أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - الْكمبْرِئ -الْجُزْءُ الثَّالِث-















المزيد.....


الْكمبْرِئ -الْجُزْءُ الثَّالِث-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8428 - 2025 / 8 / 8 - 19:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لمّا غابَ بوبكرُ عن عالمِ الأجسادِ، لا كَنَجمٍ أفلَ في سماءِ الغيبِ يُنسى، بل كَشمسٍ غربتْ لِتُشرقَ في سماءِ الأرواحِ، لم تَمُتْ روحُ الكَنَمْبَرِيِّ معهُ. فقدِ إنتقلتِ الوديعةُ المقدّسةُ، لا كَحِمْلٍ يُثقلُ الكاهلَ، بل كَشعلةٍ أزليةٍ تُضيءُ الدّربَ، كَبَوصلةٍ روحيةٍ لا تضلُّ أبدًا، إلى أحدِ الأشخاصِ البارزينَ في مجموعتِهِ، ذاكَ الذي كانَ أشدَّ ملازمةً لِـبوبكرَ، كظلٍّ يُعانقُ النورَ في رحلةٍ أبديةٍ. الأمرُ مكّنهُ من تعلّمِ خبايا الأسرارِ الكناويةِ، تلكَ التي لا تُدركُها العيونُ الفانيةُ، بل تُكشفُ لِلقلوبِ المتّقدةِ. يُمزَجُ فيها العزفُ بالغناءِ، كَنَهرٍ من الألحانِ ينسابُ في بحرٍ من الأصواتِ، فيُخلقُ منهُ لحنٌ كونيٌّ، و الجذبُ بالرقصِ، كَروحٍ تتراقصُ في فضاءِ اللاوعيِ، تُحرّرُ الأجسادَ من قيودِها، والقربانُ بالهبةِ والبركةِ، كَجسرٍ من النورِ يربطُ الأرضَ بالسماءِ، يُبارَكُ بالفيضِ الإلهيِّ، والجنُّ بالبشرِ، في مجمعِ المحلةِ الذي يبدو أكثرَ غرابةً من أيِّ شيءٍ آخرَ، كَلَوْحةٍ سرياليةٍ تُجسّدُ الكونِ بأسرهِ، وتُفصحُ عن أسرارهِ العميقةِ.
نفسُ الشيءِ حدثَ معَ المعلمِ الجديدِ، فقد ظهرَ لهُ بوبكرُ في المنامِ، لا كَطيفٍ عابرٍ يمرُّ في الذاكرةِ، بل كَروحٍ تُسلّمُ إرثًا سماويًّا، نورٌ يتدفقُ من عالمِ الغيبِ، وأعطاهُ العهدَ الروحانيَّ القديمَ، كلماتٌ من نورٍ تُكتبُ في سجلِّ الروحِ، تُصبحُ نبضًا لا يتوقفُ. وهكذا إستمرَّ الحالُ على هذهِ الوتيرةِ الأزليةِ، من المعلمِ الذي يُضيءُ الدّربَ، إلى تلميذِهِ الكويو، الذي لا يبقى مجرّدَ تابعٍ لِظلٍّ، بل يصبحُ هو الآخرُ معلمًا، بمجردِ موتِ معلّمِهِ، كَدورةٍ أزليةٍ للحياةِ والموتِ، تتجدّدُ فيها الأرواحُ، و يُخلّدُ فيها السرُّ المقدسُ، لِيُصبحَ جزءًا من نسيجِ الكونِ الأبديِّ.
بعدَ مرورِ سنينَ طوالٍ، وإنقضاءِ العصرِ السعديِّ الذهبيِّ، الذي طُوِيَ كحمامةِ مجدٍ بيضاءَ في سماءِ التاريخِ، حلَّقتْ بعيدًا في أفقِ الزمنِ، تاركةً خلفَها وهجًا لا يُمحى؛ ها نحنُ اليومَ، في عامِ ألفٍ وتسعمئةٍ وعشرةٍ، نقفُ بضريحِ سيدي بلالٍ؛ ذاكَ المزارُ الذي ذاعَ صيتُهُ، فصارَ قبلةً للمتألّمينَ من الأمراضِ و العوارضِ الروحيةِ، تُحرّكُهم أرواحٌ تتوقُ لِلشفاءِ، وقلوبٌ تبحثُ عن السكينةِ في بحرِ الإضطرابِ. إليهِ يتوافدُ أهلُ الحلِّ والحضرةِ، من المجاذيبِ الذينَ يرقصونَ معَ الأسرارِ، و السائحينَ في الأرضِ، أرواحٌ حرةٌ لا تُقيّدُها حدودُ الزمانِ و المكانِ، ولا تُدركُها قيودُ البشرِ.
