أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - إخْتِرَاق الزَّمَكَان















المزيد.....


إخْتِرَاق الزَّمَكَان


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8423 - 2025 / 8 / 3 - 15:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إختراق الزمكان: الوعي يتجاوز قوانين الفيزياء

. هل هناك فضاءات و أبعاد مادية تسمح بإختراق النسيج الزمكاني؟
يُضعف النسيج الزمكاني (Space-time fabric) في المناطق التي تتواجد فيها كتل و طاقات كبيرة. وفقاً لنظرية النسبية العامة لأينشتاين، فإن الجاذبية ليست قوة في حد ذاتها، بل هي تأثير إنحناء الزمكان الناتج عن وجود المادة و الطاقة. تُعد الثقوب السوداء (Black Holes) أكثر الأمثلة دراماتيكية على تشوه الزمكان. فهي مناطق في الزمكان تكون فيها الجاذبية قوية جداً لدرجة أنه لا شيء، حتى الضوء، يستطيع الهروب منها. عند أفق الحدث (Event Horizon) للثقب الأسود، يصبح إنحناء الزمكان لانهائياً تقريباً، تُشير قوانين الفيزياء إلى وجود تفرد (Singularity) في المركز، حيث تُصبح كثافة المادة لا نهائية والزمكان ينحني إلى ما لا نهاية. النجوم النيوترونية (Neutron Stars) هي بقايا نجوم ضخمة بعد إنفجارها، وهي تُعد من أكثف الأجسام المعروفة في الكون بعد الثقوب السوداء. على الرغم من أنها ليست بالشدة القصوى للثقوب السوداء، إلا أن كتلتها الهائلة المُكثفة في حجم صغير تُسبب إنحناءً كبيراً للزمكان حولها. كما أن بالقرب من الأجسام ذات الكتل الكبيرة جداً مثل المجرات ومجموعات المجرات تحدث تشوهات للنسيج الزمكاني. حتى المجرات الضخمة ومجموعات المجرات تُسبب إنحناءً ملحوظاً للزمكان حولها. هذا الإنحناء هو ما يفسر ظواهر مثل عدسة الجاذبية (Gravitational Lensing)، حيث ينحني ضوء الأجرام السماوية البعيدة عندما يمر بالقرب من كتل هائلة، مما يُسبب تشويهاً أو تضخيماً لصورة تلك الأجرام. خلال الإنفجار العظيم (Big Bang). اللحظات الأولى بعد الانفجار العظيم، عندما كان الكون كله مُكثفاً في نقطة صغيرة جداً وساخنة وكثيفة للغاية، يُعتقد أن الزمكان كان مُنحنياً ومتشوهًا بشكل لا يمكن تصوره. إن الموجات الثقالية (Gravitational Waves) و هي تموجات أو إضطرابات في نضيج الزمكان نفسه. تنشأ هذه الموجات عن أحداث كونية عنيفة جداً، مثل إندماج الثقوب السوداء أو النجوم النيوترونية. عندما تمر الموجة الثقالية، فإنها تُسبب تمدداً وإنكماشاً مؤقتاً للزمكان في المنطقة التي تمر بها. إن الزمكان يضعف أو ينحني بشدة في أي منطقة يكون فيها تركيز عالٍ جداً للمادة والطاقة، مما يُؤدي إلى ظواهر جاذبية قوية وملحوظة.
