عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8402 - 2025 / 7 / 13 - 11:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يعرض مؤلف كتاب "الهيمنة الصهيونية على الأردن" لبعض القطاعات الحيوية، وأولها قطاع الزراعة. وأول ما يلحظ في هذا السياق توسيع حدود المدن والقرى على حساب الأراضي الزراعية، وتحويل هذه الأخيرة إلى سلعة. ويقول إن تخطيط المدن في الأردن وأسلوب تنفيذه، لم يسبق أن بنيا على أسس علمية سليمة كتلك المعتمدة في التنمية المستدامة للمستوطنات البشرية، التي يجب أن تجمع بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة. ويلفت إلى أن التوسع الأفقي غير المبرر الذي يحصل في بلديات المدن الكبيرة، مثل اربد على سبيل المثال لا الحصر، يقضي على أجزاء كبيرة من الأراضي الزراعية الخصبة. ويرى أن الاستهتار بالتنظيم وتخريب الأراضي الزراعية، أو تعطيل انتاجها والعمل على إفلاس البلديات، إنما تصب في استراتيجية تجويع الشعب الأردني وتعجيزه عن تأمين غذائه. وفي إطار حديثه عن مشكلات القطاع الزراعي، يشير إلى أنه لم يعد في الأردن وفي معظم المنطقة العربية بذور صلية من انتاج البيئة المحلية. لذا، فإن استعمال مزارعينا للجيل الثاني من البذور المستوردة ستكون نتيجته ضعف الانتاج وقلته. وعند استعمال الجيل الثالث من البذور المستوردة، يبدأ الانتاج بالتراجع والتدهور. ويربط المؤلف ذلك مع التخطيط بعيد المدى لتجويع الشعوب، كما فعلت أميركا في كثير من البلدان الزراعية، فحوَّلَت الزراعات البيئية والتنوع الحيوي إلى زراعات تجارية تُصدر بذورها وتستورد ثمارها. والنتيجة المتوخاة، تحويل سكان البلاد، شعوبًا وحكومات، إلى أن يكونوا عبيدًا وأُجراء في مزارع يمتلكها السادة، تسمى دولًا مستقلة ذات سيادة.
ويحذر من سياسات تدمير ممنهجة يتعرض لها القطاع الزراعي، تبدو آثارها في تقليص مساحات الأراضي القابلة للزراعة في الأردن، في ظل عدم وجود قوانين ناظمة لاستعمالات الأراضي، يُضاف إلى ذلك تصحر الكثير من الأراضي الزراعية وامتداد العمران إليها. ولا يُغفل المؤلف فرض ضريبة مبيعات على مُدخلات الانتاج بقيمة 4%، مما يرفع كلفة الانتاج ويُضعف قدرة المنتجات الزراعية الوطنية على المنافسة.
ويلجأ التل إلى لغة الأرقام ليبين تراجع القطاع الزراعي في الأردن، حيث تَدَرَّجَ انخفاض مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بما يزيد على نسبة 50% مما كان عليه في خمسينيات القرن الفارط، وعلى النحو التالي: إلى 14,4% سنة 1971، وإلى 7,1% سنة 1980، و6% سنة 1995، و3,8% سنة 2000. ومن سياسات تدمير القطاع الزراعي، السماح باستيراد الخضار والفواكه من الكيان الصهيوني والتغاضي عن تمويه مستورديها على المواطنين بوضعها في صناديق كرتونية لتدل على أنها منتجات محلية أو عربية.
وبالانتقال الى القطاع الصناعي، ينطلق التل من المادة (7) الفقرة (2-ب) ليصل إلى ما يُعرف بالمناطق الصناعية المؤهلة "كويز". وكان الكونغرس الأميركي قد أقر سنة 1996 مبادرة أعلن عنها الرئيس الأميركي آنذاك، بيل كلينتون بإنشاء مناطق صناعية مؤهلة في الشرق الأوسط، وفقًا للقانون الأميركي رقم 6955، بحيث يُسمح للأردن بتصدير منتجات للولايات المتحدة معفاة من الجمارك ودون حصص محددة، شريطة وجود مكونات ومدخلات من اسرائيل بنسبة 8% في منتجات تلك المناطق. ويوجد في الأردن ست من هذه المناطق الموصوفة بأنها صناعية مؤهلة، وما هي كذلك، كما سنبين بعد قليل. وقد سارعت الحكومة الأردنية آنذاك بتقديم حوافز وامتيازات عمالية لما يُسمى بالمناطق الصناعية المؤهلة لم يحظَ بمثلها الصناعيون الأردنيون، ومنها:
-الإعفاء من الضرائب والجمارك.
