أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الفيدرالية ليست منّة، بل خلاص لوطن أُبتلي بالاستبداد العربي والإسلام السياسي














المزيد.....

الفيدرالية ليست منّة، بل خلاص لوطن أُبتلي بالاستبداد العربي والإسلام السياسي


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8368 - 2025 / 6 / 9 - 01:26
المحور: القضية الكردية
    


ما بين النظام المركزي واللامركزي في سوريا، تتجذر أزمة ثقة مزمنة، لا تُبنى على حقائق الواقع، بل على أوهام تاريخية مغلّفة بالحقد والكراهية الممنهجة، لا يدور صراع على أنماط الإدارة، بل على جوهر الدولة، هل تكون ساحة سلطة مفروضة من طائفة أو قوم، أم فضاء مشتركًا تتقاسم فيه الشعوب السورية مصيرها، على قاعدة العدالة والمساواة؟
لقد انعدمت الثقة، وتحوّلت الدولة إلى آلة نهب قومي وطائفي، فيما تُشنّ اليوم حرب دعائية منظمة ضد الكورد، ليس بسبب ما فعلوه، بل بسبب ما يطالبون به، وطنٌ يُدار بالعقل، لا بالسيف.
تُحشد ضد الكورد أبواقٌ متعددة المستويات، من مثقفين مأجورين إلى محللين مرتزقة، يتقنون الخبث السياسي بقدر ما يحترفون الكراهية، جندت خلفهم شريحة من الرعاع تعبث في مواقع التواصل الاجتماعي. بعضهم يتكلم باسم الوطن، لكنه يسعى لإعادة إنتاجه بلون واحد، يتحدثون عن "سوريا للسوريين"، ثم يرفسون هذا الشعار حين يطالب الكوردي أن يكون سوريًا بحق، لا تابعًا ولا ذبيحة تاريخية على مذبحة الوحدة العربية، الفرق بين من يقتل باسم الوطن، ومن يقتل باسم الله، ويعبث باسم العروبة، لا يتجاوز طريقة رفع السكين.
هؤلاء الذين يعارضون النظام الفيدرالي، يجهلون أو يتجاهلون أن سوريا جرّبت النظام المركزي لسبعة عقود، فماذا أنتج؟ سلطة بعثية، طغيان عائلي، ومقابر جماعية، ثم جاءت المعارضة، وبدل أن تراجع النموذج، استعادت لغته، وخطابه، ومفاهيمه المريضة، لا يريدون الاعتراف أن المركزية هي جذر البلاء، وأن الفيدرالية ليست تهديدًا، بل حصانة ضد عودة الاستبداد.
حين يطالب الكورد بالنظام الفيدرالي اللامركزي، فإنهم لا يطالبون به لغربي كوردستان وحدها، بل كحلّ إنقاذي لسوريا كلها، دولة وشعبًا ومستقبلًا، فكما أن الطغيان لا يعترف بالحدود، كذلك الحرية يجب ألا تُقزم في مطالب جغرافية. الفيدرالية هي صيغة وطنية للعدالة، لا مشروع انفصالي كما يصورها من تربوا على كراهية التعدد.
الشعب الكوردي، نعم، يطمح إلى تقرير المصير، وهو حقٌ قبل أن تمنحه الدول وإرادة الشعوب، تمنحه السماء "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟" كانت صرخة عمر بن الخطاب، لكنها تحوّلت في قاموس بعض "الإخوة" إلى خطابٍ لا يُمارس إلا ضد الكورد.
وهنا، لا بد من التكرار، أن منطق الكورد ليس انفصالًا، بل التزامٌ عميق ببناء وطنٍ يحترم ذاته وتاريخه، أما من يُصر على مركزية الخراب، فهو من ينفصل عن العقل، وعن العدالة، وعن المستقبل.
والحق يُقال، بقدر ما يتحدث بعض العرب خاصة الذين شكلوا الحكومة الانتقالية السورية عن عدم ثقتهم بالكورد، فإن الكورد، وبكل وضوح، لا يثقون أيضًا بمن يرفض النظام الفيدرالي، ويُصر على إعادة إنتاج المركزية، لأنهم ببساطة يعيدون لنا عطر السجون في قارورة الدستور الجديد، وإذا كان هناك من صدقٍ في الشك، فإن شك الكورد أكثر صدقًا، مبني على تجارب مريرة، وعلى تاريخٍ طويل من الإنكار والقمع، لأنهم هم من دُفعوا للجبال والسجون والمنافي، وهم من دُفعوا ليحملوا السلاح لا ليتسلوا به، بل لأنهم كُفروا قوميًا، واغتيلوا سياسيًا، وأُقصوا من المواطنة منذ ولادة الدولة السورية.