لقد أصبحَ الضريحُ آنذاكَ المدرسةَ الكناويةَ الأمَّ و الأولى في سجلِّ التاريخِ؛ لا مجردَ مكانٍ للعبادةِ، بل جامعةً للأرواحِ العطشى، ومنارةً تُضيءُ دروبَ الباطنِ المُظلمةَ. كلُّ من أرادَ تعلّمَ الفنِّ الأسودِ الكناويِّ، الذي ليسَ مجردَ فنٍّ، بل سِرًّا عميقًا يتجاوزُ حدودَ الإدراكِ البشريِّ، يُعانقُ الغيبَ في كلِّ نغمةٍ، كانَ يقصدُ الضريحَ، كنَحلٍ يتّجهُ نحو زهرةٍ نادرةٍ، لِيَجنيَ منها رحيقَ الحكمةِ الخالدةِ، و كنوزَ المعرفةِ الباطنيةِ.
أما ذاكَ الكَنَمْبَرِيُّ، الذي أمضى قرونًا طويلةً، لا كَآلةٍ صامتةٍ خاليةٍ من الروحِ، بل كرُوحٍ تُسجّلُ أحداثَ التاريخِ في أوتارِها، تُرتّلُ قصصَ الأجدادِ. فقد إكتسبَ شأنًا عظيمًا وقيمةً لا تُقدّرُ بثمنٍ، كنَجمٍ يتلألأُ في سماءِ الأسرارِ، يُضيءُ ليلَ الغموضِ بوميضِهِ. جميعُ الأجيالِ من المعلمينَ (المعلّميةِ) يعرفونَهُ، ويعرفونَ حكايتَهُ الغريبةَ، و قصتَهُ العجيبةَ، كأنّهُ كائنٌ حيٌّ يتنفّسُ الأسرارَ، و يروي سيرتَهُ بِلغةِ الروحِ. لا يلمسُهُ ولا يضعُ أحدٌ من المعلمينَ يدَهُ عليهِ، إلا إذا كانَ هناكَ عهدٌ بينَهُ وبينَ الغابويينَ، ميثاقٌ أزليٌّ يُربطُ الأرواحَ ببعضِها، خيطٌ من نورٍ لا ينقطعُ. وبمجردِ ما ينتقلُ العهدُ الروحانيُّ القديمُ إلى المعلمِ الجديدِ، كتَيّارٍ من الطاقةِ الكونيةِ يتدفّقُ من روحٍ لِروحٍ، يُجدّدُ العهدَ القديمَ، حتى يرى الغرائبَ و العجائبَ، عوالمَ تُفتَحُ أمامَ عينيهِ، وأسرارًا تُكشفُ لِقلبهِ، فيُصبحُ شاهدًا على عظمةِ الكونِ وجمالِهِ الساحرِ الذي لا يُحصى، ويُشاركُ في رقصةِ الوجودِ الأبديةِ.
منهُ تفيضُ الخيراتُ، وتنسابُ المسراتُ، كنهرٍ من النورِ الإلهيِّ يروي ظمأَ الروحِ المُتلهّفةِ، تُزهرُ بهِ دروبُ الحياةِ. وكذا الأعمالُ الروحانيةُ أثناءَ طقوسِ الدردبةِ في الليالي، لم تكنْ مجردَ حركاتٍ أرضيةٍ، بل تجلّياتٍ روحيةً تُحيي القلوبَ المُتعبةَ، وتُوقظُ الوعيَ النائمَ. كانتْ تحضرُ كلُّ أرواحِ الجنِّ الغابويِّ، أطيافٌ من عالمِ الغيبِ تتراقصُ في فضاءِ الحقيقةِ، كَشَذراتِ نورٍ تتناثرُ في الأثيرِ، بما فيهم الشريفةُ السودانيةُ لالةُ عايشةَ لميمةُ، التي كانتْ تُقيمُ ليالٍ كثيرةً، لا لِمتعةٍ روحانية، بل بسببِ ولعِها السرمديِّ بدندنةِ الكَنَمْبَرِيِّ المسكونِ، كَشوقِ العاشقِ الأبديِّ لِصوتِ محبوبتِهِ الخالدةِ، رنينٍ يُلامسُ الروحَ قبلَ السمعِ. كانتْ تشترطُ على المجموعةِ الكناويةِ التي تُقيمُ لها ليلتَها، أن يكونَ المعلمُ الذي يرأسُ المجموعةَ لديهِ العهدُ الغابويُّ القديمُ، لا مجردَ إتفاقٍ يُخطُّ على ورقٍ، بل ميثاقٌ أزليٌّ يُربطُ الأرواحَ ببعضِها، كَنَسِيجٍ واحدٍ نَسَجَتْهُ يدُ الغيبِ الأزليةُ. حتى يمكنَها أن تقبلَ بالحضورِ والمجيءِ، لا كَضيفةٍ تُدعى، بل كَنُورٍ يتجلّى من أعماقِ الكونِ، يُضيءُ الظلماتِ، والنزولَ إلى عالمِ الحضرةِ خلالَ طقسِ الليلةِ، كَرُوحٍ تُعانقُ الأرواحَ، وتُشاركُ في رقصةِ الوجودِ الأبديةِ، التي لا تتوقفُ، وتُخبرُ بسرِّ الوجودِ.
