أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الشراكة اللامركزية السياسية هي الطريق لإنقاذ سوريا














المزيد.....

الشراكة اللامركزية السياسية هي الطريق لإنقاذ سوريا


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8374 - 2025 / 6 / 15 - 04:22
المحور: القضية الكردية
    


في خضمّ المعارك الدستورية المؤجلة، والمساومات الدولية التي تتقاذف مصير السوريين، يبرز سؤال حاسم، هل يكفي أن نمنح المحافظات بعض الصلاحيات الإدارية كي نُقنع شعوبها بالمشاركة، أم أن الإنقاذ الحقيقي يبدأ بإعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع على أسس سياسية جديدة؟
بين من يروّج لـ "اللامركزية الإدارية" كمسكّن لأزمة الحكم، ومن يطالب بـ "اللامركزية السياسية" كحلّ جذري يعيد الاعتبار للتعدد والشراكة، تقف سوريا اليوم عند مفترق وجودي لا يحتمل التجاهل.
ففي غربي كوردستان، كما في السويداء ومنطقة الساحل السوري (العلويين)، لم يعد الناس يطالبون بالكهرباء والماء فقط، بل بحقهم في القرار، والهوية، والكرامة.
وهنا، يصبح الفارق بين إدارة المرافق، وحكم الذات، هو الفارق بين دولة ميتة بالوراثة، ووطن يُعاد بناؤه بالإرادة.
اللامركزية السياسية أم الإدارية؟ سؤال المصير السوري وشراكة الكورد في الوطن،
لم يعد النقاش حول شكل الدولة السورية القادمة ترفًا فكريًا أو تلاعبًا بالمفاهيم الإدارية، بل تحوّل إلى سؤال مصيري يرتبط بمستقبل الاستقرار الوطني، وإعادة تعريف العلاقة بين المكونات السورية، وفي مقدمتها الشعب الكوردي، والدولة المركزية التي طالما احتكرت السلطة والهوية والثروة. وبين من يطرح اللامركزية الإدارية كحدّ أقصى ممكن، ومن يطالب بـاللامركزية السياسية كحق وضرورة، تتحدد ملامح الصراع الدستوري القادم.

