أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار فجر بعريني - كيف يمكن تجنيب السوريين عواقب الصراع المسلّح على مناطق سيطرة قسد؟















المزيد.....


كيف يمكن تجنيب السوريين عواقب الصراع المسلّح على مناطق سيطرة قسد؟


نزار فجر بعريني

الحوار المتمدن-العدد: 8416 - 2025 / 7 / 27 - 11:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعتقد أنّه من مصلحة جميع السوريين في السلطة ومعارضاتها، وعلى الصعيد السوري العام. وبما يصب في خدمة حماية السلم الأهلي، ومقوّمات الأمن القومي السوري، أن تتوافق قيادات سلطة دمشق الشرعية مع سلطة "الإقليم الديمقراطي" المنافسة على أهداف وخطوات تسوية سياسية شاملة، قد تشكّل خارطة طريق انتقال سياسي وتحوّل ديمقراطي.
بناء على ذلك، أطرحُ للرأي العام السوري، الشعبي والنخبوي والرسمي
رؤية سياسية تتضمّن بعض خطوات خارطة طريق تسوية سياسية وطنية مع قسد، آمل أن تؤدّي في حال حسنت النوايا و خرج الجميع عن تخندقاته الخاصة إلى تعزيز مسارات العملية السياسية الانتقالية بآفاقها الوطنية، وتمنع انتقال معارك الصراع المسلّح على مصير الكيان الجيوسياسي السوري إلى تخوم وداخل مناطق سيطرة قسد!
أوّلا ،
بناء على قراءة العوامل التاريخية للصراع على سوريا المتواصل في مواجهة حراك ربيع ٢٠١١، والساعي لقطع مسارات وصيرورة الانتقال السياسي السلمي والتحوّل الديمقراطي بأدوات الإسلام السياسي الجهادي والكردستاني التركي ، وفي ضوء أبرز حقائق صراعات ومعارك السيطرة على سوريا في حقبة ما بعد سقوط الأسد العمود الفقري لمشروع تقسيم سوريا، التي تركّزت معاركها في صراعات السيطرة على الساحل و السويداء، تعتمد قراءتي للمشهد السياسي السوري على مجموعة عوامل:
١
العامل الرئيسي الاوّل في تحديد مآلات الصراع على سوريا لصالح إعادة توحيد الجغرافيا والسلطة وحصر امتلاك السلاح بيد مؤسسات دولة مركزية، بمصير الكيان هو ما يحصل من تغيّرات نوعية في استراتيجة ترامب الجديدة، تتناقض مع استراتيجية أهداف وأدوات مشروع تقسيم سوريا، وعوامل سياق مشروع سيطرة إقليميّة أمريكية تاريخية ، أطلقت قطاره إدارة كارتر / بريجنسكي منذ ١٩٧٧. (١)
٢ العامل الرئيسي الثاني هو تقاطع مصالح وسياسات تركيا والسعودية، الدولتين الإقليميتين الأكثر قدرة وتأثير على رسم مآلات الصراع ، في دعم جهود ومسارات إعادة توحيد الجغرافيا والسلطة وحصر امتلاك السلاح بيد مؤسسات دولة مركزية موحّدة وقويّة ...مما شك فيه أنّه كان لضعف هذا العامل، وما ظهر من تناقضات في سياسات الدولتين تجاه قضايا الصراعةعلى سوريا دورا كبير في نجاح أهداف وأدوات مشروع تقسيم سوريا.
