أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - إستراتيجية الصين 🇨🇳 لتعزيز قوتها الناعمة في ظل تراجع النفوذ الثقافي الأمريكي 🇺🇸 مقابل تصاعد القوّة التقليدية …















المزيد.....


إستراتيجية الصين 🇨🇳 لتعزيز قوتها الناعمة في ظل تراجع النفوذ الثقافي الأمريكي 🇺🇸 مقابل تصاعد القوّة التقليدية …


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 8395 - 2025 / 7 / 6 - 17:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إستراتيجية الصين 🇨🇳 لتعزيز قوتها الناعمة في ظل تراجع النفوذ الثقافي الأمريكي 🇺🇸 مقابل تصاعد القوّة التقليدية …
/ يتوخى 💁‍♂ هذا المقال📝إجراء مقارنة بين المتغيرات الكبرى على صعيد النفوذ التقليدي والتجديدي، في ظل إشتداد المنافسة بين الصين 🇨🇳 والولايات المتحدة 🇺🇸، تؤكد هذه المنافسة عمق 🧐 الرؤية الاستراتيجية للصين ، في مقابل ما يبدو أنه تراجع في بصيرة الولايات المتحدة واستنفاد لأدواتها التقليدية في الهيمنة (Allison, 2017) ، ويظهر هذا التفاوت ، بشكل خاص ، في إدراك كل من الطرفين لأهمية الدور الثقافي ، الذي لا يقتصر على الإنتاج الرمزي فحسب ، بل يمتد إلى المساهمة في صياغة الحلول السياسية والإجتماعية ، سواء على نحو جذري أو سطحي (Nye, 2004) ، في هذا الإطار ، تنظر 👀 الصين 🇨🇳 إلى الثقافة بوصفها ركيزة من ركائز قوتها الناعمة ، بينما تُظهر الولايات المتحدة 🇺🇸 ، في المقابل ، تراجعاً في توظيف هذا البعد خارج الإطار التجاري أو الإعلامي وغيرهما .

وفي بلد مثل الولايات المتحدة 🇺🇸 ، يعلو صوت 🗣 رأس المال💰على نفوذ المؤسسات الفيدرالية أو حتى المركزية ، حيث تُظهر الدراسات أن التحالف القائم بين القوى الصناعية الكبرى والجامعات هو الذي يوجّه السياسات العامة ، ويهيمن على مناحي الحياة الإجتماعية والإقتصادية (Ferguson, 1995) ، هذا التحالف يمتلك أيضاً القدرة على توجيه الرأي العام والعملية الإنتخابية ، من خلال أدوات الإعلام والتمويل السياسي .

ومن أبرز الأمثلة على هذا النفوذ ، اسم لامع في مراكز القوى الأمريكية: “لاري فينك”، الرئيس التنفيذي لشركة “بلاك روك” (BlackRock)، وهي أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم 🌍 ، ورغم أن فينك يظل مجهولاً لدى قطاعات إجتماعية وثقافية واسعة ، إلا أن تأثيره الاقتصادي والسياسي يتجاوز حدود الولايات المتحدة 🇺🇸 ، حيث تدير شركته أصولاً تفوق قيمتها 11.5 تريليون دولار 💵 ، وتؤثر بشكل مباشر في الاقتصاديات الكبرى والمتوسطة والناشئة (Fichtner, Heemskerk, & Garcia-Bernardo, 2017) …

في عصرنا الراهن ، باتت حرية🗽التعبير عن الرأي في الشؤون السياسية أكثر اتساعاً وانتشاراً من أي وقت مضى ، بفعل الثورة الرقمية وتعدد المنصات الإعلامية ، التىّ تتيح للأفراد إبداء مواقفهم دون رقابة مباشرة أو مراجعة مؤسسية ، غير أن هذه الحرية🗽، كما يشير☝عدد من الباحثين ، لا تلغي الحاجة إلى معيار أخلاقي يوجّه التعبير ، خاصة حين تُراجع تلك الآراء في ضوء الوقائع وتتضح انحيازاتها أو أخطاؤها (Habermas, 2006) ، ويزداد تعقيد 🪢 المشهد حين نأخذ في الإعتبار التغطية الإعلامية العالمية📺 🎤، التىّ تبث على مدار الساعة ، وتُنتج خطاباً عاماً يهيمن على وعي الجمهور من خلال أدوات إعلامية متقدمة ، تتصدرها الأقمار الصناعية 🪐 ومنصات البث الرقمي ، هنا 👈 ، يصبح الإنسان محاصراً بإعلام عابر للحدود ، لا يعكس دائماً مصالح الشعوب ، بل كثيراً ما يخدم مصالح القوى المسيطرة على صناعة الإعلام (Chomsky & Herman, 1988) .