أولًا: تعريف ضروري
1- اللامركزية الإدارية تعني توزيع بعض الصلاحيات التنفيذية من المركز إلى الإدارات المحلية، كالسماح للبلديات والمجالس الخدمية بإدارة الشؤون اليومية (كالمياه، الكهرباء، الصحة، التعليم المحلي)، دون أن تمتلك هذه الجهات سلطة تشريعية أو سياسية مستقلة. تبقى كل القرارات الكبرى بيد العاصمة، ويظل المحافظ أو المسؤول المحلي مجرد منفّذ لقرارات المركز، مهما كانت منتخبة صورياً.
2- أما اللامركزية السياسية، فتعني الاعتراف القانوني والدستوري بوجود وحدات سياسية – إقليمية – تمتلك صلاحيات تشريعية، وتشارك في صياغة القرار السيادي. وهي حجر الزاوية في النظم الفيدرالية التي تعترف بتعدد المكونات والهويات داخل دولة واحدة. تمتلك الأقاليم في هذه الحالة برلمانات محلية، حكومات ذات صلاحيات واسعة، وقوانين خاصة بها، ضمن إطار الدستور العام.
ثانيًا: الفرق الجوهري
الفرق لا يكمن فقط في الشكل، بل في طبيعة الدولة ذاتها:
في الحالة السورية، تُطرح اللامركزية الإدارية كتنازل تجميلي يقدّمه النظام، أو بعض المعارضة المركزية، للإيحاء بقبول التعدد، دون أن يمسوا جوهر الدولة الأحادية المركزية. أما اللامركزية السياسية، فتُعد تحديًا مباشرًا للمنظومة الإستبدادية، التي تريد أن تختزل الوطن في مكون ديني، مذهبي، أو في حزب واحد، كما فعله حزب البعث طوال أكثر من نصف قرن، وبها يحصر الوطن في الشعب في القومية العربية، والقرار في قصر المهاجرين.
ثالثًا: لماذا تهم هذه التفرقة كوردستان الغربية؟
تجربة الإدارة الذاتية في منطقة شمال شرقي سوريا، وغربي كوردستان (روجآڤا) منذ عام 2012، طرحت نفسها كنموذج عملي للامركزية السياسية، حيث تم بناء مؤسسات محلية مستقلة، وتدريس اللغة الكوردية، وتشكيل هياكل أمنية ومدنية خاصة، مع المحافظة على مفهوم سوريا الموحدة. هذه التجربة، رغم ما لها وما عليها، فتحت بابًا حقيقيًا لتجريب شكل جديد من الحكم، لامركزية تضمن الشراكة، لا التبعية.
رفض الحكومة السورية الانتقالية، حتى اليوم الاعتراف بهذه التجربة، لأنه يدرك أن الاعتراف بها يعني نسف فكرة "الدولة المركزية المطلقة" التي بناها البعث منذ الستينيات، ومن هنا، فإن المعركة حول نوع اللامركزية ليست تقنية، بل سياسية بامتياز.
رابعًا: من المستفيد من اللامركزية السياسية؟
الشعب الكوردي، الذي يُطالب منذ قرن بالاعتراف به كشريك في الوطن، لا كجالية أو مكوّن ثانوي.
الأقليات الدينية والعرقية التي عانت من الإقصاء والتذويب.
المناطق المهمشة من دير الزور إلى السويداء، التي خُنقت تحت بيروقراطية المركز.
حتى قسم واسع من العرب السنة الليبراليين والذين يمثلون المعارضة الوطنية السلمية المدنية، الذين باتوا اليوم خارج دوائر القرار في الدولة المتجهة في الواقع العملي نحو التطرف والتكفير.
اللامركزية السياسية تفتح الباب لإعادة صياغة الوطنية السورية على قاعدة التعدد والمشاركة، لا الاحتكار والتسلط.
من يطرح اللامركزية الإدارية كحلّ لسوريا، يُبقي جذور المشكلة قائمة، الاستبداد المقونن، واحتكار القرار، وإنكار الآخر، أما من يسعى إلى اللامركزية السياسية، فإنه يخطو خطوة جريئة نحو بناء دولة مدنية، ديمقراطية، تعددية، تحترم مكوناتها وتُشركهم فعليًا في صياغة مستقبلهم.
وهنا، لا يكون الكورد خصومًا، بل شركاء في التأسيس؛ شركاء لا يطلبون الانفصال، بل الاعتراف، ولا يهددون وحدة البلاد، بل يسعون إلى إنقاذها من التآكل والانفجار، فإما أن تُبنى سوريا على شراكة سياسية فعلية، أو تظل تتآكل تحت وهم المركز المطلق، حتى تنهار كليًا.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
10/6/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يستفيد الشعب الكوردي من تصعيد الصراع في الشرق الأوسط؟
- الفرق بين اللامركزية السياسية والإدارية من تفويض الوظيفة إلى ...
- رابطة الكتّاب السوريين أمام امتحان العدالة، الكورد ليسوا خصو ...
- سياسات الأنظمة السورية البائدة تجاه الكورد من القرارات التشر ...
- الفيدرالية ليست منّة، بل خلاص لوطن أُبتلي بالاستبداد العربي ...
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- سوريا تحت خوذة المتطرفين، الجيش الذي لم يعد وطنيًا
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- الرهان على الحراك الكوردي بين النقد الحصيف والدعم الثابت
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- نداء مفتوح إلى سعادة السفير الأمريكي في أنقرة،
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- النظام السوري الانتقالي بين الوصاية التركية وسقوط الأقنعة
- الفيدرالية أو إعادة إنتاج الظلم
- حين تصبح الحقيقة جريمة
- تحوّل عالمي في التعامل مع القضية الكوردية
- قراءة في العداء للكورد في زمن الانهيار الأخلاقي


المزيد.....




- بوتين: العلاقات المثلية ليست محظورة في روسيا بل فقط الترويج ...
- إيران تعلن اعتقال عنصرين تابعين للموساد
- أُصارع العجز والألم بيد واحدة
- ردود جديدة بشأن أماكن احتجاز 203 معتقلين من غزة في سجون الاح ...
- الاستخبارات الإيرانية تعلن اعتقال شخصين يعملان لصالح الموساد ...
- الأمن الداخلي الإيراني يعلن اعتقال عنصرين -تابعين للموساد-
- وصول دفعة جديدة من الأسرى العسكريين الروس إلى مقاطعة موسكو
- سلطات الاحتلال تؤجل محاكمات الأسرى الفلسطينيين إلى الأربعاء ...
- إدارة سجون الاحتلال تلغي جميع زيارات الأسرى التي كانت مقررة ...
- القدس: إصابات بالاختناق واعتقال شاب خلال اقتحام الاحتلال الع ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الشراكة اللامركزية السياسية هي الطريق لإنقاذ سوريا