أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - الشهبي أحمد - حين رفعت المرأة سيفها على الرجل… فمزّقت قلبها














المزيد.....

حين رفعت المرأة سيفها على الرجل… فمزّقت قلبها


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8408 - 2025 / 7 / 19 - 06:16
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لا شيء يحدث فجأة. كل رقم صادم هو تتويج صامت لمجموعة من التحوّلات التي جرت دون أن ينتبه لها أحد، أو لعلّنا جميعاً كنا نراها، لكننا لم نكن نملك الشجاعة الكافية لنطرح الأسئلة المحرجة. تخبرنا الأرقام، ببرودةٍ مدهشة، أن أكثر من 3 ملايين و600 ألف امرأة مغربية تجاوزن الثلاثين دون زواج. رقمٌ ليس عادياً، ولا يمكن تطبيعه بسهولة كما يفعل البعض حين يختزل المسألة في عبارة «الزواج ليس شرطًا للسعادة». نحن لا نتحدث عن السعادة هنا، بل عن تحوّلات اجتماعية عميقة تضرب في صميم الأسرة المغربية، وتُعيد تشكيل معنى الأنوثة، ومعنى الرجولة، ومعنى العلاقة بين الجنسين، كل ذلك تحت لافتات ملونة: استقلالية، حرية، تمكين، مساواة... لكن هل نعرف الثمن الحقيقي لكل هذا؟

في العقود الأخيرة، دخل الفكر النسوي إلى بيوت المغاربة بصمت، من خلف الشاشات ومن داخل المدارس وفي البرامج والدورات التدريبية والمبادرات الممولة. نسوية لا تشبه تلك التي نشأت في الغرب ضد واقع كان يحرم المرأة من التعليم والعمل والكرامة، بل نسوية هجينة، استوردناها دون أن نترجمها لخصوصيتنا، ولم نناقشها في عمقها، بل تماهينا معها كما لو كانت دينًا جديدًا يحمل الخلاص. هكذا صار الحديث عن الزواج يبدو في بعض الأوساط كنوع من الهزيمة، وصار الرجل يوصف بأنه عائق أمام “تحقيق الذات”، وأنه لا يصلح إلا إذا كان “يدعم مسيرتي” و”يؤمن بأفكاري” ويقبل أن يكون "شريكاً ناعماً لا قائدًا متسلطًا".

أصبح بعض النسوة يرفعن شعاراتهن كما لو كنّ في معركة مفتوحة مع الذكر، لا مع واقعهن. صار الرجل يُختزل في لائحة شروط مادية وذهنية ومعرفية تُستعصى على أكثر الرجال واقعية، وبات الزواج مشروعًا مؤجلاً إلى أن "أبني نفسي"، "أحقق ذاتي"، "أسافر وأجرب وأعيش"، إلى أن "أجد الشخص المناسب"، الذي غالباً ما يُصاغ وفق مواصفات لا وجود لها إلا في المسلسلات أو كتب التنمية البشرية. وحين تمر السنوات، ويحين موعد الحقيقة، يكون الوقت قد سرق من العمر لحظاتٍ لم يكن ينبغي لها أن تضيع.

لكن الأمر لا يتعلق فقط بخطابٍ نسوي نشاز، بل بتواطؤ جماعي. الدولة التي تسوّق للتمكين، لا تسأل نفسها ماذا فعلت لإعداد بيئة تحفّز على الزواج وتكوين الأسرة. المنظومة التعليمية لا تربي على قيم الحوار بين الجنسين، بل تنشئ كائنات مفصولة عن واقعها العاطفي والاجتماعي. الإعلام يكرّس صورة المرأة المستقلة القوية الصلبة التي لا تحتاج أحداً، وفي المقابل يرسم صورة رجل تائه، إما متسلط أو مستسلم، لا يعرف كيف يتواصل، ولا كيف يعبّر، ولا كيف يكون شريكاً حقيقياً.

هذا التضخم العددي للنساء غير المتزوجات بعد سن الثلاثين ليس حكماً أخلاقياً، بل سؤال اجتماعي: ماذا وقع؟ ولماذا تراجع الزواج من أولوية حياتية إلى هامش مؤجل في جدول الطموحات؟ ليست كل النساء راغبات في الزواج، صحيح، لكن أكثر من ثلاثة ملايين رقم أكبر من أن يُختزل في "حرية الاختيار". إنه مؤشر على خلل، على انفصال تدريجي بين النساء والرجال، على تآكل الثقة بين الطرفين، وعلى نوعٍ جديد من الوحدة المغلفة بخطابات براقة.

