أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - الفتنة الطائفية في سوريا صنيعة الخارج














المزيد.....

الفتنة الطائفية في سوريا صنيعة الخارج


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 8408 - 2025 / 7 / 19 - 08:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السوريون مُوحّدون ومتعايشون بتنوّعهم منذ قرون. هذا إضافة إلى أن الحروب الطائفية والدينية طُويت منذ القرون الوسطى، وما عاد هناك جماعة عاقلة تعمل على إجبار جماعة أخرى على ترك دينها واعتناق دينًا آخر. وفي زمن التنوع الشديد الذي تعيشه البشرية اليوم، لا أحد يستطيع فرض معتقده أو مذهبه على الآخرين.

السوريون الآوائل، من جميع الطوائف، رفضوا مشروع التقسيم الاستعماري قبل مئة عام. وخاضوا حروبا ضارية لتبقى سوريا موحّدة. بهذا المقياس لا يمكن الاستسلام للدعاية الصهيونية القائلة بالانقسام الطبيعي للسوريين إلى طوائف وإتنيات، لتبرير مشروع الدويلات الأربع التي جرّبت فرنسا فرضها بعد الحرب العالمية الأولى، وفشلت.
.
بهذا المعنى، الفتنة في سوريا، سواء في الساحل أو في السويداء، ليست أبدا نتيجة التعدد الطائفي، بل هي صراع سياسي اتّخذ ثوبا طائفيا مُفتعلا، سببه الحقيقي هو التنافس الداخلي والخارجي المركّب الذي انفجر بعد انهيار النظام حول شكل الدولة السورية الجديدة، دورها الإقليمي، مكانتها، وظيفتها، وولاءاتها..

في الداخل ساد هدوء نسبي يعكس حالة انتظار مُحاطة بخليط من الفرح والتوجّس والحذر من الجماعة التي دخلت دمشق بترتيب دولي وإقليمي، وأعلنت انتصارها على النظام. ثمّ
اتّضح أن هذه القوّة استفردت بالحكم، معتمدة الإقصاء، حيث سارت في طريق غامض من خلال "حوار وطني" شكلي دام ساعات معدودة، حدّدت من خلاله مرحلة انتقالية لخمس سنوات، وكتبت دستورا خاصا بها، ولم تُشرّك لا النّخبة السورية ولا القوى الاجتماعية والسياسية. وفورا شرعت في فرض نفسها وضم الآخرين إليها بالعنف.
هكذا انفجرت أزمة الثقة المكتومة لدى الجميع، سواء من أسهموا في الإطاحة بالنظام بالعمل المسلح، أو من كانوا في المعارضة السلمية، وأكثر منهم ذُعرا أولائك المحسوبون على النظام، إذ شعروا جميعا بأنهم مُبعدون من دوائر القرار، وأنهم مُهدّدون لأن سلطة الأمر الواقع تحاول استنساخ تجربة استئثار حافظ الأسد بالسلطة بعد انقلابه في نوفمبر على صلاح جديد أمين عام حزب البعث، ونورالدين الأتاسي رئيس الجمهورية، أو ما صار يُعرف ب"الحركة التصحيحية" (16 نوفمبر 1970)

أما في الخارج، فالقوى الدولية والإقليمية التي اتّفقت على إسقاط نظام الأسد، لم تكن لها نفس الأهداف، وبالنتيجة لم تكن متّفقة في حينه ولا اليوم على طبيعة الحكم وشكل سوريا ما بعد الأسد ووظيفتها.

فعلى سبيل المثال الأتراك لهم حساباتهم المتعلقة بالقضية الكردية كأولوية أمن قومي. والسعودية تخلّصت من النفوذ الإيراني، ولكنها متوجّسة من النفوذ التركي ومفاعيله الإخوانية. وإسرائيل أحيت مشروع الجنرال "غورو" لتقسيم سوريا إلى دويلات. وهذا خط أحمر تركي. والأمريكان في زمن ترامب معنيون بالنتائج متمثلة بسوريا جديدة تسمح لهم بالهيمنة على المنطقة وضمان أمن إسرائيل... ودول أخرى صغيرة في الإقليم، تعملقت بالنفط وبأدوارها الوظيفية، هي أيضا لها أطماعها وحساباتها الخسيسة..

