أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - احمد صالح سلوم - عودة أشباح التاريخ - ألمانيا، العسكرة، ومخاطر الفاشية المعاصرة..كتيب مترجم ملخص له بأربع لغات















المزيد.....



عودة أشباح التاريخ - ألمانيا، العسكرة، ومخاطر الفاشية المعاصرة..كتيب مترجم ملخص له بأربع لغات


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 8358 - 2025 / 5 / 30 - 03:24
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


المقدمة : أشباح التاريخ وهمس الحاضر
1. استهلال شاعري: مرآة التاريخ


في أعماق الزمن، حيث تتلاقى أصداء الماضي مع همسات الحاضر، يقف التاريخ كمرآة عتيقة تعكس وجوه البشرية – آمالها المحطمة، طموحاتها المغدورة، وأخطاؤها التي تتكرر كلعنة لا تنتهي. في سماء أوروبا المثقلة بالغيوم، يتردد صوت وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كجرس إنذار، محذرًا من طموح ألمانيا العسكري المتجدد، وكأنه يستحضر أشباح القرن العشرين التي ما زالت تتربص في زوايا القارة. إن هذا الصوت ليس مجرد تحذير دبلوماسي، بل هو دعوة للتأمل في الطريق الذي تسلكه أوروبا اليوم، وهي تقف على مفترق طرق بين ديمقراطية تتآكل تحت وطأة الأزمات ونزعات هيمنة مستترة تتخفى وراء خطابات "الأمن القومي".
أوروبا، تلك القارة التي شهدت حروبًا دمرت أجيالاً، ونهضات أعادت بناء أحلام الشعوب، تواجه اليوم لحظة حاسمة. هل ستختار طريق التضامن والعدالة، أم ستغرق في وحل العسكرة والقومية المزيفة؟ ألمانيا، التي أعلن مستشارها فريدريش ميرز عن طموح بناء "أقوى جيش تقليدي في أوروبا"، تقف في صلب هذا الجدل. هل هي تسعى لحماية نفسها في عالم مضطرب، أم أنها تعيد كتابة فصول من مأساة القرن العشرين، حيث كانت الطموحات العسكرية مقدمة لكوارث لا تُنسى؟ التاريخ، بكل ما يحمله من دروس وتحذيرات، يحدق فينا، يطالبنا باليقظة، ويذكرنا بأن اختياراتنا اليوم ستشكل مصير الأجيال القادمة.
إن هذه المرآة التاريخية ليست مجرد أداة للتأمل، بل هي دعوة للعمل. في كل لحظة تتردد فيها أوروبا بين الديمقراطية والتسلط، بين التضامن والانقسام، تظهر أشباح الماضي لتذكرنا بثمن الغفلة. النازية، التي أغرقت العالم في ظلامها، لم تكن وليدة الصدفة، بل كانت نتيجة اختيارات اقتصادية وسياسية خدمت النخب على حساب الشعوب. واليوم، بينما تتصاعد خطابات الكراهية والعسكرة في أوروبا، يصبح السؤال ملحًا: هل نحن على أعتاب تكرار تلك الأخطاء، أم أننا قادرون على كتابة فصل جديد من الأمل؟ هذه المقدمة، التي تمتد كلوحة شاعرية ، تسعى لاستكشاف هذا السؤال، مستحضرة أشباح التاريخ لفهم همسات الحاضر ورسم أفق جديد.

2. سياق التحذير: لافروف وميرز

أطلق سيرغي لافروف تحذيرًا صريحًا أثار جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية الأوروبية. في خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أعرب عن "قلق روسيا الشديد" إزاء الخطط الألمانية لتعزيز قوتها العسكرية، مشيرًا إلى أن مثل هذه التحركات تستحضر ذكريات الحروب العالمية التي دمرت القارة. لم يكن هذا التحذير مجرد تصريح دبلوماسي عابر، بل كان محاولة لإعادة توجيه الأنظار نحو مخاطر العسكرة في سياق عالمي مضطرب. لافروف، بما يحمل من خبرة دبلوماسية تمتد لعقود، لم يتحدث من فراغ. إن تصريحاته تأتي في أعقاب تحولات جذرية في السياسة الألمانية، حيث أعلن المستشار فريدريش ميرز عن رؤية طموحة لبناء "أقوى جيش تقليدي في أوروبا"، في خطوة أُعلنت كجزء من استراتيجية دفاعية ضد "التهديد الروسي".
لكن ما الذي يعنيه هذا الطموح في سياقه التاريخي والجيوسياسي؟ إن تصريحات ميرز، التي جاءت بعد إعلان أولاف شولتز عام 2022 عن صندوق بقيمة 100 مليار يورو لتطوير الجيش الألماني، تشير إلى تحول عميق في السياسة الألمانية، التي كانت تاريخيًا مترددة في استعراض قوتها العسكرية بعد هزيمة النازية. هذا التحول، الذي أُطلق عليه "الزايتنفينده" (نقطة تحول)، يُبرر بخطاب "التهديد الروسي"، الذي أصبح العمود الفقري للسياسات الدفاعية الأوروبية منذ بدء الصراع في أوكرانيا. لكن السؤال الملح يبقى: هل هذا الخطاب دفاعي بحت، أم أنه يخفي طموحات هيمنة تتجاوز حدود الدفاع؟
إن تحليل هذه التصريحات يكشف عن طبقات من التناقضات. روسيا، التي كانت شريكًا اقتصاديًا حيويًا لألمانيا قبل 2022، أصبحت اليوم "العدو" الذي يُستخدم لتبرير العسكرة. هذا التحول يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية: هل تسعى ألمانيا لحماية أمنها القومي، أم أنها تستجيب لضغوط الناتو والولايات المتحدة لتعزيز نفوذها في مواجهة قوى عالمية صاعدة مثل الصين وروسيا؟ إن التاريخ يعلمنا أن خطابات "التهديد" غالبًا ما تكون أداة لتعبئة الشعوب وتبرير سياسات تخدم النخب. في هذا السياق، يصبح تحذير لافروف دعوة للتأمل في الدوافع العميقة وراء العسكرة الألمانية، وما إذا كانت تخفي طموحات تتجاوز حدود الدفاع إلى الهيمنة.


3. التاريخ كشاهد: النازية ودروسها


لكن التاريخ ليس مجرد تحذير؛ إنه أيضًا مصدر إلهام. مقاومة النازية، من خلال حركات مثل المقاومة الفرنسية والجبهة الشعبية في إسبانيا، أظهرت أن الشعوب قادرة على الوقوف في وجه الظلم مهما بلغت قوته. هؤلاء المقاومون، الذين ضحوا بحياتهم من أجل الحرية، تركوا إرثًا يتردد صداه في النضالات المعاصرة، من مقاومة الفلسطينيين في غزة إلى احتجاجات الطلاب في لييج. هذا الإرث يذكرنا بأن التاريخ ليس قدرًا محتومًا، بل هو نتيجة اختيارات البشرية، وأن اليقظة الجماعية يمكن أن تحول مسار الأحداث.
إن درس النازية الأبرز يكمن في كيفية استغلال الأزمات لخدمة النخب. في ألمانيا اليوم، نرى أصداء هذا المنطق في صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD)، الذي يستغل إحباط الشعب من السياسات الاقتصادية والاجتماعية ليوجه الغضب نحو المهاجرين والأقليات. لكن وراء هذا الخطاب القومي، نجد دعمًا ضمنيًا لمصالح الاحتكارات الاقتصادية التي تستفيد من خفض الضرائب وتقليص الإنفاق الاجتماعي. هذا التحالف بين القومية المزيفة والرأسمالية المتوحشة هو شبح تاريخي يتجلى في أشكال جديدة، محذرًا من أن الغفلة قد تقود إلى تكرار مآسي الماضي.
في سياق أوروبا المعاصرة، يتجلى هذا الخطر في العسكرة المتسارعة. إن إعلان فريدريش ميرز عن بناء "أقوى جيش تقليدي في أوروبا" ليس مجرد رد فعل على "التهديد الروسي"، بل هو جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز النفوذ الألماني في النظام العالمي. هذه الاستراتيجية، التي تُبرر بخطاب الأمن، تخفي أهدافًا اقتصادية وسياسية، مثل ضمان هيمنة الاحتكارات الأوروبية على الأسواق العالمية وتعزيز دور ألمانيا كقوة رائدة في الناتو. لكن التاريخ يعلمنا أن العسكرة، عندما تُستخدم كأداة للهيمنة، غالبًا ما تؤدي إلى صراعات مدمرة. الحرب العالمية الأولى، التي اندلعت نتيجة سباق التسلح بين القوى الأوروبية، هي تذكير قاسٍ بهذا الدرس.
علاوة على ذلك، فإن النازية لم تكن مجرد ظاهرة ألمانية، بل كانت تعبيرًا عن أزمة عالمية للرأسمالية. في إيطاليا، استغل موسوليني الأزمات الاقتصادية لتأسيس نظام فاشي، بينما في إسبانيا، دعم فرانكو النخب الإقطاعية ضد الحركات الشعبية. هذه الأمثلة تظهر أن الفاشية ليست استثناءً، بل هي نتيجة منطقية للرأسمالية عندما تواجه أزماتها. في هذا السياق، يصبح تحذير لافروف أكثر من مجرد تصريح دبلوماسي؛ إنه دعوة للتأمل في الدوافع العميقة وراء العسكرة الأوروبية، وما إذا كانت تخدم الشعوب أم النخب.

4. سمير أمين: الفاشية كأزمة رأسمالية

يوفر المفكر المصري سمير أمين إطارًا نظريًا عميقًا لفهم الفاشية كاستجابة لأزمات الرأسمالية. في كتاباته، يؤكد أمين أن الفاشية ليست مجرد انحراف سياسي، بل هي نتيجة هيكلية للتناقضات الداخلية في النظام الرأسمالي. عندما تواجه الرأسمالية أزمات اقتصادية – مثل الكساد الكبير أو الأزمة المالية عام 2008 – تلجأ النخب إلى استراتيجيات للحفاظ على هيمنتها، سواء من خلال القمع المباشر أو عبر خطابات قومية تخفي المصالح الطبقية. النازية، في هذا السياق، كانت أداة للنخب الألمانية لقمع الحركات العمالية وإعادة توجيه غضب الشعب نحو أعداء وهميين.
في أوروبا اليوم، نرى أصداء هذا التحليل في صعود اليمين المتطرف. أحزاب مثل "البديل من أجل ألمانيا"، "التجمع الوطني" في فرنسا، وحزب "ائتلاف اريزونا الفلامنديين مع حزب MR الفرانكفوني" في بلجيكا، تستخدم خطابات قومية لتعبئة الشعوب ضد المهاجرين والأقليات، بينما تدعم سياسات اقتصادية تخدم الاحتكارات. على سبيل المثال، في بلجيكا، يتبنى ائتلاف أريزونا سياسات تقشفية تقلص الضمان الاجتماعي وتعزز ميزانيات الصناعات العسكرية، مما يعكس تحالفًا بين القومية والرأسمالية يذكرنا بالنازية. هذا التحالف ليس صدفة، بل هو استجابة لأزمات الرأسمالية المعاصرة، التي فشلت في توفير العدالة الاجتماعية أو الاستقرار الاقتصادي للطبقات العاملة.
يذهب أمين إلى أبعد من ذلك، معتبرًا أن الفاشية ليست مجرد ظاهرة أوروبية، بل هي تعبير عن النظام الرأسمالي العالمي. في الجنوب العالمي، نرى أشكالاً من الفاشية الجديدة في الأنظمة التي تستخدم القمع والقومية لخدمة النخب المحلية والاحتكارات الغربية. على سبيل المثال، دعم الولايات المتحدة لأنظمة ديكتاتورية في أمريكا اللاتينية وأفريقيا ومحميات الخليج الصهيو أمريكية وشاه ايران خلال الحرب الباردة يعكس هذا المنطق، حيث كانت هذه الأنظمة تخدم مصالح الرأسمالية العالمية تحت غطاء "محاربة الشيوعية". في هذا السياق، تصبح العسكرة الألمانية جزءًا من ظاهرة عالمية، حيث تستخدم الأزمات لتبرير سياسات تخدم النخب على حساب الشعوب.
إن تحليل أمين يدعونا إلى التفكير في البدائل. بالنسبة له، فإن الخروج من أزمات الرأسمالية يتطلب بناء يسار راديكالي يتجاوز الإصلاحات السطحية ويهدف إلى تفكيك النظام الرأسمالي نفسه. هذا اليسار يجب أن يعتمد على التضامن العالمي، موحدًا نضالات الطبقات العاملة في الشمال والجنوب. في سياق أوروبا اليوم، يعني ذلك مواجهة العسكرة والقومية بخطاب يركز على العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة. إن تحذير لافروف، في هذا الإطار، ليس مجرد نقد لألمانيا، بل هو دعوة لإعادة التفكير في النظام العالمي الذي يغذي هذه النزعات.