من المؤلم أن ترى نساءً في عمر النضج العاطفي، يخفين خيباتهن خلف جُمل منمقة: "الزواج قدر"، "أنا لا أحتاج رجلاً لأكون مكتملة"، "العزوبية حرية"، لكن من يقترب كفاية من جراحهن، يدرك أن الكلام لا يشفي، وأن السنين حين تمضي دون حب، دون دفء، دون أُنس، لا يعوّضها راتب ولا سفر ولا شهادة. ومن القاسي أيضًا أن ترى رجالاً انسحبوا بصمت، غير قادرين على مجاراة خطاب التمكين، غير راغبين في خوض علاقة قائمة على الشك المتبادل، أو على منافسة ناعمة بين اثنين يحسبان كل شيء.

المجتمع المغربي يعيش مرحلة انتقالية غامضة، لا هو حافظ على تقاليده، ولا هو أسّس لحداثة إنسانية متوازنة. النساء يُحمَّلن أعباء التحرر دون حماية، والرجال يُطالبون بالتغيّر دون تأهيل. نُفرّط في العلاقات، ثم نتباكى على العزلة. نُهاجم الزواج، ثم نُحصي خسائرنا بعد فوات الأوان. وحدها الأيام، في صمتها الصادق، تكشف لنا أن لا شيء يعوّض الإنسان عن دفء العلاقة الإنسانية السليمة، عن أن يكون محبوبًا، مرئيًا، مهمًا في حياة أحدهم.

الرقم ليس مجرد إحصاء. إنه جرس إنذار. ليس لجلد المرأة، ولا لاتهام الرجل، بل لنراجع جميعًا ما الذي يحدث حين نسمح لأفكار غريبة أن تقودنا كقطيع دون أن نفكر في ثمن الطريق. حرية المرأة ليست في كُره الرجل، وكرامة الرجل لا تُبنى على تهميش المرأة. وحدها العلاقة التي تُبنى على المودة والرحمة والحوار، يمكنها أن تنقذ ما تبقى من هذا الركام الذي نُسميه: واقعًا.



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اذا أردنا إصلاح المجتمع ...من أين سنبدأ؟
- محمد عبد السميع نوح في رواية حركة تنقلات: هجاء السلطة وفضح ا ...
- بوحمارة... حين امتطى المغربَ رجلٌ فوق حمارة
- ثورة الكوميرة: حين صرخ الفقراء فدوّى الرصاص
- إيران بين الضربة والصفقة: من يرسم حدود الشرق القادم؟
- بوجلود بين الذاكرة والتشويه
- مديونية المغرب: حين يتحوّل الدين إلى أسلوب حياة
- بين رصاص الحدود وظلال الوطن: مأساة العودة في قلب التوتر المغ ...
- مقبرة الصمت: لماذا تخشى الأمم المريضة أصوات المهرطقين؟
- من سيقود المغرب؟ سباق الأحزاب نحو حكومة ما بعد الإحباط
- ابن كيران: سياسة -الزواق- بخطاب -بلا نفاق-
- سبعة دراهم لفنجان قهوة... والقدرة الشرائية في غرفة الإنعاش
- الضباع تلتهم قيمنا
- سردٌ يُنصت لصوت الإنسان العربي بين جذور الماضي وتقلبات الحاض ...
- -شيء من بعيد نادني-: بين الهويّة المتجددة والاغتراب الوجودي
- -متتالية حياة-: نشيد الصبر في زمن الانكسارات الصغيرة
- حكايات الهدوء النبيل في زمن الاضطراب: تأملات الناصر التومي ف ...
- -الوقوف على عتبات الأمس-: كتابة ضد النسيان في زمن القطيعة
- -المتشابهون-: احتجاج ناعم على صمت الأجيال
- قراءة في -عيد ميلاد ميت- لأحمد طايل: حين يتحوّل الموت إلى طق ...


المزيد.....




- وفاة امرأة تبلغ 82 عاما في إيطاليا نتيجة إصابتها بعدوى فيروس ...
- دعم نسائي جزائري.. منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 بقيمة 8 ...
- وفاة الأمير النائم بعد 20 عاما في الغيبوبة.. مآسي الشباب الر ...
- المرأة بين وعي الواقع ولاوعي السلطة الذكورية
- باكستان: مشروع قانون لإلغاء الإعدام بجرائم الخطف وتعرية النس ...
- ألمانيا تلقي القبض على ليبي متهم باغتصاب وتعذيب معتقلات في س ...
- رصدتهما الكاميرا متعانقين.. امرأة تغطي وجهها والرجل يختبئ في ...
- كاميرا في حفل كولد بلاي تضع رجلا وامرأة في ورطة
- حصان يتسبب بمقتل امرأة اثناء عملها
- رئيس تجمع العشائر يتحدث عن مجازر وقطع رؤوس واغتصاب بالسويداء ...


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - الشهبي أحمد - حين رفعت المرأة سيفها على الرجل… فمزّقت قلبها