مهدي النفري
شاعر ومترجم
(Mahdi Alnuffari)
الحوار المتمدن-العدد: 8351 - 2025 / 5 / 23 - 00:03
المحور:
الادب والفن
Bart Moeyaert
بارت مويارت
بلجيكا
ترجمة مهدي النفري
***
كانت أمُّنا تحمل الزمن بين يديها، تختزنه في الروائح التي تظل معلقة بأطراف أصابعها. حين كانت تمنحنا قبلة المساء، وتنساب سبابتها بلطف على خدودنا، كانت يداها تروي لنا قصة اليوم الذي مضى. عبق البصل المقشّر يستحضر دفء الحساء، ورائحة ملمع الأرضية تفتح باب الذكريات عن لحظة عودتنا من المدرسة. حتى الصابون الإسباني الذي كانت تحصل عليه دومًا من ذات الجارة، يحمل بين رغوته أسرار الأمسيات الطويلة التي قضيناها متكئين عليها في المطبخ.
وعندما يحين موعد النوم، تتسلل إلينا رائحة الزهور العالقة بيديها، رغم أن الجوارب المنبعثة من الغسالة بدأت تفرض حضورها. كان دفء أناملها يمنحنا الطمأنينة؛ إشارة خفية بأن شيئًا لم يتغير.
همست بصوتها الرقيق: "الرب يبارك ويحفظ"، ورسمت صليبها على جباهنا، بإتقان يجعلنا نتتبعه حتى بعد أن يغمرنا النوم. كنّا نلتف تحت البطانيات مثل حيوانات الراكون، محاطين بذكريات الأم وروائحها التي كانت لنا وطنًا.
#مهدي_النفري (هاشتاغ)
Mahdi_Alnuffari#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