أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - المغزى السياسي والاستراتيجي من المواجهة العسكرية بين إيران والكيان الصهيوني















المزيد.....

المغزى السياسي والاستراتيجي من المواجهة العسكرية بين إيران والكيان الصهيوني


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 8373 - 2025 / 6 / 14 - 16:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1// الاختراق الأمني في قلب إيران رسائل خطيرة في لحظة مصيرية


في لحظة تتسم بالتصعيد الخطير بعد الهجوم الصهيوني على ايران صباح اليوم، جاءت سلسلة من العمليات النوعية التي استهدفت قادة عسكريين كبار وحديث عن اغتيال ما بين ستة وتسعة علماء دفعة واحدة، كرسالة أمنية بالغة الخطورة.

هذا الحدث لا يمكن فصله عن سياق الحرب المفتوحة على محور المقاومة، والتي سعت من خلالها إسرائيل وحلفاؤها إلى اختراق العمق الإيراني وخلخلة جبهته الداخلية. وهذا يطرح عديد التساؤلات.

أولا، الفشل في منع تنفيذ عمليات اغتيال دقيقة وفي توقيت متزامن ضد قادة بارزين وعلماء متخصصين، يكشف عن اختراق استخباراتي متقدّم وعميق، بلغ على ما يبدو مفاصل أمنية حساسة داخل إيران. واللّافت أن هذه العمليات تذكّر بالاختراقات التي تعرض لها حزب الله، سواء على صعيد الكوادر أو شبكات المعلومة، ما يشير إلى نمط متكرّر من الاستهداف الممنهج للقيادات عبر الحرب الاستخبارية. والسؤال هنا ليس فقط عن حجم الاختراق، بل عن آليات مواجهته في ظل ظروف حرب شاملة.

ثانيًا، شبكات العملاء والتسريبات الأمنية وعمليات سرقة الوثائق من قلب طهران ليست حوادث معزولة، بل جزء من حرب خفية تدور منذ سنوات، بهدف شلّ مؤسسات الأمن والدفاع وإضعاف الجبهة الداخلية الإيرانية. فنجاح شبكات معادية في اختراق الحصون الصلبة وتجاوز الإجراءات الأمنية يعكس تحديًا حقيقيًا لا يقل خطورة عن الهجوم بالصواريخ والطائرات.

ثالثًا: يبدو أنّ تعدد الجبهات سبّب ضغطًا واقعيًا على المنظومة الأمنية. بمعنى أن ارتباط إيران بعدّة ساحات في إطار محور المقاومة (العراق، اليمن، سوريا، لبنان، وفلسطين)، خلق بيئة يصعب ضبطها أمنيا، ما جعل الساحات أكثر عرضة للاختراق.

رابعًا، الجالية اليهودية في إيران تُشكّل ثغرة أمنية رغم أنها جزء من النسيج الوطني. فهي جالية نافذة ماليًّا وتجاريا، وتحظى بحماية رسمية وقانونية. غير أن بعض المراقبين يشيرون إلى إمكانية استغلال هذه الخصوصية من قبل الموساد وأجهزة استخبارات أخرى معادية. لا يوجد اتهام علني مباشر، بل مجرد إشارات إلى ذلك، سيما في زمن الحروب المركّبة حيث تتداخل الجبهات العلنية والسرية.

عموما طبيعة الاغتيالات التي جرت اليوم لا تعني فقط ضربة أمنية، بل تعني أن التحدي الأمني في قلب المعركة. وتعني رسالة من العدو الصهيوني بأنه قادر على الوصول إلى غرف العمليات. ولا ندري إلى أيّ حدّ ستنجح إيران، والمعركة جارية، في معالجة مثل هذه الثغرات بسرعة وفعالية، وإعادة بناء الثقة الأمنية، وتعزيز شبكات الحماية، ومراجعة الاختراقات، وإعادة توزيع الموارد الاستخباراتية، بما يتناسب مع تعقيدات اللحظة.