٣الحقيقة الموضوعية التي بدأت تتكشّف ملامحها بشكل تدريجي أمام الرأي العام السوري هي أنّ الصراع الرئيسي على شكل السلطة ومصير الكيان الجيوسياسي السوري يقوم بين السلطتين الرئيسيتين اللتين تسيطران على سوريا في أعقاب إسقاط سلطة الأسد في الثامن من ديسمبر- سلطة دمشق الجديدة الشرعية، و سلطة " قامشلو" القديمة، التي تفتقد إلى الشرعية السورية و تصارع منافستها في النظام السوري الجديد على الشرعية والسلطة ، وتدور معارك الحرب بينهما منذ انطلاق هجوم رد العدوان للسيطرة على سوريا ، خاصة الساحل السوري والسويداء بعد الثامن من ديسمبر .(٢)
٤ -العامل الأخطر في فشل جهود "مؤتمر حوار وطني سوري تأسيسي" ، يجنّب العملية السياسية الانتقالية مخاطر الذهاب على مسارات " الشرعية الثورية " تمثّل بفشل مفاوضات لقاءين بين أحمد الشرع رئيس السلطة الجديدة ومظلوم عبدي قائد قسد ، وقد أصرّ عبدي على التمسّك بشروط غير قابلة للتحقيق ، دفعت السلطة الجديدة على خَيار مسارات مؤتمر النصر في ٢٩ يناير !!(٣)
٣ المحرّك الرئيسي لأدوات وأذرع التمرّدات المتنقّلة ضد سياسات السلطة الجديدة لحصر امتلاك السلاح والسلطة بيد مؤسسات الدولة المركزية قيد البناء هو تمسّك قيادة قسد بأهداف مشروعها السياسي ، الساعية إلى الحفاظ على مرتكزات السلطة والسلاح في " إقليم شمال وشرق سوريا " وبأدوات تعميم نموذجه " اللامركزي"( ٤)الذي طرحته وزارة الدفاع الأمريكية خلال ٢٠١٥ في إطار آليات مشروع تقسيم سوريا، و عملت عليه الولايات المتّحدة مع شركاء " الخَيار الامني والعسكري الميليشياوي" منذ تدخّل جيشها خلال صيف ٢٠١٤!!
٤ لايمكن للسلطة الجديدة أنّ تتخلّى عن مسؤولياتها الوطنية المشروعة في العمل على حصر امتلاك السلاح والسلطة والسيادة بمؤسسات الدولة السورية الموحّدة، دون أن تفقد أسسس شرعيتها الوطنية !
٥ في سعيها لتحقيق أهدافها السورية الوطنية المشروعة ، تحظى السلطة الجديدة على الصعيد السوري بدعم أكثر من نصف الشعب السوري ، وتحصل على دعم واسناد كامل من قبل أكثر القوى الدولية تأثيرا على تحديد مآلات الصراع- تركيا والسعودية، والإدارة الأمريكية الجمهورية .
٦ تبيّن نتائج معارك السيطرة على الساحل والسويداء، وعلى الرغم مما تخللها من خسائر فادحة، لحقت بأجهزة السلطة وصورتها الثورية والوطنية، و بالمدنيين و مجازر طائفية، و تزايد نفوذ وسيطرة قوى التطرّف عند جميع الأطراف، هددت بمجملها مقوّمات السلم الأهلي والأمن القومي السوري، فقد فشلت قوى وأدوات مشروع التقسيم في خلق شروط إقامة كانتونات سلطات أمر واقع على النموذج القسدي، وبما يعزز ويشرعن مشروع " اللامركزية السياسية "(٥)
ثانيا ،
تبدأ خارطة الطريق بخطوة الإعلان الواضح والصريح عن تخلّي قيادات "إقليم شمال وشرق سوريا"( قسد ومسد والإدارة الذاتية )عن مشروع "اللامركزية السياسية" والتوقف عن دعم قوى وأذرع ونزعات المشروع الإنفصالية في الساحل السوري والسويداء في إطار مسار سياسي، تنفيذي وتشريعي جديد، يبدأ بخطوة تغيير حكومي بمشاركة فاعلة وحقيقية من تيارات وأحزاب وشخصيات سياسية قومية و وطنية كردية سورية، ودور قيادي فعّال لمظلوم عبدي في الإدارة العسكرية ، يُعيد بناء مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية في ضوء وقائع زوال أخطار التقسيم التي كانت تشكّل قسد محرّكها ومحرّضها الرئيسي، وتتركّز أولى مهامها على تفكيك هياكل الفصائل التنظيمية، و دمج سلاحها و عناصرها في مؤسسات دولة مركزية موحّدة، إضافة إلى عقد مؤتمر وطني تأسيسي، يؤكّد على ضمان حقوق جميع المجتمعات القومية الثقافية والسياسية في إطار حقوق المواطنة المتساوية ، ويقر مبدأ اللامركزية الإدارية الذاتية في الحكم .."