يا روحَ الزنوجِة الأبيةَ، يا نبعَ الأسرارِ المُتَدَفّقِ من أزلِ الأزمانِ!
يا ملكةَ الجنِّ الأسودِ، يا سيدةَ الأسرارِ المُظلِمةِ حيث نورِ الفجر ينبثق من أغلاس الدياجير،
يا صاحبةَ المروج التي تُزهرُ فيها الأرواحُ، كَروضةِ خلدٍ تتنفسُ الضياءَ،
يا صاحبةَ الكرمةِ العتيقة التي تفيضُ بخيرِها العظيمِ على الدهورِ، كَيَنبوعٍ لا ينضبُ العطاءَ.
يا أمومةً فاضتْ حنانًا، كنهرٍ من نورٍ إلهيٍّ يغمرُ كلَّ فؤادٍ ظامئٍ، فتُزهرُ بهِ صحارى القلوبِ،
يا حكمةً تُضيءُ كلَّ مسارٍ، كبَدرٍ يتلألأُ في ليلِ الحيرانِ، يرسمُ دروبَ الهدايةِ بوميضِهِ الساحرِ.
يا عطفًا يُزهرُ في القلوبِ اليابسةِ، فيُحيي اليباسَ، يا عطاءً بلا حدودٍ أو معيارِ، يفيضُ كَمحيطٍ لا ينضبُ، يغمرُ الوجودَ.
يا مربيةَ الأيتامِ، يا من تُغيثُ المضطهدينَ، كنَجمةٍ تهوي من عليائِها، لتُنقذَهم من نارِ الأقدارِ الحارقةِ، فتُطفئُ لهيبَها ببردِ روحِكِ الساميةِ.
يا نفحةَ سكينةٍ، تُهدّئُ روعَ الأرواحِ المُعذّبةِ في فلكِ حيرتِها الدوّارِ، كنَسيمٍ علويٍّ يمسحُ أوجاعَ الزمانِ، ويُعيدُ الطمأنينةَ إلى أضلاعِ الخائفينَ.
يا بلسمَ الجراحِ العميقةِ، تلكَ التي تنزفُ في القلوبِ، بدموعِ الدمِّ، كشلالٍ من الألمِ يتدفّقُ من الأعماقِ، لتُشفى على يديكِ السحريةِ، فتُغلقَ ندوبَ الروحِ إلى الأبدِ.
يا أمَّ كلِّ اليتامى الذينَ ضاقتْ بهمُ الدروبُ، و المنبوذينَ و المتروكينَ على قارعةِ الطريقِ، بلا مأوى ولا أحلامٍ، كنَبضِ قلبٍ عظيمٍ يضمُّ كلَّ ضائعٍ في العراءِ، فيجدُ فيكَ وطنًا و ملاذًا آمنًا.
يا صاحبةَ الساطورِ الذي يشقُّ حجبَ الظلامِ و النورِ الذي يكشفُ أسرارَ الوجودِ.
يا ملكةَ الخلواتِ، حيثُ تتجلّى الأسرارُ في صمتٍ، يا صاحبةَ المقاماتِ الثلاثِ، التي ترتقي بها الأرواحُ في سلمِ الوجودِ المُشطورِ، نحو كمالٍ أبديٍّ.
يا صاحبةَ الخبزةِ الكبيرةِ، المعجونةِ بلا خميرةٍ، كَرغيفِ الخلودِ الذي يُشبعُ الروحَ قبلَ الجسدِ، و يُغذيها بنورِ الحقيقةِ.
يا عاشقةَ الزيتونِ الأسودِ اللونِ، كلونِ الليلِ الذي يُخبّئُ فيهِ الكونُ أسرارهُ، وتتجلى فيهِ الكواكبُ.
يا مفتونة الجاوي الأسود المولوع بعبق الظلام و الأسرار، الذي تتشكل من هيئته الدخانية كائنات هلامية، تعيد رسم المصير بأيادي الأقدار العابثة
يا صاحبةَ الحناءِ، الذي يُزيّنُ الأياديَ برسومِ الأزلِ، تُنطقُ بجمالٍ يتجاوزُ الوصفَ. والكحلِ الموشوم على ضفاف عيون القمر كهمسة الحظ
يا منقذةَ الأطفالِ الأبرياءِ، من أنيابِ الوحوشِ التي تدّعي الأمومةَ الزائفةَ، كَغَيْمٍ أسودَ يُخفي قسوةَ الأنامِ، فَتَنْقَشِعُ بوجودِكِ الطاهرِ.