إختراق النسيج الزمكاني هو مفهوم غالبًا ما يُطرح في سياق الخيال العلمي، ولا يوجد حالياً أي دليل علمي أو تقنية معروفة تسمح بـإختراق النسيج الزمكاني بالمعنى الشائع كخلق ثقوب دودية قابلة للمرور عبرها، أو السفر عبر الزمن بشكل مباشر. ومع ذلك، إذا أردنا التفكير في إختراق النسيج الزمكاني بناءً على فهمنا الحالي للفيزياء، فإن الأمر سيتطلب كميات هائلة من الطاقة أو المادة الغريبة. الثقوب الدودية (Wormholes) تُعرف أيضاً بـجسور أينشتاين-روزين. هي حلول لمعادلات النسبية العامة تُشير نظرياً إلى وجود أنفاق تربط نقاطاً بعيدة في الزمكان. للسفر عبر ثقب دودي و إختراق الزمكان بهذا المعنى، يتطلب الأمر وجود مادة غريبة (Exotic Matter) ذات طاقة سالبة أو كتلة سالبة، وهي مادة إفتراضية لم يتم إكتشافها أو إنتاجها بعد. حتى لو وُجدت، فإن الكميات المطلوبة ستكون فلكية. الكتلة الهائلة لإنشاء إنحناء شديد في الزمكان بما يكفي لـثقبه أو لإنشاء ممر، سيتطلب ذلك كتلًا تزيد عن كتلة النجوم أو حتى المجرات بأكملها، مُكثفة في مساحة صغيرة جداً. التلاعب بالزمكان على نطعات كمومية أو أبعاد إضافية. تشير الفيزياء الكمومية للجاذبية (Quantum Gravity) إلى بعض النظريات في فيزياء الكم الجاذبية إلى أن الزمكان على المستويات الصغيرة جداً مثل طول بلانك قد يكون له نسيج مختلف، وربما يمكن التلاعب به بطرق غير مفهومة حالياً. لكن هذا يظل في نطاق الفيزياء النظرية للغاية. تؤكد نظرية الأبعاد الإضافية (Extra Dimensions) التي تفترض بعض النظريات مثل نظرية الأوتار وجود أبعاد إضافية للزمكان غير الأبعاد الأربعة المعروفة (الطول، العرض، الإرتفاع، الزمن). إذا كانت هذه الأبعاد موجودة ويمكن الوصول إليها أو التلاعب بها، فربما تُتيح طرقاً لإختراق الزمكان التقليدي، لكن هذا أيضاً نظري بحت. لابد من توفر تكنولوجيا متقدمة تتجاوز فهمنا الحالي. تقترح نظرية المحركات الإلتوائية (Warp Drives) مثل محرك ألكوبيير (Alcubierre Drive)، و هي مفاهيم نظرية تهدف إلى الإنحناء الزمكان حول مركبة فضائية لتقليل المسافة الفعلية للسفر، مما يُتيح السفر أسرع من الضوء دون إنتهاك مبادئ النسبية المحلية. يتطلب هذا أيضاً طاقة هائلة ومادة غريبة. إن السفر عبر الزمن يتطلب التلاعب بالزمكان بطرق معينة مثل السفر حول الثقوب السوداء فائقة الكتلة لتباطؤ الزمن. لكن السفر إلى الماضي يُواجه تناقضات سببية قوية ولم يُثبت إمكانه علمياً. من منظور علمي حالي، إختراق النسيج الزمكاني يظل في نطاق النظريات والتكهنات التي تتطلب ظروفاً فيزيائية قصوى (كتلة هائلة، طاقة سالبة) أو إكتشافات جذرية في فهمنا للكون (فيزياء الكم الجاذبية، أبعاد إضافية). حتى الآن، لا توجد طريقة عملية أو مفهومة لإختراق الزمكان كما يُصور في الخيال العلمي.