في التفاصيل :
١ إعادة اجتماع القوى والتيارات السياسية الكردية التي أعطت في كونفراس ٢٦ نيسان قسد الشرعية القومية الكردية السورية لمشروعها السياسي الكردستاني عندما تبنّت أطروحة مسد الرئيسية حول "اللامركزية السياسية" (٦) ، من أجل إعادة تقييم الموقف السياسي، وإعلان التخلّي عن مشروع اللامركزية السياسية ووقف جمع علاقات التنسيق والدعم مع قواه في الساحل والسويداء.
٢ تصحيح مسارات العملية السياسية الانتقالية التي أطلقتها السلطة الجديدة في حيثيات ونتائج وأهداف مؤتمر النصر ٢٩ يناير، عبر تشكيل حكومة جديدة بمشاركة شخصيات سياسية وطنية وقومية كردية، تعمل على توفير شروط إطلاق مؤتمر وطني تأسيسي، يشكّل القاعدة السياسية والتشريعية لبناء مؤسسات الدولة المركزية.
٣ تكليف السيد مظلوم عبدي بوزارة الدفاع السورية الجديدة أو أي منصب وزاري عسكري سيادي، للعمل وفقا لآليات تفكيك جميع الفصائل العسكرية، التابعة للهيئة أو لقسد والجيش الوطني ولحكمت الهجري أو في الساحل، وإعادة دمج سلاحها وعناصرها في هياكل وزارة الدفاع السورية وفقا لقاعدة الانتساب التطوّعي، الغير إلزامي، مع استثناء جميع العناصر والقيادات الغير سورية، وتقديم التعويضات المناسبة!
أعتقد أنّ البديل لنجاح هذه المسارات هو ذهاب الجميع إلى الحرب، وذهاب قسد إلى الحضن الإسرائيلي، دون الحد الأدنى من فرص النجاة، وقد نقلت واشنطن مظلّة الحماية الأمريكية من قسد إلى السلطة السورية الانتقالية، وتسعى تل أبيب إلى تفاهمات سياسية شاملة مع دمشق!! العواقب ستكون كارثية على الجميع، لكنّ سيكون الكرد، وحقوقهم السياسية والثقافية القومية، الضحية الأولى!!
من المؤسف أنّه ما تزال النخب السياسية الكردية والسورية المرتبطة بمشروع قسد تتجاهل ضرورة رؤية جميع جوانب مشهد الصراع، وتركّز خطابها على ما يجب على السلطة فعله، متجاهلة طبيعة الصراع، وأولوية مبادرة قسد للتخلّي عن أهداف وأدوات مشروع "روجافاي كردستان" الإنفصالي من أجل إعادة إطلاق مسارات عملية سياسية انتقالية وطنية !!(٧).
من الجدير بالذكر والاهتمام وجود تيارات و أحزاب سياسية كردية سورية، غير مرتبطة بأجندات المرجعيات الكردستانية الإقليمية، وتقدّم خطابات كرديا وطنيا يستحق كلّ الاهتمام من قبل الرأي العام السوري والحكومي.(٨)
-----------------------------------------
١استهدف مشروع السيطرة الإقليمية الأمريكية قطع صيرورات التحوّلات الديمقراطية لدول الإقليم، بدءا من إيران ، وتجيير ما تحمله الصراعات المحلية والاقليمية والدولية على السلطات السياسية ومناطق النفوذ والنهب من إجل تفشيل الدول وتقسيمها، وقد حال دون تعميم نماذج المشروع تفشيل مسارات تحقيقها في السعودية وتركيا.
