أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -رقصة النهاية في ميدان الدخان: أوكرانيا بين أنياب الدب وأطياف الصفقات الغامضة-














المزيد.....

-رقصة النهاية في ميدان الدخان: أوكرانيا بين أنياب الدب وأطياف الصفقات الغامضة-


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8394 - 2025 / 7 / 5 - 17:46
المحور: قضايا ثقافية
    


عندما تَسقطُ العناوين الكبرى فجأة دون إنذار، وتَخفتُ نبرة الحماسة في الإعلام الغربي تجاه أوكرانيا، تدركُ أن شيئًا كبيرًا يحدث خلف الستار، أكبر من المعارك اليومية التي تستهلك الجغرافيا والدم. لم تعد أوكرانيا تصدّر عناوين البطولة كما في بدايات الحرب، ولم يعد "زيلينسكي" نجم الشاشات، بل بدأ يُقدَّمُ بصفته أحد ضحايا الخديعة الكبرى أو الشاهد الأخير على حفلة الخذلان. الانهيار لا يأتي فقط من الجبهة، بل من الصمت، من الإشارات الخافتة، من انسحاب الكاميرات، من بيانات غربية باردة تعِد بمساعدات مؤجلة، أو بأسلحة لا تصل إلا بعد خراب المدن، أو تُربَط بشروط تُعيد تشكيل الحرب وتُفرغها من جوهرها. لم يعد أحد يسأل: من الذي ينتصر؟ بل بات السؤال: من الذي لم يتعب بعد؟ربما فهم الدب الروسي أخيرًا أن الحسم لا يكون باجتياح كييف، بل بكسر الإرادة الغربية، وبالاستنزاف البطيء، وأن طول المعركة ليس عدوه، بل سلاحه. لقد صبر على العقوبات، وأعاد هندسة اقتصاده، وربط نفسه أكثر بالصين والهند والجنوب العالمي، ثم مدّ أنفاسه في ميادين القتال حتى كاد يختنق الغرب من فرط التصعيد. ومع كل شتاء، يتجمد صوت أوروبا، ومع كل انتخابات أمريكية، يخفتُ صوت الدعم. وهنا يظهر ظل ترامب. هل كان هناك اتفاق؟ لا أوراق تثبت ذلك، ولكن الوقائع تشي بما لا يُقال. الحسم الروسي بدأ يوم بدأ الأمريكي يتردد، ويضع السقف للدعم، ويفتح النقاش أمام الجمهوريين حول جدوى الإنفاق. ترامب لا يحتاج أن يوقّع ليترك أثره، يكفي أن يتحدث، أن يلمّح، أن يتوعد. والروس يفهمون الإشارات أكثر مما يفهمون النصوص.الغرب لم يخسر عسكريًا، لكنه بدا عاجزًا عن الاستمرار في شغف الحرب. أوروبا فقدت شهيتها، وبدأت تتحدث عن التسوية، لا الانتصار، عن الضمانات، لا الهجوم المضاد. أوروبا التي راهنت على أوكرانيا، ثم اكتشفت أن الحرب تُنهكها أكثر مما تُنهك روسيا. وخلف هذا المشهد، تتغيّر الحسابات الكبرى. فكل بندقية تطلق هناك تُحسب في ميزانية الدفاع، وكل صاروخ يسقط يقرّب أكثر لحظة التأمل الاستراتيجي. فهل أمريكا مستعدة لخوض حرب طويلة تستهلك مخازنها وتُضعف حضورها في مسارح أخرى؟هنا يدخل الخليج، ليس كميدان، بل كمرآة. فمن يراقب تداعيات الحرب على معسكرات الخليج، يلاحظ كيف ارتبكت حسابات الجيوش، وكيف بدأت واشنطن تنقل تركيزها شيئًا فشيئًا نحو الشرق الآسيوي، تاركة فراغًا تدريجيًا يُحاول الجميع ملأه: إيران من جهة، وإسرائيل من جهة، وروسيا والصين من جهة ثالثة. إن استمرار الحرب في أوكرانيا قد أضعف صورة الردع الأمريكية، لأن واشنطن لم تُنهِ الحرب، ولم تَنتصر فيها، بل أطالتها دون أفق واضح. وهذا أخطر ما يمكن أن تُقدمه دولة تُبنى قوتها على فكرة "القدرة على الحسم". حين تتراجع هذه القدرة، يتجرأ الجميع.
وإذا كانت أوكرانيا تنهار اليوم، فليست وحدها التي تتداعى. هناك خيط يصل من كييف إلى طهران، ومن خاركيف إلى غزة، ومن خطوط النار في الدونباس إلى دهاليز السياسة في الرياض وتل أبيب وبيروت. إيران التي كانت ترقص على أوتار الفوضى، بدأت تفقد توازنها. فالحرب في أوكرانيا أبطأت مشاريع التوسع الإيراني من جهة، وأعادت تشكيل ميزان الردع من جهة أخرى. الغرب المتردد هناك، بات أكثر ميلًا للحسم هنا. فالفشل في كييف يحتاج إلى نصر بديل، ربما في الخليج، ربما على الضفة الأخرى من مضيق هرمز. لقد أدركت طهران أنها لم تعد تلعب في فضاء مفتوح، بل في ساحة ترصدها الأقمار الصناعية، وتنتظر فيها إسرائيل الإشارة. وكل إشارة أمريكية بالانسحاب من دعم أوكرانيا، تُقابلها همسة بالاقتراب من الحسم في الملف الإيراني.