلفين عن الحضارة
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- دماء هفرين خلف تُهان من جديد عندما يُكافأ الجلاد باسم التغيي ...
- استقلال غربي كوردستان خيار استراتيجي في مواجهة الاستبداد الت ...
- من أنياب الأسد إلى مخالب داعش سوريا تُسْلَب من جديد
- أنا الكوردي وهذا وسامي
- ترامب يحرق العالم في مئة يوم الدولة العميقة العصرية تبتلع ال ...
- المؤتمر الوطني الكوردي أسقط القناع عن الحكومة السورية الانتق ...
- سوريا بين صراخ العنصرية ومسيرة الحرية
- الكورد والوطنية الحقيقية والفرصة التي توشك أن تضيع
- كلمة شكر وتهنئة بمناسبة انعقاد والإنجاز التاريخي الناجح للكو ...
- حين يصبح الإرهاب شريكًا سياسيًا نداء إلى الحراك الكوردي
- حين يصبح الكوردي سلاحًا ضد الكورد
- نداء إلى المؤتمر الوطني الكوردي
- نداء إلى الحكومة الانتقالية لا تكرّروا الخطيئة السورية 2/2
- نداء إلى الحكومة الانتقالية لا تكرّروا الخطيئة السورية 1/2
- حين يخسر الحراك الثقافي الكوردي أحد أبنائه


المزيد.....




- الأمم المتحدة: عودة أكثر من 1.5 مليون لاجئ ونازح سوري إلى من ...
- غوتيريش يعلن رفض الأمم المتحدة المشاركة في خطة لا تحترم القا ...
- اليونيسف: إنشاء كيانات جديدة لإغاثة غزة إهدار للموارد والوقت ...
- -هند رجب تطارد الجيش الإسرائيلي-.. بيرو تفتح تحقيقا ضد جندي ...
- اليونيسف: دخول 107 شاحنات لغزة أمر لا يكفي مطلقا إزاء الوضع ...
- زيني يغضب عائلات الأسرى بإسرائيل ومظاهرات تطالب بصفقة تبادل ...
- الأمم المتحدة تعلن خطة من 5 مراحل لإغاثة فلسطينيي غزة
- رئيس جهاز الشاباك المُعين يعارض صفقات الأسرى ويعتبر الصراع م ...
- الأمن السوري يلقي القبض على قيادي سابق متورط بجرائم حرب في ا ...
- الأمين العام للأمم المتحدة يعلن عن خطة أممية لإغاثة الفلسطين ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - تحوّل عالمي في التعامل مع القضية الكوردية