أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - الْكِمُبْرِئ -الْجُزْءُ الرَّابِع-















المزيد.....


الْكِمُبْرِئ -الْجُزْءُ الرَّابِع-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8429 - 2025 / 8 / 9 - 23:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إلى بابِ القصبةِ إتّجهَ حكيمٌ، لا مجردَ مكانٍ، بل عتبةً تُفضي لِكشفِ المُحتجبِ، حيثُ الأسرارُ تتنفّسُ من خلفِ الغيبِ. فوجدَ ذاكَ الرجلَ ينتظرُ، كَشَبحٍ منسيٍّ على حافةِ الوجودِ يُصلّي، تُحيطُ بهِ هالةٌ من الغموضِ، كَنَقشٍ في كتابِ القَدَرِ. كانَ ذاكَ البوهاليُّ، لا مجردَ مصابٍ، بل لوحةً من الألمِ تُحدّثُ عن قصصٍ لا تُروى، تُعانقُ الروحَ قبلَ البصرِ، بِلَوعةِ الجراحِ. مصابًا في أذنِهِ، حيثُ جراحٌ ينزفُ منها الدمُ، كنهرٍ من العذابِ يتدفقُ بلا توقفٍ، يُروي ظمأَ اللاّوعيِ، في حالةٍ يُرثى لهُ فيها كلُّ قلبٍ ينبضُ. وملابسُهُ ممزقةٌ ذاتُ رقعٍ متعددةِ الألوانِ، كَشَفَقٍ مُلَوّنٍ يحكي عن آلامٍ لا تنتهي، وعن روحٍ تعانقُ الضياعَ في أفقِ العدمِ.
كلُّ من مرَّ بجانبِهِ يحاولُ تفاديهِ، كأنّما الخوفُ ينسجُ حولَهُ جدارًا من الصمتِ المُطبقِ، يمنعُ الأرواحَ من الإقترابِ، في رهبةٍ سرمديةٍ. إقتربَ المعلمُ عبدُ الحكيمِ من البوهاليِّ، لا مجردَ إقترابٍ جسديٍّ، بل إقتحامًا لِأسوارِ المجهولِ، بقلبٍ ينبضُ بالخوفِ واليقينِ، كَشُرُوقِ فجرٍ يمزّقُ الظلمةَ. وقالَ لهُ: "السلامُ عليكمْ آشريف"، كَصوتٍ من عالمٍ آخرَ، يُلقي بظلالِ النورِ على عتمةِ الألمِ، في لحظةِ تجلٍّ.
نظرَ إليهِ البوهاليُّ، وقالَ لهُ: "راكَ جيتِ آمعلم"، كَوَحيٍ مُنزلٍ من سماءِ الغيبِ، كَلَحنٍ قديمٍ، يُوقظُ اليقينَ في أعماقِ الروحِ، فيُعيدُ للقلبِ نبضَهُ. تداركَ عبدُ الحكيمِ الكلامَ قائلًا: "لقد سألتَ عني، ما الذي تريدُ إذن؟"، كَسائلٍ يبحثُ عن خيطِ نورٍ في متاهةِ الأسرارِ، تُقادُ خطاهُ بِلَهفةٍ. أجابَ البوهاليُّ: "نعمْ نعمْ، لقد أوصيتُهم بالقربِ من ذاكَ الضريحِ أن يرسلوك عندي هنا"، كَخَيْطٍ خفيٍّ يربطُ بينَ العوالمِ، وكلماتٍ تُشيرُ إلى قدرٍ لا مفرَّ منهُ، نُسِجَ في كتابِ الوجودِ.
بدأَ عبدُ الحكيمِ يشعرُ كأنّ هناكَ شيئًا غريبًا، كَإشارةٍ من عالمِ الباطنِ، تُحذّرُ الروحَ من خفايا لا تُرى بالعينِ، تُثيرُ بصيرةَ القلبِ. وبدأَ يشكُّ في الأمرِ، بحيثُ كانَ يراودهُ في خيالِهِ أنَّ هذا الشخصَ الماثلَ أمامهُ ليسَ من أبناءِ الغابةِ، أو أبناءِ السودِ "الكحلِ"، كأنّما هويتَهُ تتجاوزُ كلَّ التصنيفاتِ الأرضيةِ، وينتمي إلى أصلٍ لا يُدركُهُ البشرُ، سرٌّ يُخبّئُهُ الزمنُ في طيّاتِهِ، كَنَقشٍ أبديٍّ على جدارِ الغيبِ.