2// الطبيعة الاستراتيجية للمواجهة العسكرية بين إيران والكيان الصهيوني

لسنا من المفرطين في التفاؤل، ولا من عشاق خطاب الأماني. فنحن نعرف أن إيران ستصمد طالما ظلت قادرة على الردّ. وفي حين تفتح جسور التزود لإسرائيل بأحدث الاسلحة وأكثرها فتكا من الغرب. تبقى صواريخ إيران محدودة فيما لو طالت الحرب أكثر ممّا يجب. وهذا يعني أن طهران ستحاول تحويل ذعر تل أبيب تحت القصف إلى مكسب تفاوضي على الحل السياسي. نحن ندرك ذلك ونتمنّاه.

مع ذلك، من المهم التذكير بأنه منذ أكثر من سبعة عقود، بَنَى الكيان الصهيوني مشروعه الاستعماري على ركائز القوة المطلقة، وتفوّق السلاح، وشرعنة العنف الوقائي بذريعة الأمن. لم يكن الإرهاب الصهيوني مجرد نتيجة جانبية للصراع، بل كان حجر الزاوية في تكوين "دولة" استندت إلى الطرد القسري، المجازر، والسيطرة العسكرية الكاملة على الإنسان والمكان الفلسطيني والعربي.

لكن ما جرى البارحة من قصف إيراني دقيق ومباشر على تل أبيب، لا يمثل مجرد تطور عسكري. بل هو تحول استراتيجي يضع حدًا لاحتكار الكيان الصهيوني للعنف المشرعن غربيًا، ويُدخل المنطقة في معادلة ردع جديدة تتجاوز الأطر التقليدية للصراع.

كانت إسرائيل تمارس إرهاب الدولة من موقع المحتكر الوحيد للقوة. تقصف وتغتال وتدمر وتفرض الحصار، دون أن تتحمل أي كلفة. بحيث ظلت المعادلة: العرب يُقتَلون، بينما الكيان يعتدي ويدمّر ويقتل، متى يشاء وبالشكل الذي يريده، وكلّ جرائمه يُطلق عليها الغرب "ردّ" أو "دفاع عن النفس".

دخول إيران كلاعب مباشر في الرد العسكري المؤلم أنهى احتكار دولة الإرهاب للعنف وممارسة الغطرسة دون عقاب. ولم تعد القبة الحديدية قادرة على توفير "الردع النفسي". فتل أبيب ومدن الوسط باتت تحت النيران. والمنشآت الحساسة ليست بمنأى عن الضربات الذكية، الدقيقة، والموجعة.

هنا أصبح الرد الإيراني لا يُقرأ فقط بمنظار القوة، بل أيضا بمنظار أخلاقي يحرج أنظمة التطبيع التي لا تجرؤ حتى على استنكار مجازر غزة. في حين تتكلّم صواريخ إيران لتقول عدّة رسائل لشعوب المنطقة:
* الرد العسكري ممكن، بل وفعال.
* التخاذل ليس قدَرًا... بل خِيار سياسي، يُمكن تجاوزه.
* هذا الرد الصّاروخي لا يمثّل "تكتيكا من نظام الملالي"، بل هو صراع على شكل المنطقة، واستعادة التوازن بعد أن اختل لعقود لصالح مشروع صهيوني توسّعي مسنود أميركيًا وغربيًا على حساب شعوب المنطقة واستقرارها وتحكمها في مقدراتها.
*تفكيك "حصانة" إسرائيل الدولية لا يمكن أن تتحقق ببيانات التنديد بل بالصواريخ فرط-صوتية وتنظيم المواجهة والدفاع عن السيادة ورفض الذلّة.


كان الغرب الذي يُسمّي نفسه "المجتمع الدولي"، يُبرّر لإسرائيل أي عدوان تحت عنوان "حق الدفاع عن النفس". لكن اليوم سقطت صورة "العربي الضحية الدائمة"، وظهرت تل أبيب مذعورة، تحت الأرض، أمام وابل من الصواريخ. وبات الرأي العام، وخاصة في الجنوب العالمي، يرى الرد على الإرهاب الصهيوني حق سيادي طبيعي يجب تعميمه.

