حمودة المعناوي
الحوار المتمدن-العدد: 8420 - 2025 / 7 / 31 - 17:18
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
_ مَنْعُ فَجْوَة أَخْلَاقِيَّة جَدِيدَة: ضَمَان الْمُسَاوَاةِ فِي عَصْرِ التَّقَدُّم التِّكْنُولُوجْيّ
إنْ التَّقَدُّم السَّرِيعُ فِي التِّقْنِيَّات الْمُتَطَوِّرَة مِثْل التَّحْسِين الْجِينِيّ وَالرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ الْفَائِقَة يُثِير تَسَاؤُلَات أَخْلَاقِيَّة عَمِيقَة حَوْل الْمُسَاوَاة وَالْعَدَالَة. فَإِذَا أَصْبَحْتَ هَذِه التِّقْنِيَّات حَكْرًا عَلَى الْأَغْنِيَاءِ، فَمَنْ الْمُؤَكَّدِ أَنْ ذَلِكَ سَيَخْلق فَجْوَة أَخْلَاقِيَّة و بَيُولُوجِيَّة لَا رَجْعَةَ فِيهَا، تُهَدِّد جَوْهَر الْإِنْسَانِيَّة وَ تَزِيدُ مِنْ التَّفَاوُتِ الِإجْتِمَاعِيّ. لِذَا، فَالسُّؤَال الأَسَاسِيّ هُوَ كَيْفَ نَمْنَعُ ظُهُورَ هَذِه الْفَجْوَة الْأَخْلَاقِيَّة الْجَدِيدَة؟ يَتَطَلَّب الْأَمْر نَهْجًا مُتَعَدِّد الْأَوْجَهُ يَجْمَعُ بَيْنَ السِّيَاسَات الحُكُومِيَّة، و التَّنْظِيم الْأَخْلَاقِيّ، وَالْمُشَارَكَة الْمُجْتَمَعِيَّة لِضَمَان وُصُول عَادِل وَمُنَصَّف لِهَذِه التِّقْنِيَّات لِلْجَمِيع.
يَجِبُ عَلَى الْحُكُومَات وَضَع تَشْرِيعَات صَارِمَةً تَضَمَّن عَدَم تَحَوَّل التِّقْنِيَّاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ إلَى سَلْعٍ رَفَاهِيَة حَصْرِيَّة. يُمْكِنُ أَنْ يَشْمَلَ ذَلِكَ وَضْعُ قُيُود عَلَى الْأَسْعَارِ أَوْ فَرْضَ ضَرَائِب عَلَى الشَّرِكَات الَّتِي تُسْتَغَلّ هَذِه التِّقْنِيَّات لِزِيَادَة الْأَرْبَاح بِشَكْل مُفَرِّط.
يَجِبُ أَنْ تَتَضَمَّنَ الْقَوَانِين مَبَادِئ تَضَمَّن الْوُصُول الْعَادِل لِلْجَمِيع، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ الْوَضْعِ الِإجْتِمَاعِيّ وَالِاقْتِصَادِيّ. يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ بَرَامِج الدَّعْم الْحُكُومِيّ أَوْ نَمَاذِج التَّمْوِيل الَّتِي تَضْمَنُ التَّغْطِيَة الشَّامِلَة.
وَضَع لِجَان أَخْلَاقِيَّة مُسْتَقِلَّة لِتَقْيِيم وَإعْتِمَاد إسْتِخْدَامُ التِّقْنِيَّاتِ، مَع التَّرْكِيزِ عَلَى ضَمَانِ عَدَمِ إنْتِهَاكِ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ أَوْ تَعْمِيق الْفِجوات الِإجْتِمَاعِيَّة.
دَعْم الْأَبْحَاثِ الَّتِي تَهْدِفُ إِلَى جَعْلِ التِّقْنِيَّات أَكْثَر كَفَاءَة وَأَقَلّ تَكَلَّفَه، وَبِالتَّالِي أَتَاحَتَهَا لِشَرَائِح أَوْسَعُ مِنْ الْمُجْتَمَعِ.
إنْشَاءً بَرَامِج دَعْم حُكُومِيَّة لِمُسَاعَدَة الْأفْرَادِ غَيْرُ الْقَادِرِينَ عَلَى تَحَمُّلِ تَكَالِيف هَذِه التِّقْنِيَّات، خَاصَّة عِنْدَمَا تَكُونُ ضَرُورِيَّةً لِتَحْسِين نَوْعِيَّة الْحَيَاةِ أَوْ الْوِقَايَةِ مِنْ الْأَمْرَاض.
