أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - مجتمع ملفّق وعنصري














المزيد.....

مجتمع ملفّق وعنصري


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 8387 - 2025 / 6 / 28 - 13:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المغالطة التي يتمّ ترويجها منذ سنوات، والقائلة بمصلحة الدول العربية في التطبيع وبمحاسن السلام وحسن آفاقه، قد تصلح مع أيّ مجتمع في العالم، إلا الكيان الإسرائيلي. فهذا "مجتمع" ركبّه المستعمرون الغربيون من عصابات مالية وشرائح اجتماعية متعصّبة دينيا استحال ادماجها في مجتمعاتها الأصلية من كل بقاع الأرض، ولفّقوا لها رواية بروتستانتية أصولية تربط بين قيام دولة اليهود في "أرض الميعاد" وعودة المسيح. وأقاموا على أساس تلك الرواية، الحركة الصهيونية كحركة سياسية عالمية تعمل على إقامة الدولة العبرية وحمايتها.
هكذا صنّع الاستعمار مجتمعًا عنصريا بِرٍمتِه، يعتقد في"الطبيعة الشريرة للإنسان غير اليهودي"، وفي"الاختيار الإلهي" بناءً على موروث ديني يبرر لهم القيام بكل الجرائم التي تراها الإنسانية غير شرعية وغير أخلاقية ومفزعة.
فمنذ وعد بلفور (1917)، الذي منح فيه البريطانيون "وطنًا قوميًا لليهود" في أرض يسكنها الفلسطينيون، بدأت سلسلة من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، تمثّلت في التهجير القسري لملايين السكان منذ نكبة 1948، وتدمير ملايين البيوت مئات القرى. واحتلال الضفة والقدس وغزة والجولان وسينا، وبناء المستوطنات في أراضي الناس بدعم حكومي وحماية عسكرية، والقتل الممنهج للمدنيين، بما فيهم الأطفال، وشن الحروب على المواطنين العُزّل، والحصار، والإبادة، والتجويع، والعقاب الجماعي، والتهويد القدس...
جميع هذه الجرائم وثّقها العالم، ولكنها ظلت إدانتها على نحو انتقائي تبريري غربي.

إلى جانب هذه الجرائم، هنالك جرائم أخرى خصّصت لها إسرائيل مراكز أبحاث ومؤسسات تعليمية وخبراء ومؤسسات أمنية ينحصر عملها في بناء شبكات تجسس في جميع المجتمعات العربية. ومثلما انتدبوا المستعربين في الأجهزة الأمنية للتغلغل في الجسد الفلسطيني، جنّدوا جواسيسا في صورة رجال دين وممثلين وراقصات وعلماء ورياضيين وباعة متجولين ورجال آثار وأكاديميبن، بل زرعوا عملاء لهم في أغلب شركات الأمن الخاصة التي تستأجرها الدول العربية.

بهذ السياق، بعثت إسرائيل مراكز بحث وفرز وتقدير لتحديد الشرائح الاجتماعية العربية التي تعاني من الشعور بالمظلومية ضمن الأقليات الدينية أو العرقية أو الفقراء، بغاية استغلال مشاعر النقمة والاضطهاد لتوظيفها وتحويلها إلى انتقام مقابل الغواية المالية أو الجنسية أو السياسية حتّى.

لسائل أن يسأل: ولماذا كلّ هذه المراكز والجهود والاموال؟
الغاية هي منع العرب من التطور أو الوحدة. لأن هذا هدف استراتيجي إسرائيلي في زمن الحرب أو في زمن السلام الموهوم. ومن الناحية المنطقية، أعتقد أن إسرائيل كجسم استيطاني إحلالي غريب ثقافيا عن المنطقة، تفكر تفكيرا سليما من منظور أمنها، فهي لا تستطيع أن تطمئن للعرب، وعلى ذلك هي مجبرة على الاندساس وزرع العملاء في كل تفاصيل حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والثقافية، باعتبار ذلك ركنا مركزيا في السياسة الأمنية. ولم تبنِ إسرائيل أوهاما على السلام المزعوم مع مصر أو الاردن أو غيرها، ببساطة لانها تدرك، من خلال التاريخ القديم والمعاصر، أن العرب تمكنوا في خاتمة كل حقبة تاريخية من طرد الغزاة الذين استعمروا أرضهم، من الرومان والصليبيين إلى العثمانيين وصولا إلى فرنسيين والانقليز والإسبان والطليان..