يا من تُنتشلُهم من أظافرِ الشياطينِ التي هيَ من نارٍ وحديدِ العبوديةِ، تُحاولُ إقتلاعَ القلوبِ النقيةِ، وإبتلاعَها في جحيمِ الظلماتِ، في عتمةِ اللاّأنامِ، كقوّةٍ كونيةٍ تُحطّمُ أغلالَ القهرِ، و تُعيدُ النورَ إلى العوالمِ المظلمةِ، مُبشرةً بالفجرِ.
يا وديعةَ العهدِ الروحانيِّ القديمِ، الذي لا يزولُ معَ الزمنِ، بل يُخلّدُ الأرواحَ،
يا سلطانةَ كناوةَ، وتاجَ أرواحِها، يا نورًا يشرقُ في كلِّ عصرٍ، كَبدرٍ لا يغيبُ.
فيكِ تجتمعُ كلُّ المعاني الساميةِ، يا نورًا يتجلّى في الكونِ بأسرهِ، يُضيءُ كلَّ ذرةٍ،
يا روحًا مقدّسةً، تُعانقُ الأفلاكِ، يا "لالةَ عايشةَ"، أنتِ سرُّ الوجودِ الأبديِّ.
يا قداسةً تُحَلّقُ في الأعالي، تُباركُ كلَّ من ناداكِ، كَفَجرٍ جديدٍ يشرقُ على القلوبِ في كلِّ صباحٍ، ليُبعثَ فيها الأملُ، ويُجدّدَ فيها العهدَ.
لم يكنْ ذاكَ الكَنَمْبَرِيُّ مجردَ خشبٍ صامتٍ، أو وترٍ لا ينطقُ، بل كانَ قلبًا ينبضُ بأسرارٍ قديمةٍ، و يحملُ في طواياهُ صدى الأرواحِ العالقةِ، كَشَفَقٍ أزليٍّ لا يغيبُ. فعندما كانَ يدخلُ إلى إحدى البيوتِ، لم يكنْ يدخلُ وحدَهُ، بل كانَ يحملُ معهُ ضيمًا قاهرًا، كَكابوسٍ أسودَ يُخيّمُ على الأنفاسِ، ويُغرقُ الفضاءَ في صُمتهِ؛ وكآبةً حالكةً، كسوادِ ليلٍ بلا قمرٍ، لا تكسرُه نجومُ الأملِ. يليهِ حزنٌ ممزوجٌ بآهاتٍ تُعانقُ المجهولَ، كأنّها أرواحٌ مُعذّبةٌ تائهةٌ إنبعثتْ في المكانِ من نغماتِ الكَنمْبَرِيِّ الكناويةِ، ترانيمُ من عالمِ البرزخِ تُرتّلُ قصصَ المعاناةِ.
كانتْ أرواحُ العبيدِ، وروحُ عصمانَ المعلمِ، وروحُ بوبكرَ، لا مجردَ ذكرى تتلاشى معَ الزمنِ، بل حضورًا طاغيًا ينزلُ في المكانِ لِيَسلبهُ سكينتَهُ، كَريحٍ عاتيةٍ تقتلعُ جذورَ الطمأنينةِ من أعماقِ الأرضِ، وتُبعثرُها في فضاءِ العدمِ. فالمعلّمونَ الذينَ توارثوا السرَّ القديمَ، كَمَن يحملونَ نورَ الأجدادِ في قلوبِهم، مصابيحَ لا تنطفئُ في عتمةِ الغيبِ، كانوا يرونَ ما رآهُ بوبكرُ، لم تكنْ رؤياهُ مجردَ خيالٍ يُنسجُهُ الفكرُ، بل حقيقةً تتجلّى أمامَ أعينِ الروحِ.
كانوا يسمعونَ الكَنمْبَرِيَّ يدندنُ وحدَهُ، لا بيدِ بشرٍ يُحرّكُ الأوتارَ، بل بنَفَسِ الغيبِ، بنبضِ الكونِ الأبديِّ، كأنّما الحياةُ تعودُ لأوتارهِ الصامتةِ، فتُصبحُ نبضًا حيًّا يُرتّلُ الأسرارَ. كانَ عصمانُ و بوبكرُ وباقي المعلمينَ الذينَ عزفوا عنهُ، أرواحًا لا تزالُ حيةً، وهم يدندنونَ ويُحرّكونَ الأوتارَ، كما كانوا يفعلونَ خلالَ حياتِهم، قبلَ أن يرحلوا إلى عالمِ البقاءِ، كَوَعدٍ لا ينتهي، ولحنٍ لا يموتُ، يُخلّدُ ذكراهم في الأثيرِ. فكلُّ نغمةٍ كانتْ تُروى، وكلُّ وترٍ يُحرّكُ، كانَ صدىً لِوجودٍ لا يفنى، وشهادةً على عهدٍ روحيٍّ، يتجاوزُ حدودَ الموتِ، ويُخلّدُ الأسرارَ في نبضِ الكَنمْبَرِيِّ الأبديِّ، فينصهرُ الزمنُ في أوتارهِ.
