أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - المسؤولية الشعبية في الصراع الفلسطيني الصهيوني وضرورات قلب الطاولة على النظام الاستعماري الدولي















المزيد.....

المسؤولية الشعبية في الصراع الفلسطيني الصهيوني وضرورات قلب الطاولة على النظام الاستعماري الدولي


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 8362 - 2025 / 6 / 3 - 15:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يشهد العالم اليوم تحوّلاً نوعيًا في ميزان القوى الدولي، حيث لم تعد القطبية الأحادية التي فرضتها الولايات المتحدة منذ أوائل تسعينيات القرن العشرين مطلقة كما كانت. إذ برزت قوى دولية صاعدة مثل الصين وروسيا ومجموعة بريكس، وظهرت شروخ متنامية في النظام النيوليبرالي الغربي الذي ظل يهيمن على الاقتصاد والسياسة لخمسة قرون. ومع ذلك، لم ينعكس هذا التحوّل حتى الآن في مواقف الأنظمة العربية إزاء القضية الفلسطينية.

المفارقة أن الشارع العربي، رغم غليانه الموسمي، بقي إلى حدّ بعيد خارج دائرة الفعل المؤثّر، بينما تماهت الأنظمة مع الدوائر الاستعمارية الغربية، ليس فقط بسبب حسابات المصالح، بل نتيجة ارتباطات بنيوية جذرية يستحيل تفكيكها دون تغيير هذه الأنظمة. لذلك، لا يمكن التعويل على الحكومات القائمة، وإنما الرهان الحقيقي يجب أن يكون على الشارع، الذي يمتلك وحده القدرة على تحريك المعادلة وقلبها متى توفّرت الإرادة وقرّر ذلك.

منذ اتفاقية "سايكس - بيكو" وما تلاها من تمزيق للمنطقة، تأسّست أغلب الأنظمة العربية ضمن منظومة وظيفية، خاضعة لهيمنة استعمارية مباشرة أو غير مباشرة. وظلّت هذه الأنظمة تحافظ على استقرار مصالح الغرب مقابل حماية عروشها.

لا يمكن أن نفهم على نحو جليّ مواقف الدول العربية وعدائها للمقاومة ما لم نفهم جذور قيام هذه الانظمة والمشروع الذي تأسست ضمنخده.

لقد صنع تقسيم سايكس - بيكو دولا مُصطنعة جغرافيا وديمغرافيا، ثمّ نصّب الفرنسيون والانقليز طبقة حاكمة تتكوّن من الأقليات. والأقليات شكلت ورقة ذات أهمية بالغة بيد الاستعمار منذ أواسط القرن التاسع عشر. وحتى بعد الاستقلال واصل الاستعمار السيطرة على المنطقة من خلال تلك الأقليات الطائفية الدينية (العلويين في سوريا، النوارنة في لبنان، الهاشميين في العراق والأردن. وفي أحيان أخرى كانت أقلية اجتماعية: أبناء أعيان المدن الذين تلقوا تعليما حديثا في المدارس الغربية خلال فترة الاستعمار. وفي وقت لاحق ستكون هذه الأقليات فئوية (ضباط العسكر).

هذا العطب الكبير الذي رافق الدولة العربية من اللحظة الأولى، هو أخطر الأعطاب على الإطلاق. ذلك أنّ رموز هذه الأقليات التي شكّلت الطبقة الحاكمة يعرفون أنهم أقلية. وواعون بأنهم وصلوا إلى الحكم دون انتخابات وبدون شرعية شعبية. وهذا فاقم شعورهم بالتهديد. وكان ذلك السّبب الرئيسي في عدد من المشاكل البنيوية المنتجة لأزمات تتوالد من بعضها وتتراكم باستمرار.