تَوْسِيع نِطَاق بَرَامِج التَّأْمِين الصِّحِّيّ لِيَشْمَل التِّقْنِيَّاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ الطِّبِّيَّةِ، مَعَ التَّرْكِيزِ عَلَى الْوِقَايَةِ وَ الْعِلَاج بَدَلًا مِنْ التَّحْسِينَات التَّجْمِيلِيَّة أَوْ غَيْرَ الضَّرُورِيَّة.
تَشْجِيع الشَّرِكَات الْمُطَوِّرَة لِهَذِهِ التِّقْنِيَّات عَلَى تَبَّنِي سِيَاسَات لِلْمَسْؤُولِيَّة الِإجْتِمَاعِيَّة، بِمَا فِي ذَلِكَ تَخْصِيصٌ جُزْءٍ مِنْ أَرْبَاحَهَا لِبَرَامج الْوُصُولُ الْعَادِلِ أَوْ الْمُسَاهَمَةِ فِي خَفْضِ التَّكَالِيف.
تَشْجِيعِ التَّعَاوُنُ بَيْنَ الْحُكُومَات وَالشَّرِكَات الْخَاصَّة لِتَطْوِير نَمَاذِج عَمِل تَضَمَّن إِتَاحَة التِّقْنِيَّات بِأَسْعَار مَعْقُولَةً، أَوْ مِنْ خِلَالِ بَرَامِج الْوُصُول الْإِنْسَانِيّ لِلتِّقْنِيَّات الْمُنْقِذَة لِلْحَيَاة.
فَرْض مُتَطَلَّبَات شَفَّافَة عَلَى الشَّرِكَات بِشَأْن تَكَلَّفَة التِّقْنِيَّات وَ الْوُصُولُ إلَيْهَا، مَعَ آلْيَات مُسَاءَلَة فِي حَالِ عَدَمِ الِإلْتِزَامِ بِالْمَعَايِير الْأَخْلَاقِيَّة.
فَتْحٌ حِوَار مُجْتَمِعِي وَاسِع النِّطَاق حَوْل الْأثَار الْأَخْلَاقِيَّةُ وَ الِإجْتِمَاعِيَّةُ لِلتِّقْنِيَّات الْمُتَقَدِّمَة، لِزِيَادَة الْوَعْي وَتَشْكِيل رَأْيٌ عَامٌّ دَاعِم لِلْعَدَالَة وَالْمُسَاوَاة.
تَوْعِيَّة الْجُمْهُور حَوْل الْمَخَاطِر الْمُحْتَمَلَة لِلْفُجوة التِّكْنُولُوجِيَّة -الْأَخْلَاقِيَّة، وَتَشْجِيعِهم عَلَى الْمُطَالَبَةِ بِضَمَان الْوُصُول الْعَادِل.
دَعْم الْمُنَظَّمَاتُ الَّتِي تَعْمَلُ عَلَى تَعْزِيز الْمُسَاوَاةِ فِي الْوُصُولِ إلَى الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ وَالتِّقْنِيَّات، وَ الدِّفَاعِ عَنِ حُقُوق الْفِئَات الْمُهَمَشَة.
تَعْزِيزِ التَّعَاوُنِ الدَّوْليِّ لِوَضْع أُطُرٍ أَخْلَاقِيَّة عَالَمِيَّة وَ مَبَادِئ تَوْجِيهِيَّة لِضَمَانِ إسْتِخْدَامِ هَذِهِ التِّقْنِيَّات
بِطَرِيقَة مَسْؤُولَة وَمُنْصِفَة عَلَى مُسْتَوَى عَالِمِي، وَمَنَع سِبَاق التَّسَلُح الْأَخْلَاقِيّ.
إشْرَاك خُبَرَاء الْأَخْلَاق وَالْفَلَاسِفَة وَالمُجْتَمَعَات الْمَدَنِيَّةِ فِي صِيَاغَةِ هَذِه الأَطْر، لِضَمَان مُعَالَجَة جَمِيعِ الْجَوَانِبِ الْأَخْلَاقِيَّة وَالْقَانُونِيَّة.