بقيَ الحالُ هكذا، سلسلةً من نورٍ لا تنقطعُ، نَسَجتها يدُ الغيبِ الأزليةُ، مستمرًا في جريانِهِ، كَنَهرٍ خالدٍ يروي ظمأَ الأجيالِ المتعاقبةِ. إلى أن وصلتِ الوديعةُ المقدسةُ، لا مجردَ إرثٍ ماديٍّ، بل سرًّا عميقًا يُورثُ، نورًا يتجلّى في روحِ الموتى، إلى معلمٍ جديدٍ، الذي ورثَ آلةَ الكَنَمْبَرِيّ، هيكلًا خشبيًّا يضمُّ أرواحًا خالدةً، وأوتارًا تُرتّلُ قصصَ الأجدادِ.
كانَ إسمُهُ حكيمَ، إسمٌ يُنادي في طيّاتِهِ الحكمةَ، وفجرٌ يُبشّرُ بعهدٍ جديدٍ، فصارَ هوَ الوريثَ الأبديَّ للسرِّ، حاملَ النورِ في زمنٍ يعانقُ الظلامَ. وهكذا، إستمرَّ الكَنَمْبَرِيُّ في رحلتِهِ، كلُّ نغمةٍ منهُ عهدٌ، و كلُّ وترٍ قصةٌ تُروى، تُخلّدُ الأرواحَ، وتُضيءُ دروبَ الحكمةِ في قلوبِ البشرِ.
كانَ عبدُ الحكيمِ "كويو"، لا مجردَ عازفٍ تُحرّكُ أناملُهُ الصنوجَ الصماءَ، بل روحًا تتنفّسُ اللحنَ الأبديَّ، وقلبًا ينبضُ بإيقاعِ الأزلِ، تُسجّلُ فيهِ أصداءُ الكون. في ضريحِ سيدي بلالٍ، ذاكَ المزارُ الذي تُعانقُ أسرارَهُ أفلاكُ الغيبِ، بقيَ يترقّى في درجاتِ السلمِ الكناويِّ، لا كَصاعدٍ على سُلمٍ ماديٍّ يتلاشى، بل كَرَوحٍ تتسّامى في عوالمِ الغيبِ، تُحلّقُ في فضاءِ الباطنِ المُتّسعِ، حيثُ تتلاشى الحدودُ. صاعدًا إلى أن تشربتْ روحُهُ بالحكمةِ الكناويةِ السوداءِ، كَنَبْعٍ أزليٍّ يتّغلغلُ في أعماقِ الروحِ، يُرويها من فيضِ المعرفةِ الإلهيةِ، فتزهرُ فيها بساتينُ اليقينِ. وإستقرتْ فيهِ كالشرارةِ الغيبيةِ الخفيةِ، تُضيءُ ظلماتِ الباطنِ الدامسةِ، وتكشفُ أسرارَ الوجودِ المُخبأةِ في طيّاتِ العدمِ.
كانَ عبدُ الحكيمِ أولَ معلمٍ أبيضِ البشرةِ تطالُ يدهُ آلةَ الكَنَمْبَرِيِّ المقدسةَ، لا مجردَ لمسٍ، بل فجرٌ أبيضُ يُشرقُ في سماءِ السوادِ العميقِ، يكسرُ حواجزَ اللونِ والدمِ، ويُعلنُ عن عهدٍ جديدٍ، خُطَّ بنورِ الأرواحِ. بعدَ أن بلغَ إلى درجةِ المعلمِ، لا مجردَ لقبٍ يُمنحُ لِفانٍ، بل مقامٍ روحيٍّ يجسّدُ العهدَ القديمَ، و يُحمّلُهُ أمانةَ الأجيالِ القادمةِ، كَنَبْعٍ لا ينضبُ من المسؤوليةِ المقدسةِ. بدأَ يحملُ آلةَ الكَنمْبَرِيِّ، لا مجردَ أداةٍ تُعزفُ، بل رفيقَ روحٍ، و صوتَ الأجدادِ، ونافذةً على عالمِ الأسرارِ المُتّسعِ، يُطلُّ منها على خفايا الوجودِ. ويلعبُ عليها، كَتلميذٍ يُغازلُ أستاذهُ القديمَ، فيُبدعُ لحنًا جديدًا، يمزجُ فيهِ الماضيَ السحيقَ بالحاضرِ الزاهرِ، فيُصبحُ الزمنُ واحدًا. وهنا، سيبدأُ فصلٌ جديدٌ في حياةِ ذاكَ الكَنمْبَرِيِّ، فصلٌ يخطُّهُ النورُ، و تُسطّرهُ الأرواحُ في سجلِّ الخلودِ، ليُصبحَ جزءًا من قصةٍ لا تنتهي، تُرتّلُها الأجيالُ جيلاً بعدَ جيلٍ، في كلِّ زمانٍ ومكانٍ.