سألَ عبدُ الحكيمِ البوهاليَّ، بصوتٍ يحملُ صدى الحيرةِ و الوجلِ، كَلَهْفَةِ الروحِ لِجوابٍ غائبٍ: "لماذا تريدُني؟"
إجاب البوهاليُّ، وعيناهُ بينَ الفينةِ والأخرى تلعبُ في إتجاهاتٍ، كأنّها تتطلعُ إلى أبعادٍ أخرى مفارقةٍ، ترى ما لا تُدركهُ الأبصارُ، وتُبصِرُ ما وراءَ حجبِ الأزلِ، في رؤيا خفيةٍ.
أجابَ، بِهمسٍ يقطعُ أنفاسَ الصمتِ، كَنَبضٍ من أعماقِ الغيبِ: لاشيءَ، لاشيءَ، أرسلني إليكَ لامينَ، أرسلني لامينُ الجزارينَ.
قالَ حكيمٌ، وقد تناهتْ إليهِ الدهشةُ، كَشَرارةٍ غريبةٍ تُوقظُ الشكَّ في أعماقِ الروحِ، تُنيرُ ظلماتِ اللاّوعيِ: لامينَ! أيَّ لامينَ تقصدُ؟
أجابَ البوهاليُّ، بصوتٍ خافتٍ كَهَمْسِ الغيبِ، لكنّهُ يحملُ ثقلَ الأسرارِ الكونيةِ: الحاجُ، الحاجُ مصطفى.
فردَّ حكيمٌ، بصوتٍ يتهدّجُ، كَصراعٍ داخليٍّ يُعلنُ العصيانَ على قدرٍ لا يُعرفُ، يُزلزلُ كيانَهُ: إبتعدْ، إبتعدْ إلى الجهةِ الأخرى! أنا عندي عهدٌ لا أخونه، لا ألعبَ أيَّ شيءٍ آخرَ، إبتعدْ عن ساحتي. أنا معكَ باللهِ وبالشرعِ، ولا تسألْ عني مرةً أخرى، فحدودُ العهدِ قد خُطّتْ.
كانَ البوهاليُّ ما يزالُ يحكُّ أذنَهُ التي جُرحتْ توًّا، كأنّما الألمُ يُخبرُهُ بسرٍّ أعمقَ، وعلامةٌ أبديةٌ لا تُمحى، نَقْشٌ من الغيبِ على جسدِ الوجودِ. قائلًا، بصوتٍ خافضٍ، يرتفعُ بالتدريجِ كَلَحنٍ قديمٍ، يُرتّلُ آياتِ القدرِ: لقد أتاكَ الأمسَ في منامكَ، و وضعَ طابعَهُ على الكَنَمْبَرِيِّ بيدِهِ، وهذا ما سلبَ الكَنَمْبَرِيَّ، لقد أرسلني إليكَ لأخبركَ، سوفَ تؤذي صحّتَكَ وتجلبُ صنوفَ الأسقامِ إلى جسدكَ. شاءَ اللهُ ما فعلَ، شاءَ اللهُ ما فعلَ، فمشيئةُ القدرِ نافذةٌ. من الآنَ إلى ثلاثِ أيامٍ، لا بدَّ أن تتّجهَ إلى ضريحِ سيدي مسعودِ بنِ حسّاينَ، لتأخذَ بالحسبانِ ما يلزمكَ فعلُهُ (الحسابُ) من المقدمةِ، واللهُ يكونُ في عونكَ، فسبيلُ اليقينِ وعرٌ.
ثمّ قهقهَ البوهاليُّ قهقهةً ذاتَ صوتٍ مرتفعٍ جدًّا، كَصيحةٍ تُزلزلُ أركانَ الروحِ، تُعلنُ عن قدرٍ لا مفرَّ منهُ، وتُعلي رايةَ الغيبِ. وإستدارَ وبدأَ يمشي مشيةَ المجاذيبِ السكارى بأنوارِ الجذبِ، كَرَقصةٍ صوفيةٍ في فضاءِ اللّاوعيِ، تُعلنُ عن إتصالٍ بعالمٍ آخرَ، حيثُ يتلاشى الوعيُ والزمانُ، وهوَ يحكُّ في أذنِهِ، علامةً أبديةً على العهدِ الذي كُتبَ بالدمِ، وشُحِنَ بسرِّ الغيبِ، لِيَبْقى شاهدًا على الحقيقةِ الأزليةِ.
