أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - الكرد.ماذا بعد تسليم السلاح؟














المزيد.....

الكرد.ماذا بعد تسليم السلاح؟


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8401 - 2025 / 7 / 12 - 08:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مشهدٍ لافتٍ ومثيرٍ للتساؤلات، أثار تسليم مقاتلي حزب العمال الكردستاني أسلحتهم، وإحراق قسمٍ منها، موجة من المشاعر المتضاربة، حيث بدت على وجوههم علامات الحزن والاشمئزاز، وكأنهم يُخفون خلف هذه الملامح رفضاً داخلياً للقرار، أو خيبةً حيال مستقبلٍ غامضٍ لا يشي بالكثير من الطمأنينة. هذه الخطوة، التي وصفتها بعض الأوساط السياسية والإعلامية بأنها "تاريخية"، فتحت الباب أمام قراءات متباينة؛ بين من يعتبرها بداية النهاية للحركات الكردية المسلحة في المنطقة، ومن يرى فيها انطلاقة جديدة باتجاه الانخراط في العمل السياسي ضمن الأطر الدستورية والقانونية لدول الإقليم.

التحول اللافت في موقف حزب العمال لا يمكن فصله عن السياق الإقليمي والدولي، ولا عن مواقف الدول ذات العلاقة المباشرة أو غير المباشرة بالملف الكردي، وفي مقدمتها تركيا وإيران وسوريا والعراق. فتركيا، المعنية الأولى بهذا الحدث، ربما تكون قد أطلقت إشارات أو تعهدات مقابل خطوة الحزب، مدفوعة بتغيرات سياسية داخلية وضغوط خارجية تدفع باتجاه خفض التصعيد مع الأطراف الكردية، لا سيّما مع اقتراب استحقاقات سياسية وأمنية قد تعيد رسم ملامح العلاقة مع المكون الكردي داخل البلاد وخارجها.

أما في سوريا، حيث شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً لدور المكون الكردي في الشمال الشرقي، فإن أي تقارب كردي-تركي أو خطوة نحو تسليم السلاح تُقابل بترقب حذر من دمشق، التي ترفض بشدة أي مشروع فدرالي أو انفصالي، وتُصر على إعادة مركزية الدولة. ورغم ذلك، قد تجد الحكومة السورية في هذه التطورات فرصة لإعادة صياغة شروط التفاوض، أو للضغط باتجاه استيعاب الأكراد ضمن مشروع وطني شامل، دون تقديم تنازلات جوهرية تمسّ هيكل الدولة ووحدة أراضيها.

في المقابل، تبدو إيران أكثر تحفظاً، نظراً لما تمثّله الحركات الكردية المسلحة من تهديد أمني مستمر على حدودها الغربية. كما أن أي تحولات إيجابية في الملف الكردي التركي قد تُثير قلق طهران من انتقال عدوى "التسوية السياسية" إلى الداخل الإيراني، وهو ما يجعل موقفها يتسم بالحذر، إن لم يكن بالريبة، تجاه هذه المبادرة. لذلك، من المستبعد أن تتبنى إيران هذا المسار، ما لم يتقاطع بشكل مباشر مع مصالحها الأمنية والإقليمية.

أما في العراق، فيظهر المشهد أكثر تعقيداً، إذ تتابع الأحزاب السياسية الكردية، لا سيما الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، هذه التطورات بقلق وحذر. فمن جهة، قد تُمثل تهدئة حزب العمال الكردستاني عاملاً مساعداً على خفض التوتر بين حكومة إقليم كردستان وحكومة بغداد، لا سيما في المناطق المتنازع عليها مثل سنجار والمثلث الحدودي. ومن جهة أخرى، قد يُنظر إلى هذه الخطوة كمقدمة لتقليص النفوذ الكردي المسلح في العراق، وهو ما قد يُضعف أوراق الإقليم التفاوضية أمام المركز، ويعيد ترتيب المشهد الكردي الداخلي.

السؤال المحوري الذي يُطرح هنا: هل هناك طرف ثالث يقف خلف هذه الخطوة؟ وهل تمّت برعاية أو وساطة دولية؟ الاحتمال الأقرب للواقع هو أن هذه المبادرة لم تكن لتتم دون وجود تفاهمات أو ضغوط من قوى دولية، ربما أوروبية أو أمريكية، تسعى لإعادة ضبط إيقاع الصراع الكردي-التركي بما يخدم استقرار الإقليم ويُمهّد لتفاهمات أوسع في ملفات أخرى، منها الطاقة، والحدود، ومكافحة الإرهاب.