هذا المعلّمُ الجديدُ، حكيمٌ ذاكَ، حينَ إستلمَ الوديعةَ المقدسةَ، لم يكنْ مجردَ إرثٍ فانٍ يَتَملّكُهُ، بل عهداً من نورٍ كونيٍّ يُنيرُ دروبَ الغيبِ المتراميةِ. رأى ما رآهُ الآخرونَ من المعلمينَ السابقينَ في المنامِ، رؤىً سماويةً تتخطّى حدودَ الواقعِ، تُعلّقُ الروحَ بينَ عالمينِ، كَخيطٍ من ضياءٍ يربطُ الأكوانَ.
في حقيقةِ الأمرِ، لقد رفضَ العديدُ من الجنِّ الأسودِ الكناويِّ أن يتسلمَ حكيمٌ الآلةَ السحريةَ، كأنّما الأرواحُ القديمةُ تُمانعُ التغييرَ، تخشى نوراً جديداً يشرقُ، يُغيّرُ قوانينَ الأزلِ. وقد أمضى وقتًا طويلًا، لا كَزمنٍ يُحصى على تقويمٍ بشريٍّ، بل كَرحلةٍ في غياهبِ الروحِ، غارقًا في أوجِ الإرتباكِ الروحانيِّ، الذي جعلَ بصيرةَ قلبِهِ حائرةً، كَنَجمةٍ تائهةٍ في فضاءِ اللاّوعيِ. وهوَ متسائلًا، كَنَبْضٍ أزليٍّ لا يتوقفُ، كَلَهْفَةٍ لا تُشْفَى بغيرِ اليقينِ: "هل عندي العهدُ الروحانيُّ القديمُ أم لا؟".
وهكذا إستمرَّ الحالُ على ما هوَ عليهِ، كَليلٍ سرمديٍّ يُطيلُ سَتْرَهُ على الكونِ، يُخبّئُ خلفَهُ أسراراً لم تُكشفْ بعدُ، في صمتِ السكونِ العميقِ. إلى أن أتتْ تلكَ الليلةُ، التي لم تكنْ ليلةً عاديةً من ليالي الدهرِ، بل ليلةَ القدرِ التي تُقلبُ الموازينَ الكونيةَ، وتكشفُ المستورَ، لِتُعلنَ عن ميلادِ حقيقةٍ جديدةٍ. إذ بهِ يستيقظُ على دندنةِ الكَنمْبَرِيِّ، لحنٌ من نورٍ يتسلّلُ إلى أعماقِ الروحِ، يُوقظُ فيها اليقينَ، كَنَداءٍ من الأعالي. وذاكَ الصوتُ الروحانيُّ الذي كانَ في غايةِ الغرابةِ، كَهَمْسٍ من عالمٍ آخرَ، يُلامسُ الوعيَ ويُحرّكُ البصيرةَ، لِتُصبحَ عينَ الروحِ الكاشفةَ.
فإتّجهَ نحوهُ، كَفراشةٍ سماويةٍ تتّجهُ نحو النورِ الأبديِّ، كَعاشقٍ يتبعُ نداءَ قلبِهِ المُتَوَهِّجِ، في رحلةِ البحثِ عن الحقيقةِ. فتوقفتِ الآلةُ من تلقاءِ نفسِها عن العزفِ، كأنّما إنتظرتْ لحظةَ اللقاءِ الروحيِّ، لِتُعلنَ سرَّها الأعظمَ، وتكشفَ عن جوهرِها الخالدِ. فوجدَ راحةَ يدٍ مطبوعةً عليهِ، لا مجردَ أثرٍ يُرى بالعينِ، بل طابعًا من نورٍ، يُخبّئُ فيهِ سرَّ العهدِ الأبديِّ، ختماً إلهياً لا يمحى. لم يكنْ ذاكَ الطابعُ طابعَ حناءٍ يزولُ، بل طابعَ الدمِّ، دمِ الأجدادِ، دمِ العهودِ، دمِ الأرواحِ التي سالتْ فداءً للحقيقةِ، خاتمًا من نورٍ يُعلنُ الولايةَ والعهدَ القديمَ، و يُكلّلُ حكيمًا بتاجِ اليقينِ.