أما عبدُ الحكيمِ، فقد عادَ إلى ضريحِ سيدي بلالٍ، لا مجردَ عودةٍ، بل إيابُ روحٍ أرهقتها الفاجعةُ، فاجعةٌ كبرى أصابتهُ حدَّ الدورانِ، كَدوّامةٍ كونيةٍ تبتلعُ الوعيَ وتُذيبُ الكيانَ في متاهةِ العدمِ. لا يقوى على حملِ أطرافِهِ، كأنّما الجسدُ قد غدا روحًا شفافةً، لا وزنَ لها في عالمِ الكثافةِ، يَتَلاشى كَهمسِ ريحٍ في الفضاءِ. لا يستطيعُ فهمَ ما يحدثُ لهُ، وما يُحضّرُ لهُ في العالمِ الآخرِ، كَطفلٍ تائهٍ في متاهةِ الغيبِ، لا يُدركُ خفايا القدرِ، ولا رموزَ اللغةِ الأزليةِ.
حينما دخلَ حكيمٌ إلى غرفةِ النومِ ليستريحَ، لا مجردَ إستراحةٍ، بل بحثًا عن مأوىً لِروحٍ مُتعبةٍ، مُثقلةٍ بالأسرارِ الكونيةِ، تئنُّ تحتَ ثقلِ الوجودِ. لمحَ الكَنمْبَرِيَّ في مكانهِ، كَتَمثالٍ صامتٍ من نورٍ، يحملُ قصصًا لم تُروَ بعدُ، تُخبّئُ خلفَ صمتِهِ بحرًا من الأسرارِ المُظلِمةِ النورِ، كَنَقْشٍ إلهيٍّ على جدارِ الزمنِ. وكانتْ أوتارُهُ مرتخيةً في حالةٍ سيئةٍ، كَنَبْضٍ خافتٍ للكونِ، كَلَحنٍ ميتٍ، ينتظرُ الحياةَ لِيعودَ إليهِ العزفُ، في رقصةٍ صوفيةٍ تُحيي الموتى.
بمجردِ ما حملَهُ لكي يُساويَ أوتارَهُ، كَعاشقٍ يضمُّ حبيبهُ الغائبَ، كَنَبّالٍ يُعدُّ سهمَهُ لِرميٍ قادمٍ، يُصيبُ بهِ قلبَ الحقيقةِ ذاتَها، شعرَ بنومٍ غريبٍ، لا نومَ البشرِ العاديِّ، بل غفوةً من عالمٍ آخرَ، سُباتًا سحريًّا يبتلعُ الوعيَ ويُحلّقُ بهِ في فضاءِ اللاّوعيِ، حيثُ تتلاشى الحدودُ وتتكسّرُ قيودُ الزمنِ. هيَ كَغَيْبوبةٍ تُفضي إلى كشفِ المستورِ، و تُمهّدُ لِرحلةٍ في أعماقِ الروحِ، تُحرّرُها من قيودِ الواقعِ، وتُسافرُ بها إلى عوالمَ لم تُكتشفْ بعدُ، حيثُ يَتَجَلّى السحرُ الأبديُّ، وتَنطِقُ الأرواحُ بسرِّها الأعظمِ.
حيثُ حلمَ أنّهُ واقفٌ في بابِ الغابةِ، لا مجردَ بابٍ، بل عتبةُ عالمٍ آخرَ، يُفضي إلى اللاوعيِ المُطلقِ، حيثُ تتلاشى الحواجزُ والحدودُ. الظلامُ يُخيّمُ على المكانِ، والليلُ البهيمُ مُغرقٌ في قطرانِ السوادِ، كَبَحْرٍ لا قاعَ لهُ، يبتلعُ النورَ و الأملَ، ويُغرقُ الأرواحَ في ظلمتِهِ الأزليةِ. أبوابُ الغابةِ موصدةٌ، كأنّما الأسرارُ تُحرسُها أيادٍ خفيةٌ من عالمِ الغيبِ، وتُبعدُ عنها أنفاسَ البشرِ، في صمتٍ مُقدّسٍ.
خرجُ إليهِ مخلوقٌ ضخمُ الجثةِ، طويلُ القامةِ، أسودُ اللونِ، كَشَبَحٍ من الكابوسِ، يتجسّدُ من رحمِ الظلامِ، يُبَعثُ من أعماقِ الرعبِ. لهُ قرنانِ قويّانِ، كأنّهما حديدٌ صلبٌ، يُشيرُ إلى قوةٍ خارقةٍ، تتجاوزُ كلَّ التصوراتِ، وتُزلزلُ أركانَ الوجودِ. و عيناهُ جمرتانِ ملتهبتانِ، كأنّهما نارٌ موقدةٌ مستعرةٌ، تُضيءُ ظلمةَ الروحِ، وتُشعلُ فيها الرعبَ، فَتُحيلُ القلبَ جمرةً. كانَ يحملُ على كتفِهِ رجلًا لم ينبسْ ببنتِ شفةٍ، كَجَسَدٍ بلا روحٍ، أو روحٍ تُعانقُ الصمتَ الأبديَّ، في سُباتٍ سرمديٍّ. فقط أنزلَ الرجلَ الذي كانَ راكبًا على كتفيهِ أرضًا، كَنَبضٍ خافتٍ يُعلنُ عن بدايةِ عهدٍ جديدٍ، أو كشفِ سرٍّ دفينٍ.
