رياض سعد
الحوار المتمدن-العدد: 8430 - 2025 / 8 / 10 - 09:53
المحور:
الادارة و الاقتصاد
*مقدمة
من النعم الكبرى التي أنعم الله بها على العراق، والتي لا تُقدر بثمن، هي امتلاكه لتراث ديني فريد من نوعه، يتمثل بوجود المراقد والعتبات المقدسة والمقامات والأضرحة المنتشرة في ربوع البلاد، والتي تخص مختلف الديانات السماوية والمذاهب الإسلامية ... ؛ ويكفي العراق شرفًا أنه يحتضن الحوزة العلمية الكبرى في النجف الأشرف، ومراقد أئمة أهل البيت في كربلاء والكاظمية وسامراء، إضافة إلى مراقد الأنبياء والأولياء والصالحين في بغداد والبصرة ونينوى وبقية المحافظات... ؛ فضلًا عن الأضرحة والمزارات الخاصة بمختلف الديانات والمذاهب ... ؛ ونعود ونكرر القول : إن هذا الإرث الديني المتنوع لا يمثل قيمة معنوية وروحية فقط، بل يعد فرصة استراتيجية اقتصادية كبرى قلّ نظيرها في العالم، تمنّتها ولا تزال تتمناها الكثير من الدول.
فهذه النعمة الروحية والمعنوية التي يفتخر بها العراق، ليست محل فخر فحسب، بل هي مورد استراتيجي اقتصادي وسياحي وروحي تتمنى العديد من دول العالم امتلاكه، وتسعى إلى استنساخه وتفعيله في اقتصاداتها.
ولقد أثبتت التجارب الإقليمية، وفي مقدمتها التجربتان السعودية والإيرانية، أن السياحة الدينية موردٌ اقتصادي لا يُستهان به... ؛ فالسعودية، على سبيل المثال، تجني ما يقارب 50 مليار دولار سنويًا من خلال الحج والعمرة فقط ... ؛ بينما استفادت إيران من الزائرين العراقيين خلال نصف عام فقط بما يزيد عن 4 مليارات دولار... ؛ أما العراق، الذي يُفترض أن يكون الرائد الأول في هذا المجال، فهو للأسف لا يزال يقف موقف المتفرج، يراقب هذه الفرص تتسرب من بين يديه، لا لشيء سوى غياب التخطيط، واستشراء الفساد، وتغليب المصالح الحزبية الضيقة على المصالح الوطنية العليا... ؛ فرغم هذه الإمكانات الهائلة، إلا أن العراق لا يزال يعاني من غياب التخطيط والرؤية الاستراتيجية في استثمار هذه الثروات، إذ أن السياحة الدينية – التي تعد من أهم الموارد غير النفطية في العالم – تكاد تكون مهمشة ومهملة في السياسات الحكومية العراقية، في الوقت الذي يشكل فيه النفط أكثر من 95% من واردات الموازنة العامة، بينما يتم تعويض العجز من خلال الضرائب والرسوم والغرامات التي تُثقل كاهل المواطن العراقي المسحوق أصلًا... ؛ بينما يحمل ملف السياحة الدينية في العراق أبعادًا استراتيجية واقتصادية ضخمة يمكن استثمارها بذكاء وحكمة لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي يعاني منها العراق.
*الاعتماد الكلي على النفط وتجاهل الموارد البديلة وغياب التنويع الاقتصادي
يعتمد العراق اعتمادًا شبه كلي على النفط، حيث تشكل وارداته أكثر من 95% من الموازنة العامة، بينما تأتي النسبة الباقية من ضرائب ورسوم وغرامات تثقل كاهل المواطن العراقي... ؛ وبدلًا من تنويع الاقتصاد الوطني، عمدت الحكومات المتعاقبة إلى رفع أسعار الخدمات والبضائع وتوسيع نطاق الضرائب، مع مواصلة استخراج النفط بشكل جنوني لا يراعي مصلحة الأجيال القادمة، ولا يأبه للكوارث البيئية والصحية المترتبة عليه... ؛ كما أن الغاز العراقي يُهدر ويحترق في الهواء منذ أكثر من قرن، دون أن تُبذل أي جهود جدية للاستفادة منه، فيما يتم رهن الثروات الطبيعية لصالح شركات أجنبية ومشاريع مشبوهة تتسم بالفساد والعمالة وبيع الوطن بالجملة ، بحيث وصلت المهزلة إلى حد بيع طن الكبريت بـ7 دولارات فقط للأردن وإسرائيل وأمريكا.