. هل يمكن إختراق النسيج الزمكاني على مستوى الوعي؟
الحديث عن إختراق النسيج الزمكاني على مستوى الوعي يأخذنا إلى مفاهيم تتقاطع بين الفيزياء النظرية، الفلسفة، علم النفس التحليلي خاصة أفكار كارل يونغ، والتصوف. هذا المفهوم لا يقع ضمن نطاق الفيزياء التقليدية التي تصف النسيج الزمكاني من حيث المادة والطاقة، بل يتجاوزها إلى فهم أعمق للوعي كظاهرة قد لا تكون حبيسة الأبعاد المادية. إن دلالات إختراق النسيج الزمكاني على مستوى الوعي تجاوز حدود الزمان والمكان في التجربة الذاتية. في العديد من التقاليد الصوفية والروحية، يتحدث المتصوفون عن حالات من الوعي يُمكن فيها تجاوز الزمان والمكان. قد يُختبر الماضي و المستقبل كحاضر، أو يُمكن للإدراك أن يمتد إلى أماكن بعيدة دون حركة جسدية. هذا قد يُنظر إليه كـإختراق للزمكان بواسطة الوعي. كما في الأحلام. يُمكن للأحلام العميقة والرؤى أن تمنح إحساساً بالتواجد في أبعاد غير مادية، أو تجارب لا تلتزم بقوانين الزمان والمكان المعتادة. يرى يونغ أن هناك طبقة من اللاوعي مشتركة بين البشر جميعاً (اللاوعي الجمعي)، تحتوي على الأنماط البدائية (الأركيتايبات). إختراق الزمكان على مستوى الوعي قد يعني القدرة على الوصول إلى هذا اللاوعي الجمعي، وبالتالي تجاوز حدود الوعي الفردي والإتصال بتجارب ومعارف تتجاوز الزمان والمكان الشخصي. الرموز الخيميائية هي جزء من هذه الأركيتايبات، وتُشير إلى عمليات تحول تُحدث على مستوى اللاوعي والروح. فهم هذه الرموز يُعتبر نوعاً من الإختراق لهذه الطبقات العميقة من الوعي. إذا كان الوعي ليس مجرد نتاج ثانوي للدماغ، بل هو جانب أساسي من الواقع كما تقترح بعض النظريات الفلسفية مثل المثالية الكمومية، فإن إختراق النسيج الزمكاني على مستوى الوعي قد يعني إدراكاً عميقاً للترابط الكوني. حيث لا توجد فواصل حقيقية بين الأفراد، أو بين الوعي والمادة، أو بين الماضي و الحاضر والمستقبل على مستوى معين من الوجود. هذا يتماشى مع فكرة أن الوعي يمكن أن يؤثر على الواقع أو يتفاعل معه بطرق غير مادية. التحول الذي تُشير إليه الأحلام المتكررة يُمكن أن يُفسر كدلالة على أن الوعي يخضع لعملية تطوير أو توسع. هذا التوسع يُمكن أن يُؤدي إلى إدراكات تتجاوز الحدود المعتادة للزمان والمكان. هذا ليس إختراقاً مادياً، بل هو إختراق لحدود الإدراك البشري التقليدي، و وصول إلى مستويات أعمق من الوجود و المعرفة. بينما لا يوجد دليل علمي على إختراق مادي للنسيج الزمكاني بواسطة الوعي، فإن مفهوم إختراق النسيج الزمكاني على مستوى الوعي يُمكن تفسيره كإشارة إلى حالات متقدمة من الوعي والتجربة الروحية التي تتجاوز الإدراك الزماني والمكاني العادي. إنه يُشير إلى القدرة على الوصول إلى مستويات أعمق من الواقع، والإتصال باللاوعي الجمعي، أو إدراك الترابط الكوني بطرق غير تقليدية. هذه التجارب غالباً ما تُوصف في النصوص الصوفية والفلسفية و النفسية العميقة.
