أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - الظلال النووية : الصراع الأمريكي الإسرائيلي ضد طموحات إيران تحت خط النار














المزيد.....

الظلال النووية : الصراع الأمريكي الإسرائيلي ضد طموحات إيران تحت خط النار


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8388 - 2025 / 6 / 29 - 11:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شهدت الاستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية في التعامل مع الملف النووي الإيراني تحولًا جذريًا بعد الحرب الأخيرة التي اندلعت بين إيران وإسرائيل، وتدخلت فيها الولايات المتحدة بقصف مواقع نووية إيرانية حساسة. هذا التطور لم يكن مجرد رد عسكري محدود، بل عكس تغيرًا جوهريًا في بنية التفكير الاستراتيجي للولايات المتحدة وتل أبيب، حيث جرى تجاوز مرحلة "الردع السياسي" والدبلوماسي إلى منطق "الردع الصلب"، القائم على توجيه ضربات وقائية تهدف إلى تقويض البنية التحتية الحيوية للمشروع النووي الإيراني. لقد أصبحت واشنطن وتل أبيب أكثر اقتناعًا بأن الانتظار أو المراهنة على المفاوضات لم يعد مجديًا، وأن منع إيران من بلوغ نقطة اللاعودة النووية يتطلب تدخلاً عسكريًا دقيقًا واستباقيًا، حتى ولو أدى ذلك إلى تصعيد إقليمي واسع.

إن ما جرى مؤخرًا لا يمكن اعتباره مجرد عمل عسكري منفرد، بل هو تنفيذ عملي لاستراتيجية متكاملة تقوم على استهداف العناصر الفنية واللوجستية للمشروع النووي، بدءًا من منشآت التخصيب إلى وحدات الأبحاث والتطوير، مرورًا بتضييق الخناق على شبكات التهريب والدعم التقني، فضلًا عن تصعيد الحرب السيبرانية وتعطيل المنظومات الذكية المرتبطة بالبرنامج النووي. هذه المقاربة الجديدة تشير إلى رغبة أمريكية إسرائيلية مشتركة في إنهاء المشروع النووي الإيراني من جذوره، وليس فقط تأخيره أو إبطائه.

ورغم شراسة الضربات وحجم التحديات التي فرضتها على طهران، فإن إيران لم تفقد بعد مقومات قدرتها على المضي قدمًا نحو التسلح النووي، فهي لا تزال تحتفظ بما يعرف بـ"القدرة النووية الكامنة"، أي امتلاك المعرفة والخبرة والمخزون الكافي من اليورانيوم عالي التخصيب، وهو ما يتيح لها في حال اتخاذ القرار السياسي أن تصنع قنبلة نووية في فترة زمنية قصيرة نسبيًا. ومع ذلك، تبقى العقبة الأبرز أمام إيران ليست تقنية، بل تتعلق بالنجاة من منظومة الردع الخارجي، خاصة في ظل الحصار الاقتصادي، والاختراق الاستخباراتي العميق، وفقدان الدعم الدولي. ولعل إيران تدرك أن المضي في التصعيد قد يكون انتحارًا سياسيًا وأمنيًا، ولهذا قد تختار السير على خطى "الغموض النووي" كما فعلت إسرائيل من قبل، أي بلوغ العتبة دون إعلان رسمي.

التحولات الأخيرة في السلوك الأمريكي والإسرائيلي تشير إلى أن الأمر لم يعد مقتصرًا على منع إيران من حيازة السلاح النووي، بل أضحى جزءًا من مشروع أكبر لإعادة هندسة التوازنات الجيوسياسية في المنطقة. فواشنطن وتل أبيب تسعيان إلى تفكيك نفوذ إيران الإقليمي في سوريا ولبنان والعراق واليمن، وربط أي مسار تفاوضي جديد ليس فقط بالملف النووي، بل أيضًا ببرامج الصواريخ الباليستية والسلوك الإيراني في المنطقة. ويوازي ذلك تعزيز التحالفات الأمنية الإقليمية، وتوسيع مظلة الردع الدفاعي عبر اتفاقيات استراتيجية جديدة مثل "اتفاقات أبراهام"، بهدف تطويق إيران وتحجيم حركتها ونفوذها.

