أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالله عطوي الطوالبة - قابيل وهابيل في أساطير الأولين!














المزيد.....

قابيل وهابيل في أساطير الأولين!


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8404 - 2025 / 7 / 15 - 13:03
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كم أنت قاسٍ أيها التاريخ، في تعاملك مع الأصوات الخافتة، فلا تأبه بها ولا تصل أسماعك. وكي لا تتهمنا بإطلاق الكلام مُرسَلاً، نستحضر دليلاً فاقعاً ننتشله من أزمنة غَبرت. ألم تحدثنا عن قتل قابيل لأخيه هابيل؟ لكنك في المقابل، لم تفصح لنا عما فعله هابيل بأخيه ليستحق منه القتل. وإن شئت الإستزادة بشيء من التفصيل، فنزيدك من مصادرك. دعنا نتصفح سفر التكوين التوراتي الإصحاح الرابع(1-11)، وفيه نقرأ:"وعرف آدم حواء امرأته، فحملت وولدت قاين(قابيل) فقالت: قد رُزقت رجلاً من عند الرب. ثم عادت وولدت أخاه هابيل. فكان هابيل راعي الغنم، وقاين كان يحرث الأرض. وكان بعد أيام، قاين قدم من ثمر الأرض تقدمة للرب، وقدم هابيل أيضاً شيئاً من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وتقدمته، وإلى قاين(قابيل) وتقدمته لم ينظر، فشق على قاين جداً وسقط على وجهه، فقال الرب لقاين: لِمَ شَقَّ عليك وسقطت على وجهك؟ ألا إنك إن أحسنت تنال، وإن لم تُحسن فعند الباب خطيئة رابضة وإليك انقياد أشواقها وأنت تسود عليها. وقال قاين لهابيل أخيه، لنخرج إلى الصحراء، فلما كانا في الصحراء وثب قاين على هابيل أخيه فقتله. فقال الرب لقاين: أين هابيل أخوك؟ قال لا أعلم، العلي حارس لأخي. فقال: ماذا صنعت؟ إن صوت دماء أخيك صارخ إلي من الأرض. والآن فملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دماء أخيك من يدك". لم يفصح لنا النص التوراتي عن السبب المباشر للجريمة، لكن استنتاجه ممكن من نصين توراتيين آخرين. النص الأول، يتحدث عما يسميه "الجريمة الرابضة" وتتعلق بالتحريم القاطع في الديانة اليهودية لزواج الأخ بأخته. يقول النص:"فعرف قاين (قابيل) امرأته فحبلت وولدت له حنوك...". النص التوراتي الثاني، يتضمن جملة قالها الرب لحواء عند طردها من الجنة، للسبب المعلوم: "بالوجع تلدين أولاداً، وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك". الكلام ذاته قيل لقابيل، كما نرى: "...وإليك انقياد أشواقها وأنت تسود عليها". من هذا كله نستنتج أن "الخطيئة الرابضة عند الباب" لقابيل، هي أخته، اليه يكون انقياد أشواقها وهو يسود عليها.
هنا، نحن إزاء نص يشير إلى مرحلة غابرة في تاريخ بني البشر، شهدت صراعاً بين ثقافتين: الزراعية والرعوية. وقد كان للأساطير دورها، في التأريخ لتلك المرحلة. وعليه، نجد حضور الأساطير السومرية واضحاً في النص التوراتي المتعلق بقتل قابيل لأخيه هابيل. من هذه الأساطير، نتخير واحدة عنوانها "انكمدو ودموزي". موضوع الأسطورة الرئيس، بحث الإلهة "أنانا" عن زوج، فيتقدم لطلب يدها كلٌّ من الراعي دموزي والمزارع انكمدو. في البداية، يميل قلب "أنانا" إلى المزارع انكمدو:
أنا العذراء سأتزوج المزارع
الفلاح الذي يزرع النباتات ويعطي الغلال الوفيرة
الفلاح الذي ينتج الحبوب الغزيرة...
يتدخل إله الشمس "أوتو"، شقيق "أنانا"، فيحضها على الزواج من الراعي دموزي، فيأخذ بتعداد صفاته:
أي أختاه عليك بالراعي
الكثير الأنعام
أنانا أيتها العذراء، لماذا تعرضين عنه؟
إن زبدته لطيبة وحليبه لسائغ
وكل ما يمسه يغدو براقاً
أي أنانا إن دموزي الكثير الأنعام
ملئ بالجواهر والأحجار الكريمة فلماذا عنه تعرضين؟
ستأكلان معاً من زبدته الطيبة
وهو البطل حامي الملك. فلماذا عنه تعرضين؟
تظل أنانا عند خيارها بتفضيل المزارع، فيدخل الراعي دموزي على مسرح الأسطورة معلناً عن نفسه ومناقشاً أنانا في رأيها الرافض له. ينجح دموزي في التأثير على أنانا، فتغير رأيها وتتحول اليه. لم يكتفِ دموزي بالفوز بقلب أنانا، بل يذهب إلى حقل انكمدو ويستفزه في عقر داره تاركاً مواشيه تفتك بالمزروعات. يترفع انكمدو عن الدخول في خصام مع دموزي، ويُظهر تسامحه:
أيها الراعي لماذا تريد أن تبدأ خصاماً
أي دموزي لماذا تريد أن تبدأ معي خصاماً؟
ولماذا تعقد بيننا المقارنة؟
ألا فلتدع مواشيك تأكل عشب الأرض
وفي مروجي الخضراء فلترتع قطعانك
وفي سهول "زابالام" فلتأكل الحبوب
ولتشرب من ماءِ نهر "أونم"...
رغم التسامح والمودة اللذين يظهرهما انكمدو، يقابله الراعي دموزي باستمرار البغضاء والعداء:
أنا الراعي لن تحضر حفل زفافي يا انكمدو كصديق
أيها المزارع كصديق لي لا تأتي.
ومع ذلك يظل انكمدو على موقفه المتسامح، ويعرض الهدايا على العروسين.
تنتهي الأسطورة بانتصار الراعي دموزي على المزارع انكمدو. لكن دموزي لا يفرح طويلاً بانتصاره، حيث ترسله الإلهة أنانا إلى العالم الأسفل لينوب عنها هناك "فتحت الأرض فاها لتبتلعه". وهكذا تضحي أنانا بالراعي، كشرطٍ لانتصار الزراعة واستكمال دورة الخصب على الأرض.
النص التوراتي، كما نلحظ بالمقارنة، يأخذ بالفكرة محور الأسطورة. قاين (قابيل) يأخذ دور انكمدو وهابيل دور دموزي، واختهما دور أنانا. وفي النهاية، ينتهي كل من هابيل ودموزي إلى مصيرين متشابهين. دموزي، فتحت الأرض فاها فابتلعته، مثلما "فتحت الأرض فاها لتقبل دماء هابيل من يد أخيه قابيل"، حسب النص التوراتي.