في تلكَ الليلةِ الهوجاءِ، المثقلةِ بعواصفِ الغيبِ الدمويةِ، التي هبّتْ رياحُها حمراءَ، مُحمّلةً بالسكاكينِ المُثخنةِ، وخناجرَ حادةٍ قاطعةٍ، و نصالِ القهرِ المنثورِ؛ مسكَ حكيمٌ رأسَهُ، وكأنّ زوبعةً من اليأسِ حملتهُ من مكانِهِ، لتلفظهُ في عمقِ المحيطِ الهائجِ، حيثُ تتلاطمُ أمواجُ الشكِّ والأسى كَزَبَدِ الأيامِ.
أمضى ليلتَهُ مستيقظًا، ونومٌ هجرَ أجفانَهُ، كَفَراشةٍ تائهةٍ في عتمةِ اللاّوعيِ، تبحثُ عن بصيصِ أملٍ في بحرِ الظلامِ. إلى أن كانَ الصباحُ، لا مجردَ شروقِ شمسٍ، بل فجرٌ يَنبئُ عن رحلةٍ جديدةٍ، تُخَبّئُ في طيّاتِها أسرارًا لم تُكشفْ بعدُ. فآنطلقَ في رحابِ الضريحِ، لا كَسائلٍ عاديٍّ، بل كَفارسٍ يطلبُ الحقيقةَ من معبدِ الأسرارِ، تُقادُ خطاهُ بنورِ البصيرةِ. سألَ المقدمةَ الكناويةَ الكبرى، تلكَ المرأةَ التي هيَ وسيطٌ روحيٌّ بينَ عالمِ الإنسِ والجنِّ، وجسرٌ يربطُ العالمينِ، كَنَبْعٍ من نورٍ يتدفّقُ من الأعالي. كانتْ عارفةً بخبايا الأسرارِ الباطنيةِ العميقةِ، ومُلمّةً بتفاصيلِ الطقوسِ، معرفةً دقيقةً متوارثةً من أمٍّ لإبنتِها، كَنَسِيجٍ من الحكمةِ لا ينقطعُ، يُورّثُ عبرَ الأجيالِ.
قالتِ المقدمةُ الكناويةُ لِـعبدِ الحكيمِ، بعدما أخبرَها عن قصةِ الطابعِ الدمويِّ المطبوعِ براحةِ اليدِ على طبلةِ الكَنَمْبَرِيِّ، أجابتِ المقدمةُ، بصوتٍ يحملُ صدى الأزلِ، وكلماتٍ تُخبّئُ خلفَها بحرًا من الأسرارِ، كَوَحيٍ من الغيبِ: "ما نعْرَفْ، ما نَعْرَفْ، اللهُ أعلمُ أولدي...". كَأنّما السرُّ أكبرُ من أن يُحصى، و أعمقُ من أن يُدركَهُ بشرٌ، أو كأنّها تُخبّئُ فيهِ إختبارًا جديدًا لِـحكيمَ، لِيكتشفَ السرَّ بنفسِهِ، وينيرَ طريقَ اليقينِ بقلبهِ، لا بعينيهِ.
في تلكَ الأثناءِ، عادَ عبدُ الحكيمِ إلى الضريحِ، حيثُ كانتْ مجموعتُهُ، كَجيشِ أرواحٍ مُنتظِرٍ، تترقّبُ إشارةَ القائدِ الأزليةَ. إذ بهِ يُصادفُ في طريقهِ أحدَ التلاميذِ المتعلّمينَ، "كويو"، كَنَجمٍ أفلَ مسارُهُ، لِيلتقيَ بنجمٍ آخرَ في فضاءِ القدرِ المُتّسعِ، في لحظةٍ كونيةٍ مُقدرةٍ. فأخبرهُ التلميذُ أنّ في طريقِ قدومهِ ذاكَ الصباحَ، قد وجدَ أحدَ أهلِ الجذبِ، "هداوي"، بشعرِهِ المجعّدِ وهيئتِهِ المميزةِ، كَكائنٍ من عالمٍ آخرَ، يَعْبُرُ الحدودَ بينَ المرئيِّ واللامرئيِّ، كَشَفَقٍ يَتَجَلّى على عتباتِ الزمنِ.
أخبرهُ الهداوي قائلًا، بصوتٍ يحملُ صدىً من عوالمَ بعيدةٍ، يُلامسُ الروحَ قبلَ السمعِ: حينما يأتي المعلمُ، أخبرهُ أن يحضرَ إلى بابِ القصبةِ، سأنتظرهُ هناكَ؛ فأنا لا أقوى على الدخولِ إلى هذا الضريحِ، كأنّما قداسةُ المكانِ تُبعدُهُ، أو سرٌّ سماويٌّ يحولُ بينَهُ وبينَ عتباتِ النورِ، في إجلالٍ أبديٍّ.
