أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - في جوهر سؤال محمد لخضر الزغلامي: نحو نظرية عملية لتنظيم الطبقة العاملة في زمن الرأسمالية الرقمية الكولونيالية















المزيد.....

في جوهر سؤال محمد لخضر الزغلامي: نحو نظرية عملية لتنظيم الطبقة العاملة في زمن الرأسمالية الرقمية الكولونيالية


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 8354 - 2025 / 5 / 26 - 15:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إنّ أي محاولة جادة لبناء حركة عمّالية ديمقراطية مستقلة، تناضل ضد رأس المال، وتتصدى لتحولات الشغل في العصر الرقمي، مطالبةٌ أولاً بالإجابة عن سؤال نظري-عملي:
ما هي الشروط الضرورية لإمكانية هذا البناء؟

الواقع الطبقي في بلادنا لا يخضع للثنائيات الكلاسيكية الواضحة بين بورجوازية وطبقة عاملة كما تشكلت في أوروبا القرن التاسع عشر، بل هو خارطة فئات اجتماعية مختلفة المواقع متعددة الأنشطة الإنتاجية، وقد تعقّدت مع تصاعد قطاعات خدمية عديدة، وتوسع أشكال العمل الهش غير النظامي، بحيث نجد الطبقة العاملة الصناعية تمثل 31% من مجموع المنتجين. وبجوارها نجد طبقة برجوازية صغيرة ممتدة (تجار صغار، حرفيين، أصحاب مقاهي، سواق تاكسي، سماسرة أسواق، موظفين، مهنيين أحرار، عمّال الحضائر، البناء، النقل غير المنظّم، التجارة الجائلة… وكذلك عمال الاقتصاد الفوضوي وغير الرسمي الخارج عن المنظومة القانونية للدولة، والذي يمثّل مخرجات بنية اقتصادية غير قادرة على خلق شغل قار ومنتج....)

هذه الفئة توسّعت أكثر من حجمها الطبيعي بسبب ضعف الرأسمال الوطني وغياب صناعة قوية، وتضخم القطاع الخدمي والتجاري الهش، وتمدّد الاقتصاد الموازي. وبالتالي صارت هذه الطبقة البرجوازية الصغيرة الممتدة قوة اجتماعية وازنة عدديًا لكنها بحكم طبيعتها مترددة سياسيًا. وليس لها مشروع مستقل. وميّالة للحفاظ على الوضع القائم. وتخشى التحوّلات الجذرية. ولكنها قد تنفجر حين تُهدّد مصالحها الصغيرة. هذا علاوة على كونها شديدة التشتّت، بلا حماية اجتماعية، ويصعب تنظيمها نقابيًا، رغم هشاشتها أمام الاستغلال.

في ظنّي هذا هو المشكل البنيوي الذي الذي حال دون ظهور "تنظيم عمّالي ديمقراطي مستقل وجذري"، (طبعا إضافة إلى مُعيقات أخرى ذاتية لها علاقة بطبيعة تطوّر النخبة اليسارية).

في هذا المشهد المُتّسم بتشتّت حوالي 70% من قوى التغيير، كان طبيعيا أن تلعب البيروقراطية الحزبية والنقابية دور العازل، أكثر مما تلعب دور الأداة النضالية. ولهذا يبدو أن المطلوب ليس فقط تنظيمًا للطبقة العاملة كما طرح محمد لخضر، بل إعادة إنتاج الوعي الطبقي ذاته، ارتباطا بسياق بلادنا وتعقيداته، والاشتغال بكثير من التعاون والمثابرة الفكرية الجادّة على إبداع آليات نضال جديدة تُنظّم قوة اجتماعية ديمقراطية مستقلة تضمّ الطبقة العاملة الصناعية.

المسألة الثانية، هي الثورة الرقمية، باعتبارها معركة على الوعي قبل أن تكون معركة اقتصادية. لأنها لم تعد مجرّد تقدم تقني، بل هندسة شاملة لإعادة تشكيل الوعي البشري والعلاقات الاجتماعية، من خلال سيطرة الإمبريالية على الفضاء الرقمي والذكاء الاصطناعي. ولقد صُممت هذه الثورة لصالح تعظيم الربح، والتحكم في المعرفة، وتصفية الوعي النقدي وإغراق الفئات الشعبية في دوامات الاستهلاك والترفيه.