لذلك فإن اتفاقيات السلام لم تُنهي النّنزاع، ولن تغيّر من الطبيعة العدوانية لهذا الكيان. بل سهّلت التغلغل الأمني الإسرائيلي في المجتمعات والهيئات الرسمية العربية. حيث أصبح المجال مفتوحا على مصراعيه بفضل معاهدات السلام.
ولعله من المهم رصد عمليات التجسس والاغتيالات في كل دولة عربية ممن انخرطت في معاهدة سلام مع إسرائيل، لنكتشف أن النتائج أكبر مما يتخيل أشد الناس إحباطًا. فعلى سبيل المثال، أعلنت مصر قبل فترة عن أن خلايا التجسس الإسرائيلي في مصر بعد توقيع اتفاق السلام عام 1979 تجاوز عددها 120 خلية تجسس، بل أن 86% -حسب التقارير الرسمية المصرية- من جرائم التهريب وتزوير العملات ارتكبها إسرائيليون داخل مصر. وبلغ عدد قضايا المخدرات التي شارك فيها إسرائيليون ما يعادل 420 قضية سنويا. وكل ذلك في عهد السلام ومع احترام مصري مطلق لكل بنود معاهدتها مع إسرائيل. فما بالك بإيران التي تبنّت شعار "الموت لإسرائيل" لمدة أربعين عاما.

من هذا المنطلق المعروض أعلاه، الوجود الصهيوني مصيبة كبرى. وتكريس الاعتراف به كارثة لا قبلها ولا بعدها.
من جهة أخرى، ليس غريبا أن تعلن إيران إلقاء القبض على حوالي 700 ممن وصفتهم حرفيا ب "عملاء الموساد". ولا هو غريب ما تعرّض له حزب الله. وبالتّالي فإن التّشكيك في جدارة مواجهة إيران للمشروع الصهيوني، اعتمادا على موضوع الاختراقات الأمنية وتفسيرها تفسيرا سطحيًا لا يفيد في فهم الأمور على نحو موضوعي وجدّي.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المطالبة بفرض العقوبات على النظام ووقف المساعدات
- المواجهة التاريخية بين مشروعين
- الرد الإيراني على العدوان الأميركي
- إيران، من دولة محاصرة إلى نظام مخترق
- المواجهة الغربية الإيرانية: رهانات تغيير نموذج الحكم، وعوامل ...
- اسرائيل تعتدي على إيران بالوكالة
- مسار الصراع بين مشروعين
- من تحييد مصر إلى العدوان على إيران: معركة اقتلاع روح المقاوم ...
- المغزى السياسي والاستراتيجي من المواجهة العسكرية بين إيران و ...
- الكيان الصهيوني يتفكّك: فما هي الأسباب البنيوية والعوامل الم ...
- تشوّه البنية الكولونيالية وتحوّلاتها الاقتصادية والسياسية
- أمريكا هي الطاعون
- المسؤولية الشعبية في الصراع الفلسطيني الصهيوني وضرورات قلب ا ...
- قيس سعيّد وسياسة اللّيل
- دولة السبعين عامًا: بيروقراطية المصالح وصراع الطبقات في تونس ...
- مفهوم -الكتلة التاريخية- بين أنطونيو غرامشي والتلقي العربي: ...
- في جوهر سؤال محمد لخضر الزغلامي: نحو نظرية عملية لتنظيم الطب ...
- أوروبا المتأرجحة بين العجز والمراوغة، ما الذي غيّر موقفها من ...
- النهضة أسقطتها جرائمها
- حركة النهضة في أيامها الأخيرة


المزيد.....




- روسيا تحشد 110 آلاف جندي قرب مدينة أوكرانية استراتيجية وفقا ...
- رأي.. عمر حرقوص يكتب: لبنان المتحارب بين -أهلَين-.. صواريخ - ...
- بي بي سي داخل مبنى التلفزيون الحكومي الإيراني الذي تعرض لقصف ...
- إيران تُشيّع جثامين قادة عسكريين وعلماء نوويين قتلوا في المو ...
- السودان: البرهان يستجيب لهدنة إنسانية في الفاشر لمدة أسبوع
- تحوّل في خيارات التعليم بالصين: الشباب يصطفّون للانضمام إلى ...
- النمسا: عواصف قوية وبَرَد كثيف يشلّان مهرجانًا شهيرًا
- عراقجي يقول إن الإيرانيين -لم يستسلموا- والحوثيون يعلنون إطل ...
- صحف عالمية: إسرائيل تفشل إستراتيجيا بغزة وداخليا بعد حرب إير ...
- إعلام إسرائيلي: ما ندفعه من أثمان بغزة لا يستوعبه عقل وجنودن ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - مجتمع ملفّق وعنصري