أما الجيوش الخليجية، فهي اليوم في مرحلة تأمل شائك. فما بين الرغبة في التحديث، والخوف من الفراغ الأمريكي، والمخاوف من الحرب القادمة، تقف هذه الجيوش كأنها تنتظر العاصفة. صفقات السلاح تتسارع، والتنسيق مع واشنطن يتعمّق، لكن دون يقين. فالأمريكي بات شريكًا قلقًا، يبحث عن نفسه في صراعاته الداخلية. ومع صعود التيارات الانعزالية، يخاف الخليجيون أن يستيقظوا ذات يوم دون غطاء. لا شيء محسوم، إلا أن القادم ليس استمرارًا لما مضى. وربما يكون الانهيار الأوكراني هو السطر الأول في رواية جديدة، تبدأ بسقوط مدينة، وتنتهي بإعادة تشكيل الإقليم.
وحده الدب الروسي يعلم أنه لا حاجة له بالسرعة، فالتاريخ في صفه، والصبر من طبيعته، والشتاء حليفه الأبدي. أما الغرب، فأطول حرب يخوضها هي مع ذاكرته القصيرة. ولذا فإن رقصة النهاية قد بدأت، لا في كييف وحدها، بل في كل العواصم التي ظنت أن الوقت يُمكن شراؤه بالدعم المؤقت. كل سقوط هو إشعار بانتهاء مرحلة، وكل انسحاب هو رسالة بأن اللاعبين الجدد قد بدأوا بالدخول. وعلى المسرح الملطخ بالدم والدخان، تُعاد كتابة الجغرافيا، بمدادٍ لا يُرى، وخريطةٍ لا تُرسم، بل تُفرض.الانهيار الأوكراني ليس خاتمة لحرب، بل استهلال لزمن آخر. زمن تعاد فيه تحالفات العالم، وتُختبر فيه الشعارات، وتسقط فيه أوراق التوت عن الجميع. إن كانت الحرب قد بدأت بقذيفة، فإنها ستنتهي بنظرة من خلف الكواليس، حيث تُطبخ القرارات الباردة، وتُشعل الجبهات الساخنة. وبين كييف وطهران، وساحات الخليج، ثمة خيط واحد يربط الجميع: من تعب أولًا، ومن يربح من تعب الآخرين.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طعنة غُربة
- حين تُطوى الراية قبل أن تذبل... عن إعادة رسم خرائط القوة بين ...
- الفنان العراقي.. صوت الوطن المنفي
- -حين يصير المجد تهمة... ويُؤخذ التاريخ من مأتمٍ لا ينتهي-
- -حين تعزف الدولة على لحن فنائها: عزاءٌ لوطنٍ يُقصف من داخله-
- العراق… صندوقٌ فارسيُّ الأختام
- الطبيب الذي خلع عباءته… وصار جزارًا في معطفٍ أبيض .
- -ويحَ مَن آذى عائشة... فالعرضُ عرضُ نبيٍ والأذى أذًى للسماء- ...
- -مزرعة البروكرات... حين أُطفئت شموعُ العقل وأُشعلت قناديلُ ا ...
- العلم الذي يُغتال... وأمة تنزف ضوءها .
- العقدة الخالدة: سردية الكراهية المتجذّرة ضد العرب منذ فجر ال ...
- -كمب ديفيد الإيراني: سلام يشبه الهزيمة أم هزيمة تُسوّق كسلام ...
- ترامب وصعود ميزان القوة الجديد: حين تعثّرت التنانين وتاهت ال ...
- في مطلعِ الهجراتِ تبكي السنون
- الفنُّ... رسائلُ الخلود في حضارة الرافدين
- الفزاعة التي لبست عمامة الخلافة
- التحية الأخيرة أمام الكاميرا: عندما يذوب الانضباط في حضرة ال ...
- -سلامٌ على شفرة السكين: حين يبتسم الدخان في الشرق الأوسط-
- ياسين خضر القيسي... طائر الإبداع ووجع الثقافة في زمن التبدّد ...
- ميرفت الخزاعي... فراشة السرد التي حلّقت من شط العرب إلى سماء ...


المزيد.....




- غرق أكثر من 35 شخصًا في انقلاب مميت لقارب سياحي بفيتنام
- رئيس أوكرانيا يوجه دعوة لروسيا لعقد اجتماع ويعلق
- سوريا.. ما هو وضع وقف إطلاق النار في السويداء؟
- هدنة غزة: لماذا تختلف هذه الجولة من المفاوضات عن سابقاتها؟
- بعد غيبوبة استمرت 20 عاماً.. وفاة -الأمير النائم- السعودي
- برلين تعد باستقبال أفغان من باكستان بشروط وتغلق الباب أمام ط ...
- طواف فرنسا: الهولندي ثيمين آرينسمان بطلا للمرحلة 14 وإيفينيب ...
- كاتب إسرائيلي: لا لتعامل إسرائيل الأحمق مع سوريا
- 900 شهيد جراء الجوع بينهم 71 طفلا في غزة والاحتلال يواصل الم ...
- مستوطنون يقتحمون الأقصى والاحتلال يحرق منازل بمخيم نور شمس


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -رقصة النهاية في ميدان الدخان: أوكرانيا بين أنياب الدب وأطياف الصفقات الغامضة-