أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - غرس الانقسام : كيف أعاق الكيان الصهيوني وحدة الأمة العربية














المزيد.....

غرس الانقسام : كيف أعاق الكيان الصهيوني وحدة الأمة العربية


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8391 - 2025 / 7 / 2 - 08:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وجود الكيان الإسرائيلي في قلب العالم العربي لا يمثل مجرد قضية احتلال لأرض فلسطينية، بل يشكل في جوهره عائقًا استراتيجيًا أمام أي مشروع نهضوي عربي يسعى إلى الوحدة الشاملة من المحيط إلى الخليج. إن زرع هذا الكيان الاستيطاني في الجغرافيا العربية لم يكن حدثًا عابرًا أو مجرد نتيجة لصراع محلي، بل جاء كترجمة فعلية لمخططات استعمارية هدفت إلى تفتيت العالم العربي وتمزيق نسيجه الجغرافي والبشري، وضرب أحلام وحدته الحضارية والتاريخية، وتكريس حالة التجزئة القومية والسياسية التي تشل طاقاته وتبقيه في حالة من الضعف البنيوي والتبعية المستمرة.

فالكيان الإسرائيلي لا يُقاس أثره فقط بممارساته العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني، بل يتعدى ذلك إلى كونه يمثل رأس حربة للمشروع الغربي الاستعماري في المنطقة. وجوده في قلب العالم العربي هو وجود وظيفي بالأساس، صُمم لخدمة استراتيجيات القوى الكبرى في الحفاظ على توازن مختل لصالح الهيمنة الغربية. إنه بمثابة خنجر جغرافي مزروع في خاصرة العالم العربي، يقسم المشرق عن المغرب، ويحول دون تشكل كتلة عربية متصلة جغرافيًا وسياسيًا واقتصاديًا. فكيف يمكن تصور وحدة عربية ممتدة من الرباط إلى بغداد في ظل وجود دولة عدوانية مدججة بالسلاح وتتمتع بدعم غير محدود من الغرب وتتبنى أيديولوجية توسعية تستهدف المحيط العربي بأكمله؟

لقد لعب الكيان الإسرائيلي دورًا مباشرًا وغير مباشر في إذكاء الصراعات العربية الداخلية، وإفشال كل مشاريع الوحدة، بل والمشاركة في تفكيك بعض الدول من الداخل عبر دعم الحركات الانفصالية والتنسيق مع قوى إقليمية معادية لأي تقارب عربي. كما أن العقيدة الأمنية الإسرائيلية تقوم على مبدأ "إبقاء العرب في حالة من الانقسام والعجز"، ولذلك لم يكن غريبًا أن تكون إسرائيل من أول المعارضين لأي تقارب بين الدول العربية، أو أي تحرك شعبي أو نخبوي يسعى لبناء مشروع عربي جامع.

ومن جانب آخر، فإن وجود الكيان الإسرائيلي يُضعف الروح القومية العربية، ويزرع الشك واليأس في نفوس الشعوب، إذ يجعل من فكرة الوحدة مجرد حلم بعيد المنال أمام واقع مفروض بقوة السلاح والدعم الغربي. فإسرائيل ليست فقط دولة احتلال، بل هي نموذج مضاد لكل ما تمثله فكرة العروبة: من الوحدة، والاستقلال، والكرامة، والهوية الجامعة. إنها كيان وُجد ليمنع التقاء العرب على كلمة واحدة، ولتكريس واقع التجزئة والتناحر، وتغذية الخوف والارتياب بين الدول العربية.

كما لا يمكن إغفال الأثر النفسي العميق لوجود هذا الكيان في قلب الأمة، فهو لا يثير فقط الغضب الشعبي الدائم، بل يشكل جرحًا مفتوحًا في الوعي العربي الجمعي. وهذا الجرح يمنع تشكل شعور بالأمان والاستقرار اللازم لأي عملية بناء وحدوي حقيقي. فكيف يمكن لشعب أن يبني مستقبله في ظل تهديد دائم، واعتداءات متكررة، واختراقات أمنية وعسكرية مستمرة من قبل عدو زرع بين جنباته؟

