أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..10














المزيد.....

العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..10


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8408 - 2025 / 7 / 19 - 13:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العراق بين 1985 و1987: مشهد دولة تتصدع تحت وطأة الحرب والصمت

بقلم: مؤرخ عراقي، بغداد 1985
ويعقّب: شيوعي عراقي، في الظل.. بين الخوف والورق.

تمهيد تأريخي

منذ مطلع العام 1985 والعراق يغوص أكثر في متوالية استنزاف شاملة، لا تقتصر على جبهات الحرب الإيرانية-العراقية، بل تمتد لتشمل عمق المجتمع، بنيته، ومكوناته الطبقية والسياسية والبيروقراطية. لقد كان العامان 1985 و1986 تحديدًا مسرحًا لتحولات صامتة، لكنها خطيرة، طالت روح الدولة، وتماسك المجتمع، وأوهام الانتصار.

في الظاهر، كانت بغداد تُعبّئ جبهاتها بخطب النصر، واحتفالات التعبئة، وحملات الإعلام. لكن في العمق، كانت هناك دولة تهرم، واقتصاد يختنق، وأحزاب تُباد أو تُستأنس، وطبقات اجتماعية تتبدل وظائفها أو تنزلق نحو التشظي والتسليع.
الواقع السياسي: بين حزب الدولة والدولة الحزب

يُسجل التأريخ، أن حزب البعث خلال هذه الفترة بلغ ذروة تمركزه في الدولة، لكنه في الوقت ذاته، بدأ يتحول من حزب-قيادة إلى حزب-ظل، إذ صارت أجهزة الأمن، ومكتب القائد، ولجان التعبئة، هي الجهات الفعلية التي تدير البلاد. أما القيادة القطرية، فتحولت إلى ختم إداري لقرارات مسبقة.

تعقيب من الشيوعي في الظل:
"لقد صارت الدولة تسير بأعصاب من حديد وورق، لا عقل فيها ولا قلب. الكلمة صارت جريمة، والانتماء صار شبهة. إنهم لا يخافون من المعارضة، بل من احتمالية أن توجد نية للمعارضة."
الاقتصاد: التآكل الصامت

من العام 1985 حتى نهاية 1987، كان الاقتصاد العراقي يخضع لتغيرات غير معلنة، فقد بدأت البلاد في تسريع وتيرة الاقتراض من الخارج، وظهرت بوادر أولى لنهج الخصخصة غير المعلنة لبعض الأنشطة الثانوية. اختفت سلع أساسية، وظهرت السوق السوداء كبنية ظل تحكم سلوك المجتمع.

طبقة التجار تعاظمت، لا بالاستيراد بل بالتهريب، فيما بدأ "التاجر الرسمي" يظهر كمزيج من رجل أمن وممثل للحزب في الأسواق. أما الطبقة الكادحة، فقد بدأت تعاني من إرهاق غير معلن، حيث الجوع كان محاطًا بدعاية غذائية، والتعب محاطًا بأناشيد الحماسة.
الطبقات الاجتماعية: خلخلة البنية القديمة

العسكري: صار رمزًا مقدسًا، لكنه مسحوق اجتماعيًا، إذ بات العائد من الجبهة يحمل ندبة نفسية وجسدًا هزيلاً، ليُكافأ بقرض زراعي لا أرض فيه.

الموظف: أصبح أكثر التصاقًا بسلطة الراتب منه بمكانته الوظيفية. الخوف حوّله إلى فم مغلق، ودفتر تموين.

التاجر: تصاعد دوره، خاصة من تربطه صلات بجهاز الدولة أو بالحزب. ظهر نوع من "الرأسمالي البعثي".

الكادح والعامل: تم سحقه بين سندان الحرب ومطرقة الحصار غير المُعلن. ومع ذلك، ظل صامتًا، ينتظر "سلامًا" لا يأتي.

المثقف: إما منفيًا، أو صامتًا، أو يكتب قصائد عن حب العراق بلا عراق.

تعقيب الشيوعي:
"لقد تم تشظي الوعي الطبقي عمداً. صار العامل جندياً، والمثقف مهرجًا، والفقير يظن أنه جندي أغنياء."

الحركات والتيارات

البعثي الملتزم: يعيش حالة من النشوة العمياء، مقتنع أن كل ما يحدث هو انتصار، وأن الحرب طهر لا بد منه.

