أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عزالدين بوغانمي - دواعي تسريب المكالمة الهاتفية بين عبد الناصر ومعمر القذافي في جويلية 1970














المزيد.....

دواعي تسريب المكالمة الهاتفية بين عبد الناصر ومعمر القذافي في جويلية 1970


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 8335 - 2025 / 5 / 7 - 17:53
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


المكالمة الهاتفية بين الزعيم جمال عبد الناصر والمغفور له معمّر القذّافي، كمين للأحياء وللسّلاح. وليس المقصود مدح الحبيب بورقيبة، ولا ذمّ جمال عبد النّاصر.

هنالك قاعدة تفيد بأنّ تسريب المكالمات السرّية لشخصيات عامّة، لا يُفهم أبدًا بما ورد فيها من كلمات، بل يُفهم بتوقيت نشرها، وسياقاتها السياسية، وتحديد المُتضرّرين من هذا البثّ، وأصحاب المصلحة في ترويجه... إلخ.

لذلك، فإنّ بثّ مكالمة جمال عبد الناصر مع القذافي في صيف 1970 حول ما يُعرف بـ"مبادرة روجرز"(*) في هذا التوقيت بالذّات، ليس حدثًا معزولًا عن السّياق العربي اليوم. بل هو جزء من حملة إعلامية تقودها أنظمة عربية مُطبِّعة. وفي الواقع، لا تتّجه نواياها لضرب رمزية عبد النّاصر بقدر ما تستهدف فكرة تحرير فلسطين.

بمعنى أن هدف الحملة ليس التشويه الشخصي لعبد الناصر، ولا تمجيدًا للحبيب بورقيبة، بل تقويضٌ لأُسس فكرة المقاومة(**)، وتبرير الضّغوط على فصائلها، ودفعها نحو نزع السّلاح والاستسلام، تمهيدًا لتصفية القضيّة وترك غزّة وحدها في مواجهة الإبادة.

لماذا الآن؟

منذ بثّت المكالمة المُسرّبة، لم تهدأ القنوات العربية ذات التوجّه الصهيوني، ولم تتوقّف عن تثبيت "اعتراف عبد الناصر" بالكيان، وكونه بذلك "الاعتراف" المُفتعل، يُعدّ سياسيًّا عقلانيًّا ورجل دولة ذكيًّا... غاية هذه القنوات ومن يقف وراءها، هي محاولة تقويض أُسس فكرة الصّمود وعدم الاعتراف بالاحتلال.

ردًّا على هذا الهجوم المتخابث على المقاومة، بافتعال سرديّة استسلام عبد الناصر، نُذكّر بما دلّت عليه التّطورات التي تلت قبول عبد الناصر بـ"مبادرة روجرز"، أنّ الرّجل لم يكن يثق بالأمريكان، في قرارة نفسه، ولا بجدوى تلك المبادرة. إنّما قبِل بها كغطاء سياسي مكَّنه من بناء حائط صواريخ دفاع جوّي غرب القناة، لمجابهة الطيران الإسرائيلي في تلك المرحلة، ولاحقًا لتغطية القوات المصرية التي ستعبر القناة في الحرب المنتظرة.

وهو ما كان خلال حرب أكتوبر 1973، حيث غطّت مظلّة الدفاع الجوي المصري عمق 15-20 كيلومترًا داخل سيناء، الأمر الذي مكّن من العبور، بأقلّ الأضرار الممكنة من الناحية العسكرية. بمعنى: عبد الناصر كان يستعدّ للمعركة، وقبوله بمبادرة روجرز هو جزء من الاستعداد للحرب. ولم يكن بإمكانه، في ذلك الظرف، الإفصاح عن نواياه لا للقذافي، ولا للفلسطينيين الذين ندّدوا به، ولا لغيرهم.

وبقطع النّظر عن تفاصيل وقائع التاريخ التي تدحض سرديّة الاعتراف والاستسلام المُزوّرة، والتي يُرادُ من خلالها المشاركة في نزع سلاح المقاومة وتعليق الجريمة على قامة عبد الناصر، وبقطع النظر عن أنّ أصحاب العقول يُدركون أن هذا الادّعاء يُعتبر عمليّة عسكرية صهيونية من نوع خاص، حيث يتمّ قصف التاريخ هذه المرّة لمحو المقدّمات الرمزية للمقاومة والصمود...