في هذا السياق ، تظهر بوضوح تحالفات معقدة بين القوى الصناعية الكبرى ، ورجال الأعمال النافذين ، والساسة المؤثرين ، تتقاطع مصالحهم مع المؤسسات الاستخباراتية والعسكرية في منظومة واحدة☝ذات نفوذ عابر للدول ، هذا التحالف هو ما يفسّر - إلى حد بعيد - الدعم الغربي الواسع لحكومات الإحتلال ، وعلى رأسها حكومة نتنياهو ، رغم ما ترتكبه من جرائم موثقة ضد الشعب الفلسطيني (Pappé, 2006) ، والأخطر من ذلك أن العديد من الشركات الصناعية العملاقة – وعلى رأسها شركات التكنولوجيا والدفاع – متورطة بشكل مباشر في تمويل وتسليح آلة الحرب الإسرائيلية 🇮🇱 ، خصوصاً خلال الحروب المتكررة على غزة ، وآخرها العدوان الواسع في عام 2023 ، الذي شهد إستخدام أسلحة متقدمة ومراقبة رقمية دقيقة ضد المدنيين (Human Rights Watch, 2023) ، هذا التورط لا يقتصر على فلسطين 🇵🇸 ، بل يمتد إلى دول أخرى مثل لبنان 🇱🇧 واليمن 🇾🇪 ، وحتى إيران 🇮🇷 ، حيث مارست هذه الشركات ضغوطاً على إدارة ترمب للتدخل عسكرياً ضد منشآت نووية ، بعد فشل إسرائيل 🇮🇱 في تنفيذ الهجوم بنفسها (Mearsheimer & Walt, 2007) ، ولعل من أبرز الشهادات على حجم هذا التواطؤ ما ورد في تقرير المقررة الخاصة للأمم المتحدة ، فرانشيسكا ألبانيزي ، الذي نُشر قبل أيام ، وكشف عن دور شركات مثل “مايكروسوفت” و”غوغل” في تقديم دعم تقني مباشر وغير مباشر للجيش الإسرائيلي ، ووفق التقرير ، فإن هذا الدعم إرتقى إلى مستوى “التواطؤ في الإبادة الجماعية”، وهو تعبير نادراً ما يُستخدم في تقارير أممية إلا في حالات الإنتهاكات الفادحة والمنهجية (United Nations, 2024).

إزاء هذا المشهد ، يصبح من الضروري مساءلة البنية الأخلاقية التىّ تُدار من خلالها المصالح الصناعية والإعلامية في العالم 🌍، والتىّ لم تعد خاضعة فقط لمنطق الربح ، بل تتقاطع مع مشاريع استعمارية وعنصرية واضحة ، فالدعم الذي تتلقاه إسرائيل ليس محصوراً في قرارات سياسية ، بل هو نتيجة شبكة معقدة 🪢 من التمويل والضغط والإعلام ، لا يمكن تفكيكها دون فضح دور الشركات العملاقة والجهات التىّ تديرها …