5. أوروبا اليوم: بين الديمقراطية والهيمنة


منذ عام 2022، شهدت أوروبا تحولات جذرية أعادت تشكيل هويتها السياسية والاقتصادية. الصراع في أوكرانيا، الذي أُعلن كتهديد وجودي للأمن الأوروبي، أصبح ذريعة لتسارع العسكرة وإعادة ترتيب الأولويات الاقتصادية. ألمانيا، التي كانت تاريخيًا مترددة في لعب دور عسكري بارز، أعلنت عن زيادة غير مسبوقة في ميزانيتها الدفاعية، مع تخصيص 100 مليار يورو لتطوير جيشها. هذا التحول، الذي أُطلق عليه "الزايتنفينده"، لم يكن مجرد رد فعل على الأحداث في أوكرانيا، بل كان جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد لتعزيز النفوذ الألماني في النظام العالمي.
لكن هذه العسكرة لا تأتي بمعزل عن سياقها الاقتصادي والاجتماعي. في جميع أنحاء أوروبا، أدت سياسات التقشف إلى تفاقم التفاوت الاجتماعي، حيث تم تقليص الإنفاق على الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم لصالح ميزانيات الدفاع. في بلجيكا، على سبيل المثال، يتبنى ائتلاف أريزونا سياسات تقلص الضمان الاجتماعي، مما يزيد من معاناة الطبقات العاملة والفئات الضعيفة في المجتمع من متقاعدين وباحثين عن عمل والعائلات منهم المطلقين ، هذه السياسات، التي تُبرر بخطاب "الأمن القومي"، تعكس تحالفًا بين النخب السياسية والاحتكارات الاقتصادية، التي تستفيد من العسكرة والخصخصة.
في الوقت نفسه، تواجه الديمقراطية الأوروبية تحديات غير مسبوقة. صعود اليمين المتطرف، الذي يستغل إحباط الشعوب من الأزمات الاقتصادية، يهدد أسس النظام الديمقراطي. في فرنسا، يحقق حزب "التجمع الوطني" مكاسب انتخابية غير مسبوقة، بينما في إيطاليا، تقود جورجيا ميلوني حكومة يمينية متطرفة. هذه الأحزاب، التي تستخدم خطابات قومية ومناهضة للمهاجرين، تخفي دعمها لسياسات اقتصادية تخدم النخب. إن هذا التحول يذكرنا بجمهورية فايمار، حيث مهدت الأزمات الاقتصادية والسياسية الطريق لصعود النازية.
في هذا السياق، تصبح العسكرة الألمانية رمزًا للتوتر بين الديمقراطية والهيمنة. إن طموح ميرز لبناء جيش قوي قد يبدو خطوة دفاعية في عالم مضطرب، لكنه يحمل أيضًا مخاطر إعادة إنتاج منطق الهيمنة الذي أغرق أوروبا في الحروب. إن السؤال الملح هو: هل تستطيع أوروبا أن تجمع بين تعزيز أمنها وحماية ديمقراطيتها؟ أم أنها ستسقط في فخ القومية والعسكرة، مكررة أخطاء الماضي؟

6. تأملات فلسفية: التاريخ والإرادة البشرية


نرى التاريخ كحوار مستمر بين الإنسانية واختياراتها. ليس التاريخ قدرًا محتومًا، بل هو نتيجة قرارات اتخذتها شعوب وأفراد في لحظات حاسمة. النازية، التي أغرقت العالم في الظلام، كانت نتيجة اختيارات النخب الألمانية التي فضلت الهيمنة على العدالة. لكن مقاومة النازية، التي قادها أبطال من كل أنحاء العالم، كانت أيضًا نتيجة اختيارات – اختيارات الشجاعة والتضامن في مواجهة الظلم.
في أوروبا اليوم، نواجه لحظة مماثلة. العسكرة، التي تُبرر بخطاب "التهديد الروسي"، قد تكون طريقًا إلى الفاشية إذا لم نواجهها بيقظة أخلاقية. إن منطق العسكرة لا يقتصر على الأسلحة، بل يمتد إلى تفكيك المجتمعات من خلال التقشف والقومية. في بلجيكا، يعكس ائتلاف أريزونا هذا المنطق، حيث تُضحي الدولة بالعدالة الاجتماعية لصالح الصناعات العسكرية. هذا التحول يذكرنا بأن الفاشية لا تأتي دائمًا بزي عسكري، بل قد تتسلل عبر سياسات تبدو بريئة في ظاهرها.
لكن الإنسانية تملك القدرة على تغيير مسارها. إن التاريخ ليس خطًا مستقيمًا، بل هو سلسلة من اللحظات التي يمكن فيها للإرادة البشرية أن تُحدث فرقًا. في سياق أوروبا اليوم، يتطلب هذا التحول يقظة أخلاقية تستلهم من نضالات الماضي – من مقاومة النازية إلى حركات التحرر في الجنوب العالمي. إن تحذير لافروف، رغم طابعه الدبلوماسي، هو دعوة لنا جميعًا للتأمل في الطريق الذي نسلكه، ولإعادة التفكير في أولوياتنا كشعوب.
إن هذا الحوار مع التاريخ يتطلب شجاعة لمواجهة الحقيقة: أن العسكرة ليست الحل، بل هي جزء من المشكلة. إن بناء عالم يقوم على العدالة يتطلب تفكيك النظام الرأسمالي الذي يغذي الأزمات، واستبداله بنظام يضع الإنسانية في المركز. هذا التأمل الفلسفي ليس مجرد تمرين فكري، بل هو دعوة للعمل – دعوة للشباب، والمفكرين، والشعوب، ليكونوا صوت الضمير في مواجهة أشباح التاريخ.

7. خاتمة تمهيدية: نحو أفق جديد


في ظلال أشباح التاريخ، يتردد همس الحاضر كدعوة لليقظة. أوروبا، التي تقف على مفترق طرق، تواجه خيارًا مصيريًا: هل ستسلك طريق العسكرة والقومية، مكررة أخطاء القرن العشرين، أم ستختار أفقًا جديدًا يقوم على العدالة والتضامن؟ إن الخطر لا يكمن في الأسلحة بحد ذاتها، بل في المنطق الذي يبررها – منطق الهيمنة والاستغلال الذي يخدم النخب على حساب الشعوب.
إن هذه المقدمة، التي حاكت التاريخ والفلسفة والشعر، ليست مجرد تمهيد للكتيب، بل هي دعوة لإعادة التفكير في مسارنا كبشرية. مستلهمين من سمير أمين، ندعو إلى بناء يسار راديكالي يتجاوز الرأسمالية، ويعيد صيغة عالم يقوم على التضامن. صوت لافروف، وتحذيره من العسكرة الألمانية، هو مجرد نقطة انطلاق. الأفق الجديد يبدأ هنا، في لحظة اليقظة، حيث نختار مواجهة أشباح التاريخ بأمل الحاضر وإرادة المستقبل.

الفصل الأول: النازية - قناع الاشتراكية وهيمنة الرأسمالية
صعود النازية: السياق الاقتصادي والسياسي
في أوائل القرن العشرين، كانت ألمانيا تعيش في ظل جمهورية فايمار الهشة، التي أُنشئت بعد هزيمة الإمبراطورية الألمانية في الحرب العالمية الأولى عام 1918. كانت تلك الفترة مزيجًا من الفوضى السياسية والانهيار الاقتصادي، حيث ترنحت البلاد تحت وطأة معاهدة فرساي القاسية، التي فرضت تعويضات باهظة وتقييدًا عسكريًا مهينًا. الكساد الكبير، الذي ضرب العالم عام 1929، عمّق الجراح، فارتفعت البطالة إلى مستويات غير مسبوقة، وتفشى الفقر في أوساط الطبقة العاملة والوسطى. في هذا المناخ المشحون باليأس، وجد حزب العمال الوطني الاشتراكي الألماني (النازي) أرضًا خصبة لزرع بذور خطابه القومي المتطرف.
لم يكن الحزب النازي، الذي تأسس عام 1920، مجرد حركة سياسية، بل كان ظاهرة استغلت الغضب الشعبي بمهارة. استخدم اسم "الاشتراكية" كقناع لجذب العمال المحبطين من الليبرالية، لكنه لم يكن اشتراكيًا بالمعنى الحقيقي. كان الحزب يمينيًا متطرفًا، يعتمد على القومية المتشددة ومعاداة الشيوعية كأدوات لتعبئة الجماهير. أدولف هتلر، الذي تولى قيادة الحزب، استغل شعور الإذلال الوطني بعد فرساي، موجهًا غضب الشعب نحو أعداء مُصطنعين: الشيوعيون، والديمقراطيون. لم تكن هذه الاستراتيجية جديدة، لكنها كانت فعالة في سياق ألمانيا الممزقة.
في انتخابات 1932، حصل النازيون على 37.4% من الأصوات، نسبة كبيرة لكنها ليست أغلبية مطلقة. استغل هتلر حالة عدم الاستقرار السياسي، والانقسامات بين الأحزاب التقليدية، ليُعيّن مستشارًا في يناير 1933 من قبل الرئيس بول فون هيندنبورغ. هذا التعيين لم يكن نتيجة فوز انتخابي ساحق، بل مناورة سياسية استفادت من الفراغ القيادي. بمجرد وصوله إلى السلطة، تحرك هتلر بسرعة لتفكيك الديمقراطية. "قانون التمكين" عام 1933، الذي أقرّه الرايخستاغ تحت ضغط النازيين، أعطى هتلر سلطات استثنائية، مكنته من إلغاء الأحزاب الأخرى وتحويل ألمانيا إلى دولة شمولية.
هذا الصعود لم يكن مجرد نتيجة خطابات هتلر الملتهبة، بل كان مدعومًا بسياق اقتصادي واجتماعي معقد. الكساد الكبير لم يدمر الاقتصاد الألماني فحسب، بل أذلّ الطبقة الوسطى التي فقدت مدخراتها، وجعلت العمال عرضة للاستقطاب. كانت الدعاية النازية، بقيادة جوزيف غوبلز، بارعة في تحويل هذا اليأس إلى طاقة قومية. برامج مثل "القوة من خلال الفرح"، التي ركزت على تعبئة المجتمع، لم تكن مجرد مبادرات اجتماعية، بل أدوات لعسكرة الشعب وإعداده للحرب.
الرأسمالية والنازية: تحالف الدم
على عكس التصورات الشعبية التي تربط النازية بالاشتراكية، كان النظام النازي حليفًا وثيقًا للرأسمالية الكبرى. شركات مثل IG Farben، Krupp، وSiemens لم تكن مجرد مستفيدين من سياسات النازية، بل كانت شركاء أساسيين في مشروعها التوسعي. خلال الكساد الكبير، ساعد الإنفاق العسكري الكبير في القضاء على البطالة، مما عزز شعبية النظام. برامج إعادة التسلح، وبناء البنية التحتية مثل الطرق السريعة، وفرت فرص عمل، لكنها كانت تخدم أهدافًا عسكرية وتوسعية.
هذا التحالف بين النازية والرأسمالية لم يكن بريئًا. الشركات الكبرى استفادت من العمالة القسرية، بما في ذلك سجناء معسكرات الاعتقال والأجانب ، مما سمح لها بتحقيق أرباح هائلة بتكاليف منخفضة. خلال الحرب العالمية الثانية، نهبت ألمانيا النازية موارد الدول المحتلة، من فرنسا إلى بولندا، بما فيها ثهر تمثال الشاعر الفرنسي ريمبو ، لدعم اقتصادها الحربي. هذه السياسات لم تكن مجرد ضرورة اقتصادية، بل كانت جزءًا من مشروع شمولي يهدف إلى تمكين النخب الصناعية والعسكرية.
واليوم، نرى أصداء لهذا التحالف في السياسات المعاصرة. شركات مثل Rheinmetall، التي تحقق أرباحًا طائلة من تصاعد التوترات مع روسيا، تستفيد من خطاب "التهديد الروسي" الذي يُروَّج له لتبرير العسكرة. كما كانت الاحتكارات الصناعية في الثلاثينيات تستفيد من أزمات فايمار، تستفيد الشركات العسكرية اليوم من أزمة أوكرانيا. هذا التشابه يثير تساؤلاً: هل العسكرة الحالية في أوروبا، بقيادة ألمانيا، هي استجابة دفاعية، أم أنها تعيد إنتاج منطق الهيمنة الذي شكّل النازية؟
قانون التمكين: نهاية الديمقراطية
كان "قانون التمكين" عام 1933 نقطة تحول حاسمة. هذا القانون، الذي أُقرّ تحت ضغط النازيين، سمح لهتلر بإصدار قوانين دون موافقة البرلمان، مما أنهى فعليًا الديمقراطية في ألمانيا. تم إسكات الأحزاب السياسية، وتم اضطهاد المعارضين، وتحولت البلاد إلى دولة شمولية. كانت هذه الخطوة مدعومة بدعاية قوية، رسّخت صورة هتلر كمنقذ للأمة، بينما كانت في الواقع أداة لتعزيز سيطرة النخب.
هذا التحول لم يكن مفاجئًا. كانت ألمانيا فايمار تعاني من انقسامات سياسية عميقة، حيث فشلت الأحزاب التقليدية في تقديم حلول للأزمات. استغل النازيون هذا الفراغ، موجهين غضب الشعب نحو أعداء داخليين وخارجيين. الدعاية، بقيادة غوبلز، لعبت دورًا حاسمًا في تبرير هذه القوانين القمعية، حيث صوّرت النازية كحركة تحرر وطني.
واليوم، نرى أصداء لهذا المنطق في السياسات التي تُبرر القيود على الحريات باسم الأمن القومي. في أوروبا، تُستخدم أزمة أوكرانيا لتبرير زيادة الميزانيات العسكرية وتقليص الإنفاق الاجتماعي. في بلجيكا، يتبنى ائتلاف أريزونا سياسات تقشفية تُضعف الضمان الاجتماعي، موجهًا الأموال لشراء الأسلحة. هذه السياسات، مثل قانون التمكين، تُغلّف بقناع الحماية الوطنية، لكنها تخدم مصالح النخب الاقتصادية والعسكرية.
العسكرة والدعاية: تعبئة المجتمع
كانت العسكرة جوهر المشروع النازي. لم تكن مجرد إعادة بناء الجيش، بل كانت عملية شاملة لتحويل المجتمع إلى أداة للحرب. برامج مثل "القوة من خلال الفرح"، التي روّجت للنشاطات الجماعية، كانت تهدف إلى تعبئة الشعب نفسيًا وجسديًا. التعليم العنصري، الذي ركز على تفوق "العرق الآري"، زرع بذور الكراهية والطاعة العمياء. كانت الدعاية النازية، بقيادة غوبلز، سلاحًا فعالًا في السيطرة على الرأي العام، حيث صوّرت العسكرة كطريق لاستعادة الكرامة الوطنية.
هذا المنطق ليس غريبًا على عصرنا. في أوروبا اليوم، تُستخدم الدعاية لتصوير روسيا كتهديد وجودي، مما يبرر زيادة الميزانيات العسكرية. في ألمانيا، يُروَّج لخطاب "الدفاع عن أوروبا" لدعم طموحات ميرز العسكرية. لكن هذا الخطاب يتجاهل حقيقة أن روسيا، قبل 2022، كانت شريكًا اقتصاديًا أساسيًا لألمانيا، حيث ساهم النفط والغاز الروسي في ازدهارها. إن تحويل روسيا إلى "عدو" يذكرنا بكيف صوّرت النازية الشيوعيين من المان وعائلات يهودية معادية للغيتو الصهيوني في فلسطين ، كتهديدات لتبرير سياساتها.
الرأسمالية المتوحشة: نهب واستعباد
كانت النازية مشروعًا اقتصاديًا بقدر ما كانت سياسيًا. خلال الحرب العالمية الثانية، استخدم النازيون العمالة القسرية بشكل منهجي. سجناء معسكرات الاعتقال، بما في ذلك الشيوعيين والأقليات الأخرى، أُجبروا على العمل في ظروف غير إنسانية لصالح الشركات الكبرى. هذا الاستعباد لم يكن مجرد جريمة أخلاقية، بل كان استراتيجية اقتصادية سمحت للشركات بتحقيق أرباح هائلة. نهب الموارد من الدول المحتلة، مثل مناجم الفحم في بولندا أو الحبوب من أوكرانيا، دعم الاقتصاد الحربي الألماني.
هذا النمط من الاستغلال يجد أصداء في العصر الحديث. ألمانيا، التي هيمنت اقتصاديًا على أوروبا الشرقية والوسطى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فرضت نموذجًا رأسماليًا متوحشًا على دول مثل اليونان. البنك المركزي الألماني، عبر سياسات التقشف، أخضع اليونان لشروط قاسية، مما عزز نفوذ الشركات الألمانية. هذا النهب الاقتصادي، وإن كان يبدو ظاهريا أقل وحشية من النازية، يعكس المنطق ذاته: خدمة النخب على حساب الشعوب.
مقارنات معاصرة: أريزونا وخداع الشعوب
في بلجيكا، يقدم ائتلاف أريزونا مثالًا صارخًا لكيفية استخدام الشعارات لخداع الطبقات الشعبية. خلال الانتخابات، وعد الائتلاف بتحسين أوضاع العمال، مدعيًا أن الفرق بين العامل والباحث عن العمل سيكون 500 يورو. لكن بعد الانتخابات، تبين أن هذه الوعود كانت فارغة. بدلاً من زيادة القوة الشرائية، خفض الائتلاف إعانات البطالة، ونقل الأموال إلى صناديق البلديات الاجتماعية، مما قلّص الدعم المباشر للعاطلين. كما اعتبر العمل الليلي وفي العطلات عملًا عاديًا، مما ضرب حقوق العمال.
هذه السياسات تذكرنا بالنازية، التي استخدمت شعارات "الاشتراكية" لجذب العمال، بينما دعمت الاحتكارات. في بلجيكا، يخفض ائتلاف أريزونا الضرائب على العائلات الغنية، التي تتحكم بالبلاد عبر شبكة من النخب الاقتصادية، بينما يضعف الفئات الهشة مثل المتقاعدين والباحثين عن عمل. هذا الخداع السياسي، الذي يُغلّف بقناع "الإصلاح"، يعكس منطق النازية في استغلال الأزمات لتمكين النخب.
التاريخ كمرآة: تأملات فلسفية
إن صعود النازية لم يكن مجرد حادث تاريخي، بل كان نتيجة اختيارات سياسية واقتصادية. التاريخ، كما يعلمنا، ليس قدرًا محتومًا، بل هو حوار بين البشرية وإرادتها. النازية استغلت يأس الشعب الألماني، موجهة غضبه نحو أعداء وهميين، بينما خدمت مصالح الاحتكارات. اليوم، نشهد أصداء لهذا المنطق في أوروبا، حيث تُستخدم أزمات مثل أوكرانيا لتبرير سياسات تخدم النخب على حساب الشعوب.
هذا التشابه يدعونا إلى التأمل: هل نحن، كبشرية، محكومون بتكرار أخطاء الماضي؟ إن العسكرة، التي تُروَّج لها كحل للأمن القومي، قد تكون طريقًا إلى هاوية جديدة إذا لم ننتبه. النازية لم تبدأ بحرب، بل بشعارات وأزمات استُغلت لتمكين نظام شمولي. اليوم، يجب أن نسأل: هل طموح ألمانيا العسكري، وخطابات اليمين المتطرف في أوروبا، هي بداية لفصل جديد من المأساة؟
الخاتمة: دروس من الماضي
إن صعود النازية يعلمنا أن الأزمات الاقتصادية والسياسية هي أرض خصبة للنزعات الشمولية. الحزب النازي، بقناعه "الاشتراكي"، استغل يأس الشعب لخدمة النخب، مستخدمًا العسكرة والدعاية كأدوات للهيمنة. اليوم، نشهد أصداء لهذا المنطق في سياسات العسكرة والتقشف التي تخدم الاحتكارات. إن فهم هذه الدروس ليس مجرد تمرين أكاديمي، بل ضرورة أخلاقية لمنع تكرار المأساة. التاريخ يحدق فينا، يطالبنا باليقظة، فهل سنستمع؟

