أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الفيدرالية ليست تهمة وكوردستان ليست مؤامرة 2/2














المزيد.....

الفيدرالية ليست تهمة وكوردستان ليست مؤامرة 2/2


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8315 - 2025 / 4 / 17 - 23:51
المحور: القضية الكردية
    


لكن الحقيقة التي يتجاهلها المتربصون بنا، عمدًا أو جهلًا، هي أننا لسنا نحن من انفصل عن الوطن، بل الوطن هو من انفصل عنّا، نحن لم نقطع العلاقة مع كوردستان، بل قُطعنا عنها، وبتنا نعيش في أوطان لم نختَرها، وتحت رايات لم نعترف بها، نُمنح فيها الحقوق مشروطة، والهوية منقوصة، والانتماء متّهم حتى يثبت العكس.
إن المطالبة بالفيدرالية ليست تمرّدًا، بل محاولة ترميم، ليست نكوصًا عن الانتماء، بل محاولة استعادته لأننا، ببساطة، لسنا طلاب انفصال، بل ضحايا انفصال مفروض، نحن المنفصلون عن أرضنا، عن لغتنا، عن ذاكرتنا الجمعية، عن حدودنا الطبيعية، وأحيانًا حتى عن بعضنا.
من يُهاجم الفيدرالية، عليه أولًا أن يعترف بأن كوردستان ممزقة، وأن الكوردي لم يكن يومًا يعيش في ظل دولة تمثله أو تعترف به كشعب، نحن لا نطالب بالتقسيم، بل نطالب بالاعتراف بما هو قائم أصلًا، أن هناك أكثر من وطن في الوطن، وأكثر من شعب في الدولة، وأكثر من ذاكرة في التاريخ الرسمي.
والمفارقة العظيمة أن الكوردي، رغم كل ما فُرض عليه، لا يزال يؤمن بالعيش المشترك، لا من باب الضعف، بل من جوهر ثقافته، لقد تعوّد الكوردي، وهو يضمد جراحه، أن يفتح قلبه للآخر، نقبل الغريب كما نقبل ابن مدينتنا، نحمي المختلف كما نحمي أخانا، بل ونطلب من الدول التي تحتل كوردستان أن تحتضن الكوردي والمكونات الأخرى معًا، فكيف نُلام إذا طالبنا، في المقابل، بدولة كوردية، أو كيانية فدرالية، تحتضن الجميع كما نطالب سوانا أن يحتضننا؟
الحقيقة التي لا نخفيها هي أن حلم كل كوردي، منذ أن عرف اسمه، هو كوردستان موحدة، هذه ليست تهمة نخجل منها، بل شرف لا ننكره، لكننا، في زمن التشظي، نعرف أن الأوطان تُبنى بالتدرج، وأن الاعتراف بالاختلافات القومية والإثنية والدينية داخل الدولة ليس ترفًا سياسيًا، بل هو شرط لبقائها، نحن نطرح الفيدرالية لا كقناع، بل كمبدأ، نريد نظامًا يضمن للكل أن يكون، لا أن يُبتلع.
إن من يهاجم الحراك الكوردي لأنه يطالب بالفيدرالية "تمهيدًا للانفصال" لا يرى الصورة كما هي. الفيدرالية، في جوهرها، نقيض التفكك، هي ما يمنحنا القدرة على البقاء معًا دون قهر، على العيش تحت سقف واحد دون ذوبان. والفيدرالية الكوردية لا تعني كوردستان ضد الآخرين، بل كوردستان مع الآخرين، على قاعدة الندية لا الإلغاء، الاعتراف لا الإنكار.
لذلك، فإن دفاعنا عن هذا النظام ليس رفاهًا أيديولوجيًا، بل ضرورة تاريخية، بل أكثر من ذلك، هو مصالحة مع الذات، مع الكوردي الآخر الذي فصلتنا عنه حدود العسكر، ولهجات العزلة، وأجندات الأحزاب، فمن يُهاجم الفيدرالية الكوردية من الداخل، بدعوى الخوف من شبهة الانفصال، إنما يُرسّخ، بوعي أو دون وعي، سردية المحتل، التي تريدنا شعوبًا مقطّعة، متباعدة، تتشكك ببعضها أكثر مما تتشكك بالمحتل ذاته.
وحين نُدافع عن الفيدرالية، فإننا لا نناور، نقولها بوضوح، نريد كوردستان موحدة، حرة، قادرة على احتضان شعوبها، تمامًا كما نريد من تركيا وإيران والعراق وسوريا أن تحتضن الكورد بكرامة، المساواة لا تُقاس باتجاه واحد.
إن الخطر الحقيقي ليس في أن نُطالب بوطن، بل في أن نُبني أوطانًا على أنقاض أنفسنا، أن نمدّ يدنا للآخر بينما نطعن أخانا، أن نبني مع الغريب ما نهدمه مع القريب، هنا تكون الهزيمة، وهنا بالضبط، يتقاطع المشروع الكوردي مع أعمق معاني الدولة العادلة، أن نُقيم كيانًا لا يُلغي أحدًا، لكنه لا يُلغي ذاته أيضًا.
في النهاية، كوردستان ليست جريمة، بل جرح، ليست مؤامرة، بل وعد لم يُنجز بعد، ومَن يَحسبنا خائفين من إعلان حقيقتنا، فليراجع تاريخه أولًا، وليرَ من الذي انفصل عمن، نحن عن أوطان لم تعترف بنا، أم هم عن ضمائرهم حين صمتوا عن تقسيمنا؟
نحن لا نخجل من الطموح، بل نخجل من الخنوع.
نحن لا نُخفي هدفنا، بل نرفض أن نُراوغ بشأنه.
نحن أبناء كوردستان، نريد أن نعود إليها، كلّها، حرة، اتحادية، وعادلة.
لكننا، في الوقت نفسه، نؤمن بسوريا وطنًا جامعًا، يتّسع لكل مكوّناته، دون إقصاء أو تفضيل.
نطمح إلى بناء دولة سورية ديمقراطية، تقوم على نظام فيدرالي لا مركزي، يُثبَّت في الدستور، ويضمن العدالة والمساواة، لا بالتمنّي، بل بالتشريع والاعتراف.



