أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوزجان يشار - إبادة غزة تسقط الهولوكوست من كافة المعايير الانسانية ومن الالتزام الأخلاقي التاريخي















المزيد.....

إبادة غزة تسقط الهولوكوست من كافة المعايير الانسانية ومن الالتزام الأخلاقي التاريخي


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8410 - 2025 / 7 / 21 - 20:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في أكتوبر الماضي، حين بدأت إسرائيل قصفها المكثف لغزة، لم يتردّد البعض في وصف ما يجري بأنه “إبادة جماعية”. لكن الرد الغربي لم يكن إدانة، بل تردّد، صمت، أو تبرير.
ثم جاء صوت من داخل الغرب، في مقال نيويورك تايمز: “أنا باحث في الإبادة الجماعية. أعرفها حين أراها”.
كتب البروفيسور عمر بارتوف، أستاذ دراسات الهولوكوست في جامعة براون، أنّ ما يحدث في غزة يحمل خصائص واضحة للإبادة الجماعية. لكنه أشار إلى فجوة خطيرة:
علماء الإبادة الجماعية يصفون ما يجري بـ”الإبادة”، بينما خبراء الهولوكوست يرفضون ذلك، لأنهم لا يزالون ينظرون إلى الهولوكوست كحدث “فريد لا يُقارن”.

تلك الفجوة ليست علمية، بل سياسية وأخلاقية. لقد تحوّلت الهولوكوست، من ذكرى فاجعة بشرية، إلى سلاح ابتزاز أخلاقي وسياسي، يمنح إسرائيل حصانة كاملة، ويشلّ ألسنة النقّاد، ويحوّل الجرائم اليومية إلى “حق في الدفاع عن النفس”.



الابتزاز الأخلاقي… من روجيه جارودي إلى لوران ديكريك

هذا الابتزاز لم يبدأ اليوم، بل هو راسخ في البنية القانونية والإعلامية الأوروبية. الغرب صنع حول الهولوكوست سردية مغلقة لا تحتمل المساءلة أو المراجعة، ولو كانت بحسن نية أو من باب النقاش الأكاديمي.

المفكر الفرنسي روجيه جارودي حوكم عام 1998 بتهمة “التقليل من شأن الجرائم ضد الإنسانية”، لأنه انتقد في كتابه الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية استغلال الهولوكوست سياسيًا. لم يُنكر وقوع المحرقة، بل شكّك في بعض أرقامها وأساليب توظيفها، فكان العقاب قضائيًا وأخلاقيًا وإعلاميًا.

أما لوران ديكريك، فتعرض لما يشبه الاغتيال المعنوي والفكري. لم يُسجن جسديًا، لكن تم عزله من المناخ الأكاديمي، وتحطيم سمعته كمثقف، بسبب ملاحظاته النقدية حول الأرقام الرسمية للهولوكوست، وميله إلى التحليل المنهجي لأدبيات الذاكرة، بعيدًا عن “التحريم القانوني”. لقد تم التعامل مع طرحه كجريمة فكرية، رغم أنه لم ينكر الجريمة، بل سعى لفهم طريقة تسويقها كأداة سياسية.

هكذا، تحوّلت الهولوكوست من رمز ضد الكراهية إلى حدود محروسة قانونيًا لا يُسمح بتجاوزها، ولو بالنقاش، ولو بالمقارنة، ولو بالتساؤل الأخلاقي.



الطبقة الحاكمة في أوروبا… شللٌ طوعي أم تورطٌ مشبوه؟

لا يمكن أن يُفهم هذا الصمت على أنه حياد. ما نشهده هو تواطؤ صريح أو عجز مُريب.
• هناك رؤساء ووزراء أحزاب أوروبية لا يجرؤون حتى على وصف القتل بأنه “غير متناسب”.
• هناك نواب “مستقلون” كانوا صوتًا للعدالة في قضايا أخرى، واختفوا فجأة.
• هناك أحزاب، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، تواطأت بالصمت أو بتصريحات باهتة، خوفًا من خسارة دعم اللوبيات، أو خشية من التصنيف في خانة “العداء للسامية”.