نعم، يمكن إختراق النسيج الزمكاني على المستوى الروحي و النفسي، ولكن ليس بالمعنى الفيزيائي المادي. بينما لا يمكن للوعي البشري أن يُولد الكتلة أو الطاقة اللازمة لإنحناء النسيج الزمكاني مادياً كما يحدث حول الثقوب السوداء، فإن مفهوم الإختراق هنا يُشير إلى تجاوز الحدود المعتادة للزمان والمكان على مستوى الإدراك والتجربة الذاتية. يتم تفسير هذا الإختراق ضمن سياقات فلسفية، صوفية، وعلم النفس التحليلي خاصة أفكار كارل يونغ، وفقاً لنظرية كارل يونغ، فإن الوعي البشري لا يقتصر على التجربة الشخصية، بل يتصل بـاللاوعي الجمعي. هذا اللاوعي يحتوي على رموز و نماذج (أركيتايبات) تتجاوز الزمان والمكان. يُعتبر الوصول إلى هذا اللاوعي الجمعي نوعاً من إختراق الزمكان النفسي. الرموز الخيميائية تُشير إلى عمليات تحول تحدث في هذه المستويات العميقة من الوعي، حيث لا يُطبق الزمان بنفس الطريقة الخطية. في التقاليد الصوفية والتأمل العميق، يُمكن للبشر الدخول في حالات من الوعي يشعرون فيها بالتحرر من قيود الزمان والمكان. هذه التجارب غالباً ما توصف بأنها أبدية أو خارج الزمن. في هذه الحالات، قد يختبر الفرد إحساساً بالترابط الكوني أو الإندماج مع الكل، مما يُفهم كإختراق لحاجز الزمكان الذي يفصل بين الأشياء في الواقع اليومي. الخيمياء، كعملية تحول روحي و نفسي، تُقدم نموذجاً لإختراق الزمكان على هذه المستويات. المراحل الخيميائية مثل النغردو، الألبيدو، والروبيدو تُمثل عمليات تحول جذري للذات تتجاوز حدود الزمن المادي. الأحلام التي تُشير إلى تحولات عميقة تُعد تجسيداً نفسياً لإختراق للزمكان. هذه الأحلام لا تتبع منطق الزمن اليومي، بل تُقدم رموزاً وتجارب تتجاوز الواقع المادي، مما يُشير إلى أن الوعي يتفاعل مع أبعاد نفسية وروحية أعمق. يُمكن القول إن إختراق النسيج الزمكاني على المستوى الروحي والنفسي هو تجربة لا تقل قوة عن أي ظاهرة فيزيائية، وهي تُشير إلى قدرة الوعي البشري على تجاوز الحدود المفروضة عليه في الواقع المادي.
. كيف يمكن للوعي أن يتفاعل مع أبعاد نفسية وروحية أعمق؟
يتفاعل الوعي مع أبعاد نفسية وروحية أعمق بطرق متعددة، غالباً ما تتجاوز الإدراك الحسي و المنطقي اليومي. هذا التفاعل هو جوهر العديد من الممارسات الروحية، الفلسفية، والنفسية التحليلية. الأحلام هي مسرح اللاوعي. في الأحلام لا يلتزم الوعي بقوانين الزمن والمكان المادية. يمكن أن يختبر الفرد أحداثاً تبدو خارج تسلسل الزمن المنطقي، أو يتفاعل مع رموز و أشكال لا تظهر في اليقظة. غالباً ما تحمل الأحلام رسائل رمزية من اللاوعي العميق أو اللاوعي الجمعي وفقاً لكارل يونغ. فهم هذه الرموز يُعد شكلاً من أشكال التفاعل مع هذه الأبعاد الأعمق. تُستخدم تقنيات التأمل، مثل تركيز الإنتباه على التنفس، أو التحديق في لهب شمعة، لتهدئة العقل الواعي وتقليل تأثير المشتتات الحسية. هذا يسمح للوعي بالإنتقال إلى حالات أعمق وأكثر إتساعاً. في حالات التأمل العميق، قد يختبر الفرد إحساساً قوياً بالوحدة مع الكون أو مع جميع الكائنات. هذا الشعور يتجاوز حدود الذات الفردية ويُفسر كتفاعل مع بُعد روحي أوسع. في هذه الحالات، يمكن أن يختبر الأفراد إحساساً بـالخروج من الزمن أو الوجود في كل مكان، مما يدل على أن الوعي يمكنه تجاوز القيود المكانية والزمانية المادية. العلاج النفسي يسمح للأفراد بإستكشاف تجاربهم المكبوتة، صراعاتهم الداخلية، وأنماطهم السلوكية اللاواعية. هذا الغوص في اللاوعي الشخصي هو تفاعل مباشر مع بُعد نفسي أعمق. في العلاج اليونغي، يتم التعامل مع الأركيتايبات مثل الظل، البطل، الأنثى والذكر الداخليان التي تُعتبر جزءاً من اللاوعي الجمعي. التفاعل مع هذه الأركيتايبات يُمكن أن يُحدث تحولاً نفسياً عميقاً. عندما ينخرط الفنانون، الكتاب، أو الموسيقيون في عملهم بشكل عميق، قد يدخلون في حالة من التدفق حيث يتلاشى إحساسهم بالزمن ويشعرون وكأنهم متصلون بمصدر إلهام أكبر. هذا يُمكن إعتباره تفاعلاً مع بعد روحي أو إبداعي أعمق. الحدس يُمكن أن يُنظر إليه على أنه شكل من أشكال التفاعل المباشر مع المعرفة التي تتجاوز التفكير المنطقي الواعي، مصدرها قد يكون اللاوعي العميق أو بعداً روحياً. يصف العديد من الأشخاص الذين مروا بهذه التجارب رؤى خارج الجسد، أو شعوراً بالوجود في مكان غير مادي، أو إدراكاً للماضي والمستقبل بشكل غير خطي. هذه تُشير إلى قدرة الوعي على العمل خارج حدود الجسم والزمان والمكان الماديين. بشكل عام، فإن التفاعل مع أبعاد نفسية وروحية أعمق هو عملية ديناميكية تُوسع من حدود الإدراك البشري، و تُتيح الوصول إلى مستويات من المعرفة والتجربة لا يُمكن الوصول إليها بواسطة الحواس أو العقل الواعي وحده.