الذي يعرفه الرأي العام هو استخدام أذرع وأدوات الإسلام السياسي الجهادي، السلطوية والعابرة للحدود ، بشراكة مع سلطة النظام الإيراني، ودور رئيسي لميليشات القاعدة السعودية والمصريه، قبل دخول ميليشات الحشد الشعبي العراقية على الخط في أعقاب غزو العراق . ما لا يدركه الرأي العام السوري، الشعبي والنخبوي، هو الاستخدام الفاعل لأدوات وأذرع " الكردستانية" التركية والعراقية( التي ساهمت الأنظمة العربية والنظام الإيراني في تأسيسها وتمكينها ، على غرار أدوات الإسلام السياسي الجهادي)، وقد باتت في مسارات تقسيم سوريا بعد ٢٠١٢ قسد وسلطتها في " روج آفا " و " روجافاي كردستان " تجسيدها السوري ، وباتت في أعقاب سقوط سلطة الأسد، تشكّل رأس حربة مشروع التقسيم، وتقود أذرعه من بقايا شبكة السيطرة الإيرانية الاسدية لفصل الساحل السوري والسويداء عن الجسد السوري...
في تجاهل لهذه الوقائع، تصرّ الثقافة السياسية المرتبطة بمشروع قسد على تحميل السلطة المسؤولية الحصرية، ولسان حال نخبهم يقول :"
"إنّ إصرار الإدارة المؤقتة في دمشق على رفض للحوار الوطني وقبول الشراكة مع مختلف "المكوّنات" السورية، وفرض سلطتها بالقوة العسكرية، كان من أبرز الأسباب التي أدت إلى تفشيل مسارات انتقال سياسي وتحوّل ديمقراطي، وما تمارسها القوى التكفيرية من انتهاكات ومجازر، بغض نظر من قبل السلطة أو بقيادتها الغير مباشرة ، تعزز شروط التقسيم ، وتؤدّي إلى تدويل القضية السورية وبالتالي تقديم تنازلات مؤلمة للخارج على حساب السوريين. "
(٢)- في خطاب ناري متطرّف، لقناة i24 الإسرائيلية، قدّمه الشيخ " مروان كيوان " أبرز دعائم مشروع" اللامركزية السياسية " القسدي، كشف الشيخ عن ملامح شبكة الدعم الإسرائيلي القسدي لمشروع الشيخ حكمت الهجري والمجلس العسكري الذي يقوده بمشاركة مجموعات من ضباط الجيش السوري المنحل :" شكرا للشعب الإسرائيلي، ولدولة إسرائيل العظمى ، التي لولاها لكان دروز جبل الدروز قد أبيدوا عن بكرة أبيهم...وشكرا للبطل نتنياهو، هذا القائد الشرق أوسطي العظيم ...
وشكرا للإعلام الكردي في شمال شرقي سوريا الذي ساعدنا ، ولولاه لكانوا قتلونا بصمت !!"
على الصعيد الحكومي السوري رفعت تصريحات حكومية الغطاء عن السبب الرئيسي في الصراع على سوريا :"
أكد يوم الجمعة ، ٢٥ تموز، مصدر حكومي سوري، بشأن المفاوضات مع "قوات سوريا الديمقراطية"، أنّ أي حوار وطني حقيقي لا يكون تحت ضغط السلاح أو عبر استقواء بأي طرف خارجي" ، مشددا على أن " الحل السياسي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الالتزام بوحدة البلاد ومرجعية الدولة السورية والتمسك مؤسساتها الشرعية".
" ترفض السلطات السورية احتفاظ الأكراد الذين يسيطرون على مساحات شاسعة في شمال البلاد وشرقها بأسلحتهم" ، وفق ما أفاد مصدر حكومي للتلفزيون الرسمي.
وقال المصدر في تصريح لقناة الإخبارية التلفزيونية الرسمية إن "الحديث عن رفض تسليم السلاح، والتمسّك بتشكيل كتلة عسكرية، هو طرح مرفوض جملة وتفصيلا ويتناقض مع أسس بناء جيش وطني موحد ومع أسس الاتفاق الموقع بين الرئيس أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي في مارس الماضي".