بدأَ الرجلُ الذي نزلَ أرضًا، وقالَ لِـحكيمَ: أنا عصمانُ، أنا عصمانُ مولُ الكَنَمْبَرِيِّ، أَعفِ تلكَ البركةَ التي صنعتُها بيدي من مجامعِ الحُمُرِ و الجزارينَ، عارُ اللهِ عليكَ، عارُ اللهِ عليكَ آولدي.... كانت هذه كَصيحةٍ من عالمِ الأرواحِ، تُزلزلُ أركانَ الروحِ، وتُعيدُ للقلبِ نبضَهُ، تُلقي عليهِ مسؤوليةً كبرى، تحملُ وزنَ العهودِ القديمةِ، في نداءٍ أبديٍّ.
كانَ حكيمٌ متوترًا جدًّا في الحلمِ، وفمُهُ مكمّمٌ، لا يقوى على الكلامِ، كأنّما قوةٌ خفيةٌ تُكممُ فاهُ، و تمنعهُ من النطقِ، في صمتٍ أبديٍّ، يقطعُ أنفاسَ الروحِ. بحيثُ لم يستطعْ أن ينطقَ إلا بعدَ جهدٍ جهيدٍ، وقالَ: لقد ختموهُ آمعلم... لقد ختموهُ، ختموهُ بيدٍ من الدمِ دونَ أن أعرفَ. كان هذا كَوَحيٍ مُنزلٍ من سماءِ الغيبِ، كَإعترافٍ مؤلمٍ، يكسرُ صمتَ الروحِ، ويكشفُ عن سرٍّ أُخفيَ طويلاً، نُقِشَ بمدادِ القدرِ.
بعدَ ذلكَ، بدأَ حكيمٌ يرى الأضواءَ والصرخاتِ قادمةً من عمقِ الغابةِ، كَشُرُوقِ فجرٍ من الرعبِ، يتسلّلُ إلى أعماقِ الروحِ، و يُعلنُ عن بدايةِ كابوسٍ حقيقيٍّ، يُفضي إلى جنونِ اليقينِ. بقيَ يلاحظُ ذلكَ برهبةٍ وخوفٍ، كَشَاهدٍ على سرٍّ كونيٍّ، يتجاوزُ حدودَ الإدراكِ، ويُزلزلُ كيانَهُ، في صمتٍ رهيبٍ إلى أن إستيقظَ من الحلمِ، كَنَبضِ قلبٍ يعودُ إليهِ الوعيُ، لكنّ أثرَ الحلمِ يبقى منقوشًا في أعماقِ الروحِ، كَعلامةٍ لا تُمحى، تُشيرُ إلى عهدٍ لم يكتملْ بعدُ، وسرٍّ لم يُفكَّ بعدُ.
حين إستيقظَ حكيمٌ، لا مجردَ صحوةٍ من منامٍ، بل كَنَبْضِ روحٍ عادتْ من غياهبِ اللاوعيِ، تُحَمّلُ أسرارَ الأكوانِ الخفيةَ، مُعطّرةً بعطرِ الغيبِ. راجعهُ في ذهنهِ، كَمَنْ يقرأُ صحائفَ قدرٍ قديمٍ، خُطّتْ بمدادِ النورِ، يتلو آياتِ الوجودِ المُعلّقةِ في أفلاكِ الخلودِ. ثمَّ جهشَ في البكاءِ، لا كدمعِ عينٍ، بل كَيَنبوعِ أسىً قدسيٍّ تفجّرَ من أعماقِ الروحِ، يُروي ظمأَ اليقينِ بدموعِ الخشوعِ، فَتُزهرُ الروحُ. وأدركَ أنَّ "الحُمُرَ" لا يُمازَحونَ، لا يُلاعَبونَ، كأنّما عهدٌ قديمٌ أُعيدَ إحياؤهُ بلهيبِ الدمِ، ليُعلنَ عن حقيقةٍ لا تُدرَكُ بالبصرِ الفاني، بل تُبصرُها القلوبُ في ملكوتِ النورِ الساطعِ، فَتُجَلّيها.