إن المشروع الوحدوي العربي لن يُكتب له النجاح ما لم يُعاد النظر في التعامل مع هذا الكيان من منطلق كونه ليس مجرد خصم سياسي، بل عائق حضاري وهيكلي أمام أي مشروع جامع. ولن تنهض الأمة ولا تستعيد قوتها ما دام هذا الجسم الغريب يعتاش على تفككها، ويصنع أمنه من خلال تهديد أمنها. فالوحدة العربية ليست فقط مشروعًا ثقافيًا أو حلمًا نخبويًا، بل ضرورة وجودية، والكيان الإسرائيلي هو العقبة الأشد فتكًا التي زرعت بعناية كي تجهض هذه الضرورة من مهدها.

من هنا، فإن مقاومة هذا الكيان لا ينبغي أن تُختزل في البعد العسكري وحده، بل يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من مشروع تحرري عربي شامل يعيد الاعتبار لفكرة الأمة، ويجعل من إسقاط هذه العقبة شرطًا جوهريًا لاستعادة السيادة الشاملة، وبناء كتلة حضارية موحدة قادرة على الفعل والتأثير في مجرى التاريخ الإنساني من جديد.



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في رحاب الوعي: من ديكارت إلى هايدغر، ومن سبينوزا إلى هوسرل
- من ميادين المعارك إلى خوارزميات السيطرة: كيف يعيد الذكاء الا ...
- العقل الأداتي في الفكر المعاصر: قراءة نقدية في أطروحة يورغن ...
- برمجة الضمير: حين تعاد صياغة الأخلاق في زمن الخوارزميات
- العقل في مواجهة المادة: رؤية كانط الأخلاقية في زمن النزعة ال ...
- الظلال النووية : الصراع الأمريكي الإسرائيلي ضد طموحات إيران ...
- الاقتصاد الخوارزمي : حين يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل قوانين ...
- تحوّلات الدولة الفاشلة: عندما يفقد القلم والعنف والسلطة معنا ...
- الرقابة الذكية والأمن العام: بين الحماية والهيمنة
- الدولة الإسلامية بوصفها دولة الوقت: نحو تخييل سياسي يتجاوز ا ...
- اللعب بالنار: التحالف الأمريكي الإسرائيلي يفتح أبواب الجحيم ...
- باكستان وإيران تحالف المواقف في زمن الانهيارات الطائفية
- التحالفات المرتبكة: الحرب الإسرائيلية الإيرانية تحت مجهر الس ...
- جذور الحكمة ونُظُم الحياة: أديان شرق آسيا وصناعة الوعي الجمع ...
- المدن الذكية في العالم العربي: بين الحلم الرقمي والتحديات ال ...
- الذكاء الاصطناعي في المشهد الاتصالي: من أداة مساندة إلى لاعب ...
- الرقمنة الكبرى: تحولات الثقافة والاتصال في زمن الذكاء الاصطن ...
- من غزة إلى طهران: إسرائيل في مواجهة أعداء العقيدة والخرائط
- صعود المؤثرين: قادة الرأي في زمن الخوارزميات
- صناع الوعي: الفلاسفة الذين أعادوا تشكيل العالم


المزيد.....




- شاهد.. الأمير هاري يُعيد إحياء مسيرة والدته التاريخية لإزالة ...
- مطعم كباب يجذب السياح والسكان المحليين في قلب السليمانية بكر ...
- سوريا.. تحليل خطاب الشرع ومعنى الانسحاب من السويداء ومن الخا ...
- سوريا.. خريطة لفهم المناطق منزوعة السلاح وموقعها من إسرائيل ...
- الشرع: إسرائيل تسعى لاستهداف استقرار سوريا ولسنا ممن يخشى ال ...
- حريق مروع في مركز تجاري بمدينة الكوت العراقية يوقع نحو 50 قت ...
- مظاهرات في سوريا تندد بالعدوان الإسرائيلي
- زلزال بقوة 7.3 يضرب سواحل ولاية ألاسكا الأميركية
- وزير خارجية تركيا يدعو لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة والمن ...
- ويتكوف: مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة تسير جيدا


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - غرس الانقسام : كيف أعاق الكيان الصهيوني وحدة الأمة العربية