واحدة من أهمّ هذه المشاكل، هي ارتباط هذه الطبقة الحاكمة المذعورة بالدوائر الاستعمارية والاتّكاء عليها، وربط مصالح الخارج باستمرارها في الحكم، كتعويض عن الشرعية الشعبية. وهذا أدى، كما كان مخطط له، إلى تواصل السيطرة الاستعمارية على ثروات العرب، على أسواقهم، وعلى سياساتهم العمومية. بحيث أصبحت هذه الأنظمة جزءً أساسيا من المشروع الاستعماري وضلع من أضلعه وزراع من أذرعه. ولا يمكنها أن تتصرف خارج الولاء والتبعية. ينطبق هذا الوضع على الجميع، على امتداد ساحة ممزقة ودول هشّة ومنكوبة تشتغل ضد مصلحة الناس.

هذا هو الاطار التاريخي والاستراتيجي لارتهان القرار السياسي العربي لعواصم الغرب. وهو إطار التطبيع المتزايد مع الكيان الصهيوني، بشكل مباشر أو عبر قنوات استخباراتية ودبلوماسية. وهو ما يفسر استهداف أي حراك شعبي مقاوم داخل بلدانها، خوفًا من انتقال العدوى.

وبالتالي، لا يمكن انتظار موقف مستقل أو وطني من هذه الأنظمة، لأنها غير معنية بتحرير فلسطين، بل تعتبرها عبئًا على شرعيتها.

لكن علينا أن نعترف بمسؤولية الشارع العربي عن غياب الفعل المؤثّر. بمعنى أن استمرار المشروع الصهيوني ليس فقط بسبب الأنظمة وحدها، بل إن الشارع العربي، رغم ثوراته وانتفاضاته، ظل عاجزًا عن مراكمة فعل سياسي استراتيجي مؤثّر. ويُعود ذلك إلى عدة عوامل:
تفكك البُنى السياسية والتنظيمية بسبب الحصار والمنع. حاجة الناس المتزايدة للخبز وعُسر المعيشة عمّم ثقافة اللامبالاة، إضافة إلى سيطرة خطاب إعلامي مروّج للهزيمة. واستسلام قطاعات واسعة من النخب المثقفة وانتقالها إلى ثقافة التطبيع بذريعة الممكن والمصلحة المحلية".

لذا، فإن أولى المهام العاجلة المطروحة على الشباب لنصرة غزة، هي إعادة بناء الحاضنة الشعبية على أساس مشروع تحرري حقيقي يفرض على الأنظمة والمجتمع الدولي الإرادة الفلسطينية.

ماهي الإجراءات الموجعة التي يمكن للعرب فرضها على الأنظمة وعلى الصهاينة وعلى المجتمع الدولي برمته.

يمتلك العرب، شعوبًا ونخبًا وحركات مقاومة، مجموعة من الأوراق التي لم يُحسنوا استثمارها. ومن بين الإجراءات القادرة على قلب المعادلة:

* الاستمرار في المقاطعة الشعبية الشاملة لكل أشكال السلع والخدمات والشركات الغربية المتواطئة مع الكيان الصهيوني.

*. كسر الحصار

*.فرض وقف تصدير النفط والغاز عن الدول الداعمة لإسرائيل في حالات العدوان الواسع.

*. إغلاق القواعد العسكرية الأجنبية في الدول العربية أو تعطيل نشاطها عبر التحركات الشعبية.

*. التصعيد الإعلامي والثقافي على المستويين العربي والدولي لفضح جرائم الاحتلال.

*. تنظيم مسيرات مليونية متزامنة في العواصم العربية باتجاه سفارات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

*. دعم المقاومة بالمال من قبل رجال الأعمال العرب خارج الإطار الرسمي.

*. تحريك الجاليات العربية في أوروبا وأمريكا للضغط السياسي والشعبي والإعلامي.

هذه الإجراءات لا تحتاج إلى قرار حكومي بل إلى إرادة شعبية واعية، وهي قادرة على إرباك المنظومة الصهيونية ومراكز القرار الغربي.

التحوّل في ميزان القوى الدولي وأوراق العرب الرابحة

إن التحوّل الجاري في بنية النظام الدولي يشكّل فرصة تاريخية للعرب. إذ تتراجع الهيمنة الأمريكية بالتوازي مع صعود قوى كبرى تناهض الأحادية القطبية. ومن هنا يمكن استثمار التحالف مع القوى الصاعدة (الصين - روسيا - إيران - دول بريكس) لخلق شبكة دعم للمقاومة. بالتوازي مع ابتزاز أوروبا اقتصاديًا من خلال النفط وورقة الهجرة. وكذلك استغلال انهيار صورة الولايات المتحدة في الرأي العام العالمي، خصوصًا بعد مجازر غزة ورفح، للضغط الدبلوماسي والأممي.