لكن الأكثر فداحة هو الاشتباه بالتورط المالي:
هل يُعقل أن بعض الحكومات لا تستطيع فرض عقوبات لأن بعض أفرادها مدرجون في ملفات فضائح مثل جيفري إبستين؟
هل هناك من يُموَّل مباشرة من تل أبيب؟
هل صارت قرارات العدل تُفصَّل في غرف مغلقة بين شركات تسليح ولوبيات إعلامية ومصالح انتخابية؟

هذه الأسئلة لم تعد نظرية. الواقع في غزة يضعها على الطاولة بقوة.



الهولوكوست: من مرآة ضد الجريمة إلى درع لها

كان يُفترض أن تُعلّم الهولوكوست البشرية ألا تتكرر مثل هذه الجرائم. لكنها تُستخدم اليوم لضمان ألا تُحاسب إسرائيل أبدًا على جرائمها.
تحوّلت الهولوكوست من ذاكرة إنسانية إلى امتياز أخلاقي حصري، و”رخصة دائمة” لإسرائيل لارتكاب ما تدينه الأمم المتحدة في أماكن أخرى.

قال المؤرخ اليهودي طوني جَدت في كتابه الأخير مع تيموثي سنايدر:

“إسرائيل تستغل مخاوف وذكريات الغرب… لكنها بهذه الطريقة تستهلك الرصيد الأخلاقي الذي أعطاها هذا الامتياز.”

وأضاف جملة نبوءية:

“في النهاية، ستُفرغ إسرائيل الهولوكوست من معناها الأخلاقي، وتُحوّلها، كما يراها كثيرون الآن، إلى مجرد ذريعة لتبرير الجرائم.”

وهذا ما حدث: من “لن يتكرر أبدًا” إلى “لن يُحاسَب أبدًا”.



الصمت الأكاديمي والإنساني… وأوروبا التي خانت مرآتها

الجامعات التي شرّعت قوانين تُجرّم إنكار الهولوكوست، تتهرّب الآن من توصيف إبادة جارية على الهواء مباشرة.
المؤسسات الفكرية التي علّمت الأجيال كيف تكون العدالة، صارت تتهرّب من كلمة “جرائم حرب”.
بعض الأكاديميين يخشون فقدان تمويلهم أو مناصبهم أو نشر أبحاثهم إن نطقوا بالحقيقة.

نعم، هناك من لا يزال يكتب، ويحتج، ويصرخ. لكن الأغلبية صامتة، أو خائفة، أو محسوبة على دوائر النفوذ.



غزة ليست فقط ضحية، بل مرآة العالم

ما يحدث في غزة اليوم ليس “صراعًا” كما يقول الإعلام الغربي، بل زلزال قانوني وأخلاقي.
الضحايا مدنيون، الصور توثّق، الصوت حي، والأرقام تُشبه مذابح التاريخ التي بُني عليها القانون الدولي.

لكن لاهاي صامتة، والاتحاد الأوروبي غير قادر على فرض عقوبات، والبيانات مملوءة بـ”القلق”.
هل هذا فقط نتيجة للعجز؟ أم أن القانون الدولي نفسه تحوّل إلى أداة انتقائية لا تُطبَّق إلا على الضعفاء؟



ختام المقال: أسئلة الحريق الأخلاقي
• لماذا يحق لدولة واحدة أن تقتل آلاف المدنيين، وتحظى بدفاع أخلاقي باسم مأساة عمرها 80 عامًا؟
• لماذا صارت الهولوكوست رخصة حصانة أبدية بدلًا من أن تكون درسًا ضد الإفلات من العقاب؟
• كيف يمكن أن تُحاكم رواندا وصربيا والسودان، بينما تُحمى إسرائيل رغم الأدلة المرئية؟
• هل تملك أوروبا اليوم شجاعة الاعتراف بأن بعض مسؤوليها مموَّلون أو مُبتزّون أو متواطئون؟
• ماذا تبقى من الضمير الأكاديمي حين يخضع للممول واللوبي والسيف الأخلاقي المسلّط باسم “السامية”؟
• وهل يُعقل أن تتحوّل “الذكرى الأخلاقية الكبرى للبشرية” إلى سلاح ضد المبادئ ذاتها التي بُنيت عليها؟