وفي هذا، علينا الاعتراف بأن قوى اليسار تقف أمام فجوة رقمية كارثية. فهي لا تملك الأدوات ولا الرؤية لتوظيفها، وتعاني أمّية رقمية مركبة: أمية استعمال وأمية وعي.
وهذه قضية تتطلب الاهتمام والعمل على محو الأمية الرقمية داخل صفوف الحركة العمالية واليسارية، من خلال بناء منصات رقمية مستقلة تُمكن من التواصل الآمن. وتدريب الإطارات على فهم منطق السيطرة الرقمية وآليات الهيمنة الخوارزمية، لتحويل أدوات الرقمنة إلى أدوات تعبئة وتنظيم ومقاومة.

بمعنى ضرورة بناء الاستقلالية التكنولوجية والفكرية والتنظيمية. أذ لا يمكن لحركة يسارية أن تنتصر، وهي تُخضع تنظيمها وخطابها وأجهزتها الإعلامية وكوادرها ومناضليها لأنظمة خوارزمية وفضاءات رقمية يتحكم فيها العدو الطبقي. وعليه لا يمكن التفكير قي مشروع حرركة عمالية مستقلة دون بناء أدوات إعلامية مستقلة وشبكات تواصل آمنة، وتأهيل تقنيين يساريين قادرين على صناعة أدواتهم التكنولوجية البديلة.
هذه الاستقلالية التكنولوجية شرط جوهري يوازي في أهميته الاستقلالية الفكرية والسياسية والتنظيمية.

المسألة الثالثة، من الأهمية بمكان بناء الوعي الطبقي في سياق نمط الإنتاج السائد في تونس. والقطع نهائيا مع اللعبة السخيفة التي قامت على استنساخ الأفكار والتجارب. ذلك أن الرأسمالية في بلدان الجنوب ـومنها بلادنا- لم تعرف طورًا صاعدًا تقدميًا. كما كان الأمر في أروبا التاسع عشر، بل ولدت مشوهة، تابعة، عاجزة عن تصفية علاقات الإقطاع ومواجهة الهيمنة الإمبريالية، فخلقت بنية مشوهة، تتكون من بيروقراطية مُرتشية في دولة هجينة، وعلاقة إنتاج في خدمة رأس المال الكولونيالي المندمج بعصابات اقتصادية محلية طفيلية فاسدة، يصعب تصنيفها ك"برجوازية"، هي شريحة ثريّة خليعة ورجعية في نفس الوقت ومارقة عن القانون، تربح ولا تبني شيئا.

هذا الوضع أنشأ بنية اجتماعية تراكم فيها نمط إنتاج رأسمالي مشوّه، وبقايا علاقات ما قبل رأسمالية. واقتصاد ريعي، وعمالة هشة وبرجوازية صغيرة واسعة ومشتتة، وقوى طبقية نافذة تستحوذ بالتعاون مع الأجنبي على 80% من القطاعات المنتجة، تصنع السياسات والسياسيين من وراء الستار، على نحو شبيه بشغل المافيا.

وبالتالي فإن مشروع الحركة العمالية المستقلة في هذا السياق لا يمكن أن يتماهى مع تجارب المركز الرأسمالي، بل عليه أن يبتكر نظريته المحلية الخاصة، ويتبنى فك التبعية للإمبريالية، إصلاح ديمقراطي يُصفّي العلاقات ما قبل الرأسمالية.

بالمحصلة، أي حركة عمالية جديدة مطالبة بأن تتقن قراءة التناقضات الطبقية العامة المتداخلة مع تناقضات اجتماعية أخرى خاصة بين القوى البيروقراطية والطبقات الكادحة. وعلى أساسها تصوغ أدوات عمل نضالية جديدة عابرة للفئات، تبدأ من مطالب يومية بسيطة وتنتهي بمشروع سياسي بديل، يقوم على أطر مرنة تتجاوز الجمود التنظيمي التقليدي، وخطاب سياسي متجدد يزاوج بين التحليل الطبقي والدفاع عن قضايا الحريات الفردية والرقمية والبيئية.