لذلك، بالبعد الاستراتيجي ليس المهم أن إيران أطلقت صواريخها، بل أن الردّ صار ممكنًا. وصار مشروعًا علنيًا، دون أقنعة أو وسطاء. بما يعني أن أي قرار صهيوني بشن حرب أو عدوان لن يكون مجانيًا. بل ستكون تكاليفه الأرواح، البنية التحتية، الاقتصاد، المطارات، والمراكز الأمنية

بمعنى آخر: إسرائيل دخلت عصر ما بعد الحصانة. وما نشهده ليس مجرد تبادل ضربات. إنه نقل مركز الثقل من مشروع احتلال مسلّح إلى مشروع مقاومة يُفترض أن يكون مسنودا إقليميًا، لأنه يسعى لِفرض قواعد اشتباك جديدة، ويعيد الاعتبار لحق الردّ، ويمهّد لأرضية سياسية أكثر عدلًا لشعوب المنطقة.

الأهم من كل ما قيل في هذه الورقة هو أن نتائج هذه الحرب، وتبعات هذا التحوّل، مرهونة بموقف الشعوب والأنظمة العربية. فلا يمكن ترك إيران وحدها في مواجهة منظومة استعمارية عطّلت تطور المنطقة، وفرضت عليها أنظمة وظيفية، وصادرت سيادة شعوبها، واستنزفت مقدراتها لأكثر من مئة سنة.

هذه معركة كبرى، أوسع وأعلى من المعارك الصغيرة والتناقضات الايديولوجية. وسيكون لها ما بعدها. وستولّد مفاعيلها. وقد تعيد إحياء محور المقاومة، أو تخلق حالة أخرى مناهضة للهيمنة الإمبريالية والغطرسة الصهيونية. ولن تُحسم هذه المعركة في الميدان فقط، بل أيضًا في العقول، وفي مراكز القرار، وفي قدرة ما تبقى من مقاومة على الصمود وحماية ظهر إيران.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكيان الصهيوني يتفكّك: فما هي الأسباب البنيوية والعوامل الم ...
- تشوّه البنية الكولونيالية وتحوّلاتها الاقتصادية والسياسية
- أمريكا هي الطاعون
- المسؤولية الشعبية في الصراع الفلسطيني الصهيوني وضرورات قلب ا ...
- قيس سعيّد وسياسة اللّيل
- دولة السبعين عامًا: بيروقراطية المصالح وصراع الطبقات في تونس ...
- مفهوم -الكتلة التاريخية- بين أنطونيو غرامشي والتلقي العربي: ...
- في جوهر سؤال محمد لخضر الزغلامي: نحو نظرية عملية لتنظيم الطب ...
- أوروبا المتأرجحة بين العجز والمراوغة، ما الذي غيّر موقفها من ...
- النهضة أسقطتها جرائمها
- حركة النهضة في أيامها الأخيرة
- التحليل السياسي والفكري يجب أن يتمّ بعيدًا عن العواطف والموا ...
- صوت يأتي من بعيد
- الإمبريالية وتمويل المجتمع المدني في دول الجنوب العالمي
- بين الثورة والإصلاح
- حول القاضي والمُتّهم
- تهرم سكاني في تونس وانفجار ديمغرافي إفريقي: قراءة استراتيجية ...
- جذور المركزية الأروبية ومآلاتها البربرية
- العوامل التي تمنع إقدام الغرب على تنظيم سيناريو الإطاحة بقيس ...
- لماذا تعود الشعوب والأمم لقراءة تراثها وتفتيشه وبحثه وتمحيصه ...


المزيد.....




- مصادر إسرائيلية وأمريكية تكشف لـCNN -المدة التقريبية- للعملي ...
- أول تعليق من عبدالملك الحوثي على الضربة الإسرائيلية بإيران و ...
- إيران تضرب إسرائيل بصواريخ -الحاج قاسم-.. ماذا نعلم عنه؟
- -فارس-: بعض الصواريخ التي قصفت تل أبيب فجر اليوم مزودة برؤوس ...
- محاكاة ثورية تكشف إمكانية -خلق- الضوء من العدم
- تكتيك هجين سلاح واشنطن ضد الصين
- خبير يكشف الأهمية الاستراتيجية لتطوير البحرية الروسية
- الهجوم الروسي الصيفي، بدأ!
- صراع الجبابرة في أمريكا
- -يسرائيل هيوم-: فرق الطوارئ تقيم مركزا لاستيعاب القتلى في من ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - المغزى السياسي والاستراتيجي من المواجهة العسكرية بين إيران والكيان الصهيوني