بهذه الطريقة فقط يمكن إعادة الاعتبار للحق الفلسطيني بوصفه قضية تحرر وطني وإنساني، لا صراع حدود أو أديان. فبعد الطوفان لم تعد القضية الفلسطينية شأنًا محليًا أو إقليميًا، بل هي عنوان اختبار ضمير العالم كله. والمسؤولية لم تعد ملقاة على الأنظمة ولا على الفصائل وحدها، بل على الشارع العربي أولًا وأساسًا. فقد ثبت تاريخيًا أن الأنظمة لا تتحرّك إلا تحت ضغط شعبي هادر، وأن التوازنات الدولية وحدها لا تحرّر أرضًا ولا شعبًا ما لم يستثمرها أصحاب الحق.

لذلك، ربّما آن الأوان لبناء حركة شعبية عربية منظمة، تحمل مشروعًا تحرريًا واضحًا، وتستخدم ما يمتلكه العرب من أوراق ضغط سياسي واقتصادي وإعلامي لفرض الإرادة الفلسطينية على العالم، قبل أن تُغلق هذه النافذة التاريخية.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قيس سعيّد وسياسة اللّيل
- دولة السبعين عامًا: بيروقراطية المصالح وصراع الطبقات في تونس ...
- مفهوم -الكتلة التاريخية- بين أنطونيو غرامشي والتلقي العربي: ...
- في جوهر سؤال محمد لخضر الزغلامي: نحو نظرية عملية لتنظيم الطب ...
- أوروبا المتأرجحة بين العجز والمراوغة، ما الذي غيّر موقفها من ...
- النهضة أسقطتها جرائمها
- حركة النهضة في أيامها الأخيرة
- التحليل السياسي والفكري يجب أن يتمّ بعيدًا عن العواطف والموا ...
- صوت يأتي من بعيد
- الإمبريالية وتمويل المجتمع المدني في دول الجنوب العالمي
- بين الثورة والإصلاح
- حول القاضي والمُتّهم
- تهرم سكاني في تونس وانفجار ديمغرافي إفريقي: قراءة استراتيجية ...
- جذور المركزية الأروبية ومآلاتها البربرية
- العوامل التي تمنع إقدام الغرب على تنظيم سيناريو الإطاحة بقيس ...
- لماذا تعود الشعوب والأمم لقراءة تراثها وتفتيشه وبحثه وتمحيصه ...
- حوار مع صديق لا يستقرّ على رأي
- في منزلق سؤال الوزير السابق، السيد عبد اللطيف المكي عن -احتر ...
- دواعي تسريب المكالمة الهاتفية بين عبد الناصر ومعمر القذافي ف ...
- شعبي الذي خذله اللّصوص


المزيد.....




- شاهد كيف خدع حراس حديقة حيوان صغير دب أسود لمنعه من التعلق ب ...
- سوريا.. أحمد الشرع يثير تفاعلا بصور مع قيادات وزارة الدفاع و ...
- معنى وضع محمد بن زايد يده بذراع السيسي يشعل تفاعلا وتحليلات ...
- استثنى دولتين عربيتين شملهما سابقا.. تفاصيل حظر ترامب سفر مو ...
- وفاة حامل كل سبع دقائق: أسوأ بلاد للأمهات في العالم
- عمال القطاع الصحي في الأرجنتين يحتجون على تدني الأجور وسوء ظ ...
- روسيا تدعم أسطولها بسفينة عسكرية جديدة
- نصائح للتعامل مع إرهاق الدماغ
- الإسعافات الأولية في حالات الإغماء
- موسكو: الطائرات المستهدفة في الهجوم الأوكراني مطلع يونيو لم ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - المسؤولية الشعبية في الصراع الفلسطيني الصهيوني وضرورات قلب الطاولة على النظام الاستعماري الدولي