. هل يمكن تفكيك النسيج الزمكاني وإعادته إلى مكوناته الأساسية على المستوى الفيزياء التطبيقية؟
إن مفهوم تفكيك النسيج الزمكاني وإعادته إلى مكوناته الأساسية يُعد فكرة نظرية بالغة التعقيد، وتتجاوز بكثير فهمنا الحالي للفيزياء. النسيج الزمكاني ليس مجرد نسيج مادي يُمكن تفكيكه كأي مادة أخرى، بل هو الإطار الأساسي الذي تُوجد فيه المادة والطاقة والأحداث. لكن ماذا يُقصد بـمكوناته الأساسية ؟ لفهم فكرة تفكيك الزمكان، يجب أولاً التكهن بما يمكن أن تكون عليه مكوناته الأساسية. بعض النظريات الفيزيائية المتقدمة تُقترح مفاهيم كمّات الزمكان (Quanta of Spacetime) في نظريات الجاذبية الكمومية، مثل الجاذبية الكمومية الحلقية (Loop Quantum Gravity)، يُفترض أن الزمكان نفسه ليس سلساً ومستمراً على جميع المستويات، بل يتكون من كمّات أو ذرات صغيرة جداً وغير قابلة للتجزئة عند مقياس بلانك (Planck Scale). إذا كان هذا صحيحاً، فإن تفكيك الزمكان قد يعني تحويله إلى هذه الكمّات الأولية، ولكن هذا يظل في نطاق الفيزياء النظرية البحتة ولا توجد وسيلة حالية لاكتشافها أو التلاعب بها. ضمن هذه المفاهيم مبدأ الأبعاد الإضافية (Extra Dimensions). بعض النظريات مثل نظرية الأوتار تُشير إلى وجود أبعاد إضافية للزمكان، مطوية أو مُكثفة بشكل لا نُدركه في حياتنا اليومية. قد يعني تفكيك الزمكان بطريقة ما الوصول إلى هذه الأبعاد أو فك طيها، مما يُغير من خصائص الزمكان الذي نعرفه. تُقترح بعض الأفكار الأكثر جذرية أن الزمكان قد يكون نابعاً من معلومات كمومية أو شبكات من التشابك الكمومي (Quantum Entanglement). في هذا التصور، فإن الزمكان نفسه ظاهرة ناشئة (Emergent Phenomenon) من مستويات أساسية أكثر تجريداً. تفكيكه.قد يعني العودة إلى هذه البنية المعلوماتية الأساسية. لكن كيف يمكن تفكيك النسيج الزمكاني نظرياً؟ لتحقيق مثل هذا المفهوم، سيتطلب الأمر طاقة هائلة لا تُصدق (Extreme Energy). لإنشاء أو تفكيك الزمكان، ستحتاج إلى طاقات تفوق بكثير أي شيء نعرفه أو يمكننا تخيله. على سبيل المثال، الظروف التي يُعتقد أنها كانت موجودة في اللحظات الأولى للانفجار العظيم (Big Bang)، حيث يُعتقد أن الزمكان كان مُنحنياً و متشوهًا بشكل لا يمكن تصوره. يلزم توفر كثافات هائلة للمادة (Extreme Densities). مثلما تُشوه الثقوب السوداء الزمكان، فإن تكثيف المادة إلى كثافات لا نهائية تقريباً في التفردات يُمكن أن يُكسر الزمكان بالمعنى الذي نعرفه. بالتالي نستنتج أننا بحاجة إلى فيزياء غير مكتشفة (Undiscovered Physics). لا تمتلك نظرياتنا الحالية النسبية العامة وميكانيكا الكم إطاراً موحداً يصف الزمكان على المستويات الكمومية. تفكيك الزمكان سيتطلب نظرية موحدة