أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي محيي الدين - في عيد الصحافة الشيوعية... حين تُقاتل الكلمة














المزيد.....

في عيد الصحافة الشيوعية... حين تُقاتل الكلمة


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8424 - 2025 / 8 / 4 - 12:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين تُطوى الأيام وتتقدّم بنا الذاكرة نحو31 تموز1935، ينبعث من رماد الزمن صوتٌ خافتٌ لكنه عنيد، كأنه همسٌ من ورقٍ صُقل بالأمل، ونُقش بالحبر الأحمر... إنه صوت الصحافة الشيوعية في العراق، يعود في ذكراها ليوقظ الضمائر، ويذكّر بأن الكلمة يومًا ما، لم تكن حبرًا على ورق، بل شُعلة في زمن الرماد، وسلاحًا بأيدي البسطاء العزّل.
لم تكن الصحافة الشيوعية وليدة فراغ، ولا صدى لحبر مرتجف، بل كانت استجابة حقيقية لصوت الشعب، وصرخة أطلقتها الحناجر المكبوتة في وجه الاستغلال، والاستبداد، والغزو الخارجي، والهيمنة الطبقية. ومنذ لحظة انبثاقها الأولى عام 1924 مع صدور صحيفة الصحيفة، مرورًا بـكفاح الشعب التي وُلدت في الثلاثين من تموز عام 1935، حملت الصحافة الشيوعية راية الوعي والمعرفة والنضال.
رفعت كفاح الشعب شعار "يا عمّال العالم اتحدوا"، ولم يكن هذا الشعار زينة لغوية، بل إعلان انتماء أممي ورسالة التزام تُرجمَت عبر مقالات ومواقف شجعت على الكفاح الطبقي، ودعت إلى التحرر الوطني والاجتماعي. كانت عيون السلطة تراقبها، وخوف الحكومات من سطورها لا يقل عن رعبها من سلاح الثوار، فكان الإغلاق والملاحقة مصيرًا متكررًا.
لكن ما إن تُغلق صحيفة حتى تولد أخرى: الشرارة، القاعدة، العصبة، الأساس، اتحاد الشعب، ثم طريق الشعب التي صمدت رغم القمع والملاحقة والتشريد. لم تكن مجرد أوراق تطبع في الخفاء، بل كانت شريانًا سريًا يغذي قلب الوطن، تزرع الوعي بين العمال، والفلاحين، والطلبة، والنساء، وتمنح المهمشين صوتًا وحضورًا.
لقد أدرك الحزب الشيوعي أن الوعي لا يُفرَض من فوق، بل يُنتزع من صميم المعاناة. فكانت صحافته هي المعلم والمحفّز، والرفيق الذي لا يكلّ في ليل الحصار، ولا يهادن في نهار القمع. ساهمت في تكوين جيل يكتب بحبر المسؤولية، ويقرأ بنَفَس التغيير، ويحلم ببلاد لا يُهان فيها الإنسان.
وما يُقال عن الصحافة الشيوعية لا يُحصر في التوثيق الزمني لأعدادها ونسخها ومواضع طباعتها، بل في أثرها العميق الذي تجاوز الأوراق ليبلغ ضمير الأمة. لقد كانت مدارس متكاملة للفكر السياسي والاجتماعي والثقافي، وساهمت في ولادة صحف وطنية عديدة تبنّت النهج الديمقراطي والتقدمي.
وكم من صحفي شيوعي سقط شهيدًا لا دفاعًا عن عمود صحفي، بل عن قضية، عن حلمٍ لشعب بأكمله. قُتلوا لأنهم كتبوا، وكتبوا لأنهم آمنوا، وآمنوا لأنهم اختاروا أن يكونوا في صف الفقراء والمظلومين، لا على موائد السلطة ولا في جيوب المنتفعين.
اليوم، في هذا المفصل التاريخي الذي تتكالب فيه الأزمات، وتمتزج فيه أصوات التزلف بالدعاية، يبدو المشهد الإعلامي العراقي في أمسّ الحاجة إلى عودة روح الصحافة الشيوعية، لا كتنظيم سياسي فقط، بل كموقف. كجذرٍ راسخٍ في أرض العدالة، وقلمٍ لا ينحني إلا ليغمس في دم الشهداء.