إنْ مَنَعَ ظُهُورَ فَجْوَة أَخْلَاقِيَّة جَدِيدَة يَتَطَلَّب عَمَلًا إسْتِبَاقِيًا وَشَامِلًا. يَجِبُ أَنْ نَضْمَن أَنْ التِّقْنِيَّات الَّتِي تُعَدُّ بِمُسْتَقْبَل أَفْضَل لِلْبَشَرِيَّة، لَا تُؤَدَّي إِلَى تَقْسِيمِ جَدِيد يجْعَلَ الْبَعْضُ أَكْثَرَ إِنْسَانِيَّةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ. هَلْ تَعْتَقِدُ أَنَّ هُنَاكَ إسْتِرَاتِيجِيَّات أُخْرَى يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ فَعَّالَةً فِي تَحْقِيقِ هَذَا الْهَدَفِ؟
_ مَسْؤُولِيَتُنَا الْأَخْلَاقِيَّة تُجَاه الأَجْيَال الْقَادِمَة فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْخِيَارَات التِّكْنُولُوجِيَّة
تُعَدُّ مَسْؤُولِيَتُنَا الْأَخْلَاقِيَّة تُجَاه الأَجْيَال الْقَادِمَةِ فِي ظِلِّ التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ الْمُتَسَارِع مَسْأَلَةٌ بَالِغَةَ الْأَهَمِّيَّةِ وَالتَّعْقِيد. فَالْخِيَارَات التِّكْنُولُوجِيَّة الَّتِي نَتَّخِذَهَا الْيَوْمِ لَا تُؤَثِّرُ فَقَطْ عَلَى حَاضِرِنَا، بَلْ تَحْمَلُ فِي طَيَاتها الْقُدْرَةُ عَلَى تَشْكِيلِ طَبِيعَة حَيَاتِهِمْ، تَقْيِيد حَرِياُتُّهِم، وَحَتَّى تَحْدِيد هَوِيَتَهُّم
كَبِشْرٍ.
يَكْمُنُ جَوْهَر هَذِهِ الْمَسْؤُولِيَّةِ فِي تَحْقِيقِ تَوَازُن دَقِيق بَيْنَ السَّعْيِ نَحْوُ التَّقَدُّمِ التِّكْنُولُوجْيّ مِنْ جِهَةِ، وَ التَّحَلِّي بِالْحَذَر وَ التَّبَصُّر تُجَاه الْمَخَاطِر الْمُحْتَمِلَةِ الَّتِي قَدْ تُنَجَّم عَنْهُ مِنْ جِهَةِ أُخْرَى. لَا يُمْكِنُنَا التَّوَقُّفُ عَنْ الِإبْتِكَار، لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الإبْتِكَارِ مَصْحُوبًا بِتَقْييم أَخْلَاقِيّ عَمِيق لِتَدَاعِياتُه المُسْتَقْبَلِيَّة.
مَعَ تَطَوُّرِ تِقْنِيَات الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ وَالتَّعْدِيل الْجِينِيّ، يَجِبُ أَنْ نَضْمَن أَنَّ هَذِهِ التِّقْنِيَّات لَا تَنْتَهَكُ كَرَامَةُ الْإِنْسَانِ أَوْ تُقَلَّلُ مِنْ إسْتِقْلَالِيَّتِه فِي إتِّخَاذِ الْقَرَارَات. يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الأَجْيَال الْقَادِمَة قَادِرَةً عَلَى تَحْدِيدِ هَوِيتُهَا وَتَقْرِير مَصِيرُهَا دُون قُيُود تَفْرِضُهَا التِّكْنُولُوجْيَا الَّتِي وَرِثُوهَا.
تُؤَثِّرُ الْخِيَارَات التِّكْنُولُوجِيَّة الْحَالِيَّة بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ عَلَى الْبِيئَةِ وَالْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة. مَسْؤُولِيَتُنَا تَتَضَمَّن تَبَنِّي تِقْنِيَات مُسْتَدَامَة تَضَمَّن لِلْإِجْيَال الْقَادِمَةِ بِيئَة صِحِّيَّة وَمَوَارِد كَافِيَة لِتِلْبِيَة إحْتِيَاجَاتِهِمْ. هَذَا يَشْمَلُ مُعَالَجَةِ قَضَايَا مِثْلَ تَغَيُّرِ الْمُنَاخِ، نُدْرَة الْمِيَاه، وَإسْتِنْزَاف الْمَوَارِد.