الفصل الثاني: ألمانيا اليوم - عودة العسكرة
في أواخر فبراير 2022، وبعد اعتراف المانيا وفرنسا ضامنتا اتفاقيات مينسك أنها استغلتها لكسب الوقت وتسليح كييف ، هزّ الهجوم الروسي على أوكرانيا أركان القارة الأوروبية، ليعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي بسرعة مذهلة. ألمانيا، التي كانت تتمسك لعقود بموقف مسالم متأصل في ذاكرة أهوال النازية، وجدت نفسها في قلب هذا التحول. تصريحات المستشار فريدريش ميرز عن بناء "أقوى جيش تقليدي في أوروبا" لم تكن مجرد رد فعل على الأزمة الأوكرانية، بل إعلانًا عن طموح أعمق، يحمل في طياته أصداء الماضي وتساؤلات الحاضر. إن هذا التحول، الذي بدأ في عهد أولاف شولتز وتصاعد مع طموحات ميرز، يثير تساؤلات فلسفية وسياسية: هل تسعى ألمانيا إلى حماية نفسها، أم أنها تعيد إنتاج منطق الهيمنة الذي قاد العالم إلى حربين عالميتين؟ وهل هذه العسكرة جزء من تنافس أوسع على الموارد العالمية، كما كان الحال في القرن العشرين؟
التحول الاستراتيجي بعد 2022: من المسالمة إلى العسكرة
كانت ألمانيا، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، رمزًا للنأي بالنفس عن العسكرة الطموحة. عقود من الاعتماد على الحماية الأمريكية ضمن حلف الناتو، وتخصيص ميزانيات دفاعية متواضعة، جعلت الجيش الألماني (البوندسفير) يعاني من نقص مزمن في المعدات والبنية التحتية. تقارير عديدة كشفت عن تدهور القدرات العسكرية الألمانية، حيث كانت الطائرات المقاتلة غير صالحة للطيران، والدبابات غير جاهزة للقتال، والبيروقراطية تعيق أي إصلاحات جوهرية. لكن الهجوم الروسي على أوكرانيا عام 2022 قلب هذا الواقع رأسًا على عقب.
تحت قيادة أولاف شولتز، أعلنت ألمانيا عن صندوق خاص بقيمة 100 مليار يورو لتطوير الجيش، مع التزام بتخصيص 2% من الناتج المحلي الإجمالي للدفاع، وهو هدف طالما تجاهله حلف الناتو. كان هذا التحول، الذي أُطلق عليه "الزايتنفينده" (نقطة تحول)، لحظة تاريخية أعادت تعريف دور ألمانيا في أوروبا. لكن تصريحات ميرز، التي جاءت لاحقًا، رفعت سقف الطموح إلى مستوى جديد، حيث أعلن عن رغبته في جعل ألمانيا القوة العسكرية الرائدة في القارة. هذا الخطاب لم يكن مجرد استجابة للتهديدات الخارجية، بل حمل نبرة طموح جيوسياسي يذكرنا بفترات سابقة من التاريخ الألماني.
هذا التحول لم يكن مفاجئًا تمامًا. ألمانيا، التي كانت القوة الاقتصادية المهيمنة في أوروبا، واجهت ضغوطًا متزايدة لتحمل مسؤوليات عسكرية أكبر. الشكوك حول استمرار الحماية الأمريكية، خاصة بعد التقلبات السياسية في واشنطن، دفعت برلين إلى إعادة التفكير في استراتيجيتها. لكن السؤال الأعمق هو: هل هذا التحول يهدف إلى حماية القارة، أم أنه يعكس رغبة في استعادة نفوذ جيوسياسي أوسع؟ إن التنافس التاريخي بين ألمانيا والولايات المتحدة على وراثة التركة الاستعمارية البريطانية، كما شهدنا في حربي الثلاثين سنة (الأولى والثانية)، يلقي بظلاله على هذا الطموح.
التهديد الروسي: حقيقة أم وهم؟
جوهر خطاب ميرز يتمحور حول "التهديد الروسي"، الذي صوّرته وسائل الإعلام الغربية كخطر وجودي يهدد أمن أوروبا. تصريحه بأن "أي شخص يعتقد أن روسيا ستكتفي بالنصر على أوكرانيا أو ضم جزء منها فهو مخطئ" يعكس خطابًا يذكرنا بالحرب الباردة، حيث كان الخوف من الاتحاد السوفيتي يبرر سباق التسلح. لكن هذا الخطاب يستحق التدقيق. قبل 2022، كانت روسيا شريكًا اقتصاديًا حيويًا لألمانيا. النفط والغاز الروسيان كانا العمود الفقري للازدهار الألماني، حيث وفرا الطاقة الرخيصة للصناعات الألمانية، من السيارات إلى الكيماويات. خط أنابيب نورد ستريم، الذي ربط روسيا بألمانيا مباشرة، كان رمزًا لهذا التعاون.
السؤال هنا: كيف تحولت روسيا من شريك إلى عدو في غضون سنوات قليلة؟ إن الخطاب حول "التهديد الروسي" يتجاهل حقيقة أن روسيا، رغم هجومها على أوكرانيا، لا تملك القدرة العسكرية أو الاقتصادية لتهديد أوروبا ككل. الاقتصاد الروسي، الذي يعتمد بشكل كبير على تصدير الموارد، كان يعاني من العقوبات الغربية حتى قبل 2022. أما جيشها، فقد أظهرت الحرب في أوكرانيا حدود قدراته. هذا يدفعنا إلى التساؤل: هل يُصنع العدو لتبرير سياسات داخلية وخارجية، كما فعل النازيون مع "الخطر الشيوعي" أو "البلشفية اليهودية"؟
إن هذا الخطاب ليس جديدًا. في القرن العشرين، كانت الحروب العالمية نتيجة تنافس ألمانيا والولايات المتحدة على وراثة التركة الاستعمارية البريطانية، التي أُطلق عليها "الرجل المريض" في إشارة إلى الإمبراطورية البريطانية المتداعية. ألمانيا، التي برزت كقوة صناعية في أواخر القرن التاسع عشر، سعت إلى فرض هيمنتها على أوروبا وما وراءها، مما أدى إلى صدامات كارثية. اليوم، يبدو أن التنافس على الموارد العالمية، التي تشكل حوالي 15% من الاحتياطيات العالمية وتتركز في روسيا وإيران وفنزويلا، يشكل خلفية جديدة لهذا الصراع. ألمانيا، بدعم من الولايات المتحدة وحلف الناتو، تبدو وكأنها تسعى لتأمين حصتها من هذه الموارد عبر العسكرة والضغط الاقتصادي.
الاحتكارات العسكرية: المستفيد الحقيقي
إن العسكرة الألمانية الحديثة لا يمكن فهمها دون النظر إلى المستفيدين الحقيقيين: الاحتكارات العسكرية والصناعية. شركات مثل Rheinmetall، التي تُعد واحدة من أكبر منتجي الأسلحة في أوروبا، شهدت ارتفاعًا غير مسبوق في أرباحها منذ بداية الأزمة الأوكرانية. هذه الشركات لا تستفيد فقط من زيادة الميزانيات العسكرية، بل تساهم في تشكيل الخطاب السياسي الذي يبرر هذه الزيادة. إن خطاب "التهديد الروسي" يخدم مصالح هذه الشركات، التي تتلقى عقودًا بمليارات اليوروهات لتطوير دبابات وطائرات وأنظمة دفاعية.
هذا التحالف بين السياسة والاحتكارات ليس جديدًا. في ألمانيا النازية، كانت شركات مثل Krupp وIG Farben شركاء أساسيين في المشروع الحربي. استفادت هذه الشركات من العمالة القسرية ونهب الموارد، مما سمح لها بتحقيق أرباح هائلة. اليوم، تكرر الاحتكارات العسكرية هذا النمط، ولكن بأدوات أكثر حداثة. على سبيل المثال، تُستخدم الأزمة الأوكرانية لتبرير إعادة تسليح أوروبا، بينما تُحوّل الموارد من الخدمات الاجتماعية إلى الصناعات العسكرية. في بلجيكا، يتبنى ائتلاف أريزونا سياسات مشابهة، حيث يُقلّص الإنفاق على الضمان الاجتماعي لصالح شراء الأسلحة من الشركات الأمريكية والأوروبية.
هذا التحول يعكس منطقًا رأسماليًا متوحشًا يضع مصالح النخب فوق احتياجات الشعوب. في ألمانيا، يتم ترويج العسكرة كضرورة للأمن القومي، لكنها تخدم في الواقع مصالح الشركات الكبرى. هذا المنطق يذكرنا بالنازية، التي استخدمت الأزمات الاقتصادية لتبرير سياساتها التوسعية، بينما كانت النخب الصناعية تجني الأرباح. إن السؤال اليوم هو: هل ألمانيا، بدعم من الناتو، تسعى إلى فرض هيمنتها على الموارد العالمية، كما فعلت في الماضي؟
التنافس على الموارد: إرث الاستعمار
لنعد إلى التاريخ. كانت الحربان العالميتان، أو ما يُشار إليه أحيانًا بحربي الثلاثين سنة (1914-1945)، نتيجة تنافس ألمانيا والولايات المتحدة على وراثة التركة الاستعمارية البريطانية. الإمبراطورية البريطانية، التي كانت تُوصف بـ"الرجل المريض"، بدأت تفقد قبضتها على مستعمراتها في أواخر القرن التاسع عشر. ألمانيا، التي برزت كقوة صناعية، سعت إلى تحدي هذه الهيمنة، مما أدى إلى صدامات كارثية. الحرب العالمية الأولى كانت محاولة ألمانية لإعادة تقسيم العالم، بينما كانت الحرب الثانية محاولة هتلر لفرض هيمنة ألمانية على أوروبا وما وراءها.
اليوم، يبدو أن التنافس على الموارد يشكل خلفية جديدة لهذا الصراع. حوالي 15% من الموارد العالمية، بما في ذلك النفط والغاز والمعادن النادرة، تتركز في دول مثل روسيا، إيران، وفنزويلا. هذه الدول، التي تُوصف أحيانًا بـ"المحور المعادي" في الخطاب الغربي، تُستهدف بعقوبات اقتصادية وحروب بالوكالة. ألمانيا، بدعم من الولايات المتحدة وحلف الناتو، تبدو وكأنها تسعى إلى تأمين حصتها من هذه الموارد عبر العسكرة والضغط السياسي. الحرب في أوكرانيا، التي تُقدم كصراع من أجل الديمقراطية، قد تكون في جوهرها صراعًا على السيطرة على الموارد الروسية.
هذا التنافس ليس جديدًا. في القرن العشرين، نهبت ألمانيا النازية موارد الدول المحتلة لدعم اقتصادها الحربي. اليوم، تستخدم ألمانيا نفوذها الاقتصادي للهيمنة على أوروبا الشرقية والوسطى. سياسات التقشف التي فرضها البنك المركزي الألماني على اليونان، على سبيل المثال، أخضعت هذا البلد لشروط قاسية، مما عزز نفوذ الشركات الألمانية. هذا النمط من الهيمنة الاقتصادية، المدعوم بالقوة العسكرية، يذكرنا بالنازية، وإن كان بأدوات أكثر حداثة.
أوروبا بين الديمقراطية والهيمنة
إن العسكرة الألمانية لا تحدث في فراغ. أوروبا اليوم تواجه تحديات داخلية وخارجية تهدد نسيجها الديمقراطي. صعود اليمين المتطرف، الذي يتستر خلف خطابات "القومية"، يعكس خيبة أمل الشعوب من الأحزاب التقليدية. في ألمانيا، يستغل اليمين المتطرف الخوف من "التهديد الروسي" لتعبئة الرأي العام، بينما تُحوّل الحكومة الموارد من الخدمات الاجتماعية إلى الصناعات العسكرية. هذا المنطق يذكرنا بالنازية، التي استخدمت الدعاية لتحويل غضب الشعب إلى دعم لسياساتها التوسعية.
في بلجيكا، يعكس ائتلاف أريزونا هذا المنطق بشكل صارخ. وعود الائتلاف بتحسين أوضاع العمال تبخرت بعد الانتخابات، حيث تم تقليص إعانات البطالة وتحويل الأموال إلى صناديق البلديات الاجتماعية، مما قلّص الدعم المباشر للفئات الهشة. هذه السياسات، التي تُغلّف بقناع "الإصلاح"، تخدم النخب الاقتصادية، بينما تضعف الطبقات الشعبية. إن هذا النمط يعكس ما فعلته النازية، التي استخدمت شعارات "الاشتراكية" لخداع العمال، بينما دعمت الاحتكارات.
التأملات الفلسفية: التاريخ كمرآة
إن العسكرة الألمانية الحديثة تدعونا إلى التأمل في دور التاريخ كمرآة لاختياراتنا. التاريخ ليس قدرًا محتومًا، بل هو نتيجة قرارات البشرية. النازية لم تنجح لأنها كانت حتمية، بل لأنها استغلت أزمات اقتصادية وسياسية لتمكين النخب. اليوم، تواجه أوروبا أزمات مماثلة: عدم المساواة، صعود اليمين المتطرف، والتوترات الجيوسياسية. إن طموح ألمانيا العسكري، الذي يُبرر بـ"التهديد الروسي"، قد يكون خطوة نحو هاوية جديدة إذا لم ننتبه.
التنافس على الموارد، الذي كان جوهر الحروب العالمية، يتكرر اليوم بأشكال جديدة. روسيا، إيران، وفنزويلا، التي تمتلك حصة كبيرة من الموارد العالمية، تُستهدف بالعقوبات والضغوط العسكرية. ألمانيا، بدعم من الناتو، تبدو وكأنها تسعى إلى تأمين حصتها من هذه الموارد، مما يعيد إنتاج منطق الهيمنة الاستعمارية. هذا التنافس، إذا لم يُدار بحكمة، قد يقود إلى صراعات كارثية، كما حدث في القرن العشرين.
الخاتمة: نحو يقظة أخلاقية
إن العسكرة الألمانية، التي تُروَّج كحل للأمن القومي، تحمل في طياتها مخاطر إعادة إنتاج منطق الهيمنة. التاريخ يعلمنا أن الأزمات تُستغل لتبرير سياسات تخدم النخب على حساب الشعوب. اليوم، يجب أن نكون يقظين. العسكرة ليست مجرد مسألة أسلحة، بل هي منطق يمكن أن يقود إلى تآكل الديمقراطية وإحياء أشباح الفاشية. إن التحدي أمام أوروبا هو بناء مستقبل يتجاوز الرأسمالية المتوحشة، ويعيد الأولوية للشعوب على حساب الاحتكارات.