ختاما، أشكر الرفيق محمد لخضر الذي أثار أحد أهم الأشكاليات التي تواجه الطبقة العاملة. وأما الكراس المرشد للعمل، فليس أمنية طوباوية. وبإمكاننا أن نتعاون لإنتاج وثيقة نظرية متحرّرة من عنتريات الشتم اليومي ولعن الظلام. وطبعا على اليسار أن يتجرّأ على ممارسة الكتابة النظرية العملية، وعلى مواجهة واقعه، وعلى تحديد قوانين تطوره، وعلى كشف خصوصية بنيته الطبقية، وعلى صياغة أدواته الرقمية والتنظيمية، وعلى خوض معركته الفكرية والتنظيمية.
والتاريخ هو كتابة واعية للصراع. ومن لا يمتلك قلمًا ولا شجاعة النظر عليه "أن يصمت أو يقل خيرًا".

مع الاحترام والتقدير



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوروبا المتأرجحة بين العجز والمراوغة، ما الذي غيّر موقفها من ...
- النهضة أسقطتها جرائمها
- حركة النهضة في أيامها الأخيرة
- التحليل السياسي والفكري يجب أن يتمّ بعيدًا عن العواطف والموا ...
- صوت يأتي من بعيد
- الإمبريالية وتمويل المجتمع المدني في دول الجنوب العالمي
- بين الثورة والإصلاح
- حول القاضي والمُتّهم
- تهرم سكاني في تونس وانفجار ديمغرافي إفريقي: قراءة استراتيجية ...
- جذور المركزية الأروبية ومآلاتها البربرية
- العوامل التي تمنع إقدام الغرب على تنظيم سيناريو الإطاحة بقيس ...
- لماذا تعود الشعوب والأمم لقراءة تراثها وتفتيشه وبحثه وتمحيصه ...
- حوار مع صديق لا يستقرّ على رأي
- في منزلق سؤال الوزير السابق، السيد عبد اللطيف المكي عن -احتر ...
- دواعي تسريب المكالمة الهاتفية بين عبد الناصر ومعمر القذافي ف ...
- شعبي الذي خذله اللّصوص
- النفاق السياسي والانتهازية كأسباب لأزمة الثقة السياسية في تو ...
- بين الاستبداد والفاشية: خديعة المصطلح
- حدث 25 جويلية، صراع الإرادات: بين استئناف المسار الثوري، وإع ...
- العلم والسلطة: تفكيك العروبة الحضارية في شمال إفريقيا والشرق ...


المزيد.....




- سوريا.. تعبير السعودية عن -ارتياحها- وتعليق وئام وهاب يثير ت ...
- سوريا.. فيديو استهداف القوات السورية في السويداء ينشره الجيش ...
- جفاف تاريخي يضرب لبنان.. بحيرة القرعون في أدنى مستوياتها وته ...
- جندي إسرائيلي بحالة خطرة في رابع محاولة انتحار خلال 10 أيام ...
- أوقاف سوريا.. ثروة عقارية تحت أنقاض الفساد
- لماذا تزايدت هجمات الطائرات المسيّرة على كردستان العراق؟
- مصر.. علاء مبارك يعلق على ما قاله محمد متولي الشعراوي لوالده ...
- -الملكة العذراء-: أسرار الحب والسلطة في حياة إليزابيث الأولى ...
- البنتاغون يعلن عودة 2000 جندي من قوات الحرس الوطني المنتشرين ...
- يديعوت أحرونوت: نتنياهو أعطى مرونة أكبر لفريق التفاوض


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - في جوهر سؤال محمد لخضر الزغلامي: نحو نظرية عملية لتنظيم الطبقة العاملة في زمن الرأسمالية الرقمية الكولونيالية