لقد كان من المفترض بالحكومات العراقية المتعاقبة، بدلًا من تكريس الاعتماد الأحادي على النفط، أن تلجأ إلى تنويع مصادر الدخل الوطني من خلال تفعيل قطاعات بديلة كالزراعة والصناعة والسياحة الدينية، إلا أن ما حدث هو العكس تمامًا؛ إذ تم تحميل المواطن تكاليف الفشل السياسي والاقتصادي , كما اسلفنا ؛ والأدهى من ذلك، أن العديد من الثروات الوطنية قد تم رهنها لشركات أجنبية وشخصيات سياسية فاسدة، تحت مسمى "الاستثمار"، لكنها في الحقيقة صفقات فساد وبيع للوطن بالمزاد العلني، كما اسلفنا ... ؛ هذا فضلًا عن منح الأراضي بالمجان، وتقديم القروض من المصارف العراقية لتلك الشركات، التي تعود لاحقًا لتبيع شققًا ومشاريع على المواطن العراقي بأسعار خيالية ... ؛ فالأرض عراقية، والتمويل عراقي، بينما الربح يذهب للأجانب ... ؛ إلى جانب ذلك، تتوالى صفقات مشبوهة في مجال الثروات الطبيعية، كالغاز والنفط والمعادن، تُباع بأسعار رمزية لدول الجوار في ظل صمت حكومي مريب... !!
ان هذا النموذج الاقتصادي الأحادي يعاني من هشاشة بنيوية، ويترك البلاد عرضةً للتقلبات العالمية في أسعار النفط... ؛ بدلًا من تنويع مصادر الدخل الوطني، تستمر الحكومات المتعاقبة في سياسات تقشفية تطال المواطن أولًا، من خلال رفع أسعار الخدمات والسلع وتوسيع نطاق الضرائب والغرامات، دون أن يقابل ذلك دعم فعلي للقطاعات الاقتصادية الحيوية مثل الصناعة والزراعة والتكنولوجيا والسياحة.
فالعراق يعاني خلل هيكلي وبنيوي عميق في اقتصاده ... ؛ وقد فاقمت هذه الازمات الاقتصادية المستمرة سياساتٌ خاطئة كما اسلفنا ، مثل:
1. الاستنزاف النفطي غير المسؤول: استخراج النفط بوتيرة "جنونية" تُهمل المستقبل والأجيال القادمة، مع تجاهل تام للتداعيات الصحية والبيئية الكارثية، واستمرار هدر الغاز الوطني بحرقه لأكثر من قرن.
2. رهن الثروات: رهن الموارد الطبيعية والثروات الوطنية لصالح شركات وشخصيات أجنبية عبر صفقات استثمارية مشبوهة يكتنفها الفساد، تهدف للسيطرة على المجالات الجوية والمياه وحتى البادية والصحراء العراقية، مع إهدار فاضح كما في بيع الكبريت بأسعار زهيدة (7 دولار للطن!).
3. إهمال القطاعات الإنتاجية: تجاهل تطوير الزراعة والصناعة والثروة الحيوانية والبحث العلمي والتكنولوجي، مقابل التركيز على القطاع الريعي المدمر.
*السياحة الدينية: مورد مُهمَل وإمكانيات هائلة
في مقابل هذا التبديد للثروات، يقف قطاع السياحة الدينية بوصفه موردًا استراتيجيًا كاملاً غير مستثمر ... ؛ فالملايين من الزوار الأجانب يدخلون العراق سنويًا، دون أن يحقق ذلك عائدًا يُذكر على الاقتصاد الوطني. بل إن الأمر انقلب إلى عبءٍ على الحكومة والدوائر الخدمية ... ؛ ففي الوقت الذي تدر فيه السياحة الدينية على السعودية ما يقارب 50 مليار دولار سنويًا، وتكسب منها إيران ما يزيد على 4 مليارات دولار خلال ستة أشهر فقط من العراقيين وحدهم، نجد أن العراق – وعلى الرغم من كونه المقصد الأول للشيعة في العالم – لا يجني شيئًا تقريبًا من ملايين الزوار الأجانب والغرباء الذين يدخلون إليه سنويًا... ؛ فالسكن، في كثير من الأحيان بل اغلبها ، مجاني أو زهيد جدًا، والطعام والشراب يوزع مجانًا عبر مواكب أهلية وحكومية ، فيما يعاني أصحاب الفنادق والمطاعم من تراكم الديون، وارتفاع فواتير الكهرباء والماء والإنترنت والنفايات، مع رسوم وضرائب تفوق طاقتهم، بل تُفرض عليهم أسعار إيواء للزوار الايرانيين لا تتجاوز الـ7 دولارات ؛ من قبل ادارة العتبات الدينية وبعض الجهات ، في حين أن الفنادق في إيران والسعودية ترفع الأسعار إلى 300 دولار لليلة الواحدة خلال المواسم الدينية...!!