للجاذبية الكمومية لم نتوصل إليها بعد. إذا أمكن تفكيك الزمكان إلى مكوناته الأساسية، فإن إعادة تكوينه ستكون تحدياً أكبر. هذا قد يعني القدرة على تغيير قوانين الفيزياء الأساسية. إنشاء أكوان جديدة بخصائص زمكانية مختلفة. التلاعب بالزمكان بطرق تُتيح السفر عبر الزمن أو الفضاء بطرق غير ممكنة حالياً. إن فكرة تفكيك النسيج الزمكاني وإعادته إلى مكوناته الأساسية هي مفهوم عميق جداً في الفيزياء النظرية، ويتطلب إحداث تأثيرات جاذبية كمومية لا تُصدق. إنه يقع حالياً في نطاق الخيال العلمي و الفيزياء النظرية المستقبلية التي تتجاوز فهمنا الحالي للواقع.
. هل يمكن تفكيك النسيج الزمكاني على مستوى الروحي و النفسي؟
نعم، يمكن تفكيك النسيج الزمكاني على المستوى الروحي و النفسي، ولكن ليس بالمعنى الحرفي الفيزيائي. عندما نتحدث عن الزمكان في سياق الروح والنفس، فإننا لا نتحدث عن الزمكان كإطار فيزيائي للكون كما في النسبية العامة لأينشتاين، بل عن إدراكنا للزمان والمكان وكيفية تجليهما في تجربتنا الواعية واللاواعية. كيف يتم تفكيك النسيج الزمكاني على المستوى الروحي والنفسي؟ هذا المفهوم يُشير إلى حالات أو تجارب تُفقد فيها الحدود المعتادة للزمان والمكان معناها التقليدي، أو تتلاشى، مما يُتيح إدراكاً أو تجربة مختلفة للواقع. يمكن أن يحدث هذا بعدة طرق. في حالات الوعي المتغيرة (Altered States of Consciousness). في حالات التأمل المتقدمة أو التجارب الصوفية، يمكن للأشخاص أن يختبروا شعوراً بـالخروج من الزمن أو التواجد في اللحظة الأبدية. قد يُفقد الإحساس بالماضي والمستقبل، ويُصبح الوعي مُنغمساً بالكامل في الحاضر. هذا يمكن اعتباره تفكيكاً لتجربة الزمن الخطية. في الأحلام، خاصة الواضحة، لا تلتزم القوانين الفيزيائية بالضرورة. يُمكن للوعي أن يختبر أماكن غير موجودة، أو أحداثاً لا تتبع التسلسل الزمني المنطقي. هذه حرية الوعي من قيود الزمان والمكان الماديين هي شكل من أشكال التفكيك. يصف العديد من الذين مروا بتجارب قريبة من الموت شعوراً بالتحرر من الجسد والوجود في بعد غير مادي، حيث لا يوجد زمن كما نعرفه. كما أشرنا سابقا. وفقاً لكارل يونغ، اللاوعي الجمعي هو مخزن للخبرات البشرية المشتركة التي تتجاوز الفردية والزمان والمكان. عندما يتفاعل الوعي مع هذا المستوى عبر الأحلام، الرموز، أو التحليل النفسي العميق، فإنه يختبر مفاهيم وأنماطاً لا تُقيّد بحدود شخصية أو زمانية. الأركيتايبات مثل الظل، الأنثى/الذكر الداخلية (الأنيما/الأنيموس)، أو رموز الخيمياء هي كائنات رمزية موجودة خارج الزمان و المكان الفردي. فهمها و العمل معها يُمكن أن يُشعر الوعي بأنه يتجاوز حدوده المعتادة، كما لو كان يفكك الإطار الزماني والمكاني