أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - استقلال غربي كوردستان خيار استراتيجي في مواجهة الاستبداد التكفيري والإملاءات التركية














المزيد.....

استقلال غربي كوردستان خيار استراتيجي في مواجهة الاستبداد التكفيري والإملاءات التركية


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8332 - 2025 / 5 / 4 - 12:09
المحور: القضية الكردية
    


بعد مجريات الأحداث المتسارعة في سوريا، وتحوّل ما يُسمّى بالحكومة الانتقالية إلى واجهة مفرغة من الوطنية، خاضعة بالكامل لهيمنة هيئة تحرير الشام، ومُلتحقة بالإملاءات التركية، لم يعد أمام الحراك الكوردي خيار سوى الإعلان، وبشكل صريح وحاسم، أن المنطقة الكوردية ستدار بشكل مستقل عن المركز، إلى أن تتضح ملامح سلطة سورية بديلة، مدنية، لا مركزية، تؤمن بالنظام الفيدرالي وتلتزم به.
هذا الموقف ليس ترفًا سياسياً، بل ضرورة لحماية الوجود، ومسؤولية تقع على عاتق الإدارة الذاتية، والقوى التي اشتركت في عقد المؤتمر الوطني الكوردي في قامشلو، وعلى وجه الخصوص قوات قسد، التي يقع على عاتقها قيادة المرحلة الانتقالية في إدارة مستقلة، بوصفها خطوة أولى نحو ممارسة حق تقرير المصير، بعيدًا عن سطوة المنظمات الإرهابية، التي لا تكتفي بارتكاب الجرائم في الساحل السوري، بل تواصل جرائمها اليوم بحق المكون الدرزي، وتمهّد للرأي العام بأن الدور قادم على الكورد، أي على قسد، وعلى الشعب الكوردي بأكمله.
ما يُسمّى بالحكومة الانتقالية السورية، وهي نتاج تحالف صريح بين هيئة تحرير الشام وتوابعها ومرتزقة تركيا، ترفض النظام اللامركزي، لا لأنه غير واقعي أو غير قابل للتطبيق، بل لأنه يتناقض جذريًا مع بنيتها الإيديولوجية، القائمة على ثقافة دينية راديكالية سلطوية، تنهل من روح مجتمع البداوة المغلق، حيث يُقدّم أهل الثقة على أهل الكفاءة، وتُعيّن المناصب على أساس الولاء، لا الخبرة، وهو ما فعله الجولاني حين شكّل وزارته، وافتتح ما سُمّي بـ "مؤتمر الحوار الوطني"، محاطًا بأسماء بلا وزن وطني، سوى ولائها العقائدي والتنظيمي.
من هذا المنظور، تُقدّس هذه الجماعات المركزية بوصفها انعكاسًا لـ "الحق الأعلى"، وترى في اللامركزية خطرًا يُفكّك القبيلة الكبرى، أي الدولة بمفهومها الغريزي، ولذلك، فإن أي مشروع فيدرالي، كالمطروح في المنطقة الكوردية، يُقابل تلقائيًا بالعداء، لأنه يُزعزع بنية الاستبداد المغلّف بالشرعية الدينية والقبلية، ويمنح "الهامش" قدرة على التمرد على "المركز"، وهذا ما لا تقبله لا سلطتهم ولا عقيدتهم.
فالأديان الإبراهيمية، بصيغها السلطوية المؤسسة، قامت على نموذج الاستبداد الإلهي، حتى لو حاول البعض تأويل النصوص أو تخفيفها، إلا أن البنية العميقة فيها تُفضي إلى حكم مطلق، والأنظمة والمنظمات التكفيرية، من داعش إلى هيئة تحرير الشام، وصولًا إلى الحكومة الانتقالية، سخرت الدين لمصالحها السياسية، فنقلت هذا الاستبداد، من الإلهي إلى البشري، وحوّلت الحق الإلهي إلى سلطة مطلقة على الأرض، باسم الدين، واحتكرت الحكم كما احتكر النظام من قبلها، باسم “الوحدة الوطنية” أو “الدولة العروبية”.
فلا عجب أن تحارب هذه المنظمات النظام الفيدرالي، لأن فيدرالية أي مكوّن، خاصة الكورد، تعني نزع الصلاحية من يد المأفون العقائدي، وتحويل السلطة إلى عقد اجتماعي مدني، لا مرجعية دينية له، ولذلك، فإن معاداتهم للمكون الدرزي، وجرائمهم في الساحل، لم تكن سوى مقدمات لتصفية كل مشروع يحمل في داخله نواة حكم ذاتي أو فيدرالي، كما هو الطموح العلوي، أو كما هو واقع الكورد.
في ذهنية هذه المجموعات الإرهابية، الصراع ليس سياسيًا كما يُروّج، بل صراع بين الإيمان المطلق والتفكير الحر، بين التقديس والاستفهام، وهم بطبيعتهم لا يحتملون السؤال، بل يقمعونه باسم الإيمان، معارضتهم للنظام الأسدي لم تكن يومًا لإزالة الاستبداد، كما كان يحاربها الحراك الكوردي أكثر من نصف قرن، وأتبعتهم قوى المعارضة الوطنية، بل لإحلال استبدادهم، الذي هو أكثر شراسة لأنه مغلّف بالعقيدة الجامدة، والدين الحنيف براء منهم.
أما تركيا، فإن رفضها للنظام الفيدرالي ينبع من بعدين متلازمين، الدين السياسي والقومي؛ فهي، كما تفعل الحكومة التكفيرية التي ترعاها في سوريا، تعادي الفيدرالية لأنها تتنافى مع مركزية السلطان ونزعة الهيمنة العقائدية، وفي الوقت ذاته، يُنظر إلى أي مشروع فيدرالي كوردي بوصفه تهديدًا وجوديًا لوحدة الدولة التركية، التي بُنيت على قمع القوميات ومحو التعدد.
