أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - أدوات استفهام














المزيد.....

أدوات استفهام


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7984 - 2024 / 5 / 21 - 22:21
المحور: الادب والفن
    


لولا أنه قابَلها مصادفة عند باب المدرسة .. لمر هذا اليوم كغيره من الأيام.
رؤيتها ملأت الجو بعطر آتٍ من أزمنة سحيقة .. ثلاثون عامًا من الغياب غرستْ أظافرها عميقًا في بشرتها غطت شعرها بشال حريري أسود .. لعله الآن أصبح رماديًا مثل شعره.
البريق المنبعث من عينيها عندما التقتْ نظراتهما .. أخبره أنها ما زالت تتذكره. شعر كأنه مسافر عثر أخيرًا على السلام في الحياة.
لأول مرة يفهم أنَّ في الصمت فكرًا ومعنى !
لقاؤها ثانيةً أعاد لجمرة الحب المختبئة داخل قلبه الأوكسجين .. فسرى في دمه دفء لذيذ غير ألوان الأشياء وأعاد تشكيل صورها من جديد.
استدار نحوها حابسًا أنفاسه!
اختفاؤها داخل سيارة كانت بانتظارها .. ملأت صدره بالتنهدات .. وعينيه باليأس.
عبر النافذة تطلعت إليه ونظراتها تسأله:
لماذا فعلت ذلك؟!
دخل إلى قاعة الدرس، وزع نسخ الأسئلة الورقية على الطلاب من دون إبداء أيّ ملاحظة على غير عادته.
رغبةٌ عميقةٌ في محادثتها ولدت لديه.
تذكر جلوسهما الأخير عند النهر .. عشاؤهما البسيط مع عبوة بيرة كبيرة .. تبادلا أطراف الحديث وهو يداعب تنورتها ذات اللون الأصفر الليموني .. تحسس ركبتيها المكتنزتين .. ضحكا لأفكارهما السيئة .. شكتْ له من التعب .. شكا لها من الوحدة.
في اليوم التالي .. بدلاً من الذهاب للموعد .. وقف أمام المرآة يفكر .. لو توجهت إلى هناك قد لا أعود أبدًا .. ستحملني إلى البيت والعائلة وأنا مهووس بملاحقة القطارات .. إحساس مثير ونادر للغاية أن تنطلق نحو الأفق لتكون بين أغنية وشروق .. فتنتظر مزيدًا من النجوم عند الغروب.
لقد تخطى قطاره محطتها .. تركها للشمس المتعبة تلج عينيها.
ما زال يذكر نبرة الحزن في صوتها وهي تسأله عبر الهاتف في آخر مكالمة بينهما:
لماذا لم تأتي؟!
أراد إخبارها بتغيير وجهته .. أغلق الهاتف بسرعة .. شعر بصوتها كأسلاك شائكة تقف بينه وبين أفكاره .. منذُ تلك اللحظة والدمع الغزير يهطل في قلبه!
لم تكن المرأة الوحيدة في حياته .. لكنها كانت كالمطر المتساقط على يباب وقت الظهيرة.
تزوج بعد سنوات طويلة من امرأة غيرها .. الخطوة كانت تشبه محاولة الطيران بدون أجنحة.
غيابها ترك أشياءه مبعثرة، ويداه تفوحان بالبرد.
أغمض عينيه معتصرًا كفيه إحداهما مع الأخرى وهو يردد مع نفسه: ماذا لو ذهبت في الموعد و قلت لها أريدكِ زوجة لي وليكن أبناؤنا يشبهونكِ؟
ماذا لو أنني رفعت سماعة الهاتف وقلت لها: أنا قادم .. انتظريني؟
أيعود الزمن بيّ فأخبرها أني عشقتها دون رحمة .. ماذا سيحدث لو يمد القدر يده ويرفع عن ظهري حزمة الذكريات المؤلمة لأتمكن بعدها من الاستمتاع بمنظر السماء؟ متى يمنحني الليل فرصة الحلم ثانية؟!
صوت طالب قطع حبل الصمت ليسأله:
- هل نجيب على جميع الأسئلة يا أستاذ؟
صوت تلميذ آخر لم يرَ صاحبه سأله:
- سنترك سؤالًا واحدًا دون إجابة، كما عودتنا، أليس كذلك؟
حدق في الفراغ يسأل نفسه: أيجوز لنا ترك بعض الأسئلة معلقة في الهواء؟
بصوت هادئ كأنه قادم من عالم آخر ردَّ:
- ليس من الصعب الإجابة .. بل الصعب لجم الرغبة في الإجابة .. التفتَ نحوهم وبصوت حازم قال:
- أجيبوا على الأسئلة كلها قبل فوات الآوان!



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آدم الأخير
- فوز الكلابي موشاة بأحلام قصصها
- يوميات سائق كيا
- نشط منذ ساعة
- نافذة على الخريف
- مداهمة قلب
- موت الوهم
- لمن الصورة؟
- ليلة الحفل
- حوارية بين فوز حمزة والشاعر عبد السادة البصري
- للظلام أجنحة
- في انتظار نون
- فنجان شاي
- غفوة
- عاشق الروح
- شدو اللآلئ
- ستون ثانية وثانية
- رسالة إلى الله
- رصاصة في الذاكرة
- حينما يكون للصمت لغة


المزيد.....




- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...
- قوى الرعب لجوليا كريستيفا.. الأدب السردي على أريكة التحليل ا ...
- نتنياهو يتوقع صفقة قريبة لوقف الحرب في غزة وسط ضغوط في الائت ...
- بعد زلة لسانه حول اللغة الرسمية.. ليبيريا ترد على ترامب: ما ...
- الروائية السودانية ليلى أبو العلا تفوز بجائزة -بن بينتر- الب ...
- مليون مبروك على النجاح .. اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - أدوات استفهام