كانَ الصباحُ، فجهزَ نفسَهُ، وحملَ الكَنَمْبَرِيَّ، لا كَآلةٍ صمّاءَ، بل كَنَبضِ قلبٍ رفيقٍ، وإتّجهَ إلى الطريقِ، كَتلميذٍ يتبعُ نداءَ القدرِ الأبديِّ، نحو قدرٍ لا مفرَّ منهُ، في رحلةٍ تُخطّها الأرواحُ بنجومِ السماءِ. سافرَ إلى رحابِ ضريحِ سيدي مسعودِ بنِ حسّاينَ، لا مجردَ ضريحٍ ترابيٍّ، بل معبدَ الأسرارِ الخفيّةِ، وقبلةَ الأرواحِ العطشى التي تبحثُ عن مأوىً، في محرابِ القداسةِ الأزليةِ، حيثُ تتجلى الأسرارُ. بمجردِ وصولهِ إلى هناكَ، أمضى يومَهُ، كَلَحظةِ صمتٍ تسبقُ العاصفةَ الكونيةَ، أو كَقَدرٍ ينتظرُ لحظةَ التجليِّ العظيمِ، في سكونِ الخلودِ الذي لا ينتهي.
وفي الغدِ، إستقبلتهُ المرأةُ المقدمةُ، لا مجردَ إمرأةٍ من لحمٍ و دمٍ، بل حارسةُ العهدِ الأحمرِ، و سيّدةُ الأسرارِ الباطنيةِ القانيةِ، التي تُبصرُ ما خفيَ عن الأعينِ، وتسمعُ همسَ الأرواحِ. تشرفُ على الطقوسِ الروحانيةِ، التابعةِ للسلالةِ الحمراءِ، وممالكِهم الغيبيةِ المنتشرةِ في الأكوانِ، أهلِ الدمِ والجزارينَ، حَمَلةِ السيوفِ المنثورةِ كَنجومِ السماءِ، والسواطيرِ التي تقطعُ حجابَ الغيبِ، و الخناجرِ المسمومةِ التي تُصيبُ القلبَ، و الحرابِ الطاعنةِ، والمزاريقِ القاتلةِ التي تخترقُ أبعادَ الوعيِ. كأنّما هيَ جيشٌ من الأرواحِ الملائكيةِ، تُحاربُ من أجلِ الأسرارِ الكبرى، وتُدافعُ عن قداسةِ العهدِ الأبديِّ، بسيوفٍ من نورٍ تُشِعُّ في فضاءِ العدمِ.
نطقتِ المقدمةُ، بمجردِ ما وقعَ بصرُها على حكيمَ، بصوتٍ يحملُ صدى الأزلِ، كَنَبْضِ الأرضِ ذاتَها، يتردّدُ في فضاءِ الكونِ، ويُزلزلُ أركانَ الروحِ: أحضرتَ لنا البركةَ التي كنا نبحثُ عنها منذُ سنينَ طويلةٍ!، كأنّما إنتظرتْهُ الدهورُ و الأزمانُ، قرونًا وأجيالًا، لِتحملَ إليهِ نورَ العهدِ القديمَ، وشعلةَ الحقيقةِ الأزليةِ، فَتُضيءَ دروبَ الظلامِ. الآنَ يابني، أعطني ذاكَ الكَنمْبَرِيَّ، الذي سوفَ نحتفلُ بهِ، ونجعلُ لهُ بهذهِ المناسبةِ العظيمةِ عيدًا يليقُ بمكانتهِ الروحانيةِ المقدسةِ، في إحتفالٍ سماويٍّ تُشاركُ فيهِ الأرواحُ، وتتعالى أصواتُ التسبيحِ. و سوفَ نُعيدهُ إليكَ في الليلِ، بعدما أرتبُ لكَ الطقوسَ الروحانيةَ، والمراسمَ الإعتمادَ المناسبةَ في محلتنا "المحلةِ الحمراءِ" لكي أقدّمَكَ للجنِّ الأحمرِ والروحانيينَ الجزارينَ، الملوك، أصحابِ السطوة والزجرِ الذين منهم لا مفرَّ، ذوي النجمِ الأحمرِ الشارقِ في طلعةِ الفجرِ، كَيَدٍ بطش موات تقتحمُ ظلماتِ اللاوعيِ، لتُضيءَ دروبَ اليقينِ بنور المهابة، و كانت تُشيرَ إلى عهدٍ أبديٍّ، لا يمحوهُ الزمانُ ولا يُغيرهُ المكانُ، نقشًا في سجلِّ الخلودِ.