كلّ هذه العوامل المحيطة بسوريا، أعادت اللّعب بورقة الأقليات إلى جدول أعمال أجهزة مخابرات القوى الخارجية، الأمر الذي يجعل الطائفية وسيلة حرب غير مباشرة، يستخدمها كل طرف لتخريب أجندة الطرف الآخر، وتحقيق مكاسب سياسية على حسابه، من خلال إشعال الحرائق على الحواف الطائفية، وعبر تفجير الصراعات بين السوريين كما هو الحال في السويداء هذه الأيام.

بمعنى أن مستقبل الخلافات الإقليمية ستُفضّ بالضغط على سوريا، وفواتيرها ستكون مكتوبة بالدم السوري..

مع الأسف الشديد مشهد العراق بعد 2003، هو نفسه مشهد اليمن بعد 2011، ومشهد ليبيا، وها هي سوريا تنتقل من مستنقع إلى آخر. ولا يجب أن يغيب على أذهاننا أن كل هذه الأوضاع الملتهبة بالفتن والمآسي منذ مئة عام، لها علاقة جذرية بالتفريط في فلسطين. وهذا ما يفرض إعادة طرح سؤال التحرّر الوطني ومواجهة الاستعمار، بوصفه سؤالا قوميا استراتيجيا، يُحيل على أولوية الوحدة العربية، وأولوية ترميم علاقات العرب بجوارهم الجغرافي الواقي: التركي والأيراني والأثيوبي. ومن الواضح أن النّخب العربية الحاكمة اليوم، في معظمها، جزء من بنية الهيمنة الاستعمارية. ولعلّها شريكة في جريمة الإبادة الجماعية في غزة بالصمت والتواطؤ. وعليه، فهي ليست مؤهّلة لقيادة معركة التحرر. ولست متأكّدًا من كون النّخب العربية المعارضة مختلفة كثيرا في علاقة بمسألة فكّ الارتباط بالاستعمار..
وللأجيال القادمة رأي وقرار.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صعوبة التّمييز يخلق فوضى النقاش حول المُستهدف من التغيير: ال ...
- صفقة ترامب/نتنياهو: هدنة في غزة مقابل -شرق أوسط-إسرائيلي
- غزة على أعتاب تهدئة... وفلسطين في مهبّ صفقة كبرى
- مجتمع ملفّق وعنصري
- المطالبة بفرض العقوبات على النظام ووقف المساعدات
- المواجهة التاريخية بين مشروعين
- الرد الإيراني على العدوان الأميركي
- إيران، من دولة محاصرة إلى نظام مخترق
- المواجهة الغربية الإيرانية: رهانات تغيير نموذج الحكم، وعوامل ...
- اسرائيل تعتدي على إيران بالوكالة
- مسار الصراع بين مشروعين
- من تحييد مصر إلى العدوان على إيران: معركة اقتلاع روح المقاوم ...
- المغزى السياسي والاستراتيجي من المواجهة العسكرية بين إيران و ...
- الكيان الصهيوني يتفكّك: فما هي الأسباب البنيوية والعوامل الم ...
- تشوّه البنية الكولونيالية وتحوّلاتها الاقتصادية والسياسية
- أمريكا هي الطاعون
- المسؤولية الشعبية في الصراع الفلسطيني الصهيوني وضرورات قلب ا ...
- قيس سعيّد وسياسة اللّيل
- دولة السبعين عامًا: بيروقراطية المصالح وصراع الطبقات في تونس ...
- مفهوم -الكتلة التاريخية- بين أنطونيو غرامشي والتلقي العربي: ...


المزيد.....




- إسرائيل تستهدف صيادين حاولوا دخول بحر غزة
- تداول فيديو لـ-الشرع بين أنصاره على تخوم السويداء-.. ما صحة ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يشيد بعملية -مطرقة منتصف الليل-
- العشائر السورية تعلن إخراج كافة مقاتليها من السويداء
- صحوة تونس القادمة تبدأ من هنا
- داخلية سوريا تعلن توقف اشتباكات السويداء والعشائر تتوعد برد ...
- أوكرانيا تقترح إجراء محادثات سلام جديدة مع روسيا الأسبوع الم ...
- مظاهرة في تل أبيب تدعو ترامب للضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب ...
- لهذه الأسباب تبدو الهدنة في غزة قريبة جدا
- فعاليات احتجاجية في الأردن رفضا لتجويع غزة?


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - الفتنة الطائفية في سوريا صنيعة الخارج