هذا التفاوت الكارثي دفع بالكثير من أصحاب الفنادق العراقية إلى إغلاق أبوابهم بسبب تراكم فواتير الكهرباء والماء والضرائب والرسوم والغرامات كما اسلفنا .
اذ يدخل الزوار إلى العراق، في الغالب، دون رسوم دخول (فيزا)، ويُمنحون الطعام والسكن والخدمات مجانًا أو بأسعار زهيدة جدًا، ما تسبب في تدهور قطاع الفنادق والخدمات وتسجيل شكاوى متعددة من المستثمرين المحليين.
*والخلاصة :
رغم تدفق ملايين الزوار والسواح الأجانب سنوياً إلى العتبات المقدسة في كربلاء والنجف وسامراء والكاظمية وبغداد، لا يُستفاد من وجودهم اقتصادياً بالشكل الأمثل، بل تُهدر فرص ذهبية:
* خدمات مجانية أو شبه مجانية: يُقدم الطعام والسكن والخدمات للزوار بأسعار رمزية أو مجاناً، مما يُثقل كاهل الاقتصاد العراقي ويدفع أصحاب الفنادق والمطاعم للإغلاق بسبب ارتفاع التكاليف (الكهرباء، الماء، الإنترنت، الضرائب، الرسوم) وفرض أسعار زهيدة (قد لا تتجاوز 7 دولار للفرد) من قبل بعض الجهات الدينية.
* فقدان عائدات ضخمة: يُقارن هذا الوضع المُخزي بنجاح الدول المجاورة؛ فالسعودية تجني نحو 50 مليار دولار سنوياً من السياحة الدينية، وإيران استفادت من الزوار العراقيين وحدهم بما يقارب 4 مليارات دولار خلال ستة أشهر فقط من عام 2025!
*خارطة الطريق للنهوض بالسياحة الدينية والاستفادة من الموارد الدينية في العراق
لتحقيق انتعاش اقتصادي فعلي وتنشيط القطاع السياحي الديني ؛ لتحويل هذا القطاع إلى محرك حقيقي للتنمية ؛ ومن أجل الاستفادة المثلى من الموارد الدينية ؛ لا بد من تبني خارطة طريق متكاملة، تشمل المحاور والخطوات الآتية:
1- فرض رسوم فيزا واقعية ومنصفة ؛ كأن يتم تحديد رسوم الفيزا بـ100 دولار في الأيام الاعتيادية، وترتفع إلى 150 دولارًا خلال الزيارات الكبرى كزيارة الأربعين، ولجميع الجنسيات دون استثناء او تمييز ...
2- تفعيل الإعلام السياحي والترويج الدولي ؛ وإطلاق حملات إعلامية مدروسة تستهدف شعوب العالم الإسلامي وغير الإسلامي : تشجع السياح والزوار من مختلف الديانات على زيارة العراق، وتُبرز القيم الدينية والتاريخية والروحية للمقامات والعتبات والاضرحة والاماكن التاريخية الدينية ... ؛ والترويج للعراق كوجهة روحية وتاريخية عالمية لجنسيات وديانات متنوعة ... ؛ وتوفير معلومات دقيقة وخدمات حجز ميسرة عبر منصات إلكترونية متطورة.