إن ما يجري اليوم يعكس تحوّلاً تدريجياً في مقاربة القوى الكردية لمسألة الحقوق والمطالب القومية، بالانتقال من خيار السلاح إلى خيار السياسة، مدفوعة بتغير المزاج الإقليمي، وضعف التعاطف الدولي مع الحركات المسلحة، وتنامي الحاجة إلى الاستقرار والتنمية في مناطقها. ومع ذلك، يبقى مصير هذا التحوّل مرهوناً بمدى استعداد الحكومات المعنية للاعتراف بالمكون الكردي كشريك أصيل ضمن منظومة الدولة، وبمدى قدرة هذه الحركات على إعادة هيكلة خطابها وأدواتها بما يتلاءم مع العمل السياسي السلمي.

إنها لحظة مفصلية في تاريخ الحراك الكردي، بين من يعتبرها انحناءة اضطرارية أمام العاصفة، ومن يراها انفتاحاً على مستقبل أكثر استقراراً وواقعية. وما بين الرغبة في الحقوق والمخاوف من الذوبان، يقف الكرد اليوم أمام اختبار صعب يتطلب وعياً عميقاً وتنسيقاً متيناً بين الداخل الكردي وسائر المكونات الوطنية في الدول التي يتوزعون فيها.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلاح المنفلت بين الارادة الداخلية والأوامر الخارجية(لبنان. ...
- أمي ثم أمي
- بريكس والدولار
- الشرق الأوسط بين المطرقة والسندان
- العقيدة الشخصية. بين الحرية الفردية وأحترام الأخرين والمجتمع
- الضابطة التي ودعت الحلم على الأسفلت
- هل تتخلى إيران عن اذرعها في العراق ضمن صفقة مع أمريكا؟
- هل تتخلى إيران عن أذرعها في العراق مقابل صفقة مع أمريكا؟
- ترامب والحرب الإسرائيلية الإيرانية: حرب إعلامية بغطاء ناري و ...
- أزدواجية المصالح عند ترامب
- أيران تكشر عن أنيابها عندما ضربت في الصميم وتفرجت عندما قتل ...
- -ما بعد الصواريخ: الشرق الأوسط بين نار الحرب وصمت الهزيمة-
- بين العناد الفارسي والخبث الأسرائلي كيف تنتهي الحرب بينهما؟
- بين الشراكة والخذلان الموقف الروسي أتجاه ايران
- أيران بين المعارضة والدعم الشعبي في ظل العدوان الإسرائيلي
- الشرق الأوسط بين ركام تحطيم أيران وطاولة التطبيع
- أمريكا والملف النووي الإيراني. سلطة القانون ام سلطة القوة
- صوت الشارع الأمريكي من المشاركة في الحرب الإسرائيلية الأيران ...
- هل نجحت اسرائیل في هجومها على أيران؟
- الأنحياز الأمريكي من حل الدولتين


المزيد.....




- نانسي توجه رسالة مُلفته وآمال ماهر تثير فضول جمهورها.. الأبر ...
- نشطاء سودانيون: قوات الدعم السريع ، قتلت نحو 300 شخص في هجما ...
- تحذير أممي: السلطات التونسية تستخدم القضاء لإسكات المحامين ا ...
- حول خصوصية البيانات.. دعوى بـ8 مليارات دولار تطال زوكربيرغ ...
- تبييض الأموال وتمويل الإرهاب: لماذا أُدرجت الجزائر في القائم ...
- طواف فرنسا: بان هيلي يصبح أول إيرلندي يفوز بصدارة الترتيب ال ...
- -إحراق مسجد في برشلونة-.. ما هي حقيقة الفيديو المنسوب للحادث ...
- بسنت شوقي ومحمد فرّاج بطلا كليب أغنية حسين الجسمي -مستنّيك- ...
- مفاجأة سارة من نيل دايموند للجمهور بعد سنوات على إعلان اعتزا ...
- الحرب في أوكرانيا: هل سيغير ترامب سياساته حيال روسيا؟


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - الكرد.ماذا بعد تسليم السلاح؟