عندما يتجرد المراقب من أدوات التحليل الانطباعي ، ويضع جانباً أساليب الخطابة والبلاغة ، يكتشف أن كثيراً من التحليلات الإعلامية والسياسية لا تصمد أمام تقارير دولية موثقة ترتكز إلى الأدلة والمصادر الرسمية ، هنا 👈يظهر الفارق الجوهري بين المقالات التحليلية من جهة ، والتقارير الحقوقية والدولية من جهة أخرى ، حيث تستند الأخيرة إلى وثائق صادرة عن جهات معترف بها تعمل وفقاً لمعايير القانون الدولي 🇺🇳 ، مثل المحكمة الجنائية الدولية أو هيئات الأمم المتحدة المختصة (International Criminal Court, 2023) ، وهذا يفسر حجم الغضب 😡 الذي يبديه الساسة الأمريكيون عندما تصعد المحكمة الجنائية الدولية 🏫👨‍⚖من لهجتها تجاه دولة الإحتلال الإسرائيلي ، فالولايات المتحدة ، رغم عدم عضويتها في المحكمة ، تدرك تماماً👌أن أمتلاك المحكمة القدرة على إصدار مذكرات توقيف بحق متهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية ، قد يفتح الباب لملاحقة أفراد وشركات تربح من الحروب والنزاعات المسلحة في أماكن مختلفة مثل لبنان 🇱🇧 ، وإيران 🇮🇷 ، واليمن 🇾🇪 ، ولا سيما غزة (Human Rights Watch, 2024 2925) ، وقد وثّقت تقارير أممية ومنظمات حقوقية مسؤولية شركات كبرى في دعم آلة الحرب ، إما من خلال تزويد الأطراف المتورطة بالسلاح أو المعدات ، أو عبر تكنولوجيا المراقبة والتجسس ، ومن أبرز هذه الشركات شركة “لوكهيد مارتن” الأمريكية ، التي تُعدّ أكبر شركة للصناعات العسكرية في العالم 🌍 ✈ ، وتوظف ما يزيد عن 140 ألف موظف ، وقد تورطت الشركة ، حسب تقارير نشرتها منظمة العفو الدولية ، في بيع مقاتلات ✈ إستخدمت في ضربات جوية على قطاع غزة ، تسببت بمقتل أكثر من 70 ألف مدني ، من بينهم ما يزيد عن 18 ألف طفل🍼🧒👦 ، وفق ما أوردته وزارة الصحة في غزة 🇵🇸 ومصادر أممية متطابقة (Amnesty International, 2024 UN OCHA, 2025).

إن قتل المدنيين بهذا الشكل لا يتعارض فقط مع أخلاقيات الحرب ، بل يُعد خرقاً صريحاً لاتفاقيات جنيف ، ويضع الشركات المتورطة في هذه الإنتهاكات ضمن دائرة الإتهام ، خصوصاً إذا كانت لا تتضمن في عقودها بنوداً صريحة تمنع إستخدام منتجاتها في إستهداف المدنيين أو تدمير البنية التحتية أو مراقبة السكان بوسائل غير مشروعة (Geneva Conventions, 1949 SIPRI, 2024).

اللافت أن من يقودون حملات فضح هذه الشركات هم في الغالب نشطاء مستقلون أو حقوقيون أمميون ، مثل المحامية الدولية فرانشيسكا ألبانيز 🇺🇳 ، المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة 🇵🇸 ، والتىّ لم تتردد في الإشارة إلى مسؤولية هذه الشركات عن أنتهاكات خطيرة 🛑 ، رغم محاولات الترهيب والتخويف (UN Human Rights Council, 2024) ، وإذا كانت شركات السلاح في الغرب تحظى بهذه الحصانة الضمنية ، فإن المفاجأة الأكبر هي تورط شركات من دول آسيوية مثل كوريا الجنوبية 🇰🇷، فقد كشفت تقارير صحفية وتحقيقات استقصائية أن شركة “هيونداي” الكورية الجنوبية زوّدت إسرائيل 🇮🇱 بمعدات هندسية ثقيلة ساعدت في تدمير آلاف المنازل والمنشآت المدنية ، خاصة في الضفة الغربية والقدس 🕌 ، إلى جانب قطاع غزة (The Intercept, 2024 Al Jazeera Investigations, 2025) .

في ضوء ذلك ، قد تبدو مفارقة مؤلمة أن تكون تجارة المخدرات أو العصابات الشعبية ، رغم ما تنطوي عليه من عنف وفوضى ، أقل فتكاً بالمدنيين من تجارة السلاح المُشرعنة والمدعومة من حكومات وشركات كبرى ، فالأولى لا تملك مقاتلات أو قنابل ذكية أو قدرات تجسسية ، ولم تنشر الموت بهذا الشكل المنهجي والمرعب الذي تنشره شركات الأسلحة والتكنولوجيا في خدمة الإحتلال .

إن المعركة الحقيقية 😱 اليوم لا تدور فقط في ميادين القتال ، بل أيضاً في ميدان القانون الدولي 📕 🇺🇳، وفي مواجهة شبكات متشابكة من المصالح بين الحكومات والشركات ، ومن هنا 👈 ، فإن المحاسبة القانونية ليست خياراً ، بل ضرورة أخلاقية وإنسانية لحماية ما تبقى من معنى للعدالة الدولية …