الفصل الثالث: سمير أمين ونقد الفاشية المعاصرة
في قلب التحولات السياسية والاقتصادية التي تعصف بأوروبا اليوم، يبرز تحليل سمير أمين كمنارة فكرية تلقي الضوء على أعمق التناقضات في النظام الرأسمالي. في مقالته "عودة الفاشية في ظل أزمة الرأسمالية والإمبريالية المعاصرة"، يقدم أمين قراءة نقدية للفاشية ليست مجرد ظاهرة تاريخية، بل استجابة متكررة لأزمات الرأسمالية التي تهدد استقرارها. إن تحذيراته من عودة الفاشية، وإن لم تكن بزي هتلر أو موسوليني، تتردد اليوم في أروقة أوروبا، حيث يصعد اليمين المتطرف تحت ستار "القومية"، وتُستخدم الأزمات لتبرير سياسات تخدم الاحتكارات على حساب الشعوب. هذا الفصل يغوص في تحليل أمين، مع ربطه بالواقع الأوروبي المعاصر، من العسكرة الألمانية إلى سياسات ائتلاف أريزونا في بلجيكا، ليكشف عن الخيوط الخفية التي تربط الفاشية التاريخية بمظاهرها الحديثة.
الفاشية كاستجابة لأزمة الرأسمالية
سمير أمين، المفكر المصري الذي أمضى حياته في نقد الرأسمالية والإمبريالية، يرى أن الفاشية ليست انحرافًا سياسيًا، بل استجابة منطقية لأزمات النظام الرأسمالي. في مقالته، يؤكد أن الفاشية تظهر عندما يواجه الرأسمال، خاصة في صورته الاحتكارية، تحديات تهدد هيمنته. إنها ليست مجرد حركة سياسية، بل مشروع شمولي يرفض الديمقراطية، ويستند إلى خطابات قومية متخلفة، ويخدم النخب الاقتصادية عبر تعبئة الجماهير ضد أعداء مُصطنعين. النازية، كما يوضح أمين، كانت نموذجًا لهذا النوع من الفاشية، حيث دعمت الاحتكارات الألمانية مثل IG Farben وKrupp، بينما استخدمت دعاية معادية للسامية لتبرير سياساتها التوسعية.
في الثلاثينيات، كانت ألمانيا تعاني من الكساد الكبير، الذي دمر الاقتصاد وأذلّ الطبقة الوسطى. استغل هتلر هذا اليأس، موجهًا غضب الشعب نحو اليهود والشيوعيين، بينما كان يعيد تسليح البلاد لخدمة النخب الصناعية. هذا النمط، كما يحلل أمين، ليس حصريًا على ألمانيا النازية. الفاشية، في جوهرها، هي أداة لإدارة المجتمع الرأسمالي في أوقات الأزمات، حيث تُستبدل الديمقراطية بالطاعة العمياء للقائد، وتُغلّف السياسات القمعية بخطابات عن "الأمة" أو "العرق".
اليوم، نشهد أصداء لهذا النمط في أوروبا. الأزمات الاقتصادية، من الركود الذي أعقب أزمة 2008 إلى التضخم الناتج عن الحرب في أوكرانيا، خلقت مناخًا من عدم الاستقرار. هذا المناخ يشبه إلى حد كبير فايمار في العشرينيات، حيث يشعر المواطنون بالإحباط من الأحزاب التقليدية، سواء اليمين البرلماني أو اليسار الاشتراكي. في هذا الفراغ، يبرز اليمين المتطرف كبديل، مستخدمًا خطابات "القومية" لجذب الجماهير المحبطة. لكن، كما يحذر أمين، هذه القومية ليست سوى قناع يخفي ولاء هذه الحركات للاحتكارات الغربية، سواء في واشنطن أو بروكسل.
القومية المزيفة: أوروبا واليمين المتطرف
يؤكد أمين أن اليمين المتطرف في أوروبا اليوم، الذي يُصوَّر كـ"قومي"، لا يتحدى الهيمنة الإمبريالية، بل يخدمها. هذه الحركات، التي تتستر خلف شعارات مثل "حماية الأمة" أو "استعادة السيادة"، لا تشكك في سيطرة الاحتكارات الأمريكية والأوروبية، بل تُوجه غضب الشعب نحو أهداف وهمية: المهاجرون، الأقليات، أو الجيران "الأبرياء". هذا الخطاب يذكرنا بالنازية، التي استخدمت معاداة السامية لتحويل غضب الشعب عن النخب الصناعية إلى كبش فداء.
في ألمانيا، يستغل اليمين المتطرف، مثل حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، الخوف من "التهديد الروسي" والقلق من الهجرة لتعبئة الرأي العام. هذه الأحزاب، التي تدعي الدفاع عن "الهوية الألمانية"، لا تعارض هيمنة الناتو أو الشركات الكبرى مثل Rheinmetall، التي تستفيد من العسكرة. بدلاً من ذلك، تُوجه غضب الناخبين نحو المهاجرين، الذين يُصورون كتهديد للاقتصاد والثقافة. هذا المنطق يعكس ما فعلته النازية، التي استخدمت اليهود ككبش فداء لتبرير سياساتها القمعية.
في بلجيكا، يقدم ائتلاف أريزونا مثالًا صارخًا لهذا النمط. خلال الانتخابات، وعد الائتلاف بتحسين أوضاع العمال، مدعيًا أن الفرق بين العامل والباحث عن العمل سيكون 500 يورو. لكن بعد الفوز، تبين أن هذه الوعود كانت فارغة. بدلاً من تعزيز القوة الشرائية، خفض الائتلاف إعانات البطالة، ونقل الأموال إلى صناديق البلديات الاجتماعية، مما قلّص الدعم المباشر للفئات الهشة. كما اعتبر العمل الليلي وفي العطلات عملًا عاديًا، مما ضرب حقوق العمال. هذه السياسات، التي تُغلّف بقناع "الإصلاح الاقتصادي"، تخدم النخب الغنية، بينما تضعف الطبقات العاملة والمتقاعدين.
هذا الخداع يذكرنا بالنازية، التي استخدمت شعارات "الاشتراكية" لجذب العمال، بينما دعمت الاحتكارات الصناعية. في بلجيكا، يخفض ائتلاف أريزونا الضرائب على العائلات الغنية، التي تتحكم بالبلاد عبر شبكة من النخب الاقتصادية، بينما يُوجه غضب الشعب نحو المهاجرين أو الأزمات الخارجية. هذا النمط، كما يحلل أمين، هو سمة أساسية للفاشية المعاصرة: استخدام خطابات قومية لإخفاء خدمة الاحتكارات.
مخاطر الفاشية المعاصرة
يحذر أمين من أن الفاشية المعاصرة لا تحتاج إلى زي هتلر لتعود. إنها تتسلل عبر خطابات الكراهية والتقشف الاقتصادي، مستغلة خيبة أمل الشعوب من الأحزاب التقليدية. في أوروبا اليوم، يزداد نفوذ اليمين المتطرف بسبب تواطؤ اليمين البرلماني واليسار الاشتراكي، اللذين فشلا في تقديم بديل حقيقي للرأسمالية الاحتكارية. هذا التواطؤ، كما يوضح أمين، يدفع الناخبين إلى العزوف عن الانتخابات أو التصويت لليمين المتطرف، الذي يستغل إحباطهم.
في ألمانيا، يعكس صعود حزب البديل من أجل ألمانيا هذا الاتجاه. الحزب، الذي بدأ كحركة مناهضة لليورو، تحول إلى منصة للقومية المتطرفة، موجهًا غضبه ضد المهاجرين والمسلمين. لكن هذا الخطاب لا يتحدى هيمنة الناتو أو الشركات الكبرى، بل يخدمها عبر تعزيز الانقسامات الاجتماعية. في فرنسا، يتبع التجمع الوطني لمارين لوبان نمطًا مشابهًا، حيث يستخدم خطاب "السيادة الوطنية" لجذب الناخبين، بينما يدعم سياسات تخدم الاحتكارات الأوروبية.
هذه الحركات، كما يحلل أمين، ليست قومية بالمعنى الحقيقي. القومية الحقيقية، في رؤيته، تتحدى الهيمنة الإمبريالية، سواء كانت أمريكية أو أوروبية. لكن اليمين المتطرف في أوروبا هو حليف وثيق لواشنطن وبروكسل، موجهًا كراهيته نحو المهاجرين أو الجيران "الأبرياء" مثل روسيا أو الدول الإسلامية. هذا الخطاب يعكس منطق النازية، التي استخدمت معاداة السامية لتحويل غضب الشعب عن النخب الصناعية.
في هذا السياق، تبرز أهمية تحذير أمين من أن الفاشية ليست مجرد خطر خارجي، بل هي تهديد داخلي يتغذى على أزمات الرأسمالية. إن صعود اليمين المتطرف في أوروبا لا يشكل خطرًا مباشرًا على النظام "الديمقراطي" في الوقت الحالي، لأن التواطؤ بين اليمين البرلماني والليبراليين الاجتماعيين يحافظ على استقرار النظام. لكن نجاحات اليمين المتطرف الانتخابية، كما يوضح أمين، تكشف عن أزمة أعمق: خيبة أمل الشعوب من الرأسمالية الاحتكارية.
اليسار الراديكالي: الأمل الضائع
يقدم أمين رؤية تقدمية لمواجهة الفاشية: بناء يسار راديكالي يتجاوز الرأسمالية الحالية. في رأيه، فإن فشل اليسار الاشتراكي التقليدي في أوروبا، الذي تواطأ مع اليمين في دعم السياسات النيوليبرالية، هو ما يدفع الناخبين نحو اليمين المتطرف. إذا امتلك اليسار الراديكالي الجرأة لتقديم بديل حقيقي، يعيد توزيع الثروة ويحارب الاحتكارات، فإنه يمكن أن يكتسب المصداقية التي يفتقر إليها.
في أوروبا اليوم، يعاني اليسار من أزمة هوية. الأحزاب الاشتراكية، التي كانت في السابق مدافعة عن العمال، تبنت سياسات التقشف والخصخصة، مما جعلها تفقد ثقة الناخبين. في ألمانيا، الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) دعم سياسات العسكرة وزيادة الميزانيات الدفاعية، متخليًا عن إرثه الاجتماعي. في فرنسا، الحزب الاشتراكي فقد شعبيته بسبب سياسات إيمانويل ماكرون النيوليبرالية. هذا الفراغ يترك المجال مفتوحًا لليمين المتطرف، الذي يستغل إحباط الشعوب.
في بلجيكا، يعكس ائتلاف أريزونا هذا التواطؤ بين اليمين واليسار التقليديين. سياسات الائتلاف، التي تُقلّص الضمان الاجتماعي لصالح الصناعات العسكرية، تُظهر كيف تخدم الأحزاب التقليدية مصالح الاحتكارات. هذا التواطؤ يذكرنا بألمانيا فايمار، حيث فشل الأحزاب التقليدية في مواجهة الأزمات، مما مهد الطريق لصعود النازية. إن تحذير أمين واضح: إذا لم يقدم اليسار الراديكالي بديلاً حقيقيًا، فإن الفاشية المعاصرة ستستمر في النمو.
الفاشية كقوة لا يمكن السيطرة عليها
يحذر أمين من أن الفاشية، بطبيعتها، قوة يصعب السيطرة عليها. إنها تعتمد على عبادة القائد، الطاعة العمياء، والأفكار الأسطورية الزائفة، سواء كانت عرقية أو دينية. هذه السمات تجعل الفاشية تميل إلى التطرف، مما يؤدي إلى أخطاء كارثية تتجاوز حتى مصالح النخب التي تخدمها. النازية، على سبيل المثال، لم تكتفِ باضطهاد اليهود، بل أطلقت حربًا عالمية دمرت ألمانيا نفسها. هذا التطرف، كما يوضح أمين، هو ما يجعل الفاشية خطرًا لا يمكن التنبؤ به.
في أوروبا اليوم، نشهد بوادر هذا التطرف. اليمين المتطرف، الذي يروج للكراهية ضد المهاجرين والأقليات، يخلق مناخًا من الانقسام الاجتماعي. في المجر وبولندا، تتبنى الحكومات اليمينية سياسات قمعية تستهدف الصحافة الحرة والقضاء المستقل، بينما تُغلّف هذه السياسات بخطابات "الدفاع عن الأمة". هذه الديناميكية، كما يحذر أمين، قد تتجاوز حدود السيطرة، مما يهدد استقرار الديمقراطيات الأوروبية.
التأملات الفلسفية: الفاشية والإرادة البشرية
إن تحليل أمين ليس مجرد نقد سياسي، بل دعوة فلسفية للتأمل في دور الإرادة البشرية في مواجهة الفاشية. التاريخ، كما يراه، ليس قدرًا محتومًا، بل نتيجة اختياراتنا. الفاشية تنجح عندما يسمح المجتمع، بخيبة أمله أو صمته، بتمكين النخب القمعية. اليوم، تواجه أوروبا لحظة حاسمة: هل ستسمح بتكرار أخطاء الماضي، أم ستختار طريقًا يتجاوز الرأسمالية الاحتكارية؟
إن صعود اليمين المتطرف، من ألمانيا إلى بلجيكا، يعكس أزمة أخلاقية أعمق. الرأسمالية، التي تُنتج عدم المساواة والإحباط، تخلق أرضًا خصبة للفاشية. إن تحذير أمين هو دعوة لليقظة: إذا لم نتحدى النخب الاحتكارية، فإن خطابات الكراهية والعسكرة ستستمر في النمو. اليسار الراديكالي، كما يقترح، هو الأمل الوحيد لكسر هذه الدائرة، عبر تقديم رؤية تقدمية تركز على العدالة الاجتماعية.
الخاتمة: نحو مستقبل بدون فاشية
إن تحليل سمير أمين يقدم خريطة طريق لفهم الفاشية المعاصرة ومواجهتها. العسكرة الألمانية، خطابات اليمين المتطرف، وسياسات التقشف مثل تلك التي يتبناها ائتلاف أريزونا، كلها أعراض لأزمة الرأسمالية. هذه الأعراض ليست جديدة، بل تعكس منطق النازية، التي استخدمت الأزمات لتمكين النخب. اليوم، يجب أن نكون يقظين. الفاشية لا تأتي دائمًا بزي عسكري، بل قد تتسلل عبر خطابات "القومية" أو "الأمن". إن التحدي أمام أوروبا هو بناء يسار راديكالي يتجاوز الرأسمالية، ويعيد الأولوية للشعوب على حساب الاحتكارات. التاريخ يحدق فينا، يطالبنا بالاختيار: هل سنكرر المأساة، أم سنكتب فصلًا جديدًا من الأمل؟

