أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - بإيجاز: بيتهوفن وأزمة العزلة المُلهمة/إشبيليا الجبوري - ت: من الألمانية أكد الجبوري














المزيد.....

بإيجاز: بيتهوفن وأزمة العزلة المُلهمة/إشبيليا الجبوري - ت: من الألمانية أكد الجبوري


أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8343 - 2025 / 5 / 15 - 07:39
المحور: الادب والفن
    


مع بداية عام 1802()، وجد لودفيغ فان بيتهوفن (1770-1827)() نفسه على شفا اليأس. فرغم أنه لم يتجاوز الحادية والثلاثين من عمره، إلا أن فقدانه للسمع، الذي ظهر لأول مرة حوالي عام 1798()، قد تفاقم إلى درجة جعلته لا يُنكر، بل مُرعبًا. فبعد أن كان عازف بيانو مشهورًا، أشعلت ارتجالاته صالات فيينا، أصبح بيتهوفن يُكافح الآن لمتابعة الحوارات في القاعات المزدحمة، ويعجز عن سماع الأصوات الخافتة، ولم يعد يثق بوضوح إدراكه.

بالنسبة لرجل ارتبطت هويته ومصدر رزقه بعالم الصوت، لم يكن هذا المرض مُجرد تهديد لمسيرته المهنية، بل كان كارثة شخصية. عاش في عذابٍ مُختبئ، يخشى اكتشاف أمره. أصبح التنافر بين شهرته العامة وانهياره الشخصي لا يُطاق. إذ تقبل مضض الأزمة. بروح الملحن الذي أنهكه المرض. والتحول. والإرادة وعذابه المختبئ. إلى عمق التأمل الداخلي. بثقة مدركة الشخصية الموسيقية الواضحة. إن شئتم.

- الانتقال إلى قرية هايليغنشتات؛
في ربيع عام 1802، وبإلحاح من طبيبه، الدكتور يوهان آدم شميدت (1759-1809)()، غادر بيتهوفن فيينا إلى قرية هايليغنشتات الصغيرة الواقعة بين كروم العنب شمال المدينة. كان يُؤمل أن تُخفف الأجواء الهادئة، إلى جانب المشي اليومي والعزلة والجمال الطبيعي، من حالته الصحية - أو على الأقل تُساعده على تقبّلها.

بقي بيتهوفن في هايليغنشتات من أبريل إلى أكتوبر، مُقيمًا في منزل متواضع فيما يُعرف الآن باسم "بروبسغاس"(). كانت المناظر الطبيعية المحيطة به هادئة: تلال مُتدحرجة بهدوء، ومزارع حجرية، وصمت. لكن في داخله، عانى بيتهوفن من فترة من القلق والتأمل الداخلي.

- كتابة وصية هايليغنشتات؛
بين السادس والعاشر من أكتوبر، غلب اليأس بيتهوفن، فكتب وثيقة تُعرف الآن باسم "وصية هايليغنشتات"(). كُتبت هذه الوصية على شكل وصية واعتراف روحي، موجهة إلى شقيقيه كارل ويوهان فان بيتهوفن.

فيها، اعترف بأنه فكّر في الانتحار، وأن معاناته من المرض جعلت حياته لا تُطاق، وأن فنه وحده هو الذي منعه من إنهاء حياته.

إذ. كتب:
"يا من تعتقدون أو تقولون إني حقود، أو عنيد، أو كاره للبشر، كم أخطأتم في حقي... منذ ست سنوات وأنا أعاني من مرضٍ لا أمل في الشفاء منه، وتفاقمت حالتي بسبب أطباء بلا ضمير، وخُدعت عامًا بعد عام بآمال التحسن... أُجبرت على عزل نفسي، والعيش في وحدة... يا لها من ضربة أعتبرها أسوأ مصير يمكن تخيله لفنان."()
ثم، أشهرها:
"لم يُعيقني سوى الفن. آه، بدا لي من المستحيل مغادرة العالم حتى أُخرج كل ما أشعر به في داخلي."()

لم تُرسل هذه الوثيقة، المختومة والمُخبأة، قط. لم تُكتشف إلا بعد وفاته بيتهوفن عام 1827، مدسوسةً بين أوراقه الخاصة.

- الوصية كنقطة تحول؛
تُعدّ وصية هايليغنشتات واحدة من أعمق التصريحات الشخصية في تاريخ الموسيقى. تكشف عن مُلحّن أنهكه المرض، لكنه يرفض الاستسلام له. من هذا الحضيض الروحي، برز بيتهوفن بشعورٍ مُتجدّدٍ بالهدف. لم يعد يُؤلف لمجرد إرضاء الجماهير أو الرعاة. ستصبح موسيقاه الآن تعبيرًا عن الشجاعة الأخلاقية، والضرورة الداخلية، والتسامي الإنساني.