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابُ الصَّيْحَة (13) لماذا لا يظهر البترول والغاز في الأر ...
- الدين بمنظور علم النفس*
- الكتابُ الصَّيْحَة (12) أحدث أساليب تزوير الانتخابات
- عن التوطين بصراحة
- الكتابُ الصَّيْحَة (11) هكذا تسرق اسرائيل مياهنا !
- ماذا وراء وعد ترامب؟!
- خلل مزمن في إدارات الدولة الأردنية.
- الشيطان...أصل الفكرة وجذر التسمية*
- كذبة أرض الميعاد*
- النقل والأجوبة الجاهزة!
- جردة حساب
- الكتابُ الصَّيْحَة (10) مشروع قناة البحر الأحمر- الميت واتفا ...
- العالم يحترم الرافضين للخنوع
- الكتابُ الصَّيْحَة (9) مشروعات مائية للهيمنة.
- تحول في مسار المواجهة لغير صالح الكيان اللقيط
- لن يُفلح قوم يفكرون على هذا النحو !
- الحل
- الكتابُ الصَّيْحَة (8) مشروعات مشبوهة للتغطية على الهيمنة ال ...
- الكتابُ الصَّيْحَة (7) التواجد العسكري الأميركي في الأردن.
- الكتابُ الصَّيْحَة (6) *منظمة صهيونية لشراء أراضٍ في الأردن. ...


المزيد.....




- حديقة أم مقبرة طيور؟.. غموض وتساؤلات بعد اكتشاف عشرات النسور ...
- الهجري: بيان الرئاسة الدرزية -فُرض علينا- من دمشق ونتعرض لـ- ...
- سوريا: هل تتحول السويداء إلى ساحة تصفية حسابات إقليمية؟
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجا ...
- وصفتها بـ-الخطرة جداً-.. روسيا تُعلّق على -مهلة ترامب- لإنها ...
- -نرى كل شيء ونسمع كل شيء-: هكذا ردّ خامنئي على رسالة غالانت ...
- سباق فوق الجليد.. انطلاق فعاليات مارثون القطب الشمالي بمشارك ...
- الدوحة: مفاوضات غزة لا تزال بالمرحلة الأولى.. وتل أبيب تعرض ...
- حفل ثقافي وفني بهيج في ميونخ الألمانية بمناسبة الذكرى 67 لثو ...
- تقرير أممي: تصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالله عطوي الطوالبة - قابيل وهابيل في أساطير الأولين!