إن الاحتفال بعيد الصحافة الشيوعية ليس مجرد استذكار تقليدي، بل تجديد عهد مع الوعي، مع الكلمة النزيهة، مع الحبر الذي لا يُساوِم. هو تكريم لذاكرة من صنعوا مجد الكلمة لا في البلاط، بل في الأزقة، والمنافي، والسجون، وفي قلوب الشعب.
ولذلك تبقى هذه الصحافة ركنًا متينًا في بنيان الصحافة العراقية الحرة، مدرسة لا تُدرّس في الجامعات بل تُكتَسب في الميادين، في ساحات الاحتجاج، في معارك الدفاع عن حقوق العمال، والمرأة، والقوميات، والحريات المدنية، والكرامة الوطنية.
ستبقى هذه الصحافة حيّة ما دام في العراق مَن يؤمن أن الحبر دمٌ، وأن المقال جبهة، وأن الكاتب الحقيقي هو من ينتمي إلى وجع الناس، لا إلى امتيازات السلطة.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطيب الثائر محمد الشبيبي
- الشهيد الذي كتب بالحبر والدم: عبد الجبار وهبي (أبو سعيد)
- عبد الرزاق الصافي: نبضُ الصحافةِ الحمراء وقلمُ الفكرة الواضح ...
- قاسم محمد حمزة... صوت الشعب الذي أعدمه الطغيان
- عبد الأمير محيميد... ربيع الشوملي الذي أزهر في فجر الإعدام
- المقدم إبراهيم كاظم الموسوي... نبيلُ الحلة ودرعُ الثورة الذي ...
- سنية عبد عون رشو... راوية الأنوثة المتأملة ومفاتيح الغموض ال ...
- الشهيد النقيب الطيار عبد المنعم شنّون.. شهقة الحلة التي اختن ...
- عبد القادر البستاني أنفاس العراق الحمراء التي لم تُطفأ
- سعود الناصري... قلمه لم ينكسر، وصوته لم يُخرس حتى وهو يودع ا ...
- حسن عوينة... قصيدة لم تكتمل لأنفاسها الأخيرة
- سراب سعدي حين تكتب المرأة لتتخطى جدران -السجن الجميل-
- حسين حسان الجنابي شاعر تستضيء به الحروف
- حامد الهيتي الفنان الذي تشظّى في ضوء الإبداع
- حامد كعيد الجبوري ذاكرة التراث وصوت الوجدان الشعبي
- باسم محمد الشمري حين يتخذ الشعر هيئة المعلم وملامح النهر
- طارق حسين شاعر الطفولة والوجدان العراقي.. رحلة بين النقاء وا ...
- 14 تموز: انقلاب تحوّل إلى ثورة... وأحلام انتهت بالخيبة
- أنمار كامل حسين ريشة الشعر وصوت الوجع الجميل
- الدكتورة إنصاف سلمان الجبوري سيدة الحرف وناقدة الخطاب الثقاف ...


المزيد.....




- ستيفي نيكس تؤجل حفلاتها بعد إصابتها بكسر في كتفها
- من هو المستوطن الإسرائيلي المتهم بإطلاق النار على الفلسطيني ...
- الحكومة الإسرائيلية تصوت بالإجماع على إقالة النائب العام غال ...
- مقتل الطالب السعودي محمد القاسم طعنا في مدينة كامبردج البريط ...
- -اليد الميتة-.. ما هو سلاح روسيا النووي الانتقامي الذي حرك ل ...
- التين الشوكي -كنز غذائي- ربما لا يعرفه كثيرون
- غزة: تسجيل مقتل 94 شخصا اليوم وتأكيدات بأن المساعدات الملقاه ...
- في الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت: عون يؤكد أن القانون سي ...
- قطاع غزة: مقتل عشرات الفلسطينيين قرب مراكز لتوزيع المساعدات ...
- ماذا نعرف عن متلازمة غيلان باريه المتفشية بين الأطفال في قطا ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي محيي الدين - في عيد الصحافة الشيوعية... حين تُقاتل الكلمة