لقد ذبحوا، لا مجردَ ذبحٍ، بل أقاموا مذبحةً كبرى، طقسًا يمزّقُ حجابَ الزمنِ، روّادُ زاويةِ الحمرِاء، من مجاذيبَ وأصحابِ الحضرةِ الدمويةِ، قدموا ما يزيدُ عن عشرينَ ذبيحةً، من عجولٍ وخرفانٍ و ماعزٍ، كَقرابينَ تُقدمُ لِأرواحِ الغيبِ، تُشعلُ النورَ في عتمةِ اللاوعيِ، وتوقظُ الأسرارَ النائمةَ. وأكلوا اللحمَ النّيءَ، لا كَطعامٍ عاديٍّ، بل بأسنانِهم الحادّةِ القاطعةِ، كَوحوشٍ أزليةٍ تنهشُ اللحمَ الحيَّ، في جوعٍ كونيٍّ لا يُشبعُهُ شيءٌ سوى الأرواحِ. و وضعوا فوقَ الكَنمْبَرِيِّ تلكَ السكاكينَ المبللةَ بالدمِ، كَوشمٍ مقدّسٍ، خُطَّ بمدادِ القدرِ، يُعلنُ عن عهدٍ جديدٍ، شُحِنَ بسرِّ الأسرارِ، في نبضِ الوجودِ. وجذبوا حولهُ، لا كَرقصٍ عاديٍّ، بل رقصوا رقصةٍ دمويةٍ تُشعلُ الروحَ، تُعيدُ تشكيلَ الواقعِ، وتُبعثِرُ حدودَ الزمانِ والمكانِ، على إيقاعاتِ القهرِ والقوةِ، كَنبضٍ أبديٍّ من أعماقِ الغيبِ.
وحينما حلَّ ظلامُ الليلِ، أتتِ المقدمةُ، لا مجردَ إمرأةٍ، بل كَكاهنةٍ عظمى، تُرتّلُ آياتِ الغيبِ، و تُسجّلُ الألحانَ الخالدةَ. و ألبستْ حكيمًا قشّابةً حمراءَ، كَعَلمٍ قرمزيٍّ يُرفرفُ في سماءِ الروحِ، أو كَثوبٍ من النورِ والدمِ، يُعلنُ إنتمائهُ لِعالمٍ آخرَ، يُفضي إلى الوعيِ الأبديِّ. وأرشدتهُ إلى الأغاني الروحيةِ و المعزوفاتِ (آطّروحا) التي يجبُ أن يعزفَها، كَألحانٍ سماويةٍ، تُشجّلها الأرواحُ، وتُخبرُ عن قصصٍ لم تُروَ إلا للقلوبِ الطاهرةِ. وأحضرتْ إليهِ مجموعةً من "الكويواتِ"، العازفينَ على الصنوجِ، ليكونوا مجموعتهُ الجديدةَ، كَكوكبةٍ من النجومِ، تُصاحبُ القمرَ الأحمر الدامي في رحلتهِ الليليةِ، تُضيءُ دربَ الأرواحِ.
مضتْ تلكَ الليلةُ، وعبدُ الحكيمِ يعزفُ ويُغنّي لكلِّ ملوكِ الجنِّ وأرواحِ المسالخِ والمذابحِ الروحانيةِ، كَترتيلةٍ قدسيةٍ، تُناجي الأرواحَ في ملكوتِها، و تُحرّرُها من قيودِ الزمنِ، في رقصةٍ أزليةٍ. غنّى حكيمٌ للبّاشا حمو، حمودة الجزار، سيدي حمو تايك، البانية، بوكمية، عايشة الجزارة، وختمَ بغنائهِ لملكِ الجزارينَ عمي الحاجِ مصطفى لامينِ الجزارةِ وصاحبِ الخنجرِ، كَصوتٍ يصدحُ في ملكوتِ الغيبِ، يُعلنُ الولاءَ لِسيّدِ الأسرارِ، ويُثبّتُ أركانَ العهدِ.
