أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عامر سليم - الشرطي















المزيد.....

الشرطي


عامر سليم

الحوار المتمدن-العدد: 7825 - 2023 / 12 / 14 - 09:56
المحور: حقوق الانسان
    


قضى العامل المضرب كاي بورميو ليلته الطويله امام بوابة مصنعة وهو يشرب القهوة ويتجاذب أطراف الحديث مع رفاقه ويخططون لفعالياتهم لليوم القادم , وحين حل الصباح كانت سيارات الشرطة ومنتسبيها قد طوقوا المكان بمعداتهم وهراواتهم وبزاتهم الثقيلة .
كان كاي يتقدم العمال في حشدهم ويسير ببطئ تجاه شرطة (مكافحة الشغب) , وبعين متعبة من قلة النوم أخذ يحدق في ضابط الشرطة الذي يتقدم رفاقه , ثم تقدم أكثر ليتأكد من وجه هذا الضابط الذي يبدوا ليس غريباً عليه , وحين باتت المسافة لاتتجاوز بضعة أمتار اندهش وفغر فاه مذهولاً وهو يتمتم : جان إيفو هذا انت؟
تجمد الضابط جان في مكانه لايحرك ساكناً وهو يرى صديق الدراسة كاي يمسك بياقة قمصلته الثقيلة ويصيح بغضب باكياً :

ما الذي جرى يا صديق الدراسة؟
الم نكن يوماً , في نفس الصف ونشترك بنفس الرحلة؟
الم نقرأ وندرس ونتعلم ونلعب معاً؟
ألم نتبادل بأقلامنا, سطور الوفاء على مذكراتنا في آخر يوم دراسي؟
ما الذي جرى؟
ما زال قلمي الذي أهداك تلك السطور ينبض ويكتب عن الحب والصداقة والوفاء
فلماذا مُسخ قلمك وتحول الى هراوة؟
تفضل اضربني بها , ألم تحملها لهذا الغرض؟

بقى جان لا يحرك ساكناً ولا ينطق بحرف واحد وكأنه مشلول وهو مستسلم تماماٍ لكلمات صديق الطفولة والدراسة.
تلك هي قصة صورة معبرة حدثت في فرنسا في سبعينيات القرن الماضي حين اضرب عمال احد المصانع لتحسين ظروف العمل.
ليس المهم كيف انتهت قصة هذه الصورة , فالمشاعر والاحاسيس والخواطر ليست أدوات الحل السياسي في كل الانظمة , ولكن الصورة تقول لنا كيف أن الصداقة والإنسانية تأتي فوق الواجبات والمهن والظروف المختلفة وتؤكد ايضاً في كثير من الأحيان، فقط أولئك الذين نحبهم حقًا، هم الذين يمكن أن يثيروا لدينا غضباً وخيبة أمل كبيرين.
كم عانيت شخصياً من الصديق الشرطي في الدراسة الثانوية والجامعية والعسكرية والعمل , قُهِرتْ , تأخرت عن دفعتي سنة دراسية في الجامعة وحرمت من الدراسات العليا رغم تفوقي , وكنت مراقَب في العسكرية وحرمت من الترقية والايفادات الى الخارج في العمل , كان الرفض لأسباب امنية جاهزاً في كل ملفاتي لأي طلب أو امتياز اسوة بزملائي! .
بعيداً عن التعريف الحرفي والمهني للشرطي , فالشرطي معروف في كل العالم بالفساد والقسوة والسادية والرشوة, وفي العراق يقولون : لو سقط الانسان (يعنون أخلاقه) يصبح شرطياً! فهو من يطلق النار ويقتل المواطن وهو من يعتقله في الفجر وفي الشارع وهو من يعذبه وهو من يأخذ الرشوة من الاهل للزيارة وتوصيل الحاجيات وهو من يصادر الثمين والدسم منها! يعني ابو اسماعيل سمعته زفره وسيئه وماينلبس عليها لا ثوب ولا عكال!.
الكثير منا الآن يجلس مرتاحاً على اريكته وهو يقرأ هذه الصورة وقصتها الدراميه يقول لنفسه : انا مرتاح الضمير ... لست شرطياً!.
ولكن ..... من منا لم يكن شرطياً ويتصرف مثل الشرطي دون ان يلبس زيّه وقبعته ويحمل هراوته ؟
الشرطي المودرن الآن وفي عصر التكنولوجيا والعولمة هو من :

- يشخّص الامراض النفسيه والعقلية والجنسية على الهواء لكل من يعترض عليه ويختلف معه, مثل قُرَّاء البخت والابراج والسحرة والفتاحين فال!.

- يتنمر على الاخرين ويشتمهم ببذاءة ويكتب التعليقات والردود والقصص والمقالات المبتذلة والسوقية وينحت اسماء الرجال الى المؤنث منها ليشفي غليلة ( كما يفعل الشرطي للمعتقل حين يشتم امه واخته وزوجته وابنته ويتهمهن بالدعارة!)