(٣)- تتمسّك قيادة قسد بمجموعة شروط ، وتبحث عن وسائل تعزيزها في تقاطعات مصالح وجهود مع " فلول" مشروع التقسيم في الساحل السوري والسويداء ومع أصحاب مشاريع القوى الإقليمية والدولية، وتشكّل موضوعيا وذاتيا مقوّمات استمرار، وشرعنة وجود "كيان سياسي" يملك جميع مقوّمات الاستقلال:
أ-الحفاظ على هوية وكيان (خصوصية) قسد من أجل استمرار دورها في حماية أمن واستقرار مناطق "إقليم شمال وشرق سوريا".
ب- الحفاظ على سلطة الإدارة الذاتية وآليات حكمها ودستورها الخاص ...
ت- الحصول على حصّة الأسد من الموارد الاقتصادية..."
(٤)-في قلب هذا السياق ، يتمّ تجاهل وقائع تخادم مواقف وسلوك القوى المتطرّفة في جبهتي الصراع ، على حساب الدور الوطني لمؤسسات السلطة الجديدة وشروط السلم الأهلي، وبما يعزز شروط التقسيم :
كلّما تمسّكت قيادات قسد الرافضة لحصول حل سياسي بشروطها التعجيزية، ووسائل تدخّلها في النزاعات المتنقّلة ودعمها المتعدد الأشكال لقوى التقسيم المتمردة على السلطة الجديدة ، جارّة خلفها طابورا طويلا من النخب السياسية والثقافية الرافضة لوجود السلطة ونهجها و تستخدم دماء الضحايا وآلام السوريين لتعزيز وسائل التحريض السياسي والتجييش الطائفي، كلما ضعف دور مؤسسات الدولة السورية الوليدة لصالح قوى متطرّفة في قواعد السلطة الشعبية وجمهورها الطائفي، عشائرية أو فصائلية ، ترفض التقسيم ، وترى في تمرّد قواه، وما ينتج عنه من ضحايا بين صفوف المدنيين أو عناصر الأمن العام والجيش ،استهدافا طائفيا وقوميا، ووطنيا، يدفعها ، في ظل ما تواجهه الدولة من عوائق سياسية أو عسكرية، إلى الانخراط المباشر في الصراع العسكري، مما يعطي المعارك طابعا طائفيا، ويعمّق أشكال الانقسام والتناحر بين السوريين، تستغلّ نتائجه قوى التقسيم لتعزيز دعايتها حول استحالة العيش المشترك ، وضرورات التقسيم .
(٥)- في حيثيات وعواقب الصراع على السويداء، حققت السلطة مكاسب سياسية نوعية، أكّدت على استمرار دعم سعودي تركي أمريكي كامل لجهود القيادة السياسية الانتقالية ، الساعية إلى توحيد الجغرافيا والسلطة وحصر امتلاك السلاح بيد مؤسسات الدولة المركزية، وتجسّدت بتحذيرات تركية حاسمة ورادعة لقيادة قسد من مغبّة استغلال احداث الصراع على السويداء لتوسيع مناطق سيطرتها ، وفي مشاريع واستثمارات اقتصادية سعودية بمليارات الدولارات ، ونتائج لقاءات باريس يومي الخميس والجمعة ، ٢٤ و ٢٥ تموز الجاري .
وقائع احداث يومي الخميس و الجمعة تبيّن نجاح لقاء باريس " الاوّل " في سحب الورقة الإسرائيلية من جيب الشيخ حكمت الهجري، ونجاح لقاء باريس " الثاني" في سحب الورقة الفرنسية من جيب قسد، بعد طول ممانعة ....وكلّ ذلك برعاية خاصة، وحضور مباشر وفعّال من قبل مبعوث ترامب !
بخصوص اللقاء الثاني، اكّدت بنود البيان المشترك السوري الأمريكي والفرنسي :
" • الانخراط السريع في الجهود الجوهرية لإنجاح مسار الانتقال في سوريا، بما يضمن وحدة البلاد واستقرارها وسيادتها على كامل أراضيها.
• الالتزام بالتعاون المشترك لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله، ودعم قدرات الدولة السورية ومؤسساتها للتصدي للتحديات الأمنية.