الفصل الرابع: أوروبا بين الديمقراطية والهيمنة
في قلب أوروبا الحديثة، حيث تتقاطع طموحات القوة مع أشباح التاريخ، تقف القارة على مفترق طرق خطير. العسكرة الألمانية، التي يروج لها المستشار فريدريش ميرز كضرورة لمواجهة "التهديد الروسي"، ليست مجرد تحول استراتيجي، بل هي علامة على صراع أعمق بين الديمقراطية المتآكلة ونزعات الهيمنة المتجددة. أوروبا، التي شهدت أهوال الحربين العالميتين، تجد نفسها اليوم أمام تحديات تهدد نسيجها الاجتماعي والسياسي: صعود اليمين المتطرف، تقشف اقتصادي يخدم الاحتكارات، وخطابات "الأمن" التي تبرر تقليص الحريات. هذا الفصل يغوص في هذا الصراع، مستلهمًا تحليل سمير أمين، ومربطًا بين العسكرة الألمانية وسياسات مثل ائتلاف أريزونا في بلجيكا، ليكشف كيف تتآكل الديمقراطية تحت وطأة طموحات الهيمنة.
الديمقراطية المتآكلة: أزمة الثقة
أوروبا، التي كانت يومًا منارة الديمقراطية، تواجه اليوم أزمة ثقة عميقة. الأحزاب التقليدية، سواء اليمين البرلماني أو اليسار الاشتراكي، فقدت مصداقيتها بسبب تبنيها لسياسات نيوليبرالية تخدم الاحتكارات على حساب الشعوب. في ألمانيا، أدت سياسات التقشف، التي بدأت بعد أزمة 2008، إلى زيادة عدم المساواة، مما أثار إحباط الطبقات الشعبية. هذا الإحباط، كما يحلل سمير أمين، هو التربة الخصبة التي تنمو فيها الفاشية. عندما تفشل الأحزاب التقليدية في تقديم حلول للأزمات الاقتصادية، يلجأ الناخبون إما إلى العزوف عن الانتخابات أو إلى دعم اليمين المتطرف، الذي يستغل غضبهم.
في ألمانيا، يعكس صعود حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) هذه الأزمة. الحزب، الذي بدأ كحركة مناهضة لليورو، تحول إلى منصة للقومية المتطرفة، موجهًا غضبه ضد المهاجرين والأقليات. لكن هذا الخطاب لا يتحدى النخب الاقتصادية أو هيمنة الناتو، بل يخدمها عبر تعزيز الانقسامات الاجتماعية. في فرنسا، يتبع التجمع الوطني لمارين لوبان نمطًا مشابهًا، حيث يستخدم خطاب "السيادة الوطنية" لجذب الناخبين المحبطين، بينما يدعم سياسات تخدم الاحتكارات الأوروبية.
في بلجيكا، يقدم ائتلاف أريزونا مثالًا صارخًا لهذا التآكل. خلال الانتخابات، وعد الائتلاف بتحسين أوضاع العمال، مدعيًا أن الفرق بين العامل والباحث عن العمل سيكون 500 يورو. لكن بعد الفوز، تبين أن هذه الوعود كانت زائفة. بدلاً من تعزيز القوة الشرائية، خفض الائتلاف إعانات البطالة، ونقل الأموال إلى صناديق البلديات الاجتماعية، مما قلّص الدعم المباشر للفئات الهشة. كما اعتبر العمل الليلي وفي العطلات عملًا عاديًا، مما ضرب حقوق العمال. هذه السياسات، التي تُغلّف بقناع "الإصلاح"، تعكس تواطؤ الأحزاب التقليدية مع النخب الاقتصادية، مما يزيد من إحباط الشعوب ويفتح الباب لليمين المتطرف.
هذا التآكل للديمقراطية ليس جديدًا. في ألمانيا فايمار، فشلت الأحزاب التقليدية في مواجهة الكساد الكبير، مما مهد الطريق لصعود النازية. اليوم، تكرر أوروبا هذا النمط، حيث تُستخدم الأزمات، مثل الحرب في أوكرانيا، لتبرير سياسات تقشفية تخدم الاحتكارات. العسكرة الألمانية، التي يروج لها ميرز كضرورة للأمن، تُحوّل الموارد من الخدمات الاجتماعية إلى الصناعات العسكرية، مما يزيد من عدم المساواة ويضعف النسيج الديمقراطي.
الهيمنة الأوروبية: تكرار التاريخ؟
إن طموح ألمانيا العسكري، الذي يتجلى في تصريحات ميرز عن بناء "أقوى جيش تقليدي في أوروبا"، يثير تساؤلات حول نوايا برلين. هل تسعى ألمانيا إلى حماية القارة، أم أنها تطمح إلى استعادة دور قيادي يعيد تشكيل النظام الأوروبي؟ التاريخ يقدم دروسًا مقلقة. في القرن العشرين، كانت النازية مشروعًا لهيمنة ألمانيا على أوروبا، مدعومًا بالاحتكارات الصناعية والعسكرة الشاملة. هتلر لم يكتفِ بإعادة تسليح ألمانيا، بل سعى إلى فرض نموذج اقتصادي وسياسي على القارة، مستخدمًا القوة العسكرية لنهب الموارد من الدول المحتلة.
اليوم، تبدو ألمانيا وكأنها تسير على خطى مشابهة، وإن كانت بأدوات مختلفة. منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، هيمنت ألمانيا اقتصاديًا على أوروبا الشرقية والوسطى، مستخدمة نفوذها في الاتحاد الأوروبي لفرض سياسات تقشفية. أزمة اليونان، التي أخضعها البنك المركزي الألماني لشروط قاسية بعد 2008، هي مثال واضح. هذه السياسات، التي أُجبرت اليونان على تبنيها، عززت نفوذ الشركات الألمانية، بينما دمرت الاقتصاد اليوناني وأثقلت الشعب بأعباء الديون. هذا النمط من الهيمنة الاقتصادية، المدعوم اليوم بالعسكرة، يذكرنا بطموحات ألمانيا النازية، التي سعت إلى السيطرة على أوروبا عبر القوة الاقتصادية والعسكرية.
إن العسكرة الألمانية الحالية، التي بدأت مع صندوق شولتز البالغ 100 مليار يورو، ليست مجرد استجابة للتهديدات الخارجية. إنها جزء من مشروع أوسع لتعزيز نفوذ ألمانيا في أوروبا وخارجها. تصريحات ميرز عن "القوة العسكرية الرائدة" تحمل نبرة طموح جيوسياسي يتجاوز الدفاع. هذا الطموح يثير قلقًا، خاصة في ضوء التاريخ. في القرن العشرين، كانت الحروب العالمية نتيجة تنافس ألمانيا والولايات المتحدة على وراثة التركة الاستعمارية البريطانية. اليوم، يبدو أن التنافس على الموارد العالمية، التي تشكل حوالي 15% وتتركز في روسيا وإيران وفنزويلا، يشكل خلفية جديدة لهذا الصراع. ألمانيا، بدعم من الناتو، تبدو وكأنها تسعى إلى تأمين حصتها من هذه الموارد عبر العسكرة والضغط الاقتصادي.
الاحتكارات والعسكرة: الرأسمالية في خدمة الهيمنة
جوهر هذا التحول يكمن في التحالف بين السياسة والاحتكارات العسكرية. شركات مثل Rheinmetall، التي تحقق أرباحًا طائلة منذ بداية الأزمة الأوكرانية، هي المستفيد الأكبر من العسكرة الألمانية. هذه الشركات لا تكتفي بتلبية طلبات الحكومة، بل تساهم في تشكيل الخطاب السياسي الذي يبرر زيادة الميزانيات العسكرية. خطاب "التهديد الروسي"، الذي يروج له ميرز، يخدم مصالح هذه الشركات، التي تتلقى عقودًا بمليارات اليوروهات لتطوير الأسلحة.
هذا التحالف يذكرنا بالنازية، التي كانت شريكة وثيقة للاحتكارات الصناعية. شركات مثل Krupp وSiemens استفادت من العمالة القسرية ونهب الموارد، مما سمح لها بتحقيق أرباح هائلة. اليوم، تكرر الاحتكارات العسكرية هذا النمط، ولكن بأدوات أكثر حداثة. في ألمانيا، تُحوّل الموارد من الخدمات الاجتماعية، مثل التعليم والرعاية الصحية، إلى الصناعات العسكرية. في بلجيكا، يتبنى ائتلاف أريزونا سياسات مشابهة، حيث يُقلّص الضمان الاجتماعي لصالح شراء الأسلحة من الشركات الأمريكية والأوروبية. هذه السياسات تعكس منطقًا رأسماليًا متوحشًا يضع مصالح النخب فوق احتياجات الشعوب.
إن هذا التحالف بين السياسة والاحتكارات ليس مجرد ظاهرة اقتصادية، بل هو تهديد مباشر للديمقراطية. عندما تُحوّل الحكومات الموارد إلى الصناعات العسكرية، فإنها تضعف النسيج الاجتماعي، مما يزيد من عدم المساواة والإحباط. هذا الإحباط، كما يحذر أمين، هو ما يغذي اليمين المتطرف، الذي يستغل غضب الشعب لتعبئته ضد أعداء وهميين.
التنافس على الموارد: إرث الاستعمار
لنعد إلى التاريخ. كانت الحربان العالميتان، أو ما يُشار إليه بحربي الثلاثين سنة (1914-1945)، نتيجة تنافس ألمانيا والولايات المتحدة على وراثة التركة الاستعمارية البريطانية. الإمبراطورية البريطانية، التي كانت تُوصف بـ"الرجل المريض"، بدأت تفقد قبضتها على مستعمراتها في أواخر القرن التاسع عشر. ألمانيا، التي برزت كقوة صناعية، سعت إلى تحدي هذه الهيمنة، مما أدى إلى صدامات كارثية. اليوم، يبدو أن التنافس على الموارد العالمية، التي تشكل حوالي 15% وتتركز في روسيا وإيران وفنزويلا، يشكل خلفية جديدة لهذا الصراع.
ألمانيا، بدعم من الناتو، تبدو وكأنها تسعى إلى تأمين حصتها من هذه الموارد عبر العسكرة والضغط الاقتصادي. الحرب في أوكرانيا، التي تُقدم كصراع من أجل الديمقراطية، قد تكون في جوهرها صراعًا على السيطرة على الموارد الروسية. روسيا، التي تمتلك احتياطيات ضخمة من النفط والغاز والمعادن النادرة، تُستهدف بالعقوبات والضغوط العسكرية. إيران وفنزويلا، اللتان تمتلكان موارد نفطية استراتيجية، تواجهان ضغوطًا مماثلة. هذا التنافس يعكس منطق الاستعمار القديم، حيث كانت القوى الأوروبية تتصارع على المستعمرات للسيطرة على الموارد.
في هذا السياق، تبرز العسكرة الألمانية كجزء من استراتيجية أوسع للهيمنة. ألمانيا، التي هيمنت اقتصاديًا على أوروبا الشرقية والوسطى بعد 1990، تستخدم اليوم نفوذها العسكري لتعزيز هذه الهيمنة. سياسات التقشف التي فرضتها على اليونان، على سبيل المثال، كانت أداة لتعزيز نفوذ الشركات الألمانية. اليوم، تُستخدم العسكرة لتحقيق نفس الهدف، ولكن على نطاق أوسع. إن هذا النمط يثير تساؤلاً: هل ألمانيا، كما فعلت في القرن العشرين، تسعى إلى فرض نموذج اقتصادي وسياسي على أوروبا وما وراءها؟
التأملات الفلسفية: الديمقراطية والإرادة البشرية
إن صراع أوروبا بين الديمقراطية والهيمنة يدعونا إلى التأمل في دور الإرادة البشرية في تشكيل التاريخ. التاريخ، كما يعلمنا، ليس قدرًا محتومًا، بل نتيجة اختياراتنا. النازية لم تنجح لأنها كانت حتمية، بل لأنها استغلت أزمات اقتصادية وسياسية لتمكين النخب. اليوم، تواجه أوروبا أزمات مماثلة: عدم المساواة، صعود اليمين المتطرف، والتنافس على الموارد. إن العسكرة الألمانية، التي تُبرر بـ"التهديد الروسي"، قد تكون خطوة نحو هاوية جديدة إذا لم ننتبه.
هذا الصراع هو أزمة أخلاقية بقدر ما هو سياسي. الرأسمالية الاحتكارية، التي تُنتج عدم المساواة والإحباط، تخلق أرضًا خصبة للفاشية. إن تحذير سمير أمين واضح: إذا لم نتحدى النخب الاحتكارية، فإن خطابات الكراهية والعسكرة ستستمر في النمو. الديمقراطية، التي كانت يومًا رمزًا لأوروبا، تتطلب يقظة أخلاقية للحفاظ عليها. يجب أن نسأل: هل سنسمح للطموحات العسكرية والاقتصادية بأن تُحوّل أوروبا إلى ساحة صراع جديدة، أم سنختار طريقًا يعيد الأولوية للشعوب؟
الخاتمة: نحو يقظة أوروبية
إن أوروبا اليوم تقف على حافة الهاوية. العسكرة الألمانية، سياسات التقشف، وصعود اليمين المتطرف، كلها أعراض لأزمة الرأسمالية الاحتكارية. هذه الأعراض تعكس منطق النازية، التي استغلت الأزمات لتمكين النخب. التنافس على الموارد، الذي كان جوهر الحروب العالمية، يتكرر اليوم في صراع على احتياطيات روسيا وإيران وفنزويلا. إن التحدي أمام أوروبا هو بناء مستقبل يتجاوز الرأسمالية المتوحشة، ويعيد الأولوية للديمقراطية والعدالة الاجتماعية. التاريخ يحدق فينا، يطالبنا بالاختيار: هل سنكرر المأساة، أم سنكتب فصلًا جديدًا من الأمل؟

