أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - نتائج عبثية الحكومة السورية الانتقالية وتحول مواقف الدول الكبرى














المزيد.....

نتائج عبثية الحكومة السورية الانتقالية وتحول مواقف الدول الكبرى


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8430 - 2025 / 8 / 10 - 14:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العلاقة بين كونفرانس الحسكة و"حوارات باريس" ليست تفصيلًا عابرًا في المشهد السوري، بل هي خيط جدلي متين يرسم ملامح مرحلة سياسية جديدة كان يمكن أن تضع سوريا على طريق إقامة سلطة لا مركزية سياسية عصرية، تُبعدها عن شبح التقسيم والتدخلات الإقليمية، وتفتح أبواب النهوض أمام جميع المكونات لتكون سوريا وطنًا للجميع، هذه خطوة وطنية بامتياز، أدركت تركيا أبعادها جيدًا، ولم تتأخر في الانقضاض عليها وهي في مهدها.
فبمجرد تبلور مخرجات كونفرانس الحسكة، والتي لا يُستبعد أنها عقدت بضوء أخضر فرنسي وأمريكي، أرسلت أنقرة وزير خارجيتها هاكان فيدان بخطوة متسارعة، فارضة ليس فقط تأجيل حوارات باريس، بل إلغاءها. ولم تكتفِ بذلك، بل جنّدت شخصيات من الحكومة السورية الانتقالية، وحتى من أروقة الحكومة الرسمية، للتحريض على تصعيد الخطاب العنصري، ونشر الكراهية بين شرائح من التكفيريين وفلول داعش وأيتام البعث، مستهدفة الشعب الكوردي، والطعن في الحراك الكوردي وقوى الإدارة الذاتية، وتشويه صورة الكونفرانس الوطني تحت ذرائع واهية، والغاية واضحة، الانتقاص من الرسالة الوطنية القوية التي كشف بها كونفرانس الحسكة هشاشة "المؤتمر الوطني السوري" الذي انعقد في دمشق، وتعريته أمام الداخل والخارج.
ولمزيد من التشويه، كثّفت هذه الأطراف حملاتها الإعلامية ضد الكورد ونشاطات الإدارة الذاتية الوطنية، بالتوازي مع محاولات عسكرية محدودة، تجنبت فيها المواجهة الواسعة كما فعلت في الساحل والسويداء، ليس درءً لحرب أهلية، بل رهبة من مواجهة قوات قسد وهي تعني مواجهة المصالح الأمريكية.
سوريا اليوم تقف على مفترق طريق حاسم، بين اتجاهين متناقضين يُدرسان في كواليس دمشق، ليس من قبل الحكومة الانتقالية فحسب، بل من وفود القوى الإقليمية، وفي مقدمتهم تركيا التي تركز على البعدين السياسي والعسكري، فيما تتحرك السعودية ومعها بعض دول الخليج في البعد الاقتصادي والإيديولوجي، خاصة نحو الوهابية، بهدفين رئيسيين، الحد من التمدد العثماني التركي في سوريا بوصفها بوابة للعالمين العربي والإسلامي، والحد من احتمال عودة أدوات إيران إلى الداخل السوري عبر البوابة العراقي، ومن الغرابة أن الإعلام السعودي بدأت تدعم الحكومة السورية الانتقالية على حساب الوطنية الكوردية، وهذه تصب في مصلحة وطموحات تركيا.
علماً، إن ما أقدمت عليه حكومة الإدارة الذاتية في غربي كوردستان هو محاولة استراتيجية جريئة لإنقاذ سوريا من براثن تركيا وإيران، وتهيئة الأرضية للاستثمارات العربية والدولية لإعادة البناء، ولأجل ذلك جاء مؤتمر وحدة الشعوب في مدينة الحسكة بتاريخ 8/8/2025 ليُظهر للعالم وجه سوريا السلمي الطامح للتنمية والاستقرار، وليطرح مشروع بناء سوريا على أساس لا مركزي وفيدرالي، بإعادة هيكلة البلاد إلى أربع أو خمس مناطق، بما يتيح بيئة ملائمة للاستثمار والتعامل المشترك مع إدارات دمشق والمناطق الأخرى.
لكن هذه المساعي تحتاج إلى زمن وصبر، خاصة بعد أن كشفت المنظمات التكفيرية، المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بهيئة تحرير الشام أو الخاضعة لقيادتها، عن وجهها الإرهابي القاتم أمام العالم، وأرعبت الشركات الكبرى من دخول سوريا. فمعظم ما يُقال عن عقود الاستثمار ليس أكثر من دعاية إعلامية، حتى ما عرضته شركات خليجية لا يزال قيد البحث، فيما تتحرك جميع الفصائل العابثة التي أجرمت في الساحل ضد الموحدين الدروز، أو تلك التي غُلّفت بغطاء العشائر، بأوامر تركية وتخطيط منها، فمن خلال تحركاتها الدبلوماسية تتبين أنها هي الطرف الأعمق تورطًا في كل الجرائم التي وقعت وتحدث في سوريا، لأنه بمقدورها إيقافها بجملة أو إشارة واحدة.