• دعم الحكومة السورية في مسار الانتقال السياسي الذي تقوده، بما يهدف إلى تحقيق المصالح الوطنية وتعزيز التماسك المجتمعي، لا سيما في شمال شرق سوريا ومحافظة السويداء.
• عقد جولة من المشاورات بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" في باريس بأقرب من وقت ممكن، لاستكمال تنفيذ الاتفاق العاشر من آذار بشكل كامل. "
ونشر السفير الأمريكي في أنقرة المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توم باراك، تغريدة اليوم الجمعة، قال فيها: "لطالما كانت باريس القلب الدبلوماسي لمناقشات حيوية كتلك التي شاركناها اليوم، إن سوريا المستقرة والآمنة والموحدة تبنى على أساس جيران وحلفاء عظماء، وكما قال وزير الخارجية ماركو روبيو، فإن الصراعات تنتهي بفضل "الدبلوماسية الحثيثة والحيوية التي تسعى الولايات المتحدة إلى الانخراط فيها".
وأضاف:
"سنواصل العمل على بناء الرخاء في سوريا بالتعاون مع الأصدقاء والشركاء".
(٦)- بناء على استنتاج عام ورؤية كردية و كردستانية مشتركة، توافقت على أهميّة استغلال الفرصة التاريخية التي اعقبت سقوط سلطة الأسد، وتواجه في قيادتها السلطة الجديدة تحدّيات خطيرة، من أجل تثبيت إنجازات مشروع قسد وشرعنتها في بنود دستور سوريا المستقبل، وعبر بناء نظام سياسي لامركزي ، يحول دون إعادة بناء مؤسسات سلطة نظام سوري مركزي، تداعت تيارات و أحزاب "المجلس الوطني الكردي"، بدعم من مرجعيتها الكردستانية في إقليم العراق، وقيادة قسد، بدعم من قياداتها الكردستانية التركية، ودعم فرنسي، في أواخر أبريل/نيسان الماضي إلى عقد كونفرانس "وحدة الموقف والصف الكردي"، في "قامشلو".
لقد تبنّت رؤية مؤتمر "وحدة الموقف والصف الكردي"، الاطروحة السياسية المركزية في مشروع قسد لشرعنة وجود " إقليم شمال وشرق سوريا " واستراتيجية تعميم نموذجه في مناطق سورية أخرى ، من خلال الموافقة على طلب "توحيد المناطق الكردية لتشكل وحدة إدارية وسياسية" في إطار دولة "اللامركزية" ، وقد اعتبر بيان الرئاسة السورية أنّ "مخرجات المؤتمر تتعارض مع الاتفاق بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي، مشددا على أنّ "وحدة سوريا أرضا وشعب خط أحمر" مؤكّدة رفضها محاولات فرض واقع تقسيمي أو إنشاء كيانات منفصلة دون توافق وطني. كما أعربت عن قلقها من أيّة توجهات لإجراء تغييرات ديمغرافية في بعض المناطق "ومحذّرة من محاولات تعطيل مؤسسات الدولة واحتكار الموارد". وأكّد على حقوق الكرد على قاعدة المواطنة والمساواة، دون تدخّل خارجي ".
(٧)- يتجاهل الوعي السياسي والثقافي النخبوي الموالي لقسد طبيعة الصراع على شكل السلطة ومصير الكيان الجيوسياسي، وأولويّة قيام قيادات "إقليم شمال وشرق سوريا" بالتخلّي عن مشروع اللامركزية السياسية من أجل توفير الشروط الوطنية لإعادة إطلاق مسارات عملية سياسية انتقالية تشاركية ، ويركّزون على ما يجب على السلطة القيام به !!!
