مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 22:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ يا زياد ، رحلتَ بصمتٍ يشبه كثيراً عزفك حين يتسلّل من تحت الكلام ، ويقول ما لا يُقال .
رحمك الله ، أيها المتمرّد النبيل ، أيها الحالم الذي لم يساوم ، والفنان الذي كتب الوطن على وترٍ مجروح 😞 ، وسخر 😏 منه كي يحبه أكثر .
نعزّي السيدة فيروز ، أمّك ، أيقونة الصباحات العربية ، التى كانت لك وطناً عندما ضاق الوطن ، فيروز ، هي الحضور الأبدي في خلفية كل ما فعله ، صوته الأول الذي شكّل وجدانه ، والظلّ الذي كان يقف فيه لينمو ، وها هي اليوم تودّع ابنها ، كما يودّع الوطن صوته المُشاكس ، والعقل الذي ظلّ يرفض التواطؤ حتى النهاية ، وكنت لها ظلًّا صاخباً بالكلمات والأنغام ، نعزّيها في إبنها وصديق الطفولة الذي لم يكن يوماً عاديّاً ، بل كان أشبه بلحنٍ نافر ، لا يشبه أحداً ، ولا يُشبهه أحد .
كنتَ الابن الذي خرج من العباءة الرحبانية، لا هروباً، بل بحثاً عن صوتٍ جديد ، فأسّست مدرسة من الجرأة والصدق ، وتركت لنا إرثًا لا يشيخ ، مثل بالنسبة لبكرا شو؟، إلى فيلم أميركي طويل ، كنتَ تضحك من وجعنا ، وتُبكينا من كثرة ما نضحك ، لم يكن زياد مجرد فنان ، بل كان حالة ثقافية متفرّدة ، خرج عن المألوف والمألوف وتمرّد على القوالب الجاهزة ، فجعل من الفن مساحة للقول الحرّ، ومن المسرح منبراً للسخرية العميقة والوجع المُبطَّن .
لقد تفلّت إبداعه من بين ذراعي التعنّت ، ذراعين فيروز ، كما يتفلّت اللحن من الصمت حين يولد صادقاً ، فهو دون مبالغة من أعاد تشكيل الموسيقى الرحبانية بنكهته الخاصة ، وأدخل نَفَساً واقعياً ناقداً على إرثٍ شاعريّ أنيق ، في مفارقة فنية لا يقدر عليها سوى ابن فيروز، التىّ غنّت للبنان 🇱🇧 والقدس من فوق الأطلال ، بينما كان هو يكتب عن اللبناني العالق تحتها .
ها نحن اليوم نرثيك ، كما تُرثى الأوطان التىّ لم تعرف أبناءها إلا بعد الغياب ، نرثيك كما يُرثى الحلم حين ينام قبل أوانه ، ونرثي فيك العقل الحر 🗽 ، والقلب الذي ظلّ يخفق بالحقيقة ، حتى في أشد لحظات السخرية.
وداعاً يا زياد 🙋♂ ، سلام عليك ، في الموسيقى ، وفي الغياب ورحمك الله أيها الثائر المبدع ومتعدد الأبعاد والعنيد بالحق . والسلام ✍
#مروان_صباح (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