كما تتحكم تركيا في علاقات الحكومة السورية الانتقالية مع الخارج، ومن بينها إدارتها لخيوط حوارات باريس، إذ سبق أن أخّرتها ثم ألغتها الآن، لتمنع أي بُعد وطني جامع لمكونات سوريا، وبالتوازي، تصعّد خطاب الكراهية بوتيرة مرعبة في الوسط السوري، وتدفع باتجاه صدام مكونات الشعب، مستهدفة الكورد وحراكهم الوطني بشكل خاص.
ومن المتوقع أن الإملاءات التركية هذه، وتجاوزها لمصالح الولايات المتحدة، لن تمر دون تبعات، إذ من المرجح أن تؤدي إلى تصعيد مباشر بين أنقرة من جهة، وباريس وواشنطن من جهة أخرى، خاصة إذا استمرت تركيا في فرض رؤيتها على مسار الحل السوري على حساب التفاهمات الدولية، ولا يُستبعد أن تنسف هذه السياسة التركية ما تبقى من محاولات المبعوث الأمريكي (توم باراك) إلى سوريا، وتُفشل جهوده بالتوافق مع المصالح التركية في المنطقة، مما يزيد من تعقيد المشهد ويدفع الأزمة السورية إلى مزيد من الانسداد السياسي.
إن هذه السياسة، التي تُدار بإملاءات القوى الإقليمية على الحكومة السورية الحالية، لن تكون قادرة على إنقاذ سوريا من التفتت والانهيار. فبدون نظام فيدرالي لا مركزي حقيقي، سيبقى مصير البلاد معلقًا على شفا التفكك، وقد تمحى ملامحها ليس فقط من الخرائط، بل من الذاكرة أيضًا.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
9/8/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كونفرانس الحسكة ومؤتمر دمشق بين الوطن الجامع والدولة أحادية ...
- الفيدرالية واللامركزية السياسية في سوريا حدود لا تُمس
- رسالة إلى الشعب السوري، وقيادة قسد والإدارة الذاتية والحراك ...
- كوردستان مهد الأديان وتعددية الهوية الروحية 3/3
- كوردستان مهد الأديان وتعددية الهوية الروحية 2/3
- كوردستان مهد الأديان وتعددية الهوية الروحية 1/3
- كيف نُسقط مشروع الإلغاء العنصري ونبني سوريا التعددية؟
- هل هناك فخ في حوارات باريس؟
- الإسلام بريء منكم من داعش إلى الحكومة الانتقالية
- رد سياسي إلى وزارتي الخارجية الأمريكية والفرنسية بشأن المذكر ...
- هندسة الخداع الدبلوماسي في محاولة تحجيم الدور الكوردي بين با ...
- فيدرالية سوريا كابوس أنقرة وذريعتها لإحياء داعش بأسماء أشد ب ...
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء السادس والأخير
- المبعوث الأمريكي بين التطبيع القسري وتجهيل الواقع السوري
- سوريا بين فيدرالية مأمولة وممثل أمريكي يجهل التاريخ
- نداء شيخ العقل حكمت الهجري ليس خيانة، بل صرخة كرامة
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء الخامس
- بيان إلى الحكومة الأمريكية واللجان المعنية بالشأن السوري
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء الرابع
- سوريا تُذبح بهوية واحدة، حين تُقصى المكونات ويُفرض الكفر باس ...


المزيد.....




- صاحب متجر المثلجات الوحيد الحائز على نجمة -ميشلان- يريد صنع ...
- تداول فيديو لـ-طابور سير الصاعقة المصرية في شوارع رفح-.. هذا ...
- -قولوا لنا كيف مات-.. صلاح يُحرج -يويفا- ومنشوره عن -بيليه ف ...
- الشرق الأوسط قد يكون ساحة لحرب نووية - الغارديان
- 100 يوم من حكومة ميرتس.. هل -عادت ألمانيا-؟
- لبنان امام اختبار حصر السلاح بيد الدولة
- العراق: تسرب غاز كلور في كربلاء يصيب أكثر من 600 زائر شيعي ...
- اجتماع عربي لبحث التصدي لقرار إسرائيل احتلال غزة
- مظاهرة في ماليزيا تطالب بوقف الجرائم الإسرائيلية في غزة
- الحياة تعود تدريجيا في بعض أحياء الخرطوم بعد سيطرة الجيش علي ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - نتائج عبثية الحكومة السورية الانتقالية وتحول مواقف الدول الكبرى