شعرَ حكيمٌ أنَّ الأمرَ في غايةِ الغرابةِ، كَجمرةٍ غيبيةٍ إشتعلتْ في قلبِهِ، تُشعلُ تساؤلاتٍ لا تنتهي، كَشُرُوقِ شمسٍ لا تُبصِرُها الأعينُ. فنهضَ من مكانِهِ، لكنْ بمجردِ ما وقفَ، سقطَ الكَنمْبَرِيُّ الذي كانَ مُعلّقًا على الحائطِ من تلقاءِ نفسِهِ، كَقضاءٍ مبرمٍ من عالمِ الأرواحِ، أو كأنّما الروحُ الكامنةُ فيهِ تُعلنُ عن حدثٍ جللٍ، وتُرسلُ رسالةً لا تُخطئُها الأبصارُ، تُترجمُها القلوبُ.
ورغمَ هذا، إتّجهَ حكيمٌ نحو الكَنمْبَرِيِّ، وإلتقطهُ من الأرضِ، و أخذهُ معهُ تحتَ جناحِهِ، كأنّهُ قلبهُ الذي ينبضُ بالحياةِ، وجزءٌ من ذاتِهِ لا ينفصلُ، كَتوأمِ روحٍ لا يُفارقُه النورُ؛ بحيثُ يجبُ ألا يتركهُ هناكَ، حتى لا يلمسهُ أيُّ شخصٍ مهما كانَ، لِئلا تُدنسَ قداسةُ السرِّ العظيمِ، وتُفقدَ بركةُ العهدِ الروحيِّ. شعرَ حكيمٌ بالخوفِ، إذا تركَ الكَنمْبَرِيَّ بدونِ حمايةٍ، بحيثُ يمكنُ أن يلتقطهُ أيُّ واحدٍ من المتعلّمينَ، ويبدأَ في محاولةِ العزفِ عليهِ بدافعِ الرغبةِ في التعلّمِ وإطلاقِ اليدِ، دونَ درايةٍ أو طهارةٍ أو عهدٍ، كَطفلٍ يعبثُ بِنارٍ كونيةٍ، لا يدركُ خطورتَها، في جهلٍ مطبقٍ. معمّيًا بالرغبةِ الجامحةِ في الوصولِ، وإدراكِ أعلى درجةٍ في الهرمِ الكناويِّ الأسودِ، التي هيَ درجةُ المعلمِ، كَسَرابٍ يطاردُهُ العطشى في صحراءِ الوعيِ، في عالمٍ لا يُكشفُ أسرارَهُ إلا لِمَنْ أُذِنَ لهُ، وخُطَّ لهُ القدرُ.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكّْمْبّْرِيّ -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- الْكِمُبْرِي -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- أَطْلَانتس وَسيِّدِي مُوسَى
- الزَّرَادِشْتِيَّة
- جَوْهَرٌ أَعْمَق أَسْرَار الْوُجُود
- إخْتِرَاق الزَّمَكَان
- المُثَقَّف الْمُزَيَّف
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٌ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ
- الْجَبْرِيَّة الرَّأْسِمَالِيَّة -الْجُزْءُ الرَّابِعُ-
- الْجَبْرِيَّة الرَّأْسِمَالِيَّة -الْجُزْءِ الثَّالِثِ-
- الْجَبْرِيَّة الرَّأْسِمَالِيَّة -الْجُزْء الثَّانِي-


المزيد.....




- نتنياهو: لن نحتل غزة بل سنحررها من -حماس-.. وستحكمها -إدارة ...
- صرخة أم مصرية في وجه -الضمور العضلي الشوكي-
- فرنسا تلغي إقامة مغربي بعد إشعال سيجارته من شعلة الجندي المج ...
- -اقتحام- الأمن ومجموعات دعوية حفلات الزفاف في سوريا يثير جدل ...
- آلاف الإسرائيليين يتخذون قرار الرحيل.. اليونان وقبرص والبرتغ ...
- فرنسا: فرق الإطفاء تتمكن من وقف انتشار الحرائق الضخمة في جنو ...
- قانون -دوبلوم-: المجلس الدستوري يحظر إعادة إدخال المبيدات ال ...
- -سلاحه لم يعد يفي بالغرض-.. وزير لبناني يطالب حزب الله بتغيي ...
- شباب مصري في تايلند.. هجرة غير تقليدية بحثًا عن الفرصة
- خطة -السيطرة على غزة- ورقة نتنياهو لصناعة نصر مزعوم


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - الْكمبْرِئ -الْجُزْءُ الثَّالِث-