مهدي النفري
شاعر ومترجم
(Mahdi Alnuffari)
الحوار المتمدن-العدد: 8348 - 2025 / 5 / 20 - 00:34
المحور:
الادب والفن
عاد يكتب عن تلك القصص، عن رجل حملته الأحلام بعيدًا ليجد نفسه غارقًا في اليابسة.
كان السؤال ذاته يتكرر في ذهنه: هل يموت الميت؟
سؤالٌ يشبه ذبيحة تُقدَّم في معبد مجهول، بلا صاحبٍ أو هدفٍ واضح، ومع ذلك، ظلّ يواصل طقوسه، يقدم قرابينه رغم عبثية النتائج.
في أيامه الأخيرة، بعدما استنزف كل شيء، وقف للمرة الأولى يواجه ذاته. تأمل وجهه، ثم سألها:
هل تصلحين كقربان؟
ضحكت، استدارت ورحلت، لكنه لم يكن وحده في ذلك المشهد.
الرائي الأعمى كان هناك، يجلس على حجر قديم، وكأنه ينتظر هذه اللحظة. بصوته المتهدّج قال:
أنت تبحث عن إجابة في الظلام، لكنك لا ترى أنك كنت الضوء لكل تلك القرابين.
لم يفهم كلمات العجوز أو ربما لم يرد أن يفهم.
من بعيد كان الرسام الاخرس يرسمه على ورقة صفراء، ملامحه شاحبة، عيناه فارغتان كأنهما تبحثان عن خلاص لم يأتِ بعد. اقترب منه البطل ونظر إلى الصورة، كانت تشبهه حدّ الرعب.
وسط هذا الجمود، ظهر الطفل الحائر كان يراقب الرجل عن كثب قبل أن يسأله ببراءة الأطفال
هل كنت سعيدًا حين قدمتهم قرابين؟
سؤال بسيط لكنه أثقل من كل ما حمله الرجل طوال حياته.
كانت هناك المرأة المتشردة أيضًا
تضحك بلا سبب واضح قبل أن تصرخ عاليًا
لا أحد يموت مرتين
لكن الجميع يموت مرة واحدة دون أن يشعر.
وفي النهاية حين كان يستعد للمغادرة، قابل
الماضي المتجسد نسخة منه، لكن بشبابٍ لم يعد يملكه، بعينين تحملان الأمل الذي فقده.
أنت تبحث عن إجابة؟
ربما عليك أن تبحث عن البداية بدلاً من النهاية
وقف الرجل
نظر إليهم جميعًا، ثم نظر إلى نفسه للمرة الأخيرة
هل كان قربانًا؟ أم مجرد ظلٍ عابر في معبد النسيان؟
#مهدي_النفري (هاشتاغ)
Mahdi_Alnuffari#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