وهكذا، تتقاطع مصالح حزب العدالة والتنمية مع حكومة الجولاني، رفضٌ للامركزية، كراهية عميقة للكورد، وقناعة راسخة أن الفيدرالية هي أول الطريق نحو تقرير المصير، والخروج من عباءة الهيمنة.
ولهذا، ولأن الصراع لم يعد بين نظام ومعارضة، بل بين ثقافة الحياة وثقافة القمع، بين الوعي الجمعي والولاء العقائدي المغلق، لا بدّ أن يُعلن الحراك الكوردي، بصوت واضح، حقّه في تقرير المصير، واستقلال المنطقة الكوردية بشكل كامل، ورفض أي خضوع لما يُسمّى بالحكومة الانتقالية، أو لمن يقف خلفها من تيارات ظلامية.
لقد باتت الحكومة الانتقالية أداة بيد التيارات التكفيرية، بعدما حولت ما كان يُسمّى بالمعارضة الوطنية إلى ظلال ممسوخة، تُديرها أجهزة تركية علنًا، وسط غياب شبه كامل لأي صوت وطني حر.
إن الدعوة لتقرير المصير واستقلال غربي كوردستان اليوم، لم تعد فقط حقًا تاريخيًا، بل باتت ضرورة استراتيجية وجودية، لا لحماية الكورد فحسب، بل لحماية بقية المكونات من استبداد يتقدم علينا بخطى دينية مدفوعة بالكراهية والطهورية.
فعلى مدى قرن من الزمن، تم نهب ثروات المنطقة الكوردية لتغذية المركز، بينما حُرمت شعوبها من البنى التحتية، ومن الحقوق، ومن الاعتراف، واليوم، تعود الحكومة الانتقالية لتطالب بنصيب من هذه الثروات، بل لتمنّ على الكورد بأنهم "سيُمنحون جزءًا" منها، وكأنهم خارج الجغرافيا، أو مستجدون على الأرض.
الوقت قد حان لنقول، كفى امتصاصًا لثرواتنا، كفى هيمنة استبدادية تحت شعارات دينية زائفة، كفى تشويهًا لحق تقرير المصير.
المرحلة أكثر من ناضجة لتطبيق هذا الحق، أو على الأقل للذهاب إلى استقلال إداري وسياسي كامل، مؤقتًا، إلى أن تظهر حكومة سورية مدنية، علمانية، تؤمن بالفيدرالية، وتقطع الطريق على الخطابات الطائفية والعقائدية التي دمرت سوريا، وتهدد ما تبقى منها.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
3/5/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أنياب الأسد إلى مخالب داعش سوريا تُسْلَب من جديد
- أنا الكوردي وهذا وسامي
- ترامب يحرق العالم في مئة يوم الدولة العميقة العصرية تبتلع ال ...
- المؤتمر الوطني الكوردي أسقط القناع عن الحكومة السورية الانتق ...
- سوريا بين صراخ العنصرية ومسيرة الحرية
- الكورد والوطنية الحقيقية والفرصة التي توشك أن تضيع
- كلمة شكر وتهنئة بمناسبة انعقاد والإنجاز التاريخي الناجح للكو ...
- حين يصبح الإرهاب شريكًا سياسيًا نداء إلى الحراك الكوردي
- حين يصبح الكوردي سلاحًا ضد الكورد
- نداء إلى المؤتمر الوطني الكوردي
- نداء إلى الحكومة الانتقالية لا تكرّروا الخطيئة السورية 2/2
- نداء إلى الحكومة الانتقالية لا تكرّروا الخطيئة السورية 1/2
- حين يخسر الحراك الثقافي الكوردي أحد أبنائه
- مع إبراهيم محمود حين يكتب المثقف من عزلته النبيلة
- الفيدرالية ليست تهمة وكوردستان ليست مؤامرة 2/2
- الفيدرالية ليست تهمة وكوردستان ليست مؤامرة ½
- كوردستان وحدة الجغرافيا وشرخ الوعي
- قراءة في قراءة عن مقالة إبراهيم اليوسف حول (في قضايا كوردستا ...
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- عن حلقة إبراهيم محمود، حوار مهم يستحق المتابعة.


المزيد.....




- منظمات حقوقية تحذر -مؤسسة غزة الإنسانية- من تواطؤ محتمل بجرا ...
- الاتحاد الأوروبي يهدد بتعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل بسبب ...
- سفير إيران في جنيف يؤكد ضرورة التأمل في أهداف ميثاق الأمم ال ...
- اعتقال جاسوس من الجنسية الأوربية في محافظة همدان
- الأمم المتحدة: بعض هجمات -إسرائيل- على إيران انتهكت القانون ...
- اعتقال 3 إسرائيليين رفضوا إدخال آخرين للملاجئ أثناء صفارات ا ...
- نتنياهو: إعادة الأسرى من غزة ستستغرق وقتا إضافيا
- فيديو متداول لـ-اعتقال جواسيس- في طهران.. هذه حقيقته
- شرطة الاحتلال والشاباك: اعتقال شاب في تل أبيب بتهمة التجسس ل ...
- 4 شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال خيام النازحين في مواصي خان ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - استقلال غربي كوردستان خيار استراتيجي في مواجهة الاستبداد التكفيري والإملاءات التركية