-إعفاء المصانع المؤهلة من رسوم تصاريح العمال مقابل تشغيل عامل أردني لكل تصريح عمل لعامل أجنبي.
-استثناء واردات المناطق المؤهلة من نظام الدور في ميناء العقبة.
-منح فرصة ثلاثة أشهر للعمالة في المدن المؤهلة لتصويب أوضاعها، مقابل إعفائها من غرامات تجاوز الإقامة.
ويتوقف المؤلف عند سلبيات هذه المدن، وتتلخص بترسيخ عُرى الشراكة مع العدو الصهيوني، واستغلال العمالة الأردنية أسوأ استغلال بأجور منخفضة، ناهيك بالتعدي على ثرواتنا من مياه شحيحة أصلًا ومشتقات نفط مدعومة من جيوب المواطنين. ومن سلبياتها أيضًا، طرح النفايات الناتجة عن عمليات التصنيع في تلك المناطق، وحرمان خزينة الدولة من أية رسوم أو ضرائب أو جمارك، علاوة على شبهة التطبيع الواقعة على الصناعات الأردنية بوجود هذه المناطق.
تضم المناطق المؤهلة حوالي 60 شركة مجموع رأسمالها 69 مليون دينار، وبحجم استثمار حوالي 224 مليونًا. لكنها لم تُدِر على خزينة الدولة سوى 5.58 مليون دينار. ففي حين ترتفع الرسوم والضرائب على الأردنيين يُعفى منها أصحاب هذه الشركات وأكثرهم ليسوا أردنيين، وتصب أرباحًا صافية في جيوبهم.
ويشير المؤلف إلى "تدشين" أول منطقة صناعية صهيونية فلسطينية أردنية مشتركة في منطقة أريحا بتاريخ 25 تموز 2013. ويرى فيها خطوة إضافية لدعم الهيمنة الصهيونية على الأردن.
وفي حديثه عن قطاع الطاقة، يحشد الدكتور التل من الأدلة المؤكِّدَة لوجود النفط في الأردن بكميات كبيرة، ما يصعب على العقل السليم تجاوزه. ويُضَمِّن الجزء الخاص بالطاقة مقالًا نشره عام 1972، يؤكد فيه بالدليل العلمي وجود النفط في الأردن. المقال لم يمر من دون ردود فعل، وصلت حد مواجهة بين كاتب المقال ورئيس سلطة المصادر الطبيعية آنذاك (ذَكَرَ اسمه)، وانتهى النقاش بقول الأخير له بالحرف:"باختصار بدك تسكت". يقول التل معقبًا على ما قِيْل له:"فهمت الرسالة وما ورائها".
ويتحدث التل عن وجود الغاز بكميات هائلة في الأردن، إذ يشير إلى أن مخزون حقل الريشة لوحده يُقدَّر بحوالي 443 تريليون قدم مكعب من الغاز. ويضيف إلى تصنيف الأردن ثاني أو ثالث أغنى دولة في العالم في الصخر الزيتي، حيث تُقدَّر كمياته بحوالي 70 مليار طن.
ويشير أيضًا إلى غنى الأردن بالطاقة الشمسية، والطاقة الحرارية الجوفية. بشأن هذه الأخيرة يقول:"الطاقة الحرارية الجوفية أحد المصادرالمهمة للطاقة البديلة، وتوجد هذه الطاقة الحرارية على طول امتداد أخدود وادي الأردن من شماله إلى جنوبه، حيث يوجد أكثر من مئة بئر تتراوح حرارتها بين 22- 62 درجة مئوية. وتتراوح أعماق هذه الابار بين 250- 1300 متر. وقد تقدمت بعض الشركات بطلب الحصول على رُخص لحفر آبار عميقة لدراسة استثمار الطاقة الحرارية، وخاصة الآبار ذات الحرارة العالية لتوليد الطاقة الكهربائية، ولغاية الآن لم تقم الحكومات المتعاقبة بأي خطوة جدية لاستثمار هذه الطاقة".
ويجتهد التل في الإجابة على سؤال: لماذا لم يظهر البترول في الأردن، إذ يرجح "أن الصهيونية العالمية تدفع اغراءات مالية هائلة للشركات التي تُنتدب للتنقيب عن البترول في الأردن حتى تُخفي هذه الشركات وجوده هنا، لأن الصهيونية العالمية ما تزال تطمح وتخطط لبسط سيطرتها على الأردن. وحسب تفكيرها تعتقد أنها إنما تُبقي البترول كإحتياطي لها في المستقبل". يتبع.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