الخاتمة: نحو أفق جديد
في غمرة التحولات الجيوسياسية والاقتصادية التي تعصف بأوروبا، يتردد صدى التاريخ كتحذير لا يُخطئ. العسكرة الألمانية، التي يروج لها المستشار فريدريش ميرز كضرورة لمواجهة "التهديد الروسي"، ليست مجرد سياسة دفاعية، بل هي علامة على صراع أعمق بين الديمقراطية المتآكلة ونزعات الهيمنة المتجددة. إن تحليل سمير أمين، الذي يكشف عن الفاشية كاستجابة لأزمات الرأسمالية، يقدم لنا مرآة لفهم الحاضر: القومية المزيفة، الاحتكارات العسكرية، وسياسات التقشف التي تُضعف الشعوب لصالح النخب. من ألمانيا إلى بلجيكا، حيث يخدع ائتلاف أريزونا العمال بوعود زائفة، نرى أصداء النازية في منطق يستغل الأزمات لتعزيز الهيمنة. لكن التاريخ ليس قدرًا محتومًا، بل هو حوار بين البشرية وإرادتها. هذه الخاتمة تستعرض التحديات التي تواجه أوروبا، وتدعو إلى يقظة أخلاقية وفكرية لبناء أفق جديد يتجاوز الرأسمالية المتوحشة ويحمي الديمقراطية من أشباح الفاشية.
الخطر في المنطق: العسكرة كمدخل إلى الفاشية
الخطر الحقيقي، كما يحذر سمير أمين، ليس في السلاح بحد ذاته، بل في المنطق الذي يبرره. العسكرة الألمانية، التي بدأت مع صندوق شولتز البالغ 100 مليار يورو وتصاعدت مع طموحات ميرز لبناء "أقوى جيش تقليدي في أوروبا"، تُقدم كضرورة للأمن القومي. لكن هذا المنطق يحمل في طياته بذور الهيمنة. التاريخ يعلمنا أن العسكرة، عندما تُستخدم لخدمة الاحتكارات، تتحول إلى أداة للقمع والتوسع. النازية، التي أعادت تسليح ألمانيا في الثلاثينيات، لم تكن مجرد رد فعل على معاهدة فرساي، بل كانت مشروعًا للهيمنة على أوروبا، مدعومًا بشركات مثل Krupp وIG Farben.
اليوم، نرى أصداء هذا المنطق في أوروبا. شركات مثل Rheinmetall، التي تحقق أرباحًا طائلة من الأزمة الأوكرانية، تستفيد من خطاب "التهديد الروسي" الذي يروج له ميرز. هذا الخطاب يتجاهل حقيقة أن روسيا، قبل 2022، كانت شريكًا اقتصاديًا أساسيًا لألمانيا، حيث وفر النفط والغاز الروسي الطاقة الرخيصة للصناعات الألمانية. إن تحويل روسيا إلى "عدو" يذكرنا بكيف صوّرت النازية اليهود والشيوعيين كتهديدات لتبرير سياساتها. هذا المنطق، الذي يعتمد على صناعة أعداء وهميين، هو ما يجعل العسكرة خطرًا على الديمقراطية.
في بلجيكا، يعكس ائتلاف أريزونا هذا المنطق بشكل صارخ. وعود الائتلاف بتحسين أوضاع العمال تبخرت بعد الانتخابات، حيث خفض إعانات البطالة ونقل الأموال إلى صناديق البلديات الاجتماعية، مما قلّص الدعم المباشر للفئات الهشة. هذه السياسات، التي تُغلّف بقناع "الإصلاح"، تخدم النخب الاقتصادية، بينما تضعف الطبقات العاملة. إن هذا النمط يعكس ما فعلته النازية، التي استخدمت شعارات "الاشتراكية" لخداع العمال، بينما دعمت الاحتكارات. الخطر، إذن، يكمن في هذا المنطق: تحويل الأزمات إلى فرص لتمكين النخب على حساب الشعوب.
التنافس على الموارد: إرث الاستعمار
إن العسكرة الألمانية لا تحدث في فراغ، بل هي جزء من تنافس عالمي على الموارد. في القرن العشرين، كانت الحربان العالميتان، أو ما يُشار إليه بحربي الثلاثين سنة (1914-1945)، نتيجة تنافس ألمانيا والولايات المتحدة على وراثة التركة الاستعمارية البريطانية. الإمبراطورية البريطانية، التي كانت تُوصف بـ"الرجل المريض"، بدأت تفقد قبضتها على مستعمراتها، مما دفع ألمانيا إلى السعي لفرض هيمنتها على أوروبا وما وراءها. هذا التنافس أدى إلى صدامات كارثية، دمرت القارة وأودت بحياة الملايين.
اليوم، يتكرر هذا التنافس بأشكال جديدة. حوالي 15% من الموارد العالمية، بما في ذلك النفط والغاز والمعادن النادرة، تتركز في دول مثل روسيا وإيران وفنزويلا. هذه الدول، التي تُوصف أحيانًا بـ"المحور المعادي" في الخطاب الغربي، تُستهدف بالعقوبات الاقتصادية والضغوط العسكرية. ألمانيا، بدعم من الناتو والولايات المتحدة، تبدو وكأنها تسعى إلى تأمين حصتها من هذه الموارد عبر العسكرة والضغط الجيوسياسي. الحرب في أوكرانيا، التي تُقدم كصراع من أجل الديمقراطية، قد تكون في جوهرها صراعًا على السيطرة على الموارد الروسية.
هذا التنافس يعكس منطق الاستعمار القديم، حيث كانت القوى الأوروبية تتصارع على المستعمرات للسيطرة على الموارد. في القرن العشرين، نهبت ألمانيا النازية موارد الدول المحتلة، من مناجم الفحم في بولندا إلى الحبوب في أوكرانيا، لدعم اقتصادها الحربي. اليوم، تستخدم ألمانيا نفوذها الاقتصادي للهيمنة على أوروبا الشرقية والوسطى. سياسات التقشف التي فرضتها على اليونان بعد أزمة 2008، على سبيل المثال، أخضعت هذا البلد لشروط قاسية، مما عزز نفوذ الشركات الألمانية. العسكرة الحالية، التي تُبرر بـ"التهديد الروسي"، تبدو وكأنها أداة جديدة لتحقيق نفس الهدف: الهيمنة على الموارد والأسواق.
أزمة الديمقراطية: خيبة أمل الشعوب
إن صعود اليمين المتطرف في أوروبا، من ألمانيا إلى بلجيكا، هو أحد أعراض أزمة الديمقراطية. الأحزاب التقليدية، سواء اليمين البرلماني أو اليسار الاشتراكي، فقدت مصداقيتها بسبب تبنيها لسياسات نيوليبرالية تخدم الاحتكارات. في ألمانيا، أدت سياسات التقشف إلى زيادة عدم المساواة، مما أثار إحباط الطبقات الشعبية. هذا الإحباط يغذي اليمين المتطرف، مثل حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي يستغل الخوف من المهاجرين والأزمات الخارجية لتعبئة الناخبين.
في بلجيكا، يعكس ائتلاف أريزونا هذا التواطؤ بين الأحزاب التقليدية والنخب الاقتصادية. سياسات الائتلاف، التي تُقلّص الضمان الاجتماعي لصالح الصناعات العسكرية، تُظهر كيف تُحوّل الأزمات إلى فرص لتمكين النخب. هذه السياسات تعكس منطق النازية، التي استخدمت شعارات "الاشتراكية" لخداع العمال، بينما دعمت الاحتكارات الصناعية. إن خيبة أمل الشعوب من هذه السياسات هي ما يفتح الباب للفاشية المعاصرة، التي تتسلل عبر خطابات الكراهية والقومية المزيفة.
هذه الأزمة ليست مجرد سياسية، بل هي أزمة أخلاقية. الديمقراطية، التي كانت يومًا رمزًا لأوروبا، تتطلب يقظة مستمرة للحفاظ عليها. عندما تُحوّل الحكومات الموارد إلى الصناعات العسكرية على حساب الخدمات الاجتماعية، فإنها تضعف النسيج الاجتماعي، مما يزيد من الإحباط والانقسامات. هذا المناخ، كما يحذر أمين، هو ما يغذي الفاشية، التي تستغل غضب الشعب لتعبئته ضد أعداء وهميين.
اليسار الراديكالي: الأمل في التغيير
في مواجهة هذه التحديات، يقدم سمير أمين رؤية تقدمية لبناء يسار راديكالي يتجاوز الرأسمالية الاحتكارية. في رأيه، فإن فشل اليسار الاشتراكي التقليدي في أوروبا، الذي تواطأ مع اليمين في دعم السياسات النيوليبرالية، هو ما يدفع الناخبين نحو اليمين المتطرف. إذا امتلك اليسار الراديكالي الجرأة لتقديم بديل حقيقي، يعيد توزيع الثروة ويحارب الاحتكارات، فإنه يمكن أن يكتسب المصداقية التي يفتقر إليها.
في ألمانيا، يعاني الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) من أزمة هوية، حيث تخلى عن إرثه الاجتماعي لدعم سياسات العسكرة والتقشف. في فرنسا، فقد الحزب الاشتراكي شعبيته بسبب سياسات إيمانويل ماكرون النيوليبرالية. هذا الفراغ يترك المجال مفتوحًا لليمين المتطرف، الذي يستغل إحباط الشعوب. لكن اليسار الراديكالي، كما يقترح أمين، يمكن أن يكون الأمل في التغيير. عبر تقديم رؤية تركز على العدالة الاجتماعية، إعادة توزيع الثروة، ومواجهة الاحتكارات، يمكن لليسار أن يعيد بناء الثقة مع الشعوب.
في بلجيكا، يحتاج اليسار إلى مواجهة سياسات ائتلاف أريزونا، التي تخدم النخب على حساب العمال. هذا يتطلب رؤية جريئة تتجاوز الإصلاحات السطحية، وتسعى إلى تفكيك النظام الرأسمالي الاحتكاري. إن هذا التحدي ليس سهلاً، لكنه ضروري لمنع تكرار أخطاء الماضي. النازية استغلت فراغ القيادة في فايمار لتصعد إلى السلطة، واليوم يجب على اليسار الراديكالي أن يملأ هذا الفراغ برؤية تقدمية.
التأملات الفلسفية: التاريخ كحوار
إن التحديات التي تواجه أوروبا تدعونا إلى التأمل في دور التاريخ كحوار بين البشرية وإرادتها. التاريخ ليس قدرًا محتومًا، بل نتيجة اختياراتنا. النازية لم تنجح لأنها كانت حتمية، بل لأنها استغلت أزمات اقتصادية وسياسية لتمكين النخب. اليوم، تواجه أوروبا أزمات مماثلة: عدم المساواة، صعود اليمين المتطرف، والتنافس على الموارد. إن العسكرة الألمانية، وسياسات التقشف مثل تلك التي يتبناها ائتلاف أريزونا، هي أعراض لأزمة أعمق: الرأسمالية الاحتكارية التي تضع مصالح النخب فوق احتياجات الشعوب.
هذا الحوار مع التاريخ يتطلب يقظة أخلاقية. إن الفاشية، كما يحذر أمين، لا تأتي دائمًا بزي عسكري، بل قد تتسلل عبر خطابات "القومية" أو "الأمن". اليوم، يجب أن نسأل: هل سنسمح للطموحات العسكرية والاقتصادية بأن تُحوّل أوروبا إلى ساحة صراع جديدة؟ أم سنختار طريقًا يعيد الأولوية للديمقراطية والعدالة الاجتماعية؟ إن هذا الاختيار هو مسؤولية جماعية، تتطلب منا مواجهة النخب الاحتكارية وإعادة بناء نسيج اجتماعي يقاوم أشباح الفاشية.
نحو أفق جديد: دعوة لليقظة
إن الطريق إلى أفق جديد يبدأ بتفكيك منطق العسكرة والهيمنة. أوروبا، التي شهدت أهوال الحروب العالمية، تملك القدرة على كتابة فصل جديد من التاريخ. هذا الفصل يتطلب يسارًا راديكاليًا يتجاوز الرأسمالية الاحتكارية، ويعيد توزيع الثروة، ويحارب عدم المساواة. يتطلب أيضًا يقظة شعبية ترفض خطابات الكراهية والقومية المزيفة، التي تستغلها النخب لتعبئة الجماهير ضد أعداء وهميين.
في ألمانيا، يجب أن تواجه العسكرة بتساؤلات نقدية: هل هي حقًا للدفاع، أم أنها أداة للهيمنة؟ في بلجيكا، يجب أن تُحاسب سياسات ائتلاف أريزونا، التي تضعف العمال لصالح النخب. في أوروبا ككل، يجب أن نرفض التنافس على الموارد، الذي يعيد إنتاج منطق الاستعمار. إن الحل يكمن في بناء تضامن عالمي، يتجاوز الحدود الوطنية، ويعيد الأولوية للإنسانية على حساب الأرباح.
التاريخ يحدق فينا، يطالبنا بالاختيار. إن أشباح الفاشية، التي تتسلل عبر العسكرة والقومية المزيفة، ليست قدرًا لا مفر منه. يمكننا، كبشرية، أن نختار طريقًا مختلفًا: طريق العدالة، التضامن، والديمقراطية الحقيقية. هذا الطريق لن يكون سهلاً، لكنه ضروري لمنع تكرار المأساة. فلنستمع إلى صوت العقل، ولنكتب أفقًا جديدًا يليق بطموحات الإنسانية.