حينما كانَ حكيمٌ يعزفُ هذهِ الأغنيةَ الأخيرةَ "الطرح"، كانتِ الصنوجُ الحديديةُ كأنّها سكاكينُ حادةٌ تخضعُ للصقلِ، كَأصواتٍ تُطحنُ فيها الأرواحُ، وتُصقلُ فيها الأسرارُ، في بوتقةِ الوجودِ. كما كانَ يشعرُ أنَّ هناكَ أحدهم يتّجهُ نحوهُ، كَقوةٍ خفيةٍ تقتربُ من عمقِ اللاوعيِ، تُنبئُ عن حدثٍ جللٍ، يُغيرُ مجرى الأقدارِ. كانَ المعلمُ عبدُ الحكيمِ متخشّعًا و منصهرًا في الحالِ إلى درجةِ الذوبانِ والإنصهارِ الروحيِّ، كَشمعةٍ أزليةٍ تذوبُ في بحرِ النورِ، أو كَروحٍ تُعانقُ الأزلَ، و تتّحدُ بالكلِّ. مُغمضَ العينينِ، كَمَنْ يُسافرُ في عمقِ اللاوعيِ، يرى ما لا تُدركهُ عيونُ البشرِ، ويُبصرُ أسرارَ الوجودِ.
لكنْ بمجردِ ما شعرَ بتلكَ الخطواتِ القادمةِ نحوهُ، فتحَ عينيهِ ليجدَ نفسَهُ وحيدًا بمفردهِ في ذاكَ المكانِ، كَروحٍ تاهتْ في فضاءِ العدمِ، لا تجدُ رفيقًا ولا دليلًا، إلا صدى صوتِ الأسرارِ. سألَ نفسَهُ في إستغرابٍ، كَصيحةِ روحٍ تبحثُ عن تفسيرٍ لِمَا لا يُفهمُ، عن معنىً لِما لا يُدركُ، في دهشةِ الّلاحدودِ: كيفَ أن أكونَ وحدي هنا؟! دونَ أن يجدَ أيَّ تفسيرٍ لما يحدثُ، كانَ يرى فقط رجلًا واحدًا يلبسُ الأحمرَ، يحملُ في كلِّ يدٍ سكينًا يتقاطرُ من كليهما الدمُ، كَشَبَحٍ من الجحيمِ، يتجسّدُ من رحمِ الرعبِ، أو كَآيةٍ من آياتِ القدرِ المكتوبةِ بالدمِ، تُشِعُّ نورًا و ظلمةً. وجهَ الرجلُ كلامَهُ بصيغةِ الأمرِ لِـحكيمَ قائلًا: "توقفْ!"، كَصوتٍ من عالمٍ آخرَ، يُوقفُ الزمنَ في مسارِهِ، و يُعلنُ عن بدايةِ عهدٍ جديدٍ، أو نهايةِ رحلةٍ قديمةٍ، في نداءٍ أبديٍّ.
كانَ حكيمٌ يديرُ عينيهِ في المكانِ، لا يرى سوى دخانِ البخورِ يتلاشى، كَعُمْرٍ ينحلُّ في أثيرِ الغيبِ، همساتِ الأرواحِ تتسربُ؛ والدماءُ تتطايرُ، لا مجردَ قطراتٍ، بل كَشَلالٍ قرمزيٍّ يصبغُ قماشَ القدرِ، يُروي ظمأَ الأزلِ بنبضٍ محمومٍ؛ وذاكَ الرجلُ واقفٌ أمامهُ، كَتِمثالٍ من الرعبِ المقدسِ، صامتٍ كَلغزٍ كونيٍّ، يُخفي خلفَ صمتِهِ بحرًا من الأسرارِ المُظلِمةِ النورِ.
