أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رحيم حمادي غضبان - من السلطة الى التسلط كيف يتحول القائد الى مستبد














المزيد.....

من السلطة الى التسلط كيف يتحول القائد الى مستبد


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8362 - 2025 / 6 / 3 - 09:52
المحور: قضايا ثقافية
    


السلطة والتسلط مفردتان تبدوان في الظاهر مترادفتين، غير أن الغوص في معانيهما يكشف عن اختلاف جوهري في السياق والدوافع والنتائج. فبينما تمثل السلطة موقعًا شرعيًا لاتخاذ القرار وإدارة شؤون الناس، فإن التسلط انحراف عن هذا الموقع نحو القهر والفرض القسري للرأي، دون اعتبار للعدالة أو التشاركية.

السلطة في جوهرها مسؤولية، وهي امتحان لشخصية القائد وقدرته على اتخاذ القرار، لا على أساس القوة فقط، بل على أساس الحكمة والرؤية. إذ يمكن أن تكون السلطة فرصة للبناء، ولكنها أيضًا قد تتحول إلى وسيلة للهدم إذا سقط صاحبها في فخ التسلط، وهو ما يحدث كثيرًا حين يعاني القائد من مشكلات نفسية، أو عقد نقص، فيلجأ إلى فرض قوته لا لإحقاق الحق، بل لإثبات الذات والتشبث بالصورة التي يريد أن يظهر بها أمام الناس.

وليس من الغريب أن التاريخ يعج بنماذج لحكام استلموا السلطة بنوايا حسنة، ثم ما لبثوا أن تحولوا إلى طغاة متجبرين، بعد أن استبدت بهم شهوة القرار المطلق. ومن أخطر الأمثلة على ذلك أنظمة الحكم الاستبدادية، حيث تنعدم آليات الرقابة والمحاسبة، ويتحول الحاكم إلى مرجع وحيد لا يُسائل ولا يُنتقد، فتصبح الدولة مرآة لرغباته، ويختفي فيها صوت المواطن، ويتحول المجتمع إلى رهينة مزاج الفرد الحاكم.

لكن المفارقة الأشد مرارة أن التسلط لا يقتصر على الأنظمة الشمولية فقط، بل قد ينشأ أحيانًا من رحم الديمقراطية نفسها. ففي بعض الدول، تصل إلى السلطة شخصيات تتقن اللعب على أوتار الشعبوية، تتظاهر بالحرص على مصالح الناس، لكنها ما إن تتذوق طعم النفوذ حتى تسعى إلى تركيز الصلاحيات بيدها، وتطويع القوانين لخدمتها، بل وأحيانًا تقويض مؤسسات الدولة ذاتها بذريعة تحقيق "الإصلاح". وهكذا تتحول الديمقراطية إلى جسر يعبر عليه المتسلط ليصل إلى مبتغاه، ثم يهدمه كي لا يأتي أحد بعده.

ولعل أبرز الأمثلة على ذلك بعض القادة المنتخبين الذين استغلوا شرعية صناديق الاقتراع، ثم قادوا بلادهم نحو الانقسام، وأدخلوا مؤسساتها في نفق من التعطيل والتهميش، تحت شعارات "التغيير" و"حماية السيادة" و"محاربة الفساد"، فيما كانت الحقيقة أنهم يسعون فقط لتكريس نفوذهم الشخصي.

إن الفارق بين السلطة والتسلط يكمن في طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم. فالحاكم صاحب السلطة الحقيقية هو من يستمد قوته من احترام القانون، ومن تمثيل إرادة الناس، ومن فتح قنوات الحوار والنقد. أما المتسلط، فهو من يخاف النقد، ويضيق ذرعًا بالمخالفين، ويصم الآذان عن الرأي الآخر.

في النهاية، يبقى السؤال الجوهري: هل نحن مجتمعات تصنع القادة أم تصنع المتسلطين؟ وهل نحصّن أنظمتنا، ديمقراطية كانت أو غير ذلك، من الانجراف إلى شخصنة السلطة؟

الجواب يبدأ من ترسيخ ثقافة المساءلة، ورفع الوعي العام، وتعليم الأجيال أن القيادة ليست امتيازًا بل عبءٌ ومسؤولية، وأن القوة الحقيقية لا تكمن في فرض القرار، بل في القدرة على الإصغاء والتواضع والاعتراف بالخطأ.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قادة دول من المقاومة الى الزعامة
- التغيير الموعود...حين تتحول الشعارات إلى وسيلة للثراء
- من تحت الركام تولد المقاومة
- الانتهازية والاستغلال: سلوكيات مرفوضة تُصنّف ضمن الاحتيال ال ...
- العراق وأزمات المركز والأقليم
- الديمقراطية وتبادل المصالح قرأة ببن الناخب ومن يمثله في التج ...
- العقيدة الأدارية في العراق بين زمن التأسيس وزمن المحاصصة
- مادة الثقافة الجنسية هل أصبحت ظرورة في المدارس؟
- خذ الحكمة من أفواه المجانين
- كلكم خەڵکەکم
- مقابر العراق تتحول الى مسرح لصناع المحتوى
- الأم البديلة واشكالات منح الجنسية للمولود
- التغيب القسري في العراق جريمة مستمرة بين ضعف الدولة وصمت الع ...
- التسامح قوة الأخلاق
- الأبادة الجماعية
- العقل الباطن
- المقاومة بين شرعية التحرر وتهمة الأرهاب
- تقبض من دبش
- الطبع والتطبع ببن الفطرة والأكتساب
- الثراء نعمة ام نقمة؟


المزيد.....




- ترامب مازحا عن إيلون ماسك: أمريكا تستطيع البقاء بدون أي شخص ...
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة تستهدف إيران وتشمل كيانات في الإمار ...
- بضربة شاملة.. قصف روسي لمواقع بأوكرانيا
- ماكرون ولولا دا سيلفا يحضران فعالية ثقافية في باريس
- عروض نارية مبهرة تضيء سماء أبوظبي في أولى ليالي عيد الأضحى ا ...
- أولمرت: إسرائيل مسؤولة عن تلبية حاجة سكان غزة
- أمريكا.. تحويل الطائرة القطرية إلى -رئاسية- يثير انتقادات في ...
- استمرار التصعيد بين موسكو وكييف... وروسيا تعلن قتل شخص كان ي ...
- مقتل أربعة جنود إسرائيليين في غزة وسط نقص كبير في عديد الجيش ...
- حريق هائل يلتهم صهاريج في أوكلاهوما الأمريكية


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رحيم حمادي غضبان - من السلطة الى التسلط كيف يتحول القائد الى مستبد