للذات. العملية الخيميائية، على المستوى النفسي الرمزي، هي عملية تفكيك وإعادة تركيب للذات. مرحلة النغردو (Nigredo) هي تفكيك للذات القديمة، أو موت Ego، حيث تتفكك الهياكل النفسية القديمة التي تُقيد الوعي. هذا يمكن أن يشمل تفكيك الإحساس بالزمان والمكان الذي يُحدد الهوية القديمة. هذا التفكيك ليس تدميراً عشوائياً، بل هو عملية ضرورية لإعادة بناء النفس بشكل أكثر تكاملاً ووعياً، حيث تتجاوز القيود السابقة للزمان والمكان النفسي. تفكيك النسيج الزمكاني على المستوى الروحي والنفسي ليس عملية فيزيائية تُغير الكون المادي. بل هو تغيير عميق في طريقة إدراكنا وتجربتنا للزمان والمكان داخل الوعي نفسه. يرافقها تغيير خارجي يشمل قوانين الفيزياء. إنه يُشير إلى التحرر من قيود الزمان والمكان الخطية والمحدودة التي نعيشها في واقعنا اليومي، والوصول إلى حالات من الوعي تسمح بتجارب أكثر اتساعاً، أو الإتصال بالمعرفة والأنماط التي تتجاوز هذه الحدود.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المُثَقَّف الْمُزَيَّف
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٌ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ
- الْجَبْرِيَّة الرَّأْسِمَالِيَّة -الْجُزْءُ الرَّابِعُ-
- الْجَبْرِيَّة الرَّأْسِمَالِيَّة -الْجُزْءِ الثَّالِثِ-
- الْجَبْرِيَّة الرَّأْسِمَالِيَّة -الْجُزْء الثَّانِي-
- الْجَبْرِيَّة الرَّأْسِمَالِيَّة -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
- النَّيُولِيبْرَالِيَّة: الأَنْمَاط الْمَعُلْبَة -الْجُزْءُ ا ...
- النَّيُولِيبْرَالِيَّة: الأَنْمَاط الْمَعُلْبَة -الْجُزْءُ ا ...
- النَّيُولِيبْرَالِيَّة: الأَنْمَاط الْمَعُلْبَة -الْجُزْءُ ا ...
- النَّيُولِيبْرَالِيَّة؛ الأَنْمَاط الْمَعُلْبَة -الْجُزْءُ ا ...
- الرُّؤْيَة اللِّيبْرَالِيَّة -الْجُزْءِ الْخَامِسِ-


المزيد.....




- فرنسا ترحل طالبة من غزة إلى قطر بعد اتهامها بكتابة منشورات - ...
- الشرطة الإسرائيلية تقمع مظاهرة بتل أبيب تطالب بصفقة تبادل
- الاحتلال يقتحم مقر شبكة الجزيرة برام الله ويمدد إغلاقه
- تقرير: الاحتلال يعتقل 18 ألف فلسطيني بالضفة منذ طوفان الأقصى ...
- استمرار فعاليات التضامن مع غزة في ألمانيا
- جامعة بجنوب أفريقيا تطلق مشروعا لحماية وحيد القرن من الصيد ا ...
- توترات بين الأطراف المسلّحة بإقليم تيغراي الإثيوبي
- ما دلالات تصاعد الأحداث المتزامن في السويداء والشمال السوري؟ ...
- نقاط انتظار المساعدات.. كمائن قتل للمجوعين في غزة
- قادة أجهزة أمنيون سابقون بإسرائيل: إنجازاتنا محدودة وحرب غزة ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - إخْتِرَاق الزَّمَكَان