أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - هل بدأت نهاية إيران في ظل الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة؟














المزيد.....

هل بدأت نهاية إيران في ظل الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة؟


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8375 - 2025 / 6 / 16 - 01:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من شبه المؤكد أن إسرائيل كانت على دراية تامة بقدرات إيران العسكرية، وخصوصًا ترسانتها الصاروخية، من حيث الكم والنوع والمدى والدقة، فمن خطط ونجح في اغتيال أبرز علماءها النوويين داخل طهران، ومن وصل إلى عقر منظومتها الاستخباراتية، لا يُعقل أن يتجاهل طبيعة ردها المتوقع، بل إنه على الأرجح درس كافة السيناريوهات بعناية، ووازن بين حجم الخسارة وحجم الهدف.
لقد قفزت إسرائيل من سياسة "الردع الوقائي" إلى عقيدة "الهدم الاستباقي" لم تعد تنتظر التهديد على أبوابها، بل باتت تبادر إلى اقتلاع الجذور قبل نموها، ولو في عمق طهران، هذه النقلة الاستراتيجية ليست إلا تتويجًا لدروسٍ قاسيةٍ استخلصتها تل أبيب من تغوّل حزب الله، وتوسّع المشروع الإيراني في سوريا، وتخاذل الغرب في احتواء الخطر عبر التفاوض والدبلوماسية.
المفاجئ في هذا التصعيد، أن إسرائيل قبلت بالمخاطرة بسقوط بعض الصواريخ على مدنها، رغم إدراكها الكامل لما تملكه إيران من وسائل انتقامية، لكنها، واثقة من أن الهزات المؤقتة، أقل كلفة من ترك نظام مهووس بالقنبلة النووية يصل إلى هدفه، وهنا يكمن الفرق الجوهري بين ما فعلته إسرائيل، وما فعلته إيران حين دفعت بحماس لتنفيذ عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 دون حسابات استراتيجية، لتخسر كل أدواتها في العالم العربي، وتنهار شبكاتها في لبنان وسوريا واليمن.
الضربة الإسرائيلية لم تكن موجهة فقط لإيران، بل لمفهوم "الردع الإيراني" ذاته، وهي، في واقعها، ليست نهاية معركة، بل بداية لمرحلة أعمق من إعادة رسم توازن القوى، وبناء شرق أوسط جديد.
في المقابل، يعاني النظام الإيراني تآكلاً داخليًا خطيرًا، أزمة اقتصادية خانقة، احتجاجات شعبية مستمرة، تآكل الشرعية السياسية والدينية، وانشقاقات داخل الحرس الثوري، هذا التآكل البنيوي يجعل من الضربة الإسرائيلية محفزًا إضافيًا لانهيار داخلي لم يعد مستبعدًا، لقد بات النظام شبيهًا بما كان عليه الاتحاد السوفييتي قبل سقوطه، قويٌ في ظاهره، متعفنٌ في داخله.
ومن الملفت أن الإدارة الأمريكية مارست ما يمكن وصفه بـ "الصمت المحسوب"، فهي لم تُمانع الضربة، ولم تؤيدها علنًا. هذا الصمت يشي بأن العملية كانت ضمن هوامش تفاهمات غير معلنة، وأن إسرائيل قد لا تكون وحدها من هندس للمشهد، بل ربما كان جزءًا من إعادة تموضع استراتيجية أمريكية في المنطقة.
ليست هذه قراءة من باب الشماتة بأنظمة المنطقة المتهالكة، بقدر ما هي استعادة لحق تاريخي غُيِّب عن خرائط الشرق الأوسط. فكما ولدت معظم الدول الحالية في المنطقة من رحم الاستراتيجية الدولية لما بعد الحربين العالميتين، فإن كوردستان وحدها كانت الغائب الأكبر عن تلك الولادة الجيوسياسية. واليوم، ونحن على أعتاب موجة جديدة من إعادة رسم الخرائط، تبرز أمام الكورد فرصة تاريخية، لا لتكرار المأساة، بل لتصحيحها.
ومع ذلك، لا يمكن إغفال حسّ الانتماء الوطني لدى الشعب الإيراني، الذي، رغم معارضته العميقة لنظام ولاية الفقيه، سيجد نفسه، في الأيام الأولى من الصراع، ملتفًا حوله تحت دافع قومي وديني ضد عدو خارجي. هذه الحالة، وإن بدت مؤقتة، قد تمنح النظام دفعة داخلية في المدى القصير، خاصة إذا ما رافقها تصعيد محسوب ومدروس من قبل طهران.
