أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - الوطنية كجدل يمزّق، واللادولة كفراغ مفاهيمي














المزيد.....

الوطنية كجدل يمزّق، واللادولة كفراغ مفاهيمي


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8416 - 2025 / 7 / 27 - 13:30
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


حين تُطرح "الوطنية العراقية" بوصفها مشروعًا سياديًا جامعًا، فإنها لا تُستقبل كإجماع جامع، بل تتفكك مباشرة في الفضاء العام إلى ميدان صراع، لا ميدان توافق. لا تكاد تُذكر في أي سياق سياسي أو ثقافي دون أن تثير سيلًا من الأسئلة التي تفضح عمق الانقسام حول معناها:

أيّ وطن نقصد؟

هل الوطن هو الطائفة الأكبر؟

هل الوطن هو سردية المنتصر؟

هل الدولة وطن أم سلطة فوقية بلا وجدان جمعي؟


في بلد مثل العراق، حيث الهوية ما تزال جرحًا مفتوحًا، لا يستطيع أي طرف أن يطرح مفهوم "الوطنية" دون أن يُوصم فورًا بأنه:

عروبي استعلائي يريد فرض سردية القومية العربية،

أو شعوبي عدواني يعادي العروبة كهوية،

أو شيعي انتقامي يُؤسس للوطن على أنقاض الذاكرة السنية،

أو كردي انتهازي يوظف العراق مؤقتًا إلى حين تحقيق حلمه القومي.


بهذا الشكل، تتحول "الوطنية" إلى حقل ألغام رمزي، لا إلى مساحة بناء مشترك. لا أحد يثق في نوايا الآخر، وكل تعريف للوطن يُقرأ باعتباره مشروع سيطرة مقنّعًا.

ما كان يفترض أن يكون "مشترَكًا سياديًا" صار علامة على الخيانة أو التضليل أو السذاجة.
فالوطنية، بدل أن تكون نقطة انطلاق، تحولت إلى عبء لغوي يجرّ خلفه تاريخًا من الإقصاء، ونوايا الهيمنة، وشكوكًا متبادلة لا تنتهي.

وهنا نصل إلى النتيجة الأخطر:

كلما طُرحت الوطنية، تجدد الجدل حول معناها،
وكلما تجدد الجدل، تعمّق الصدع،
وكلما تعمّق الصدع، تكرّست حالة اللادولة.

من تفكك الوطنية إلى عمق اللادولة

اللادولة في العراق ليست مجرد فساد إداري أو فوضى أمنية أو بطالة اقتصادية. إنها أعمق من ذلك بكثير، إذ تمثل:

أنهيار المعنى نفسه.

إنها لحظة تاريخية تتجلى حين:

ينهار القديم، ولا يولد الجديد،

تتفكك اللغة السياسية والثقافية، دون أن تُستبدل بنسق مفاهيمي جديد،

تُرفع الشعارات الكبرى – مثل "الوطن"، "السيادة"، "الهوية" – لكن بلا حامل اجتماعي مؤمن بها، وبلا اتفاق ضمني على ما تعنيه أصلًا.


اللادولة هي إذًا فراغ مفاهيمي لا مؤسسي فقط.
وحين لا يتوفر مشروع جامع للانتماء، ولا رؤية متفق عليها لمفهوم "العراق" نفسه، تصبح كل محاولة لبناء مشروع جديد:

إما تكرارًا للماضي لكن بوجوه جديدة،

أو استنساخًا لنفس منظومة الهيمنة والخطاب، مع تغييرات شكلية،

أو مجرد ردة فعل هووية بلا قدرة على إنتاج بديل جامع.


لهذا، فإن أي مشروع سياسي يُطرَح بوصفه "جديدًا" سرعان ما ينهار تحت وطأة اللغة الموروثة، التي لا تزال مشبعة بالاستقطاب التاريخي، والخطابات الانتقامية، والرغبة في الهيمنة. لا يُمكن تشخيص الجديد لأنه لم يُصغ بعد، ولا يمكن تصوّره إلا باعتباره إعادة إنتاج للقديم باسم آخر.

في هذا المعنى العميق، اللادولة العراقية هي نتيجة مباشرة لعجز وطني جماعي عن صياغة معنى مشترك للوطن.
وهي لا تشير فقط إلى غياب سلطة فاعلة، بل إلى انعدام مشروع جامع للانتماء والاعتراف المتبادل.

ولهذا، لا يُمكن الحديث عن بناء دولة قبل أن نُعيد الإمساك بالخيط الأول:

تفكيك هذا الفراغ، والاتفاق على معنى الوطن ذاته.



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطنية العراقية ومأزق الكردي: ولاء يُطلب بلا شراكة
- الروح الوطنية العراقية: من رابطة سيادية إلى أداة قمع رمزي
- في تقديس الكيان الميت: تناقضات الطائفة ووهم الدولة
- مهمة الثوري العراقي المرحليه..الهدم ثم الهدم
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )..2
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..11 و 12
- من “الملحمة” إلى الجيوسياسة: الحوثيون بين الدعم الإيراني وال ...
- تصحر في العراق . أم تصحير .. ؟
- ترامب يحدث شرخا في العلاقات الاسرائيليه- الامريكيه
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..10
- الهيئه الأقتصاديه لتيار الصدر
- السويداء: حين يُستبدل -داعش- بـ-البدو-.. في لغة الإعلام وغمو ...
- لنتصدى لاستعباد العمال والعاملات الوافدين
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..8 و9
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..6و7
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزيق..4و5
- النهج الماركسي في مواجهة التجريبية الاقتصادية
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق ...3


المزيد.....




- حزب التقدم والاشتراكية ينعى المناضل التقدمي الكبير حميد المُ ...
- م.م.ن.ص// لا نقبل التشتيت.. ولا تراجع عن مواجهة الهدم!
- المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي ينعي الرفيق أحم ...
- حزب العمال: العصابة الصّهيونية تعربد من جديد وتعتدي على سفين ...
- الرفيق عزوز الصنهاجي، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتر ...
- أحمد العبادي عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب ضيف بو ...
- تيسير خالد : تفوقوا على النازيين الهتلريين في - كرمهم الانسا ...
- تركيا تفرج عن أحد  مساعدي عبدالله أوجلان بعد 31 عاما في السج ...
- الولايات المتحدة تنتقد إفراج فرنسا عن المناضل جورج عبد الله ...
- الجبهة الشعبية تدين بأشد العبارات القرصنة الصهيونية على سفين ...


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - الوطنية كجدل يمزّق، واللادولة كفراغ مفاهيمي