بقطع النّظر عن كلّ هذا، هنالك سؤال بسيط يطرح نفسه، ويحمل روح الحقيقة:

لماذا ظلّ عبد الناصر حيًّا بين الناس بعد وفاته، وإلى اليوم؟

الجواب:
مهما اختلفنا حول هذا الرّجل — ونحن فعلًا عندنا تقييمنا لأسباب فشل مشروعه في قيادة حركة التحرّر الوطني العربية، ونعتقد أن الرّئيس السّادات والمسار الذي انتهى إليه، قرينة قاطعة على أن فشل المشروع ارتبط بالبنية الطبقية للدولة النّاصرية نفسها، وليس بشخص عبد الناصر.
وعندنا فهمنا الموضوعي لأخطائه.

لكنّنا نعرف بأنه لم يستسلم حين انهزم في 1967. ولم يُفرّط في فلسطين. بل وجّه كلّ جهود مصر لإعادة هيكلة القوات المسلحة وبنائها وتسليحها في انتظار المواجهة. ولذلك، وخلافًا لما تُروّجه الرجعية اليوم، نحن نعتبر، على وجه اليقين، أن جمال عبد الناصر مات يُحارب على الجبهة.


---

(*) مبادرة روجرز: مبادرة لوزير الخارجية الأمريكي (روجرز) في عهد ريتشارد نيكسون، تضمّنت نقطتين أساسيتين:

وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر.

وتطبيق القرار 242.


(**) كان لعبد الناصر دور كبير في إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، ورعايتها، وتدريبها، وتسليحها. وقبلها حركة فتح، وقبل ذلك حركة القوميين العرب التي ستصبح لاحقًا الجبهة الشعبية.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعبي الذي خذله اللّصوص
- النفاق السياسي والانتهازية كأسباب لأزمة الثقة السياسية في تو ...
- بين الاستبداد والفاشية: خديعة المصطلح
- حدث 25 جويلية، صراع الإرادات: بين استئناف المسار الثوري، وإع ...
- العلم والسلطة: تفكيك العروبة الحضارية في شمال إفريقيا والشرق ...
- القانون الدولي بين مبدأ عدم التدخل، ومسؤولية الحماية: آليات ...
- إضاءات حول المعتزلة
- آثار الدّعاية -الإسرائيلية- في الخطاب اليومي
- حول العبارة الخاطئة المنسوبة لكارل ماركس -إياكم والمساومة عل ...
- في إنكار دوغمائية اليسار
- الأزمة السياسية في تركيا وصراع البرجوازية الحاكمة
- وثيقة موجهة إلى رئيس الجمهورية: من الغضب إلى الفعل، ومن الخط ...
- عنوان الحرب هو التطهير العرقي. وليس استرداد الرّهائن
- زلزال سياسي في تركيا: بين اهتزاز شرعية أردوغان وصعود المعارض ...
- دعوة للارتقاء بالنّقاش وإخراجه من دائرة القدح العشوائي.
- مَن يقود الشرق الأوسط، لا بدّ له من السيطرة على سوريا
- سوريا في بيئة ملتهبة بالصراعات الدولية والإقليمية
- وتستمر المعركة بين الدم والغطرسة
- مفاعيل الإبادة الجماعية، وبداية تفكك الأبارتهايد الصهيوني
- المعارضة التونسية ستندثر إذا لم تُعيد تعريف نفسها وتتصالح مع ...


المزيد.....




- “الشوربجي” ترهب العمال المضربين بالفصل والنقل وقطع الحافز.. ...
- نداء توحيد فعل اليسار: الدواعي والمضمون والمصاعب والأفق؛ الم ...
- من أجل الحق في الإجهاض الآمن: نحو تحرر فعلي لأجساد النساء
- جريدة النهج الديمقراطي العدد 603
- الجبهة الديمقراطية: مجازر اليوم تحظى بتغطية أمريكية وهدفها ف ...
- بوتين يشيد بدور مادورو: -أنتم تواصلون مسيرة شافيز-.. تفاصيل ...
- إدارة ترامب تتقصى عن سيطرة متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين على م ...
- الصحفيون كسروا عصا السلطة ورفضوا جزرتها: يتبقى الاستقلال وال ...
- “الشوربجي” توقف 18 عاملاً من المضربين وتحيلهم إلى التحقيق
- الطالبة روان.. الموت مجانًا بدلاً من التعليم


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عزالدين بوغانمي - دواعي تسريب المكالمة الهاتفية بين عبد الناصر ومعمر القذافي في جويلية 1970