يعتمد تقرير فرانشيسكا 🇺🇳 الأخير على نهج توثيقي صارم ونزيه 💁‍♂، يكشف فيه الأنماط المتعددة للجهات التىّ توفّر الغطاء والدعم الحقيقي للاحتلال الإسرائيلي ، سواء عبر التمويل ، أو الإمداد ، أو التواطؤ الصامت 🔕 ، لم تعد الجرائم التىّ تُرتكب في قطاع غزة 🇵🇸 بحاجة إلى إثبات 🙂‍↕ ؛ فالصورة باتت واضحة ، والخيوط التىّ تربط الإحتلال بمؤسسات سياسية واقتصادية حول العالم 🌍 ، آخذة في الانكشاف ، الآن ، وبعد صدور هذا التقرير ، تتجه الأنظار إلى المحكمة الجنائية الدولية ، من المرجّح أن تعتمد المحكمة على هذا النوع من التوثيق في ملاحقة المتورطين في الإنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي ، لا سيما في غزة ، غير أن السؤال 🙋 الذي يفرض نفسه هنا 👈 : هل ستتجاوز المحكمة دائرة الأفراد العسكريين والسياسيين ، لتصل إلى البنية الاقتصادية التىّ تدعم الإحتلال؟ وهل ستُحاسب الشركات العملاقة التي تغذّي آلة الحرب ، وتموّل الإحتلال بشكل مباشر أو غير مباشر؟ .

تعوّل بعض الدول الكبرى ، وفي مقدمتها الولايات المتحدة 🇺🇸 ، على فكرة 🧐💡، أن “استقلالية” و”خصوصية” الشركات الكبرى كفيلة بتجنيبها الإتهام والملاحقة ، لكن هذا الرهان قد لا يصمد طويلًا أمام قدرة الجهات القانونية الدولية ، وعلى رأسها المحكمة الجنائية ، على تتبع وتعزيز العزلة القانونية بين الصناعيين والسياسيين ودولة الاحتلال ، فإن تحقق ذلك ، فسيُعبّد الطريق نحو ملاحقة هذه الشركات قضائياً وفرض عقوبات دولية عليها، وهو ما سيُحدث تحولات اقتصادية عميقة، خصوصاً في ظل تغيّر موازين القوى في الأسواق العالمية .

الصين 🇨🇳، في هذا السياق ، تبدو المستفيد الأول من موجة المقاطعة المتصاعدة للمنتجات الأمريكية 🇺🇸 والأوروبية 🇪🇺 ، فقد بدأت بالفعل المرحلة الثانية من المقاطعة العالمية للمنتجات الصناعية الغربية ، على خلفية تورّطها المباشر وغير المباشر في دعم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني 🇵🇸 ، وبينما يواجه الغرب إتهامات متزايدة ، تواصل الصين 🇨🇳 تعزيز مكانتها كمصنع بديل للعالم ، في مشهد 🎬 قد يعيد تشكيل خريطة الإقتصاد الدولي .

فالمقاطعة ، إذن ، لم تعد خياراً أخلاقياً فحسب، بل باتت أداة سياسية واقتصادية فعالة ، لكن نجاحها يتطلب دعماً إعلامياً ممنهجاً ، يكشف للرأي العام حقيقة 😱 الشركات المتواطئة ، ويساهم في خلق وعي جماعي يدفع بإتجاه محاسبة كل من إستفاد من معاناة الشعوب ، فهذه الشركات بنت ثرواتها على جماجم الأبرياء ، ولا تزال تتوسع على أنقاض الأجساد ⚰ والمنازل 🏠 ، إن ما يجري في غزة تجاوز حدود الصراع ، ليكشف عجز النظام الدولي عن محاسبة دولة عضو في الأمم المتحدة 🇺🇳 ، تتعمد قتل الأطباء وعائلاتهم 👨‍⚕، وتعتقد مع حلفائها أنها في مأمن من العدالة الدولية ⚖ ، والسؤال اليوم لم يعد إن كانت هذه الجرائم موثقة ، بل إن كانت هناك 👉 إرادة حقيقية لمحاسبة الجناة ، أكانوا جنرالات ، أو رؤساء مجالس إدارات …