مَعَ إزْدِيَاد أَهَمِّيَّة التَّكْنُولُوجْيَا فِي حَيَاتِنَا، يَجِبُ أَنْ نَضْمَن أَنْ الأَجْيَال الْقَادِمَة لَدَيْهَا وُصُول عَادِل وَ مُتَسَاو إلَى هَذِهِ التِّقْنِيَّات وَفَوَائِدُهَا. تَجَنُّب خَلَق فَجَوَات رَقْمِيَّة عَمِيقَة تَزِيدُ مِنْ اللَّامِسِاوَاة الِإجْتِمَاعِيَّةِ هُوَ أَمْرٌ حَيَوِيّ.
قَدْ تُؤَدِّي بَعْض التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة إلَى إحْدَاثِ نَوْعٌ مِنْ الِإعْتِمَادِ الْمُفْرِطِ أَوْ الْعُبُودِيَّة حَيْثُ تُصْبِحُ حَيَاةِ الْأَفْرَادِ مَرْهُونَة بِشَكْلٍ كَبِيرٍ بِالْإِنْظَمَة وَالْخُوَارِزْمَيات. يَجِبُ أَنْ نَضْمَن أَنْ التِّكْنُولُوجْيَا تَعَزُّز الْحُرِّيَّةِ لَا إنْ تَقَيُّدِهَا.
يَجِبُ أَنْ نُطَّوِرَ أَطَرَأَ لِلشَّفَّافِيَّة وَالمُسَاءَلَة فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَطْوير وَإسْتِخْدَامِ التِّقْنِيَّاتِ الْجَدِيدَةِ. هَذَا يَضْمَنُ أنْ تَكُونَ الْقَرَارَات الْمُتَعَلِّقَة بِالتِّكْنُولُوجْيَا مُسْتَنِيرة وَتُرَاعِي مَصَالِح الأَجْيَال الْقَادِمَةِ.
مِنَ وَاجِبِّنَا تَثْقِيف الأَجْيَال الْحَالِيَّة وَالْمُسْتَقْبَلِيَّة حَوْل الْأثَار الْمُحْتَمَلَة لِلتَّكْنُولُوجْيَا، وَتَمْكِينُهُمْ مِنْ إتِّخَاذِ قَرَارَات مُسْتَنِيرَة وَالتَّكِيَّف مَعَ التَّحَدِّيَات الَّتِي قَدْ تَفْرِضُهَا.
إنْ مَسْؤُولِيَتُنَا الْأَخْلَاقِيَّة لَا تَقْتَصِرُ عَلَى مُعَالَجَةِ الْمُشْكِلَات بَعْدَ حُدُوثِهَا، بَلْ تَمْتَدّ لِتَشْمَل الْعَمَل الْوِقَائِيّ. يَجِبُ عَلَيْنَا التَّفْكِير بِشَكْل إسْتِبَاقِي فِي السِّينَاريوهات المُسْتَقْبَلِيَّة الْمُحْتَمَلَة، وَ وَضَع الْمَعَايِير وَالضَّوَابِط الْأَخْلَاقِيَّة اللَّازِمَة لِتَوْجِيه الِابْتِكَار التِّكْنُولُوجْيّ فِي الِإتِّجَاهِ الصَّحِيحُ. هَذَا يَتَطَلَّب حِوَارًا مُجْتَمِعِيا وَاسِعًا، وَمُشَارَكَة لِلْخَبْرَاء فِي مَجَالَاتِ مُتَعَدِّدَة، وَ وَضَع سِيَاسَات وَتَشْرِيعَات مَرِنَّة وَقَابَلَة لِلتِّكيف.
بِإخْتِصَارٍ، تَتَطَلَّب مَسْؤُولِيَتُنَا الْأَخْلَاقِيَّة تُجَاه الأَجْيَال الْقَادِمَة تَبَنِّي مَنْظُور طَوِيل الْأَمَد، وَ التَّحَلِّي بِالْحِكْمَة وَالتَّبَصُّر، وَ الِإلْتِزَام بِحِمَايَة الْإِنْسَانِيَّةِ فِي جَوْهَرِهَا مَع تَبَنِّي التَّقَدُّم التِّكْنُولُوجْيّ بِمَسْؤُولِيَّة.
#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