هو حال آخر قراءة للصديق العزيز، الكاتب والمحلل السياسي المتميّز والقيادي في تيار مستقبل كردستان سوريا، العضو الفاعل في "المجلس الوطني الكردي" التي تحالفت مع قسد في مخرجات كونفرانس نيسان، وتحت عنوان "سوريا: خارطة عبور نحو الاستقرار والدولة". مشروعه لإنقاذ الوطني يتجاهل ما يجب على الطرف المُعطّل القيام به ، إذا كنا نسعى إلى مشروع إنقاذ وطني واقعي :

" وسط الخراب السوري المتراكم، واستمرار حالة التشظي السياسي والانقسام المجتمعي، تبدو الحاجة إلى مشروع إنقاذ وطني أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى..... لم يعد أمام السوريين سوى خيار واحد: التفاهم الداخلي على خارطة عبور نحو الاستقرار والدولة، تبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية وتنتهي بوضع دستور جديد عبر جمعية تأسيسية .
إن حكومة الوحدة الوطنية هي المخرج السياسي، التي تفرضها ضرورات مرحلة ما بعد الاسد لإعادة توحيد الدولة السورية المتشظية، وإنهاء تعدد السلطات والمجموعات المسلحة ، وتوفير سلطة تنفيذية انتقالية تحظى بشرعية داخلية وتفاهم إقليمي ودولي. بحيث تتشكل هذه الحكومة على قاعدة التمثيل الوطني ، وأن تضم شخصيات من مختلف القوى الوطنية والسياسية والمجتمعية، مع مراعاة التوازن بين المكونات القومية والدينية، بحيث تكون التعبير الحقيقي عن إرادة السوريين وليست عبر تفاهمات غرف التفاوض المغلقة.". لماذ يتجاهلون ما يجب على قسد فعله، لكي يصبح ممكنا إعادة إطلاق المشروع الوطني؟ هل يجب أن تكون السلطة إلى هذه الدرجة من السذاجة السياسية لكي تطلق مشروعا وطنيا بمشاركة قسد وتياراتها السياسية القومية دون التخلّي عن مرتكزات السلطة والسلاح على ما يزيد عن ربع مساحة الجمهورية السورية.؟
(٨)-
من جهة ثانية، وعلى الطرف الكردي المقابل لمشروع قسد ، نجد رؤية أكثر موضوعية في تشخيص طبيعة مأزق العملية السياسية الانتقالية. كتبت السيدة سكينة حسن"، عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)،
" نحن في الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) نؤكد بكل وضوح وصدق أننا كرد سوريون نناضل من أجل سوريا حرة متقدمة دولة يسودها العدل والمساواة خالية من الظلم والتمييز مع الاحترام الكامل لخصوصية الشعب الكردي وجميع مكونات الشعب السوري .
ننطلق في نضالنا من الهوية الوطنية السورية ونستند إلى تاريخ طويل من الكفاح تؤكده أدبيات الحزب ووثائقه ولسنا بحاجة إلى شهادات من أحد لقد شاركنا في ثورة الحرية والكرامة منذ لحظاتها الأولى ووقفنا مع الشعب السوري في مواجهة نظام الأسد الإجرامي في كل الظروف رغم التحديات والتضحيات .
انعقد مؤتمرنا الثاني عشر قبل اربعة أعوام تحت شعار:
القضية الكردية في سوريا قضية وطنية بامتياز .
ونحن نرفض أي تدخل خارجي في مصيرنا وشؤوننا الداخلية .
لقد كنا:
أول حزب كردي يصدر بياناّ تأييدياّ لعملية "ردع العدوان" في يومها الاول
وأول حزب كردي يؤيد مؤتمر النصر بشكل مباشر في رئاسة الاخ احمد شرع رئيساّ للبلاد
والحزب الوحيد الذي رفض نتائج كونفرانس القامشلي بين قسد وبعض الأحزاب الكردية، مؤكدين أن نتائج الكونفرانس لا يعنينا لا من بعيد ولا من قريب.
ما يعنينا هو سوريا ووحدة أراضيها، لا أجندات ضيقة أو مشاريع مشبوهة .
كما كنا في أحداث السويداء الجهة الكردية الوحيدة التي أصدرت بياناّ داعماّ لموقف الدولة في بسط سيطرتها على كامل التراب الوطني مع تسجيل بعض الملاحظات الضرورية .