إن ما يُدفن تحت أنقاض غزة ليس فقط البشر، بل العدالة، والذاكرة، والقانون، وشرعية الأخلاق الغربية.
وإن لم ينهض العالم من صمته الآن، فقد لا يكون قادرًا على النهوض مرة أخرى… حتى حين تحدث
وإن لم ينهض العالم من صمته الآن، فقد لا يكون قادرًا على النهوض مرة أخرى… حتى حين تحدث الإبادة المقبلة.

وفي لحظة الصدق الأخيرة، لا مفرّ من طرح هذا السؤال الصادم:

هل نجحت الصهيونية العالمية، بقيادة اليمين الإسرائيلي، في تفريغ الهولوكوست من محتواها الأخلاقي، حين قدّمت لنا نموذجًا أكثر بشاعة… في غزة حيث الإبادة مستمرة.



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيخية بين الروح والتاريخ: تأملات رحّالة بين المعابد
- عندما يضيء عقلك عتمة حياتك: أربعون درسًا من قلب الطريق
- الابتسامة التي تُبنى عليها الإمبراطوريات
- ملفات إبستين: التستر الكبير، الانقسام المؤسسي، وامتحان الشفا ...
- لوران ديكريك… عندما تصبح الأسئلة التاريخية جريمة أخلاقية
- أسماك القرش: ضحايا وهم التوحش
- صرير العجلات ومعنى أن نُقاد بدل أن نقود
- من نباح الامان الى عواء الحرية
- من فولتير إلى بيل غيتس: رحلةُ الوعي بين التنوير والكلاشينكوف
- المتقاعدون: ثروة وخبرة تُستثمر لا تُهمَّش – نحو سياسات مستني ...
- رؤية خضراء لإحياء الصحراء: مقترح بيئي شامل لإعادة تأهيل الصح ...
- الصهيونية والعقيدة اليهودية: تفكيك خرافة دينية وخيانة أخلاقي ...
- معاهدة الماء: حين يصبح الصمت ديانة
- فلسفة وابي سابي: حين تصبح الشقوق ذهبًا — دع النور يتسرّب من ...
- العالم على مائدة واحدة: حين تتحوّل الشهية إلى مرآة للهوية
- أحبّهم… لكنهم يُطفئونني: الشخصيات السامّة بعيون الوعي
- الثقة الحذرة: فن بناء الجسور مع الآخر دون الوقوع في فخ المظا ...
- حين يُصاب الضمير العام بالشلل: الفساد الأخلاقي والإعلام بوصف ...
- الديمقراطية المعلّبة: أمريكا تُصدّر الحروب… وترامب يدخل المع ...
- الفوضى: هندسة الوجود بين العلم والسياسة والفن


المزيد.....




- زيلينسكي: مباحثات جديدة بين أوكرانيا وروسيا ستعقد الأربعاء
- محللون: هذا المطلوب عربيا وغربيا لردع إسرائيل ووقف إبادة غزة ...
- حماس: نتحرك بمسؤولية وسرعة للوصول إلى اتفاق ينهي معاناة أهل ...
- وزير الإعلام السوري يتهم 4 دول بنشر خطاب طائفي مزيف لتأجيج ا ...
- البيت الأبيض: ترامب -فوجئ- بتصرفات إسرائيل في غزة وسوريا.. و ...
- وصفها بالمبادرة -غير المسؤولة-... وزير الخارجية الفرنسي ينتق ...
- كشفتها حبيبته الأخيرة.. نشر أسرار حصرية عن أينشتاين في كتاب ...
- محكمة مصرية تأمر بشطب اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قائمة ال ...
- -تروث سوشيال- مرآة لتقلبات ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض ...
- مخاطر حقيقية بأفريقيا بعد تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية ال ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوزجان يشار - إبادة غزة تسقط الهولوكوست من كافة المعايير الانسانية ومن الالتزام الأخلاقي التاريخي