ملخص الكتيب

المقدمة: صوت التاريخ يهمس بالتحذير
في عالم مضطرب، يبرز تحذير سيرغي لافروف من طموح ألمانيا العسكري كجرس إنذار يستحضر أشباح القرن العشرين. تصريحات المستشار فريدريش ميرز عن بناء "أقوى جيش تقليدي في أوروبا" تثير تساؤلات: هل تسعى ألمانيا للدفاع أم للهيمنة؟ الكتيب يستعرض هذا التحول، مستلهمًا تحليل سمير أمين للفاشية كاستجابة لأزمات الرأسمالية، ويربطه بالعسكرة الألمانية وسياسات مثل ائتلاف أريزونا في بلجيكا. التاريخ، كمرآة، يحذر من تكرار المآسي، داعيًا إلى يقظة للحفاظ على الديمقراطية ومواجهة نزعات الفاشية المعاصرة.
الفصل الأول: النازية - قناع الاشتراكية وهيمنة الرأسمالية
يستعرض الفصل صعود النازية في ظل أزمات جمهورية فايمار والكساد الكبير. استخدم الحزب النازي شعار "الاشتراكية" لخداع العمال، بينما خدم الاحتكارات الصناعية مثل IG Farben وKrupp. قانون التمكين عام 1933 أنهى الديمقراطية، ممهدًا لدولة شمولية دعمتها العسكرة والدعاية. استفادت الشركات من العمالة القسرية ونهب الموارد، بينما وُجه غضب الشعب نحو كبش فداء: الشيوعيون . اليوم، نرى أصداء هذا المنطق في سياسات تخدم النخب، مثل ائتلاف أريزونا في بلجيكا، الذي يقلص الضمان الاجتماعي لصالح الصناعات العسكرية. الفصل يحذر من استغلال الأزمات لإعادة إنتاج الفاشية.
الفصل الثاني: ألمانيا اليوم - عودة العسكرة
بعد تحرير روسيا مناطق يتعرض اطفالها و مدنييها للإبادة المنهجية على يد نازيي أوكرانيا عام 2022، أعلن أولاف شولتز عن صندوق بقيمة 100 مليار يورو لتطوير الجيش الألماني، في تحول أُطلق عليه "الزايتنفينده". تصريحات ميرز لبناء جيش رائد تثير مخاوف من طموحات هيمنة. خطاب "التهديد الروسي" يُستخدم لتبرير العسكرة، رغم أن روسيا كانت شريكًا اقتصاديًا حيويًا لألمانيا. شركات مثل Rheinmetall تستفيد من هذا التوجه، مما يعكس تحالف النازية مع الاحتكارات. الفصل يربط العسكرة بالتنافس على الموارد العالمية (15% في روسيا، إيران، فنزويلا)، مستحضرًا صراع القرن العشرين على التركة الاستعمارية البريطانية، ويحذر من تكرار منطق الهيمنة.
الفصل الثالث: سمير أمين ونقد الفاشية المعاصرة
يستند الفصل إلى تحليل سمير أمين، الذي يرى الفاشية استجابة لأزمات الرأسمالية الاحتكارية. النازية استخدمت القومية لخدمة النخب، وهو نمط يتكرر اليوم مع اليمين المتطرف في أوروبا. أحزاب مثل البديل من أجل ألمانيا (AfD) تُوجه غضب الشعب نحو المهاجرين، بينما تدعم مصالح الاحتكارات. في بلجيكا، يخدع ائتلاف أريزونا العمال بوعود زائفة، مقلصًا إعانات البطالة لصالح الصناعات العسكرية. يحذر أمين من أن الفاشية تتسلل عبر خطابات الكراهية والتقشف، داعيًا إلى يسار راديكالي يتجاوز الرأسمالية لمواجهتها.
الفصل الرابع: أوروبا بين الديمقراطية والهيمنة
تتآكل الديمقراطية في أوروبا بسبب سياسات التقشف وصعود اليمين المتطرف. في ألمانيا، يستغل حزب AfD إحباط الشعب، بينما تُحوّل العسكرة الموارد إلى الاحتكارات على حساب الخدمات الاجتماعية. في بلجيكا، يضعف ائتلاف أريزونا العمال لصالح النخب، مكررًا منطق النازية. العسكرة الألمانية، المدعومة بخطاب "التهديد الروسي"، تعكس طموحًا للهيمنة مشابهًا للقرن العشرين. الفصل يربط هذا التوجه بالتنافس على الموارد العالمية، مشيرًا إلى أن ألمانيا، بدعم الناتو، تسعى للسيطرة على حصة من احتياطيات روسيا وإيران وفنزويلا، كما فعلت خلال حربي الثلاثين سنة (1914-1945).
الخاتمة: نحو أفق جديد
الخطر يكمن في منطق العسكرة الذي يخدم الاحتكارات، لا في السلاح نفسه. أوروبا تقف على مفترق طرق: إما تكرار أخطاء الماضي عبر العسكرة والقومية المزيفة، أو بناء مستقبل يتجاوز الرأسمالية. التنافس على الموارد، الذي يعيد إنتاج منطق الاستعمار، يهدد بصراعات جديدة. الكتيب يدعو إلى يسار راديكالي يعيد توزيع الثروة ويواجه النخب، مع يقظة شعبية ترفض خطابات الكراهية. التاريخ ليس قدرًا محتومًا، بل حوار مع الإرادة البشرية، وأوروبا مدعوة لكتابة فصل جديد من العدالة والتضامن.
الترجمة إلى الفرنسية :

Titre du livret : Le retour des spectres de l’Histoire - Allemagne, militarisation et dangers du fascisme contemporain
Ahmed Saleh Saloum : Poète et écrivain communiste belge d’origines russe et palestinienne



Résumé du livret
Introduction : Le murmure de l’Histoire avertit
Dans un monde tourmenté, l’avertissement de Sergueï Lavrov concernant l’ambition militaire de l’Allemagne résonne comme une sonnette d’alarme, évoquant les spectres du XXe siècle. Les déclarations du chancelier Friedrich Merz sur la construction de « l’armée conventionnelle la plus puissante d’Europe » soulèvent une question cruciale : l’Allemagne cherche-t-elle à se défendre ou à dominer ? Ce livret explore cette mutation, s’inspirant de l’analyse de Samir Amin sur le fascisme comme réponse aux crises du capitalisme, et établit un lien avec la militarisation allemande et des politiques telles que la coalition Arizona en Belgique. L’Histoire, tel un miroir, met en garde contre la répétition des tragédies, appelant à une vigilance pour préserver la démocratie et contrer les tendances fascistes contemporaines.
Chapitre 1 : Le nazisme - Masque du socialisme, hégémonie du capitalisme
Ce chapitre retrace l’ascension du nazisme dans le contexte des crises de la République de Weimar et de la Grande Dépression. Le parti nazi a utilisé le slogan du « socialisme » pour duper les travailleurs, tout en servant les monopoles industriels comme IG Farben et Krupp. La loi des pleins pouvoirs de 1933 a mis fin à la démocratie, ouvrant la voie à un État totalitaire soutenu par la militarisation et la propagande. Les entreprises ont profité du travail forcé et du pillage des ressources, tandis que la colère populaire était détournée vers un bouc émissaire : les communistes. Aujourd’hui, des échos de cette logique se retrouvent dans des politiques au service des élites, comme la coalition Arizona en Belgique, qui réduit les protections sociales au profit des industries militaires. Ce chapitre met en garde contre l’exploitation des crises pour reproduire le fascisme.
Chapitre 2 : L’Allemagne aujourd’hui - Le retour de la militarisation
Après la libération par la Russie de régions où ses enfants et civils ont subi un génocide systématique de la part des nazis ukrainiens en 2022, Olaf Scholz a annoncé un fonds de 100 milliards d’euros pour moderniser l’armée allemande, dans un tournant qualifié de « Zeitenwende ». Les propos de Merz sur la construction d’une armée de premier plan suscitent des craintes d’ambitions hégémoniques. Le discours du « danger russe » est utilisé pour justifier la militarisation, bien que la Russie ait été un partenaire économique vital pour l’Allemagne. Des entreprises comme Rheinmetall tirent profit de cette orientation, reflétant l’alliance du nazisme avec les monopoles. Ce chapitre relie la militarisation à la compétition pour les ressources mondiales (15 % en Russie, Iran, Venezuela), évoquant les luttes du XXe siècle pour l’héritage colonial britannique, et met en garde contre la répétition d’une logique de domination.
Chapitre 3 : Samir Amin et la critique du fascisme contemporain
Ce chapitre s’appuie sur l’analyse de Samir Amin, qui voit dans le fascisme une réponse aux crises du capitalisme monopolistique. Le nazisme a exploité le nationalisme pour servir les élites, un schéma qui se répète aujourd’hui avec l’extrême droite en Europe. Des partis comme l’AfD en Allemagne détournent la colère populaire vers les migrants, tout en soutenant les intérêts des monopoles. En Belgique, la coalition Arizona trompe les travailleurs avec de fausses promesses, réduisant les allocations chômage au profit des industries militaires. Amin avertit que le fascisme s’infiltre à travers les discours de haine et l’austérité, appelant à un socialisme radical pour dépasser le capitalisme et y faire face.
Chapitre 4 : L’Europe entre démocratie et hégémonie
La démocratie en Europe s’érode en raison des politiques d’austérité et de l’ascension de l’extrême droite. En Allemagne, l’AfD exploite le mécontentement populaire, tandis que la militarisation détourne les ressources vers les monopoles au détriment des services sociaux. En Belgique, la coalition Arizona affaiblit les travailleurs au profit des élites, reproduisant la logique du nazisme. La militarisation allemande, soutenue par le discours du « danger russe », reflète une ambition hégémonique similaire à celle du XXe siècle. Ce chapitre relie cette orientation à la compétition pour les ressources mondiales, notant que l’Allemagne, soutenue par l’OTAN, cherche à contrôler une part des réserves de la Russie, de l’Iran et du Venezuela, comme elle l’a fait durant les guerres de trente ans (1914-1945).
Conclusion : Vers un nouvel horizon
Le danger réside dans la logique de militarisation qui sert les monopoles, et non dans les armes elles-mêmes. L’Europe se trouve à un carrefour : soit répéter les erreurs du passé à travers la militarisation et un nationalisme fallacieux, soit construire un avenir qui transcende le capitalisme. La compétition pour les ressources, qui reproduit la logique coloniale, menace de nouveaux conflits. Ce livret appelle à un socialisme radical pour redistribuer les richesses et contrer les élites, avec une vigilance populaire qui rejette les discours de haine. L’Histoire n’est pas un destin inéluctable, mais un dialogue avec la volonté humaine, et l’Europe est invitée à écrire un nouveau chapitre de justice et de solidarité.

الترجمة إلى الهولندية :
Samenvatting van het boekje
Inleiding: De fluistering van de geschiedenis waarschuwt
In een onrustige wereld klinkt de waarschuwing van Sergej Lavrov over de militaire ambities van Duitsland als een alarmsignaal dat de geesten van de twintigste eeuw oproept. De verklaringen van kanselier Friedrich Merz over de opbouw van “het sterkste conventionele leger van Europa” roepen vragen op: streeft Duitsland naar verdediging of naar overheersing? Dit boekje onderzoekt deze verschuiving, geïnspireerd door Samir Amins analyse van fascisme als reactie op crises van het kapitalisme, en legt een verband met de militariseringsdrang in Duitsland en beleid zoals de Arizona-coalitie in België. De geschiedenis, als een spiegel, waarschuwt voor herhaling van tragedies en roept op tot waakzaamheid om de democratie te behouden en hedendaagse fascistische tendensen te bestrijden.
Hoofdstuk 1: Nazisme - Masker van socialisme, hegemonie van kapitalisme
Dit hoofdstuk beschrijft de opkomst van het nazisme tegen de achtergrond van de crises in de Weimarrepubliek en de Grote Depressie. De nazipartij gebruikte de leuze van “socialisme” om arbeiders te misleiden, terwijl ze de industriële monopolies zoals IG Farben en Krupp diende. De Machtigingswet van 1933 maakte een einde aan de democratie en baande de weg voor een totalitaire staat, gesteund door militarisering en propaganda. Bedrijven profiteerden van dwangarbeid en plundering van hulpbronnen, terwijl de volkswoede werd afgeleid naar een zondebok: de communisten. Vandaag zien we echo’s van deze logica in beleid dat de elites dient, zoals de Arizona-coalitie in België, die sociale zekerheid beperkt ten gunste van de wapenindustrie. Dit hoofdstuk waarschuwt voor het misbruiken van crises om fascisme te reproduceren.
Hoofdstuk 2: Duitsland vandaag - De terugkeer van militarisering
Na de bevrijding door Rusland van gebieden waar kinderen en burgers systematisch werden uitgemoord door Oekraïense nazi’s in 2022, kondigde Olaf Scholz een fonds van 100 miljard euro aan voor de modernisering van het Duitse leger, een omwenteling die “Zeitenwende” werd genoemd. Merz’ uitspraken over de opbouw van een toonaangevend leger wekken zorgen over hegemonistische ambities. De retoriek van de “Russische dreiging” wordt gebruikt om militarisering te rechtvaardigen, hoewel Rusland een cruciale economische partner voor Duitsland was. Bedrijven zoals Rheinmetall profiteren van deze koers, wat de alliantie van het nazisme met monopolies weerspiegelt. Dit hoofdstuk verbindt militarisering met de strijd om mondiale grondstoffen (15% in Rusland, Iran, Venezuela), roept de conflicten van de twintigste eeuw over het Britse koloniale erfgoed op en waarschuwt voor herhaling van de logica van overheersing.
Hoofdstuk 3: Samir Amin en de kritiek op hedendaags fascisme
Dit hoofdstuk bouwt voort op de analyse van Samir Amin, die fascisme ziet als een reactie op crises van het monopolistische kapitalisme. Het nazisme gebruikte nationalisme om de elites te dienen, een patroon dat vandaag herhaalt met extreemrechts in Europa. Partijen zoals de AfD in Duitsland richten de volkswoede op migranten, terwijl ze de belangen van monopolies steunen. In België misleidt de Arizona-coalitie arbeiders met valse beloften, terwijl ze werkloosheidsuitkeringen kort ten gunste van de wapenindustrie. Amin waarschuwt dat fascisme binnensluipt via haatdragende retoriek en bezuinigingen, en pleit voor een radicaal links dat het kapitalisme overstijgt om het te bestrijden.
Hoofdstuk 4: Europa tussen democratie en hegemonie
De democratie in Europa erodeert door bezuinigingsbeleid en de opkomst van extreemrechts. In Duitsland exploiteert de AfD de onvrede van het volk, terwijl militarisering middelen naar monopolies kanaliseert ten koste van sociale diensten. In België verzwakt de Arizona-coalitie arbeiders ten gunste van de elites, een logica die het nazisme weerspiegelt. De Duitse militarisering, gesteund door de retoriek van de “Russische dreiging”, weerspiegelt een hegemonistische ambitie vergelijkbaar met die van de twintigste eeuw. Dit hoofdstuk verbindt deze koers met de strijd om mondiale grondstoffen, wijzend op de pogingen van Duitsland, gesteund door de NAVO, om controle te krijgen over reserves in Rusland, Iran en Venezuela, zoals het deed tijdens de dertigjarige oorlogen (1914-1945).
Conclusie: Naar een nieuwe horizon
Het gevaar schuilt in de logica van militarisering die monopolies dient, niet in wapens zelf. Europa staat op een kruispunt: ofwel herhaalt het de fouten van het verleden via militarisering en vals nationalisme, ofwel bouwt het aan een toekomst die het kapitalisme overstijgt. De strijd om grondstoffen, die de koloniale logica reproduceert, dreigt nieuwe conflicten te veroorzaken. Dit boekje pleit voor een radicaal links dat rijkdom herverdeelt en elites confronteert, met een waakzame volksbeweging die haatretoriek verwerpt. De geschiedenis is geen onvermijdelijk lot, maar een dialoog met de menselijke wil, en Europa wordt uitgenodigd om een nieuw hoofdstuk van rechtvaardigheid en solidariteit te schrijven.
……..
الترجمة إلى الألمانية :