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيدرالية ليست تهمة وكوردستان ليست مؤامرة ½
- كوردستان وحدة الجغرافيا وشرخ الوعي
- قراءة في قراءة عن مقالة إبراهيم اليوسف حول (في قضايا كوردستا ...
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- عن حلقة إبراهيم محمود، حوار مهم يستحق المتابعة.
- في مواجهة الأقلام المتسكعة خلف الأسماء المستعارة كفى عبثًا ب ...
- حين وقفت على حافة مقبرتي وصافحت عظامي
- الجغرافيا لا تكذب، الكورد أصل الأرض قبل أن تُسمى سوريا
- هل الله جريمة؟
- أسعد الزعبي صدى البعث المُتعفّن في زمنٍ يطلب الكرامة
- زيارة الشرع إلى إسطنبول رسائل مشفّرة من واشنطن عبر أنقرة
- تسليم الساحل السوري لقوات قسد خطوة إنقاذ لسوريا من التقسيم
- في حضرة الغياب الإلهي مجازر شنكال وسوريا بين التكفير ورايات ...
- الكورد والثورة السورية تحذير من تكرار الخطيئة الإيرانية
- نوروژ بين الدين والقومية، بين الثورة والطمس
- إلى أي درك كارثي تتهاوى سوريا؟
- حين يتقيأ الحقد، العروبة المشوهة في مواجهة الحقيقة الكوردية
- إعادة قولبة سوريا
- سوريا نحو الاستبداد الدستوري
- صناعة الشعوب المشوهة


المزيد.....




- حملات أمنية واعتقالات تطال العشرات في أشرفية صحنايا
- الإمارات تدين -إساءة- استخدام القوات المسلحة السودانية لمنصا ...
- الأمم المتحدة: 92% من الرضّع في غزة محرومون من الغذاء الأساس ...
- روسيا: لا بديل عن عمل الأونروا في غزة
- العفو الدولية تدعو سلطات مالي للتراجع عن مقترح حل الأحزاب
- الأمم المتحدة تدعو الأطراف الليبية للتركيز على مسار توافقي ل ...
- آثار خنق وتعذيب وأعضاء مفقودة.. تحقيق يكشف ما حلّ بصحفية أوك ...
- تركيا تأمر باعتقال 15 شخصا بتهمة التلاعب بالبورصة
- الأونروا تصف حصار غزة بـ-الفضيحة الحقيقية-، ومحكمة العدل الد ...
- أمام محكمة العدل الدولية... أمريكا تبرر حظر إسرائيل لمساعدات ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الفيدرالية ليست تهمة وكوردستان ليست مؤامرة 2/2