شهد العالم في العقود الأخيرة تحوّلاً نوعياً في أدوات الصراع والنفوذ الدولي ، حيث بدأت “القوة الناعمة” تأخذ حيّزاً متزايداً في أدوات الهيمنة ، لا سيما لدى القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة 🇺🇸، لكن هذا النفوذ الناعم بدأ بالتراجع تدريجيًاً منذ بداية القرن 21 ، لاسيما بعد تحولات داخلية في أمريكا 🇺🇸 ، وصعود قوى جديدة على الساحة الدولية مثل الصين 🇨🇳 وروسيا 🇷🇺 وتركيا 🇹🇷 ، ما أعاد الإعتبار لأدوات “القوة الصلبة”، أو على الأقل الجمع الديناميكي بين القوتين لتحقيق الأهداف الجيوسياسية ، وقد شكّل وصول ترمب إلى البيت الأبيض 🏡 🇺🇸 لحظة مفصلية في تراجع دور المؤسسات الأمريكية الناعمة ، فقد أنسحبت الولايات المتحدة 🇺🇸 من عدد من المنظمات الدولية ، وأوقفت تمويل وكالة التنمية الدولية (USAID) في عدة دول ، بل وقلّصت دعمها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (UNRWA) ، وبهذا، فقدت واشنطن أحد أبرز أدواتها في ما يسميه جوزيف ناي بـ”إعادة تشكيل بيئة الدول الأخرى دون إستخدام القوة” (Nye, 2004) ، على الصعيد الإعلامي والثقافي ، انخفضت فاعلية أدوات مثل قناة “الحرة” أو المؤسسات التعليمية الأمريكية المنتشرة في العالم العربي ، ولم تعد قادرة على فرض سردية واحدة☝كما كانت في السابق ، في ظل تزايد الخطاب المناهض للهيمنة الغربية .

ولقد مثّلت السياسات الإسرائيلية في قطاع غزة نموذجاً صارخاً 😳 لفشل القوة الناعمة في مواجهة مطالب التحرر الوطني ، فالمحاولات الإسرائيلية لإضفاء طابع رخاء اقتصادي في بعض مناطق الضفة أو عبر المشاريع المحدودة في غزة لم تُقنع الفلسطينيين بالتخلي عن حقوقهم ، بل زادت من وضوح التناقضات ، وأثبتت أن مشاريع “ السلام الاقتصادي ” ليست إلا أداة لإدامة السيطرة " Khalidi, 2020 " ، أضف إلى ذلك ، فإن حملات القصف والعدوان المتكرر على المدنيين تجعل من المتعذر الجمع بين الخطاب الإنساني الغربي ودعمه المستمر لدولة الإحتلال ، وهو ما يفسر التراجع الكبير في صورة الولايات المتحدة 🇺🇸 والغرب لدى الشعوب العربية ، كما أظهره مؤشر القوة الناعمة لعام 2023 الصادر عن مؤسسة Brand Finance .

في المقابل ، إستطاعت الصين 🇨🇳 أن توظّف مفهوم “القوة الناعمة” بطريقة استراتيجية مختلفة ، فقد أنشأت مراكز“ كونفوشيوس” في أكثر من 160 دولة ، واستثمرت مليارات الدولارات 💵 في الإعلام الدولي والبنية التحتية في إطار مبادرة “الحزام والطريق” (Rolland, 2017) ، وفي كل كارثة تفتعلها الولايات المتحدة أو حلفاؤها – كما هو الحال في العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة 🇵🇸 – تستثمر بكين الفراغ الإنساني والأخلاقي لتعزيز خطابها العالمي حول التنمية والتعاون ، فالصين ، كما يقول الباحث ديفيد شانبو، لا تستخدم القوة الناعمة فقط لكسب العقول والقلوب ، بل “كجزء من هندسة استراتيجية أوسع تهدف لإعادة صياغة النظام الدولي” (Shambaugh, 2015) .

ليست الصين وحدها من تقترب من هذا النموذج المركب ؛ فتركيا 🇹🇷 بدورها تروّج لإرثها العثماني وثقافتها الإسلامية في الوطن العربي من خلال المسلسلات التلفزيونية 📺 👨‍🎨 التىّ حققت انتشاراً واسعاً ، وفي الوقت نفسه تطور أدواتها الصلبة عبر استثمارات عسكرية واقتصادية في إفريقيا والشرق الأوسط (Altunışık, 2020) ، وأما روسيا 🇷🇺 ، فقد أستعادت خطاب الحرب الباردة عبر استراتيجيات القوة الصلبة كما في أوكرانيا 🇺🇦 ، لكنها لا تهمل أدواتها الناعمة من خلال الإعلام الموجه مثل قناة “RT”، ومن خلال تقديم نفسها كحامل لقيم مضادة لليبرالية الغربية .