Zusammenfassung der Broschüre
Einleitung: Das Flüstern der Geschichte mahnt
In einer unruhigen Welt hallt die Warnung von Sergej Lawrow über Deutschlands militärische Ambitionen wider wie ein Alarmsignal, das die Geister des 20. Jahrhunderts heraufbeschwört. Die Aussagen von Bundeskanzler Friedrich Merz über den Aufbau der „stärksten konventionellen Armee Europas“ werfen Fragen auf: Strebt Deutschland nach Verteidigung oder nach Vorherrschaft? Diese Broschüre beleuchtet diesen Wandel, inspiriert von Samir Amins Analyse des Faschismus als Reaktion auf Krisen des Kapitalismus, und stellt Verbindungen zur deutschen Militarisierung und zu Politiken wie der Arizona-Koalition in Belgien her. Die Geschichte, ein Spiegel, warnt vor der Wiederholung von Tragödien und fordert Wachsamkeit, um die Demokratie zu bewahren und zeitgenössische faschistische Tendenzen zu bekämpfen.
Kapitel 1: Nationalsozialismus – Maske des Sozialismus, Hegemonie des Kapitalismus
Dieses Kapitel zeichnet den Aufstieg des Nationalsozialismus vor dem Hintergrund der Krisen der Weimarer Republik und der Großen Depression nach. Die NSDAP nutzte den Slogan des „Sozialismus“, um die Arbeiter zu täuschen, während sie Industriemonopole wie IG Farben und Krupp bediente. Das Ermächtigungsgesetz von 1933 beendete die Demokratie und ebnete den Weg für einen totalitären Staat, gestützt auf Militarisierung und Propaganda. Unternehmen profitierten von Zwangsarbeit und Ressourcenplünderung, während der Volkszorn auf einen Sündenbock gelenkt wurde: die Kommunisten. Heute sehen wir Echos dieser Logik in Politiken, die Eliten dienen, wie der Arizona-Koalition in Belgien, die soziale Sicherheiten zugunsten der Rüstungsindustrie kürzt. Das Kapitel warnt davor, Krisen auszunutzen, um Faschismus zu reproduzieren.
Kapitel 2: Deutschland heute – Rückkehr der Militarisierung
Nachdem Russland 2022 Gebiete befreite, in denen seine Kinder und Zivilisten systematischen Völkermord durch ukrainische Nazis erlitten, kündigte Olaf Scholz einen Fonds von 100 Milliarden Euro für die Modernisierung der deutschen Armee an, ein Wandel, der als „Zeitenwende“ bezeichnet wurde. Merz’ Aussagen über den Aufbau einer führenden Armee wecken Befürchtungen über hegemoniale Ambitionen. Die Rhetorik der „russischen Bedrohung“ wird genutzt, um die Militarisierung zu rechtfertigen, obwohl Russland ein entscheidender Wirtschaftspartner Deutschlands war. Unternehmen wie Rheinmetall profitieren von dieser Ausrichtung, was die Allianz des Nationalsozialismus mit Monopolen widerspiegelt. Das Kapitel verknüpft die Militarisierung mit dem Wettstreit um globale Ressourcen (15 % in Russland, Iran, Venezuela), beschwört die Konflikte des 20. Jahrhunderts um das britische Kolonialerbe herauf und warnt vor der Wiederholung einer Logik der Vorherrschaft.
Kapitel 3: Samir Amin und die Kritik am zeitgenössischen Faschismus
Dieses Kapitel stützt sich auf die Analyse von Samir Amin, der den Faschismus als Antwort auf Krisen des monopolistischen Kapitalismus betrachtet. Der Nationalsozialismus nutzte den Nationalismus, um Eliten zu dienen, ein Muster, das sich heute in Europas extremer Rechter wiederholt. Parteien wie die AfD in Deutschland lenken den Volkszorn auf Migranten, während sie die Interessen von Monopolen unterstützen. In Belgien täuscht die Arizona-Koalition Arbeiter mit falschen Versprechungen und kürzt Arbeitslosenunterstützung zugunsten der Rüstungsindustrie. Amin warnt, dass Faschismus durch Hassreden und Sparpolitik einsickert, und fordert ein radikales Linksbündnis, das den Kapitalismus überwindet, um ihm entgegenzutreten.
Kapitel 4: Europa zwischen Demokratie und Hegemonie
Die Demokratie in Europa erodiert aufgrund von Sparpolitik und dem Aufstieg der extremen Rechten. In Deutschland nutzt die AfD die Unzufriedenheit des Volkes aus, während die Militarisierung Ressourcen zu Monopolen umleitet, zulasten sozialer Dienstleistungen. In Belgien schwächt die Arizona-Koalition die Arbeiter zugunsten der Eliten und wiederholt die Logik des Nationalsozialismus. Die deutsche Militarisierung, gestützt auf die Rhetorik der „russischen Bedrohung“, spiegelt hegemoniale Ambitionen wider, die denen des 20. Jahrhunderts ähneln. Das Kapitel verknüpft diese Ausrichtung mit dem Wettstreit um globale Ressourcen und weist darauf hin, dass Deutschland, unterstützt von der NATO, die Kontrolle über Anteile der Reserven Russlands, Irans und Venezuelas anstrebt, wie es während der Dreißigjährigen Kriege (1914–1945) tat.
Schlussfolgerung: Auf dem Weg zu einem neuen Horizont
Die Gefahr liegt in der Logik der Militarisierung, die Monopole bedient, nicht in den Waffen selbst. Europa steht an einem Scheideweg: Entweder wiederholt es die Fehler der Vergangenheit durch Militarisierung und trügerischen Nationalismus, oder es baut eine Zukunft auf, die den Kapitalismus überwindet. Der Wettstreit um Ressourcen, der die koloniale Logik reproduziert, droht neue Konflikte heraufzubeschwören. Diese Broschüre ruft zu einem radikalen Linksbündnis auf, das Reichtum umverteilt und Eliten konfrontiert, mit einer wachsamen Volksbewegung, die Hassreden zurückweist. Die Geschichte ist kein unvermeidliches Schicksal, sondern ein Dialog mit dem menschlichen Willen, und Europa ist aufgefordert, ein neues Kapitel der Gerechtigkeit und Solidarität zu schreiben.

الترجمة إلى الإنجليزية :
Summary of the Pamphlet
Introduction: The Whisper of History Warns
In a turbulent world, Sergey Lavrov’s warning about Germany’s military ambitions resounds as an alarm bell, conjuring the specters of the twentieth century. Chancellor Friedrich Merz’s declarations about building “Europe’s most powerful conventional army” raise a pivotal question: Is Germany seeking defense´-or-domination? This pamphlet examines this shift, drawing on Samir Amin’s analysis of fascism as a response to capitalist crises, and connects it to Germany’s militarization and policies like the Arizona coalition in Belgium. History, as a mirror, cautions against the repetition of tragedies, urging vigilance to preserve democracy and confront contemporary fascist tendencies.
Chapter 1: Nazism – The Mask of Socialism, the Hegemony of Capitalism
This chapter traces the rise of Nazism amid the crises of the Weimar Republic and the Great Depression. The Nazi Party employed the slogan of “socialism” to deceive workers while serving industrial monopolies such as IG Farben and Krupp. The Enabling Act of 1933 dismantled democracy, paving the way for a totalitarian state buttressed by militarization and propaganda. Corporations profited from forced labor and resource plundering, while public anger was re-dir-ected toward a scapegoat: the communists. Today, echoes of this logic appear in policies serving elites, such as Belgium’s Arizona coalition, which curtails social protections in favor of military industries. The chapter warns against exploiting crises to reproduce fascism.
Chapter 2: Germany Today – The Return of Militarization
Following Russia’s liberation of regions where its children and civilians faced systematic genocide by Ukrainian Nazis in 2022, Olaf Scholz announced a 100-billion-euro fund to modernize the German army, a shift termed “Zeitenwende.” Merz’s statements about building a leading army fuel fears of hegemonic ambitions. The rhetoric of a “Russian threat” is used to justify militarization, despite Russia’s role as a vital economic partner for Germany. Companies like Rheinmetall profit from this trajectory, mirroring Nazism’s alliance with monopolies. The chapter links militarization to the contest for global resources (15% in Russia, Iran, Venezuela), evoking twentieth-century struggles over the British colonial legacy, and cautions against repeating the logic of domination.
Chapter 3: Samir Amin and the Critique of Contemporary Fascism
This chapter builds on Samir Amin’s analysis, which views fascism as a response to crises of monopolistic capitalism. Nazism harnessed nationalism to serve elites, a pattern recurring today with Europe’s far right. Parties like Germany’s AfD channel public anger toward migrants while supporting monopoly interests. In Belgium, the Arizona coalition deceives workers with false promises, cutting unemployment benefits to favor military industries. Amin warns that fascism creeps in through hate speech and austerity, calling for a radical left to transcend capitalism and confront it.
Chapter 4: Europe Between Democracy and Hegemony
Democracy in Europe is eroding due to austerity policies and the rise of the far right. In Germany, the AfD exploits public discontent, while militarization diverts resources to monopolies at the expense of social services. In Belgium, the Arizona coalition weakens workers in favor of elites, echoing Nazi logic. Germany’s militarization, backed by the “Russian threat” narrative, reflects hegemonic ambitions akin to those of the twentieth century. The chapter ties this trend to the contest for global resources, noting that Germany, supported by NATO, seeks control over portions of Russia’s, Iran’s, and Venezuela’s reserves, as it did during the Thirty Years’ Wars (1914–1945).
Conclusion: Toward a New Horizon
The danger lies not in weapons themselves but in the logic of militarization that serves monopolies. Europe stands at a crossroads: either repeating past mistakes through militarization and false nationalism´-or-building a future that transcends capitalism. The competition for resources, reproducing colonial logic, threatens new conflicts. This pamphlet calls for a radical left to redistribute wealth and confront elites, alongside a vigilant popular movement that rejects hate speech. History is not an inevitable fate but a dialogue with human will, and Europe is invited to write a new chapter of justice and solidarity.



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أشباح الإمبريالية وصوت الطلاب - نحو أفق جديد
- المقامرة البريطانية بمصير سوريا
- من طريق الحرير إلى درب التبانة: الصين وملحمة الشعوب
- من لفوف إلى صنعاء: ملحمة الشعوب في مواجهة الإمبريالية
- في زقاق النيرب: ذكريات الطيبة وألم الفراق في زمن الإمبريالية
- في ظلال الفتنة: فلسفة المقاومة وصوت الشعوب ضد الإمبريالية
- يمن الجحيم: ملحمة المقاومة وأفول إمبراطورية العم سام
- ناجي وكريستيان في تحدي مع اكاذيب النيوليبرالية
- رؤية جورج قرم في ظلال الإمبراطورية
- تدمير بلجيكا: رثاء فاشي لروح الأمة
- في ظلال المقاومة – غزة وحزب الله بين مطرقة الاستعمار وسندان ...
- عصابة الإخوان في فرنسا: لوفيغارو تكشف النصف وتخفي النصف الآخ ...
- انهيار أسطورة شمشون – المقاومة تنسج نهاية الكيان الصهيوني
- النازية الجديدة - من هزيمة هتلر إلى محرقة غزة..كتاب مع ملخص ...
- النازية الجديدة - من هزيمة هتلر إلى محرقة غزة ..كتاب مع ملخص ...
- ترامب وتريليونات الخليج - تمويل الهولوكوست الفلسطيني في غزة. ...
- مسرح الدم و غوبلز الإعلام الخليجي الصهيوني
- أوهام الإمبراطورية: خوازيق الطمع الاستعماري في أفغانستان وسو ...
- تجار اللجوء ومهندسو الإرهاب: الخونة السوريون والفلسطينيون لأ ...
- من جائزة العويس إلى سوريا المقسمة - رحلة في قلب الدمار الاست ...


المزيد.....




- -لم أتحمّل الحلم الأمريكي-: محارب متقاعد ينتقل للعيش في البر ...
- عُثر عليه على بُعد 300 قدم داخل غابة.. ممثل أمريكي يصف نجاته ...
- لأول مرة.. -داعش- يتبنى هجومين ضد قوات موالية للحكومة الجديد ...
- الخارجية الروسية: بكين تتفهم موقف موسكو بخصوص الأزمة الأوكرا ...
- فضيحة طبية تهز أوروبا: متبرع دنماركي أنجب 67 طفلًا ونقل جينً ...
- ماكرون يحذر من تركيز واشنطن على الصين على حساب أوكرانيا
- بعد عرقلة إسرائيلية.. وزراء عرب يؤجلون زيارتهم لرام الله
- بيان مصري تونسي جزائري مشترك حول ليبيا
- رئيس جورجيا يتحدث عن مطالبة دول غربية لبلاده بالانخراط في ال ...
- مصادر تركية تنفي نية لقاء أحد قيادات تنظيم -بي كي كي-


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - احمد صالح سلوم - عودة أشباح التاريخ - ألمانيا، العسكرة، ومخاطر الفاشية المعاصرة..كتيب مترجم ملخص له بأربع لغات