الشيوعي المقموع: إما في المنفى، أو في غياهب الصمت، يكتب شعراً أو يخط منشورًا في الظل. لكنه يشعر أن الجماهير لم تعد تصغي، بل تبحث عن الخبز.

المتدين الشيعي: يتحرك بين الولاء الإجباري للدولة، والشك الكامن في جدوى الصمت. قمع المرجعيات، وسجن الخطباء، أنتج تدينًا منزليًا مريبًا، لكنه هادئ.

المتدين السني: ممسوك بيد الدولة، يعاد إنتاجه كأداة تعبئة وطنية، لكنه يشهد بتوجس نمو السطوة الشيعية في الأجهزة الخلفية.

القومي العربي: بدأ يشعر أنه أصبح مجرد جملة في خطاب رسمي، لا تياراً حيًا. فالوحدة، باتت شعارًا لا مشروعًا.

الكردي المنظّم: ظل محاصرًا بين قصف الشمال، ومحاولات تفتيت الحركة القومية إلى طوائف ومليشيات، رغم ذلك، بقيت شعلة المقاومة مشتعلة، تنتظر لحظة أقل صمتًا.

الليبرالي: لم يكن له حضور يُذكر، فقد سحقه خطاب الحرب، وأطاح به الخوف، ليعود كفكرة محتملة بعد عام 1991 فقط.
خاتمة المؤرخ

حين يُكتب عن هذه المرحلة بعد زوال الخوف، سيكتشف المؤرخون أن العراقيين لم يكونوا يعيشون فقط حربًا ضد عدو خارجي، بل حربًا داخل الذات، داخل المجتمع، بين ما يُراد لهم أن يكونوا، وما يخافون أن يُفصحوا عنه.
تعقيب أخير من الشيوعي:
"لم نخسر الحرب فقط، بل خسرنا اللغة التي كنا ننتقد بها الحرب. لكننا نحتفظ بورقة صغيرة، في مكان خفي، تقول: لن نموت بصمت



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهيئه الأقتصاديه لتيار الصدر
- السويداء: حين يُستبدل -داعش- بـ-البدو-.. في لغة الإعلام وغمو ...
- لنتصدى لاستعباد العمال والعاملات الوافدين
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..8 و9
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..6و7
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزيق..4و5
- النهج الماركسي في مواجهة التجريبية الاقتصادية
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق ...3
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق...2
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..1
- نقد مقولة «لا يمكن التخلي عن اقتصاد السوق والمنافسة»..ج2
- لحظة الانهيار الغامضة: حين ألقى حزب العمال الكردستاني سلاحه
- نقد مقولة «لا يمكن التخلي عن اقتصاد السوق والمنافسة»
- اللادولة العراقية: بين الكونفدرالية المحتملة وحرب أهلية أقرب ...
- حرب البذور… سلاح دمار مؤجل في ترسانة قوى الرأسمال
- الاطار السياسي لمهام المشروع الاشتراكي
- المجمعات السكنية في عهد السوداني: رفاه للنخبة أم حل لأزمة ال ...
- الطفل الذي يسقيك تأنيبًا..البعد النفسي لاشراك الاطفال في الش ...
- عاشوراء العراقيين ...حسين يقتل حسينا
- تفاصيل الحياة اليومية في غزه..تغيب مقصود أم ماذا؟


المزيد.....




- اختفت منذ 82 عامًا.. اكتشاف سفينة حربية يابانية من الحرب الع ...
- نظرة على معاناة عائلة للحصول على طبق واحد فقط في غزة
- غزة: مقتل أكثر من 1000 فلسطيني لدى محاولتهم الحصول على مساعد ...
- إردام أوزان يكتب: وهم -الشرق الأوسط الجديد-.. إعادة صياغة ال ...
- جندي يؤدي تحية عسكرية للأنصار في سيطرة ألقوش
- 25 دولة غربية تدعو لإنهاء الحرب في غزة وإسرائيل تحمل حماس ال ...
- -إكس- و-ميتا- تروّجان لبيع الأسلحة في اليمن.. ونشطاء: لا يحذ ...
- عاجل | السيناتور الأميركي ساندرز: الجيش الإسرائيلي أطلق النا ...
- سلاح الهندسة بجيش الاحتلال يعاني أزمة غير مسبوقة في صفوفه
- السويداء وتحدي إسرائيل الوقح لسوريا


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..10