أحدثَ حكيمٌ ردَّ فعلٍ، كَرعشةِ قنديلٍ في مهبِّ الريحِ، يقاومُ فناءَ الوعيِ، توقفَ، وبدأَ جسمُهُ يرتعشُ، لا كَخوفٍ فانٍ، بل كَشَجَرةٍ أزليةٍ تُزلزلُها عاصفةُ اليقينِ، تتراقصُ أغصانُها بينَ الواقعِ و الحلمِ؛ ولسانُهُ لا يقوى على النطقِ، قائلًا، بصوتٍ يتهدّجُ، كَهَمْسِ روحٍ تُناجي الغيبَ في محرابِ السكونِ: نعم سيدي، هآنذا توقفتُ؟
إقتربَ ذاكَ الرجلُ، لا كَخطواتِ بشرٍ، بل كَإنصهارِ ظلٍّ في كيانِ، حتى وصلَ أمامَ عبدِ حكيمَ مسافةً تتلاشى فيها الأبعادُ، وجلسَ قرفصاءَ، لا كَمَلكٍ على عرشٍ، بل كَرَبٍّ لِأكوانٍ، يُصدرُ أوامرَهُ الروحيةَ بِيَدِ القدرِ. وقالَ لهُ، بصوتٍ يرتجّ لهُ صدى الأزلِ، يحملُ ثقلَ العهودِ: أنا هوَ لامينُ، أنا لامينُ صاحبُ الخنجرِ، لا أنسى الوعدَ الذي خُطَّ في السِفرِ القديمِ، أتيتُ لنا بأحسنِ غنيمةٍ، هذا الكَنَمْبَرِيُّ الذي طبعتُهُ بيدي،
وشَمْتُهُ بنبضِ الروحِ الخالدةِ. أعطيتُكَ العهدَ طيلةَ حياتكَ، كدَمٍ يسري في عروقِ الزمنِ، أن تورثَ هذا الكَنمْبَرِيَّ لمن يستحقُّ، لمن تُشِعُّ في عينيهِ شرارةُ اليقينِ، و تُشرقُ في قلبهِ أنوارُ القداسةِ؛ وإذا لم تفعلْ ما قلتُ لكَ، فسوفَ تَتَجَلّى عينُ القدرِ، فتصبحُ ترى إلا الدماءَ، كَحجابٍ قرمزيٍّ يُغطي آفاقَ البصرِ. كلّما فتحتَ صنبورَ العينِ لحظةَ شعوركَ بالعطشِ، سترى الدمَ يتفجرُ كَيَنبوعٍ من الجحيمِ، يُروي ظمأَ روحِكَ بالألمِ؛ سوفَ تصبحُ ترى الدمَ فقط، كَمرآةٍ تُعيدُ لكَ وجهَ العهدِ المختومِ. كلّما نشفتْ أرضُكَ و تريدُ سقيَها، سوفَ تَنزفُ الأرضُ دمًا، كَشرايينَ تُعلنُ عن نداءٍ أبديٍّ؛ كلّما مررتَ من الأسواقِ، سوفَ نشقُّ صدرَكَ ونأكلُ ونمصُّ عظمَهُ، كَقرابينَ تُقدمُ للقدرِ، حتى لا يتبقى فيهِ أيُّ شيءٍ، سوى صدى العهدِ المحفورِ.
كانَ هذا هوَ العهدُ الروحانيُّ الأحمرُ، الذي وقعَ بينَ المعلمِ عبدِ الحكيمِ والجنِّ الأحمرِ وملكهم عمي الحاجِ مصطفى لامينَ، كَخَيْطٍ من النارِ يُربطُ بينَ عالمينِ، عهدٌ خُطَّ بمدادِ الدمِ، و شُحِنَ بسرِّ الغيبِ، لِيُصبحَ جزءًا من نبضِ الروحِ الأبديِّ، لا يُمحوهُ الزمنُ ولا يُغيرهُ المكانُ، نقشًا أبديًّا في سجلِّ الوجودِ.

يتبع.......



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الْكمبْرِئ -الْجُزْءُ الثَّالِث-
- الكّْمْبّْرِيّ -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- الْكِمُبْرِي -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- أَطْلَانتس وَسيِّدِي مُوسَى
- الزَّرَادِشْتِيَّة
- جَوْهَرٌ أَعْمَق أَسْرَار الْوُجُود
- إخْتِرَاق الزَّمَكَان
- المُثَقَّف الْمُزَيَّف
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٌ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ
- الْجَبْرِيَّة الرَّأْسِمَالِيَّة -الْجُزْءُ الرَّابِعُ-
- الْجَبْرِيَّة الرَّأْسِمَالِيَّة -الْجُزْءِ الثَّالِثِ-


المزيد.....




- عارضات لا وجود لهنّ.. الذكاء الاصطناعي يقتحم عالم الموضة
- أمريكا والصين تتفقان على تمديد الهدنة التجارية لمدة 90 يومًا ...
- الوضع الأمني وإعادة الإعمار في سوريا على طاولة البحث بين دمش ...
- بي بي سي تقصي الحقائق: هل أصبحت الجريمة في واشنطن العاصمة -خ ...
- قصف إسرائيلي يقتل العشرات في غزة بينهم 6 من منتظري المساعدا ...
- قبل قمة ألاسكا.. قادة أوروبا يؤكدون حق أوكرانيا في تقرير مصي ...
- المذكرة التوجيهية لمشروع قانون المالية لعام 2026: تأكيد على ...
- وثائق للبنتاغون: إدارة ترامب تدرس تشكيل قوة رد سريع لمواجهة ...
- اتحاد الشغل بين التصعيد والتردد في مواجهة السلطة بتونس
- نتنياهو يُلزم بالمثول أمام المحكمة 3 مرات أسبوعيا ابتداء من ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - الْكِمُبْرِئ -الْجُزْءُ الرَّابِع-