- يتهم المخالفين لنهجه وآراءه بالعمالة والخيانة وقبض الاموال ( وصلت لحد تحديد ثمن التعليق بــ 100 دولار امريكي! هذا النوع من الشرطة دقيق لحد البارانويا والخبال!)

- يتهم المخالفين لنهجه وآراءه بالأدلجة والستالينيه والطبقية والاسلامجيه والعداء للغرب وسوء اختيار الصديق (سوفيتي لو امريكاني!) وضد العلم والمعرفة وبسكويت النستلة وموالاة العمائم والولائية وحزب الله وبقية الدبكة اللبنانية و الدكة العشائرية ( وغالباً مايكون هذا الشرطي في ارذل العمر وصدره مليئ بالحقد والبلغم الاصفر العنصري المقرف!).

- داعشي ارهابي يؤمن بانه من خير امة , يكفّر كل البشر ويعتبر دينه هو الافضل والحقيقي والباقي مجرد خنازير وكفرة ويستحقون الذبح ويترصدهم حتى يقول الحجر هاهو ذا يختبئ خلفي هلّم بذبحه .

- حاخامي ارهابي يهودي يؤمن بأنه من الشعب المختار وان الله سخر له الارض (طابو عثماني أصلي) والعباد وبأنه يمتلك رخصة مطلقة للقتل والتهجير ليعيش شعبه المختار بسعادة وهناء وصفاء البال و واحة للديمقراطية.

- يسوعي مسيحي متطرف من بقايا مومياءات محارق محاكم التفتيش القذرة والعفنة, مليئ بالحقد والكره واللؤم لكل مخالف ويؤمن بالقوة والابادة والقصف السجادي لأجل حماية الابناء , ابناء الرب له المجد والملكوت!

- متملق مرائي منافق ماسحاً للأكتاف يلوك مفردات التذلل للقوي والمؤيد مثلما يلوك لقمته المغموسة بالمهانة المازوخية كـــ ....اغاتي .. مولاي .... يا باشا ... ياسيدي ... خادمكم ... المفكر .... البروفيسور .... الفاضل .... الخ!

يعني ابو اسماعيل ما ينحرج منك ويقول لك مرتاحاً فرحاً متشفياً وبصدر منفوخ ويخرخش ويكح من تأثير جكاير المزبّن ...
: يا عزيزي يا بعد عمي في النهاية ... كلنا شرطة واسماعيل ابننا المشترك!
.........................

لم يبقَ عنديَ ما يبتزّهُ الألمُ
حسبي من الموحشاتِ الهمُّ والهرمُ
لم يبقَ عندي كفاءَ الحادثاتِ أسى
ولا كفاءَ جراحاتٍ تضجُّ دمُ
وحينَ تطغَى على الحرَّان جمرتُهُ
فالصمتُ أفضلُ ما يُطوَى عليهِ فمُ
رحم الله الجواهري




الصوره لمتظاهر يبكي بحرقه عندما اكتشف ان الشرطي الذي يعترضه صديق الدراسة
https://www.facebook.com/photo/?fbid=1208196809388526&set=a.389856334555915
https://wondersofthepast.quora.com/Childhood-Friends?comment_id=30305049&comment_type=3



#عامر_سليم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيسنجر العرّاب الأمريكي
- موسى مجرم التاريخ الأكبر والمعلم الأول
- المنارة
- شذرات تشكيلة
- التحرر من الذكورية السلطوية
- كمال غمبار
- جل وعلا والأطفال
- مقامات عراقيه
- أبو يوسف ... وداعاً
- غابـو
- في شجون وشؤون القطيع
- الديكتاتور الأرعن
- المرأة الباكية
- الروّاف
- لماذا خلق الله العالم؟
- الحوار المتمدن يرتكب جينوسايد
- وطني حقيبه وانا المهاجر
- جان فالجان وهدهد سليمان
- النعال الأخضر
- غوغل يصَبحْ على عفيفه


المزيد.....




- الأونروا: الهجوم على رفح يعني المزيد من المعاناة والوفيات
- التعاون الإسلامي تحذر من الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بغ ...
- هذا ما علق به -غانتس- حول صفقة الأسرى المقترحة والهدنة
- فولودين يتوقع أزمة هجرة في أوروبا بسبب اللاجئين الأوكرانيين ...
- الموقع بين الواقع والمُتوَقِّع
- الاحتلال يشن حملات دهم واعتقالات بالضفة ويحاصر طولكرم
- الأونروا تحذر من انتشار الأوبئة في قطاع غزة مع اقتراب الصيف ...
- نتنياهو عن مذكرات اعتقال الجنائية الدولية المحتملة بحق قادة ...
- إسرائيل أم حماس.. من يعرقل اتفاق الهدنة بغزة وصفقة تبادل الأ ...
- نتنياهو يصف مذكرات الاعتقال المرتقبة من الجنائية الدولية بال ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عامر سليم - الشرطي