3- الاستثمار في البنى التحتية السياحية وتطويرها وتحسينها : بناء بنية تحتية سياحية وطنية ؛ تشمل إنشاء فنادق راقية متعددة الدرجات (فاخرة، متوسطة، اقتصادية) وإدارة جودة الخدمات ... ، وتوسيع الحدائق العامة و تطوير المتنزهات ، وإنشاء مدن ترفيهية واماكن للاستراحة والاستجمام , وانشاء المرافق الخدمية والحيوية في المناطق السياحية ، وتحسين وسائل النقل الداخلي وتنويعها , وبناء مراكز للتسوق بالقرب من المواقع المقدسة والدينية ... ؛ وإصلاح الطرق والمطارات ومحطات النقل والمواقف العامة... ؛ وترميم المناطق التاريخية والأسواق التراثية... ؛ والعمل على انشاء شركات سياحية محلية رصينة ومتطورة وتلبي حاجات السوق المحلية والخارجية , وتفعيل القطاع الخاص ؛ وذلك من خلال دعم العراقيين المستثمرين , و السماح للقطاع الخاص بتقديم خدمات النقل والإيواء والطعام، مع ضمان جودة الخدمة والأسعار التنافسية ... ؛ وتشجيع الزوار والسياح على شراء المنتجات الوطنية، مما يسهم في تنشيط الصناعات المحلية وخلق فرص عمل محلية ... ؛ فلابد من تحفيز القطاع الخاص (فنادق، مطاعم، نقل، تجارة) لتقديم خدمات بمستويات وأسعار تنافسية، مما ينشط الاقتصاد المحلي ويوفر فرص عمل ويقلص البطالة.
4- وقف الدعم المجاني للزوار والسواح الأجانب والغرباء : يجب أن لا تُمول الخدمات المقدمة للزوار والسواح الأجانب من جيوب العراقيين أو من أموال الأوقاف الدينية المحلية أو من الحكومة العراقية ، بل تُقدم وفق نظام تجاري مدروس، مما ينعش القطاع الخاص ويخفض نسب البطالة ... ؛ اذ يجب أن تُقدم جميع الخدمات بمقابل مادي، بما يحقق تنشيط القطاع الخاص، وتوفير فرص عمل، وتدوير الأموال داخل الدورة الاقتصادية الوطنية... ؛ وأي دعم محلي يجب أن يُوجَّه للمواطن العراقي أولًا، لا أن يُستنزف لصالح زائر أجنبي او سائح غريب ... ؛ فلابد من ايقاف الخدمات المجانية أو المدعومة بشكل غير معقول للسياح على حساب المواطن والموازنة العامة أو موارد الأوقاف الدينية .
5- تنظيم المسارات السياحية: اذ يُفضل أن يسلك الزوار الأجانب مسارات مختلفة عن تلك التي توزع فيها المواكب الطعام للعراقيين مجانًا ... ؛ اذ لابد من تخصيص الطرق التي تنتشر فيها مواكب الطعام المجاني للعراقيين فقط... ؛ و تمرير الزوار الأجانب والسواح الغرباء عبر طرق مخدومة تجاريًا، تتيح لهم شراء الطعام والخدمات، وتفعّل حركة السوق المحلية... ؛ وذلك لتشجيع المطاعم والفنادق والمحلات التجارية، كما هو معمول به في السعودية وايران وغيرهما من دول العالم , فيجب تنظيم حركة الزوار والسواح وفق خطط أمنية واقتصادية ... ؛ وتسييرهم في مسارات مخصصة تُراعي الأمن , وتفصل بين الزوار العراقيين والأجانب في بعض المناطق (التي تتسم بالخدمات المجانية) ... .
6- توظيف موارد الأوقاف و الاستفادة من الزكاة والخمس بشكل استراتيجي : تمتلك المؤسسات الدينية موارد ضخمة من الزكاة والخمس والأوقاف ؛ اذ لا تقتصر الثروات الدينية على السياحة فحسب ، والتي ينبغي توظيفها ضمن إطار وطني يخدم الشعب العراقي اولا , اذ يُفترض أن تُصرف داخل العراق وعلى العراقيين أنفسهم ، لا أن تُهدر على غير العراقيين أو تذهب دون رقابة في مشاريع وارتباطات خارجية مشبوهة او غامضة ؛ أو ان تذهب لدول الجوار بحجة المذهب أو القومية أو الولاء الديني والسياسي ... ؛ فهذه الموارد تقدر بمليارات الدولارات سنويًا ؛ اذ يجب إعادة توجيه هذه الأموال لدعم التعليم، والخدمات الصحية، والبنية التحتية، وتنشيط السياحة الدينية داخل العراق لصالح المجتمع المحلي ومصالح الوطن العليا ... ؛ لاسيما مصالح الأغلبية العراقية المغبونة ... ؛ فلابد من إدارة شفافة وراشدة لموارد الأوقاف الهائلة، وتوجيهها لتمويل مشاريع التنمية المحلية و تقديم الخدمات للمواطن العراقي، وليس لدعم غير العراقيين... ؛ وفق ضوابط شرعية ووطنية صارمة... ؛ و استثمار فائض هذه الموارد في تطوير البنى التحتية للسياحة الدينية والخدمات في المدن المقدسة والاماكن الدينية ... ؛ لا أن تُترك في أيدي عوائل و جهات وشخصيات دينية تمول بها مشاريع خارجية لا تصب في مصلحة الوطن.