ليجرب السوريون إذًا نظامًا لم يعرفوه، لا مركزية عادلة، وفيدرالية تنصف الجميع، بدلًا من مواصلة العبث بنفس التجربة المسمومة. من لم يجرّب الفيدرالية، لا يملك حق مهاجمتها، ومن يرفضها، عليه أن يشرح كيف يمكن للإنكار أن يُنتج دولة، أو كيف للمركزية أن تحمي سوريا من تفككها القادم؟ فحتى أشد الداعمين للوحدة السورية في واشنطن وأوروبا، يرون النظام الفيدرالي ضمانة لبقاء سوريا، لا تفككها.
أما من يتذاكون ويتهمون الكورد بأنهم يريدون الانفصال سرًّا، فليتأملوا، هل يوجد شعبٌ يسعى للانفصال، ثم يقترح نظامًا يصلح لكل سوريا؟ الفيدرالية لا تطعن في وحدة الأرض، بل في وحدة الظلم، أما من يُصر على حكم سوريا من مركز واحد، فهو إما طاغية، أو شريك للطغاة، أو حالم بسلطة على جثث الآخرين.
وعلى الهيئة الكوردية المفاوضة أن تدرك أن التفاوض ليس تَوسُّلًا، بل شراكة الندّ للندّ، فليس من العقل ولا من الكرامة أن تنتظر من يدّعي "الانتصار" ليمنّ عليك بحوار، أو يملي عليك شروطه باسم الأغلبية. يجب ألا تتكالب على طاولة، لا تُمد إلا حين تطلبها القوى المنتصرة، متناسية أن الدول التي فتحت لتركيا أبواب دعم الجولاني والإسلاميين، هي نفسها القادرة على إغلاقها، وأن النظام المركزي لم يعد في مصلحة هذه القوى، مهما تم تلميعه أو تبييضه عبر المال القطري أو البروتوكولات التركية.
الفيدرالية ليست خيارًا كورديًا فقط، بل مشروع عالمي، يتسق مع النماذج الديمقراطية في العالم الحر، وبدونه، ستعيد سوريا إنتاج استبداد جديد باسم الثورة، وقد تكون نسخة الجولاني أسوأ من نسخة الأسد، وعلى الهيئة الكوردية أن تُصرّ، لا أن تتوسل، على صيغة تحفظ حقوق الجميع، لأن الفيدرالية هي الطريق، لا فقط للكورد، بل لسوريا التي تستحق الحياة.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
8/6/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- سوريا تحت خوذة المتطرفين، الجيش الذي لم يعد وطنيًا
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- الرهان على الحراك الكوردي بين النقد الحصيف والدعم الثابت
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- نداء مفتوح إلى سعادة السفير الأمريكي في أنقرة،
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- النظام السوري الانتقالي بين الوصاية التركية وسقوط الأقنعة
- الفيدرالية أو إعادة إنتاج الظلم
- حين تصبح الحقيقة جريمة
- تحوّل عالمي في التعامل مع القضية الكوردية
- قراءة في العداء للكورد في زمن الانهيار الأخلاقي
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- أسعد الشيباني من فقه الإرهاب إلى فقه العنصرية باسم سوريا
- الذكاء الاصطناعي جناح الأدب ومطرقة المتخلفين عن الحضارة
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- دماء هفرين خلف تُهان من جديد عندما يُكافأ الجلاد باسم التغيي ...


المزيد.....




- -تايمز أوف إسرائيل-: الولايات المتحدة تدرس إنهاء دعمها لقوات ...
- رئيسة المكسيك تطالب الولايات المتحدة بعدم معاملة المهاجرين م ...
- صحيفة سويسرية: أوروبا في طريق مسدود بخصوص قضية اللاجئين الأو ...
- ترامب يوجه وزيري الأمن الداخلي والدفاع باتخاذ الإجراءات لـ-ت ...
- الوحدة الشعبية: ندين اعتقال الرفيق الدكتور عصام الخواجا نائب ...
- إسرائيل تفرج عن 12 أسيرا فلسطينيا من غزة بعد شهور من التعذيب ...
- تأجيل تبادل الأسرى يعمّق التوتر: كييف تتّهم موسكو بـ-الخداع ...
- وسط تصاعد شبهات الفساد.. عشرات الآلاف يتظاهرون في مدريد ضد ح ...
- اللاجئون بأوروبا وزيف ادعاءات الغرب
- مركز حقوقي يدعو للحفاظ على -اللهجات المحلية-: هناك 500 لهجة ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الفيدرالية ليست منّة، بل خلاص لوطن أُبتلي بالاستبداد العربي والإسلام السياسي