إن المشهد العالمي اليوم يشهد صراعاً متزايداً بين أدوات الهيمنة التقليدية للقوى الغربية ، ونموذج القوة الناعمة الجديدة التىّ تقودها دول كالصين وتركيا وروسيا ، ويبدو أن كل فشل أمريكي أو إسرائيلي في خلق استقرار دائم بالوسائل العسكرية والناعمة ، يمنح هذه الدول فرصة جديدة لتوسيع نفوذها ، وهنا 👈، يتبدى الفارق الجوهري : بينما تستخدم واشنطن القوة الناعمة في إطار الهيمنة والتدخل ، تستخدمها الصين في إطار التعاون والشراكة ، وهو ما يكسبها قبولاً أوسع، خصوصاً في مناطق الجنوب العالمي (Kurlantzick , 2007) .

تدل كل المؤشرات على أن القوة الناعمة لم تندثر ، لكنها إنتقلت من الغرب إلى الشرق ،وباتت الكوارث التىّ تصنعها الولايات المتحدة 🇺🇸 أو تدعمها ، كالإبادة الجارية في فلسطين 🇵🇸 ، أرضاً خصبة لبناء سرديات بديلة وشبكات نفوذ جديدة ، ومع إنكشاف التناقضات الغربية ، فإن فرص صعود القوة الناعمة غير الغربية ، خصوصاً الصينية ، تبدو أكبر من أي وقت مضى … والسلام 🙋‍♂✍



#مروان_صباح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم 🌍 🪐 رهينة حكومة الإجرام في تل أبيب &# ...
- حضارة من ورق 📑 : غزة 🇵🇸 تطيح بأسطورة ...
- التيار العلماني في إسرائيل 🇮🇱 هو الخاسر الأك ...
- إنفاق💰عسكري لا يُطاق 🙅‍♂ : قرار الحرب ...
- تفوق إسرائيل التكتيكي… ومأزقها الاستراتيجي ..
- تل أبيب 🇮🇱 تحت النار 🔥 🚀  ...
- الضربات الأمريكية 🇺🇸 للمفاعلات النووية السلم ...
- القواعد الشعبية لترامب 🇺🇸 تعارض انخراط بلاده ...
- لا 🙅‍♂ يمكن تحقيق 🧐🤨توازن b ...
- حين تغيب الأمة 🏟 ، يصبح الذبح من الوريد إلى الوريد م ...
- هل كان الماغوط شديد الواقعية 😤 حتى تنبأ بالمستقبل &# ...
- ثمن الحرية🗽وتكلفة الكرامة : العلاقة🤝 بين الف ...
- غزة … بين المقاومة 🇵🇸 والمأزق الإسرائيلي الم ...
- تأثير 💁‍♂وا ثيونغو 🇺🇸 🇰 ...
- داعش مصدوم 😳 – هل 🤷‍♂ بعد هذه الإبادة ...
- السجادة والمشرط ⚙ - تكلفة غياب النظرية النقدية🤔 ...
- ماكرون 🇫🇷 بين كبّة 🤚 عرفات 🇵 ...
- إسقاط النفوذ الصهيوني في البيت الأبيض 🏡 🇺 ...
- الأراضي 🌍🌵🌲العربية مقابل سلاح المقاو ...
- الحضور العالمي بين الإعلام 🇶🇦 📺 ...


المزيد.....




- القسام عقب عملية بيت حانون: سندكّ هيبة جيشكم
- -الصمت ليس خيارا-.. فرق غنائية أوروبية تواجه الحظر بسبب دعمه ...
- محللون: الصفقة ليست نهاية الحرب وخطاب نتنياهو يؤشر لتراجع عس ...
- -بدنا هدنة-..مباحثات الدوحة على وقع لقاء نتنياهو وترامب في و ...
- هآرتس: أميركا تبني لإسرائيل منشآت عسكرية بمليارات الدولارات ...
- وزير الطوارئ السوري للجزيرة نت: 80 فريقا تعمل لإطفاء حرائق ا ...
- هكذا خانت أوروبا نفسها لأجل إسرائيل
- عاشوراء في طهران.. من الشعائر إلى سرديات الهوية الوطنية
- مفاوضات النووي معلقة بين رفض طهران شروط ترامب وجهلها بما سيف ...
- احتفاء بالظهور الأحدث للـ -زعيم- وألبوم عمرو دياب الجديد.. ا ...


المزيد.....

- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي
- صندوق الأبنوس / عبدالاله السباهي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - إستراتيجية الصين 🇨🇳 لتعزيز قوتها الناعمة في ظل تراجع النفوذ الثقافي الأمريكي 🇺🇸 مقابل تصاعد القوّة التقليدية …