*حسابات أولية: ثروة بأيدينا ... المكاسب المحتملة من السياحة والموارد الدينية
إذا دخل إلى العراق سنويًا 5 ملايين زائر أجنبي، ودفع كل منهم 100 دولار رسوم فيزا، فإن العائد سيكون نصف مليار دولار سنويًا... ؛ وإذا أنفق كل زائر ما لا يقل عن 300 دولار على السكن والطعام والنقل -( وفقا لأقل التقديرات ) -، فإن العائد سيرتفع إلى 2 مليار دولار .
أي أن إجمالي العائد السنوي من السياحة الدينية فقط، قد يصل إلى 2 مليار دولار سنويًا في الحد الأدنى، دون احتساب الموارد المتأتية من التبرعات والنذور والهدايا ومبالغ الوقف والزكاة والخمس، والتي تبلغ مجتمعة عدة مليارات من الدولارات سنويًا.
أما إذا تم تطوير البنية التحتية وتوسيع الرقعة السياحية و الخطة السياحية الدينية بشكل شامل، فإن بالإمكان رفع هذا الرقم إلى 10 مليارات دولار سنويًا خلال خمس سنوات، وهي أرقام قادرة على تغيير المشهد الاقتصادي العراقي بالكامل...؛ مع آثاره الإيجابية الممتدة على كل القطاعات ... ؛ وهو ما يوازي نصف او ثلث موازنة بعض الدول النفطية .
ويجب التأكيد على أن هذه الموارد الدينية يجب أن تُصرف داخل العراق وعلى العراقيين فقط، لا أن تُوجَّه إلى مشاريع خارجية تخدم جهات أجنبية أو أحزابًا سياسية عابرة للحدود.
*المركزية في إدارة الموارد السياحية
ولكي تتحقق هذه الأهداف، يجب على الحكومة العراقية أن تبسط سيطرتها الكاملة على جميع المنافذ الحدودية، بما في ذلك تلك الموجودة في إقليم كردستان... ؛ وتخضع جميع الموارد السياحية والوقفية والمراقد الدينية لإشراف الدولة المركزي، بعيدًا عن العبث الحزبي والطائفي والقومي ... ؛ وتمنع التهريب المالي والتدفقات غير الرسمية التي تصب خارج الحدود بحجة "المرجعية" أو "الولاء العقائدي أو السياسي "...
*خاتمة: فرصة أخيرة قبل فوات الأوان
العراق ليس بلدًا فقيرًا، بل بلدٌ منهوب، يعاني من سوء الإدارة والتخطيط والخضوع للهيمنة السياسية الخارجية، في وقت يمتلك فيه من المقومات الروحية والدينية ما يكفي لتحويله إلى قبلة سياحية عالمية... ؛ لكن هذا التحول يحتاج إلى إرادة سياسية وطنية , بعيدًا عن الهدر والفساد والتبعية ؛ فالسياحة الدينية ليست مجرد طقس روحي، بل مشروع وطني استراتيجي بإمكانه أن يُنقذ العراق من أزماته الاقتصادية المتراكمة... ؛ العراق يملك مفاتيح القوة ؛ لكن من دون إرادة سياسية حقيقية، وخطة اقتصادية مدروسة، ومؤسسات مهنية نزيهة، سيبقى هذا الملف الثمين مهدورًا بيد قوى لا تؤمن لا بالوطن ولا بالمواطن ؛ وإذا لم تُستثمر هذه الثروات بحكمة وشفافية، فإننا نكون كمن يملك الكنز لكنه يعيش عيشة الفقر والمذلة... ؛ فهل سيستفيق صانع القرار العراقي يومًا قبل أن تتحول العتبات المقدسة إلى مجرد طقوس استهلاكية لا مردود لها ... ؛ وهل سنواصل التفريط بثرواتنا الروحية كما فرطنا بثرواتنا الطبيعية، أم سننهض من غفلتنا ونحوّل هذا الملف إلى مشروع سيادة اقتصادية حقيقية ... ؟!
لا يمكن الاستمرار في إهمال هذا القطاع الحيوي، خصوصًا في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد... ؛ لقد آن الأوان للاستفادة من بركات هذه الأرض المقدسة، وتحويل النعمة الروحية إلى رافعة اقتصادية تسهم في بناء وطن كريم، يليق بتاريخه وحضارته.
#رياض_سعد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