ويبدو أن القيادة الإيرانية عمدت إلى استخدام صواريخ من الجيل الضعيف تكنولوجيًا في الرشقات الأولى، كتكتيك لاستنزاف منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية، وإرهاق دفاعاتها الجوية، تمهيدًا لاستخدام صواريخ أكثر تطورًا ودقة في المراحل التالية، هذه النقلة النوعية، إذا حدثت، ستفتح أبوابًا جديدة للصراع، وقد تدفع واشنطن إلى التدخل بشكل مباشر.
وإن تدخلت أمريكا، ستكون أمامها أمام خيارين حاسمين، إما دعم وقف شامل للحرب بضمانات روسية وصيغة تحفظ ماء وجه إيران مقابل قبولها بشروط الاتفاق النووي الجديد، وبوادر بهذا الاتجاه بدأت تظهر، أو الدخول الفعلي في الحرب لتغيير معادلة القوة، وهو ما سيضع مصير النظام الإيراني، وربما كيان الدولة المركزية ذاته، على المحك.
وفي هذا السيناريو، من المرجح أن تبدأ واشنطن بتحريك الداخل الإيراني، عبر دعم المعارضة وتنشيط الحركات المطلبية، لخلق صدع داخلي يقوّض بنية السلطة من الداخل، ويحوّل الصراع الخارجي إلى مقدّمة لانفجار داخلي قد يغيّر وجه إيران إلى الأبد.
فإيران، التي اعتادت اللعب بأوراق الوكلاء، تواجه اليوم لحظة الحقيقة كدولة تحت المجهر، ونظام تحت التهديد، فإما أن تراجع عقيدتها التوسعية وتنحني أمام عاصفة التحولات الكبرى، أو تواصل العناد في طريق يزداد ضيقًا، نحو نهايات قد تتجاوز نظامها، لتطال كيانها ذاته.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
14/6/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشراكة اللامركزية السياسية هي الطريق لإنقاذ سوريا
- هل يستفيد الشعب الكوردي من تصعيد الصراع في الشرق الأوسط؟
- الفرق بين اللامركزية السياسية والإدارية من تفويض الوظيفة إلى ...
- رابطة الكتّاب السوريين أمام امتحان العدالة، الكورد ليسوا خصو ...
- سياسات الأنظمة السورية البائدة تجاه الكورد من القرارات التشر ...
- الفيدرالية ليست منّة، بل خلاص لوطن أُبتلي بالاستبداد العربي ...
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- سوريا تحت خوذة المتطرفين، الجيش الذي لم يعد وطنيًا
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- الرهان على الحراك الكوردي بين النقد الحصيف والدعم الثابت
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- نداء مفتوح إلى سعادة السفير الأمريكي في أنقرة،
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- النظام السوري الانتقالي بين الوصاية التركية وسقوط الأقنعة
- الفيدرالية أو إعادة إنتاج الظلم
- حين تصبح الحقيقة جريمة
- تحوّل عالمي في التعامل مع القضية الكوردية


المزيد.....




- الكشف عن المدينة الأكثر ملاءمة للعيش بالعالم في عام 2025
- قطر.. الشيخة مريم تلفت لـ3 نقاط بصراع إيران وإسرائيل
- هل ما زال بنفس القوة؟.. ما هو وضع علي خامنئي بعد حكم إيران ل ...
- الأردن.. فيديو يرصد رد فعل برلمان أوروبا على كلمة الملك عبدا ...
- أوريشكين: التغيرات الديموغرافية العالمية الحالية أسوأ مما ك ...
-  الإعلام العبري: الإسرائيليون يهربون من القصف الإيراني إلى أ ...
- سودانيون في إيران: أنهكتنا الحروب في الوطن وفي دولة النزوح
- هل تتدخل روسيا إلى جانب إيران في المواجهة مع إسرائيل أم أن ل ...
- إيران تعلن أنها تسيطر على سماء تل أبيب بفضل صاروخ فتّاح الفر ...
- تصعيد بين إسرائيل وإيران وسط ترقب للدور الأمريكي في النزاع


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - هل بدأت نهاية إيران في ظل الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة؟