|
تهافت خطاب -الشيعية السياسية-
محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 8006 - 2024 / 6 / 12 - 11:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بتنا نحفظ غيباً ما تقوله الشيعية السياسية رداً على أسئلة مشروعة يطرحها المواطنون اللبنانيون. يحتجب حزبيو الثنائي عن المقابلات الإعلامية وينوب عنهم مقربون يحسبون أنفسهم عليه وينتمون إليه عن بعد حتى لا يحملوه غرم هفواتهم، فيبقى له وحده الغنم، غير أن الغرم هو في تهافت الخطاب كائناً من كان الناطق به. التهافت مصدره أولاً وآخراً ذرائع استمرت متماسكة منذ تحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي حتى حرب تموز 2006، ثم راحت تتهاوى شيئاً فشيئاً حتى انهارت مع حرب المشاغلة، وهي كلها تدور حول موضوعي السلاح والمقاومة. عدا عما ورد في خطابات الأمين العام لحزب الله عن السلاح لحماية لبنان من العدوانية الإسرائيلية، ثم لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ثم للدفاع عن المياه الجوفية داخل الأراضي اللبنانية، ثم عن قرى لبنانية داخل الحدود السورية وعن المقدسات الشيعية في سوريا، ثم عن النفط في البحر، وهي حجج ومبررات سقطت كلها عند شعار السلاح دفاعاً عن السلاح، وعند التنازلات التي قدمهتا الحكومة اللبنانية في المفاوضات البحرية بموافقة الثنائي ومباركته. الناطقون باسمه يكررون هذه الذرائع كالببغاء ويبتكرون أفكاراً مشتقة من نتائج "النصر الإلهي" في حرب تموز ومن شعار "إن عدتم عدنا". المضمر في خطاب الثنائي تحويل "المقاومة" إلى بديل من الجيش اللبناني، والذريعة انها وحدها انتصرت فيما انهزمت الجيوش العربية كلها. تسويغاً لهذا المضمر تكررت أفكار عن أن الغرب المنحاز للصهيونية يحجب السلاح عن لبنان وأن الحكومات المنحازة للغرب ترفض تزويد جيشها بسلاح فعال من الجمهورية الإسلامية في إيران. ابتكر الثنائي بدعة "الجيش والشعب والمقاومة" وأدخلها في نصوص البيانات الحكومية وبات التخلي عنها بمثابة استسلام للعدو ونكران لجميل ما صنعته المقاومة من أجل الوطن. أقنع الثنائي جمهوره بأن المقاومة هي وحدها القادرة على حماية الجنوب من العدوان الإسرائيلي، واستمرت هذه الفكرة تتكرر على ألسنة أتباع الثنائي على امتداد السنوات التي تلت حرب تموز. مع حرب المشاغلة تراجعت "القدرة على الحماية" حتى حدود إحصاء الخسائر بالأرواح والممتلكات واتهام الخلوي بالعمالة واستبدلت "بالقدرة على الرد"، فتحولت الحرب إلى حرب عدادات تتلى فيها عند كل مساء أسماء الشهداء ويصير القتلى مجرد أرقام وتسقط من الحسابات الخسائر بالممتلكات والآثار النفسية على المهجرين والاقتصادية على الوطن. الثنائي يعتد بالأعداد وبالأرقام حين المقارنة مع خصومه فيتباهى بقدرته على الحشد الطائفي، إلا تلك التي أفرزتها صناديق الاقتراع في جميع الانتخابات بعد اغتيال رفيق الحريري، فقد أصر على عدم الاعتراف بها وألغى نتائجها بأساليب التشبيح الميليشيوي، فحذا، بناء على مقتضى التحشيد الطائفي، حذو أنظمة الحزب الواحد الاستبدادية، واقترح الاستفتاء بدل الانتخاب، ولم ينقص من البدع الدستورية سوى لجنة الترشيحات السوفياتية الأصل والمصرية السورية بالتبني أو مصلحة تشخيص النظام الإيرانية. آخر تلك البدع استبدال