ونحن كذلك الطرف الوحيد الذي وقف بوضوح ضد ممارسات قسد ومسد وما تسمى بالإدارة الذاتية والتي تعمل على دفع الكرد إلى مواجهة مفتوحة مع الشعب السوري وضرب وحدة البلاد ومصالحها العليا
على مدى أربعة عشر عاماّ دفعنا ثمن هذه المواقف الوطنية الشجاعة في الساحة الكردية وحتى من بعض الجهات الرسمية التي تتجاهل تاريخنا ودورنا الوطني ومواقفنا الشجاعة تجاه الوطن .
نؤمن أن بسط سيادة الدولة السورية على كامل التراب الوطن هو ضرورة وطنية وواجب مقدس وأي محاولة لتجزئة البلاد أو تقويض سيادتها جريمة بحق الوطن والشعب.
......سنظل كما كنا نرفض كل المشاريع المشبوهة ونعمل من أجل سوريا ديمقراطية موحدة تحفظ كرامة الجميع ."



#نزار_فجر_بعريني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع على السويداء ، و عوامل مشاريع السيطرة الإقليمية!
- - حزب العمل الشيوعي في سوريا- مثالية النظرية، ومأزق الممارسة ...
- لماذا تراجعت الإدارة الجمهورية عن مشروع السيطرة الإقليمية ال ...
- كيف نفسّر تباين الخطاب الرسمي حول طبيعة المسؤولية عن الهجوم ...
- هل المفاوضات التي تجريها -قسد- مع السلطة الجديدة وسيلة لشراء ...
- طبيعة الصراع الإقليمي ومأزق الوعي السياسي النخبوي اليساري!
- إشكاليات العلاقة بين التكتيكي والاستراتيجي في أهداف ونتائج ا ...
- الحرب الإسرائيلية الإيرانية، وعواقب مأزق علاقات السيطرة التش ...
- هل تجاوزت الحرب الإسرائيلية الإيرانية الخطوط الحمراء؟
- الصراع الإيراني الإسرائيلي، وقضية البرنامج النووي والبلاستي!
- هل يقلب الإيرانيون الطاولة على رأس نتنياهو؟
- التسوية في غزة و قطار التطبيع الإقليمي- فرص وإمكانيات!
- الصراع على سوريا في أهداف وأدوات الخيار الأمني الميليشياوي!
- الصراع على سوريا بين ٢٠١١ ٢ ...
- قائد - قسد- وآخر مستجدّات العلاقات مع تركيا.
- في أبرز تساؤلات المشهد الاقتصادي السوري .
- في مأزق الثقافة السياسية الكردستانية.
- مسارات العملية السياسية الانتقالية في سوريا ، تحدّيات وفرص!
- دراسة في مداخلات جلسة الاستماع أمام لجنة العلاقات الخارجية ف ...
- الطيّب تيزيني، ضمير سوريا وعقلها الوطني الحر.


المزيد.....




- ترامب يُحذر تايلاند وكمبوديا من وقف التعامل التجاري معهما.. ...
- تأخرت رحلتك؟ إليك استراتيجيات ذكية للاستفادة من وقتك في المط ...
- -مبيد حشري-.. النيابة المصرية تحل لغز وفاة 6 أشقاء ووالدهم ف ...
- إسرائيل تسمح بدخول مساعدات لأول مرة منذ أشهر، مع -تعليق تكتي ...
- كمين جديد لحماس في خان يونس.. مقتل 3 جنود في صفوف الجيش الإس ...
- أمل جديد لمرضى السكري.. الخلايا الجذعية تقلب موازين العلاج
- لماذا أعلنت إسرائيل فجأة -تعليقا تكتيكيا- لعملياتها العسكرية ...
- خمس خطوات لتجنب نزلات البرد الصيفية المزعجة
- العدو الذي يتحدث لغتك.. خطة إسرائيل الجديدة لاختراق المجتمعا ...
- قصص مجوّعي غزة.. شريف أبو معوض


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار فجر بعريني - كيف يمكن تجنيب السوريين عواقب الصراع المسلّح على مناطق سيطرة قسد؟