وفي خضم هذا المشهد المعقد، يصبح من الصعب الجزم بمصير الطموحات النووية الإيرانية. فإيران، وإن كانت تمتلك مقومات الرد، إلا أن الضغوط المتعددة قد تدفعها إلى تبني استراتيجية أكثر حذرًا، تقوم على اللعب في المنطقة الرمادية بين القدرة الفعلية والقرار السياسي. لكن، إن لم تنجح الاستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية في الحسم، فقد تجد المنطقة نفسها أمام سباق تسلح نووي مفتوح، تدخله قوى إقليمية كبرى مثل السعودية وتركيا، وهو ما قد يفتح الباب أمام مرحلة من الفوضى النووية الخطيرة التي يصعب احتواؤها.

بالتالي، فإن الصراع حول البرنامج النووي الإيراني لم يعد مجرد مسألة تقنية، بل أصبح تعبيرًا عن صراع الإرادات والنفوذ، وصياغة لمستقبل التوازنات الدولية في الشرق الأوسط. الولايات المتحدة وإسرائيل تراهنان على الوقت والردع المركب، وإيران تراهن على الصبر الاستراتيجي والمناورة، وبين الرهانات المتضادة، تبقى المنطقة مهددة بانفجار لا يمكن التنبؤ بمآلاته.



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقتصاد الخوارزمي : حين يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل قوانين ...
- تحوّلات الدولة الفاشلة: عندما يفقد القلم والعنف والسلطة معنا ...
- الرقابة الذكية والأمن العام: بين الحماية والهيمنة
- الدولة الإسلامية بوصفها دولة الوقت: نحو تخييل سياسي يتجاوز ا ...
- اللعب بالنار: التحالف الأمريكي الإسرائيلي يفتح أبواب الجحيم ...
- باكستان وإيران تحالف المواقف في زمن الانهيارات الطائفية
- التحالفات المرتبكة: الحرب الإسرائيلية الإيرانية تحت مجهر الس ...
- جذور الحكمة ونُظُم الحياة: أديان شرق آسيا وصناعة الوعي الجمع ...
- المدن الذكية في العالم العربي: بين الحلم الرقمي والتحديات ال ...
- الذكاء الاصطناعي في المشهد الاتصالي: من أداة مساندة إلى لاعب ...
- الرقمنة الكبرى: تحولات الثقافة والاتصال في زمن الذكاء الاصطن ...
- من غزة إلى طهران: إسرائيل في مواجهة أعداء العقيدة والخرائط
- صعود المؤثرين: قادة الرأي في زمن الخوارزميات
- صناع الوعي: الفلاسفة الذين أعادوا تشكيل العالم
- الانفجار العظيم: من لحظة البدء إلى حدود المعنى
- الاتصالات التسويقية المتكاملة في عصر الذكاء الاصطناعي: بين ا ...
- التأويل في قبضة المعنى: نحو فهم حتمي للاتصال بوصفه فعلاً إنس ...
- الحياد الكربوني والجيوسياسة: من البيئة إلى ميزان القوى العال ...
- الشعبوية الخوارزمية: كيف تُعيد الخوارزميات تشكيل التعبئة الس ...
- فؤاد الدجوي: قاضٍ بثياب جندي... وبندقية في صدر الكلمة


المزيد.....




- حصلا على قطعة منها.. صائدا نيازك يبحثان عن شظايا بعد سقوط إح ...
- شاهد.. دبان تسلّلا خارج حظيرتهما للاستمتاع بالعسل ووجبات خفي ...
- رحلات -اليوم الواحد الفائقة-.. صيحة سفر ذكية أم مغامرة مرهقة ...
- -ما الجملة الأخيرة التي قالها لك قبل أن يستشهد-؟ غزيون يستحض ...
- مقتل خمسة فلسطينيين أثناء انتظار المساعدات، وترامب يحث الطرف ...
- نتنياهو يشكر ترامب: معًا سنجعل الشرق الأوسط عظيمًا من جديد.. ...
- استمر ثلاثة أيام وقوبل باحتجاجات... حفل زفاف باذخ لمؤسس أماز ...
- -وحدة سهم- قوة أمنية غزية تلاحق عملاء الاحتلال الإسرائيلي
- تعرف على الآلية الأميركية الإسرائيلية في توزيع المساعدات على ...
- أميركا وإيران.. اتهامات متبادلة يتخللها حديث عن مباحثات بينه ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - الظلال النووية : الصراع الأمريكي الإسرائيلي ضد طموحات إيران تحت خط النار