الانتخاب بالحوار. وهو ليس إلا ما يقترحه الثنائي ويرضى عنه. لا مبادرة نواب التغيير ولا مبادرة نواب الاعتدال ولا اللقاء الديمقراطي ولا التيار الوطني الحر، ولا جولات الفرنسي لودريان ولا مكوكيات الخماسية، ولا التصريحات والمؤتمرات الصحافية والمماحكات الإعلامية بين سائر مكونات البرلمان، هذه كلها ليست حواراً. الحوار الوحيد الصحيح هو الذي يرئسه نبيه بري. كأنه لا يريد من الحوار إلا رئاسة الحوار، أو كأنها مناورة قيس في مسرحية مجنون ليلى لأحمد شوقي، حتى قيل له: امض قيسُ امض جئت تطلبُ ناراً.... أم تُرى جئتَ تُشعل البيت نارا؟ ومعناه بالمحاكاة، جئت تطلب حواراً أم جئت تلغي الحوارات وتعطل الدستور؟ ينطبق على كل هذه الذرائع والحجج المثل القائل"حجة ما بتقلي عجة". المعيار هو الموقف من الدولة. الثنائي يستكمل مسيرة بدأتها قوى في السلطة ثم أحزاب المعارضة، حين أنشئت ميليشيات وأقيمت مؤسسات موازية لمؤسسات الدولة واستدرجت قوى خارجية لتستقوي على خصومها منذ الأسطول السادس على ساحل الأوزاعي حتى وحدة الساحات بقيادة الحرس الثوري الإيراني، مروراً بجيوش صديقة وعدوة، التحرير الفلسطيني والردع السوري والاحتلال الإسرائيلي. "البادئ أظلم". هذا صحيح. لكن الثنائي يستكمل، كم في سباق البدل، مسيرة انتهاك الدستور وتقويض أسس الدولة، ويشحن جمهوره بالطائفية والمذهبية ويمنع عنه المعارف الأولية المتعلقة بتاريخ نشوء الأوطان والدساتير والدول الحديثة، ويلقنه الذرائع والحج عن ظهر قلب مثلما يحفظ التلامذة الاستظهار المدرسي. لا شك في أن كلفة تهافت الخطاب باهظة. ذلك أن نزع الأفكار الخاطئة من العقول ليس بالأمر السهل بل صعب ومؤلم لأنه يحتاج إلى هذا الحجم من الدماء والدمار.
#محمد_علي_مقلد (هاشتاغ)
Mokaled_Mohamad_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قمة التطبيع
-
فضيلة التطبيع
-
حروب الثأر وحروب العدّادات
-
حذار من اتفاق دوحة جديد
-
سليمان فرنجية وعماد الحوت
-
المفتي الجعفري وتصريحاته
-
الشكل علماني واللغة طائفية
-
الشيعية السياسية الخاسر الأكبر
-
جمهورية فؤاد شهاب السياسة(2)
-
جمهورية فؤاد شهاب (1)الأخلاق
-
يحي جابر وأنجو ريحان
-
عربون وفاء
-
توحيد قوى الاعتراض
-
لماذا لم تتوحد قوى الاعتراض؟
-
انتخابات رئاسية تحت البند السابع
-
لا تستعيدوا 14 آذار
-
مأساة أم مهزلة؟
-
ما بعد الهدنة والنكبة
-
صراع الديكة
-
الزائد في حب القضية كالناقص
المزيد.....
-
الحرب الروسية الأوكرانية: دروس مستفادة للقيادات العسكرية
-
ميلانيا ترامب ترفض لقاء السيدة الأولى: -زوجها سمح بتفتيش درج
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 4 جنود بصاروخ مضاد للدروع شمالي ق
...
-
/ملخص يومي/.. الهجمات الإسرائيلية على لبنان وجهود التسوية/ 1
...
-
-نيوزويك- : هل هدد أمين عام الناتو بطرد واشنطن من الحلف إن س
...
-
فوز ترامب قد يقطع -ذرية أمريكا-
-
هولندا تطلق عمليات تفتيش على الحدود لمكافحة الهجرة غير الشرع
...
-
المعارضة السورية متفائلة بفوز ترامب.. ما الأسباب؟
-
ترامب يعود والقرن الأفريقي مشتعل والصين لاعب أساسي
-
بعد فيديو ساخر لميريام كلينك.. أفيخاي أدرعي يُعلق: -الفكاهة-
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|