لم تكن هذه الأزمة نهاية حياة بيتهوفن الإبداعية، بل كانت بداية مرحلتها البطولية.

الخلاصة؛
أحاطت الأزمة به بين الصمت، والطبيعة، والتحول. حيثما تُظهره رسائل بيتهوفن ورسوماته من قرية هايليغنشتات عمق ارتباطه بالطبيعة، التي أصبحت ملاذه وإلهامه. كتب عن مشيه لساعات في الريف، وعن استمداده القوة من ريح الأشجار وسكون الغابة.

أخيرًا.. لم يُشفَ. استمر سمعه في التدهور. لكن في الصمت المحيط به، بدأ يسمع بشكل مختلف - ليس خارجيًا، بل داخليًا. حملت الموسيقى التي ستبرز في الأشهر التالية بصمة الكفاح والتحدي والبعث. تقبل مضض الأزمة. بروح الملحن الذي أنهكه المرض. والتحول. والإرادة وعذابه المختبئ. إلى عمق التأمل الداخلي. بثقة مدركة الشخصية الموسيقية الواضحة. إن شئتم.

- توفي في 17 ديسمبرعام 1827().
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 05/15/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).



#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تَرْويقَة: -تأنى الورود-* لرامون دي غارسياسول - ت: من الإسبا ...
- أوبرا: أوبرا -حلاق إشبيليا- بداهة العبقرية لروسيني/ إشبيليا ...
- تَرْويقَة: -لن أغادر تشيلي الرهيبة أبدًا-* لإنريكي لين - ت: ...
- تَرْويقَة: -مطر-* لكلاريبيل أليغريا - ت: من الإسبانية أكد ال ...
- مراجعة كتاب: الأدب العالمي والمنهج. لإريك أورباخ/ شعوب الجبو ...
- إضاءة: موسيقى: كتاب -ريتشارد فاغنر…- لمارتن غريغور ديلين /إش ...
- أوبرا: اعتزال روسيني الأوبرا… رسالة إلى السماء / إشبيليا الج ...
- أوبرا: -ويليام تيل- لجِواكينو روسيني/ إشبيليا الجبوري - ت: م ...
- تَرْويقَة: -قلب المدينة-* لإلفيرا هيرنانديز - ت: من الإسباني ...
- موسيقى: هاندل تأمل الظلام بلا صمت/إشبيليا الجبوري - ت: من ال ...
- بإيجاز: هاندل... روح أوبرا الباروك/إشبيليا الجبوري - ت: من ا ...
- أوبرا: الملحن أريغو بويتو والفوضوية - إشبيليا الجبوري - ت: م ...
- تَرْويقَة: -وجهي أسود من الوحدة-* لجوليا أوسيدا - ت: من الإس ...
- تَرْويقَة: -توثيق-* للوتشيان بلاغا - ت: من الفرنسية أكد الجب ...
- بإيجاز: بؤس فلسفة الرغبة والثورة/إشبيليا الجبوري - ت: من الي ...
- إضاءة: مغنية الأوبرا: جوزبينا ستريبوني… صوت العاطفة الفكرية/ ...
- بإيجاز: العودة الأبدية والخلق النيتشوي /إشبيليا الجبوري - ت: ...
- أوبرا -الفتاة المفقودة-/ إشبيليا الجبوري
- قصة قصيرة -إنهم قادمون-/ بقلم مكسيم غوركي
- بإيجاز: حكاية من -إيسوب الحكيم- /إشبيليا الجبوري - ت: من الي ...


المزيد.....




- “قصة الانتقام والشجاعة” رسمياً موعد عرض فيلم قاتل الشياطين D ...
- فنان يعيش في عالم الرسوم حتى الجنون ويجني الملايين
- -فتى الكاراتيه: الأساطير-.. مزيج من الفنون القتالية وتألُق ج ...
- مسرحية -أشلاء- صرخة من بشاعة الحرب وتأثيرها النفسي
- الجمعة.. انطلاق نادي السينمائيين الجدد في الرياض
- غدا.. اجتماع اللجنة الفنية للسياحة العربية بمقر الجامعة العر ...
- “مبروك لجميع الطلاب ” رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور ...
- مذكرة تفاهم رباعية لضمان التمثيل القانوني المبكر للأحداث بين ...
- ضحك طفلك طول اليوم.. تردد بطوط على القمر الصناعي لمتابعة الأ ...
- الياباني أكيرا ميزوباياشي يفوز بالجائزة الكبرى للفرنكوفونية ...


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - بإيجاز: بيتهوفن وأزمة العزلة المُلهمة/إشبيليا الجبوري - ت: من الألمانية أكد الجبوري